المناسك في
اللغة: منسِك ومنسَك من التنسك وهو: التعبد، وغلَب إطلاقه على مُتعبّدات الحج، فسميت
مناسك.
والحج في
اللغة: القصد، واصطلاحا: قصد
مكة لعملٍ مخصوص في زمن مخصوص.
والعمرة
لغة: الزيارة، واصطلاحا: زيارة
البيت الحرام على وجه مخصوص.
شروط وجوب الحج
يجبُ الحج والعمرة
مرّة في العمر على المسلم الحر المُكلف.
والمذهب على وجوبِ العُمرة كالحج مرة في العمر من حيث
الأصل، فلا يرِد عليه النذر، ولا يرِد عليه إذا دخل في نُسك تطوّع فأفسده، فيجبُ عليه
القضاء.
ومن شروط الوجوب: الاستطاعة والقدرة.
وشروط الوجوب والصحة: الإسلام والعقل، فلا يجبُ على غير المسلم والعاقل ولا يصحّ منهما.
وشروط الوجوب
والإجزاء: البلوغ والحرية.
وشرط الوجوب: الاستطاعة.
والمستطيع: الذي
يجِدُ زادًا ومركوبًا صالحيْن لمثله، فاضلا عما يحتاجهُ لنفسه وعياله وقضاء ديْنه، من يومِ خروجه
من البيْت إلى رجوعه منه.
فإن كان الدّين
حالّا فلا يجوز له أن يحج إلا بعد أن يُسدّده أو يستأذنَ الدائن.
ويصحّ حج الصغير
دون التمييز، ويُحرِم عنه وليّه، والمميز يُحرم بنفسه بإذن وليّه ويفعل وليٌّ ما يعجزه.
وإن بلغ الطفل، أو
عتق العبد بعرفة ولم يكن سعى للحج أجزأ فرضا، فإن سعى فلا يُجزئه لأنه قد فعل ركنا
عمليًّا حال كونه طفلا أو عبدا.
ومن عجز عن الحج
لمرضٍ أو كبر لا يُرجى برؤه ونحوه لزمه أن يقيم من يحجّ عنه ويعتمر من بلده أو قربه، ويُجزئ ولو عوفي بعد إحرام نائبه.
وشرط لوجوبه على
المرأة محرَم وهو الزوج، ومن تحرم المرأة عليه على التّأبيد لسبب مباحٍ أو نسب ولو من
رضاعة، وحرُمَ سفرها بدونه ويصح حجها.
وإن مات رجلٌ قبل
أن يحج وكان قد تمكن من الذهاب ولم يذهب؛ فيؤخذ من تركته مالا يحج عنه إن لم يتطوع
به أحد من الورثة.
باب المواقيت
المواقيت الزمانيّة
هي الأشهر الثلاثة: شوال، وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة.
المواقيت المكانيّة
ميقات أهل المدينة
ذو الحليفة، وأهل مصر والمغرب الجحفة، وأهل اليمن يلملم، وأهل نجد قرنا، وأهل المشرق
ذات عرق، وهي لأهلها ولمن مرّ عليها من غيرهم.
ولا يحل لمكلف
تجاوز الميقات بلا إحرام إلّا إن كان هناك خوف أو كان من معتادي الدخول والخروج.
وأهل مكة يُحرمون
للحج منها، وللعمرة من الحل، ويكره إحرام قبل
ميقاتٍ وبحج قبل أشهره وينعقد.
باب في الإحرام
وهو: نية الدخول في
النسك.
وسن لمريده غُسل أو
تيمّم لعذرٍ وتنظف وتطيّب في البدن، وتجردٌ من مخيط في إزار ورداء أبيضين نظيفين، وإحرام
عقب صلاة.
ويكره التطيّب في
الإحرام، وإن تطيّب فيه فلا يجوز له أن ينزعه، فإذا نزعه فلا يجوز له أن يلبسه وهو
فيه الطيب، لأنّ الطيب في ثوب الإحرام يباح استدامته ولا يباح أن يلبسه حال كونه
مطيبا.
والمخيط: ما فصّل على
الجسد.
ونية النسك: شرط.
والأنساك ثلاثة:
تمتّعٌ وقِران وإفراد.
أفضلها التمتّع وهو: أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج في عامه وعليه دم إن كان
أفقيًّا.
ويشترط أن ينوي
التمتع قبل العمرة أو في أثنائها، وأن لا يسافر بين عمرته وحجه مسافة قصر،
وإن حاضت متمتعة
وخافت فوت حج أَحرَمت به وصارت قارنة.
والقران: أن يجمع
بين الحج والعمرة في نية واحدة، وعليه هدي، ويجوز أن يقرن الحجّ بالعمرة مع بداية
الإحرام، ويجوز أن يدخل القران على التمتع.
والإفراد أن يأتي
بالحج لوحده دون عمرة وليس عليه هدي.
وسنّ عقب إحرام
التّلبية ويجهر بها الرجل وتُسرّ بها المرأة.
وتتأكد التلبية
إذا علا نشزا، أو هبط واديا، أو أقبل الليل وأدبر النهار، وكل ما
تغيّر له حال.
محظورات الإحرام
يحرم على المحرم
أمور تسعة
الأول: حلق الشعر، الثاني: تقليم ظفر بلا عذر.
الثالث: تغطية رأس ولو يتظليل محمل لرجل، الرابع: لبس مخيط بلا حاجة لرجل.
الخامس: تطيّب في بدن أو
ثوب بعد الإحرام، فإن فعله بأن تطيّب في بدنه أو ثوبه أو ادّهن بمطيب، أو شم طيبا، أو
استعمله في أكل ونحوه، أو تبخّر كل هذه الأمور تجعله يفدي.
السادس: يحرمُ قتل صيد
بريٍّ مأكول واصطياده وأذاهُ، ومن أتَلفه أو أعان عليه فعليه جزاؤه، ويدخل فيه قتل القمل
والصيبان ولا شيء فيه، لا أنسي كالغنم والدجاج، ولا بحريٍّ ولا محرّم الأكل ولا صائل.
السابع: يحرمُ معه عقد
نكاح ولا يصح، ولا فدية وتصح الرجعة.
الثامن: ويحرم جماع، ويَفسد نسكهما قبل التحلل الأول، لا بعده، وعليه بدنة، وعليه القضاء، وبعد التحلل الأول لا
يفسد حجه لكن عليه شاة، ويذهب للميقات ليحرم من جديد لطواف الإفاضة.
التاسع: تحرم المباشرة
دون الفرج، ولا تفسد ولو أنزل.
والمرأة كالرجل
إلا باللباس، وتغطية الرأس، والدخول في المحمل، ويحرمُ عليها القفازان، وإحرامها في وجهها، فلا تُغطّيه إلّا إن كانت في مكان فيه رجال فتُغطّيه دون شدّه.
ويخيّر في فدية
الأذى وهي ما لو حلق شعره، أو غطى رأسه، أو تطيّب، أو قلّم أظافره؛ بين صيام ثلاثة أيام
أو إطعام ستة مساكين-كل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره-أو ذبح شاة.
وفي جزاء صيد: إن
كان مثليًّا فيُخيّر بيْن أن يذبح المِثل ويوزّعه على الفقراء، أو يُقوّم هذا المِثل وينظر كم
مسكينا سيُطعم فيشتري بقيمته طعاما ويطعم
المساكين، أو يصوم عن كل مسكين يوما.
وإن كان الصيد لا
مثل له، فيقوّم الصيد بدراهم، وينظر كم مسكينًا سيُطعم فيطعمهم، أو يصوم عن كل مسكين يوما.
والمتمتّع والقارن
إن لم يجد هديا يصوم ثلاثة أيام في الحج، والأفضل كون آخرها يوم عرفة، وسبعة إذا فرغ
من الحج.
ويجبُ على المُحرِم في الجماع والمباشرة مع الإنزال بدنة، وإذا كان بعد
التحلّل الأول فإنه يجبُ عليه شاة، كذلك إن جامع قبل أن يُتم عمرته، وكذا هي إن طاوعته
لا إنْ أكرههَا.
ومن فعل محظورا من
جنس واحدٍ كأن حلق شعره ثلاث مرات بأوقات متفرّقة فعليه فدية واحدة، بشرط أن لا يكون
فدى بعد الأولى والثانية.
ولو فعل أكثر من
محظور كأن حلَق وتطيّب ولبس مخيطا فلكلّ محظور فدية.
وفي الصيد فكل
صيد عليه فدية، ولو كان نفس الجنس ولو كرره.
ولا يُرفض الإحرام
إلا بالتحلّل.
ويسقطُ بنسيان وجهل
وإكراه فدية لُبسٍ، وطيبٍ، وتغطية رأس، دون الوطء والصيد والحلق والتقليم، فيجب فيها الفدية
ولو كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها لأنّ فيها إتلاف.
وكل هدي أو إطعام
فلمساكين الحرم، إلّا دم أذى ولبسٍ ونحوه فبمكان فعله، ودم إحصار حيث أُحصِر، ويجزئ
صوم وحلق بأي مكان.
والدم شاة أو سبع
بدنة.
وصيدُ مكّة حرام حتّى
على غير المحرِم، فمن قتل صيدا في مكة يُعامل كمن صاده وهو محْرِم.
ويحرمُ قطع شجر حرَمِ مكة وحشيشه لا يابسه والإذخر.
ويحرم صيد حرم
المدينة ولا جزاء فيه، ويباح الحشيش للعلف وآلة الحرث والزراعة.
باب في دخول مكة
يسنّ دخول مكة
نهارا من أعلاها، ويسنّ الخروج من أسفلها.
ويسن دخول المسجد من باب بني شيبة، وإذا
رأى البيت رفع يديه وقال ما ورد.
ثم يطوفُ مضطبعا وهو للمتمتّع طواف عمرة، وللقارن والمفرد طواف القدوم وهو سنة.
ويبتدأ من الحجر
الأسود فيُحاذيه بكل بدنه، ويستلمهُ بيده، ويقبّله فإن شقّ فيستلمه بيده ويقبّله بيده فإن
شق يُشير بيده.
ثم يجعل البيت عن
يساره ويطوف سبعا، يرمل الأفقي في الثلاثة الأشواط الأول، ثم يمشي أربعا،
ويستلم الركن
اليماني والحجر الأسود ويدعوا بما أحب.
ومن لم يكمل
السبعة أو لم ينوه، أو نكسه، أو طاف على الشاذروان، أو جدار الحجر، أو عريانا أو محدِثا، أو نجسا، لم يصحّ طوافه.
ثم يصلي ركعتين
خلف المقام، ثم يستلم الحجر، ثم يخرج للسعي من باب الصفا ويقول ما ورد.
ويدعو ثم
يَنزل ويمشي إلى قرب العلم الأول، فإذا وصله يسعى سعيا شديدا إلى العلم الآخر ثم
يمشي ويرقى المروة ويقول ما قاله على الصفا.
ثم ينزل فيمشي في
موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا، يفعل ذلك سبعا ذهابه سعية، ورجوعه أخرى.
ويجبُ أن تكون البداية من الصفا، ويسنّ في السعي الطهارة، ويُشترط فيه نيّته، وموالاته، وكونه بعد طواف نسك.
ثم إن كان متمتعًا
قصّر من شعره كله وتحلل إن لم يكن معه هدي، وإن كان مفردا أو قارنا لا يتحلل إلّا بعد الحج.
وإذا شرع المتمتّع
في الطواف قطع التلبية، ولا بأس بها في طواف القدوم سرا لأنه لن يتحلل بعده.
باب صفة الحج
سن لمحلٍ بمكة
وبقربها إحرام بحج يوم التروية قبل الزوال ويُجزئ من حيث شاء، ثم يبيتُ بمنى ندبا، فإذا طلعت الشمس صار إلى نمرة ويجمع بها بيْن الظهرين تقديما.
ثم يأتي عرفة، وكلها
موقف إلا بطن عرنة، وسن وقوفه راكبا عند صخرات جبل الرحمة لا صعوده ويكثر من
الدعاء، ووقت الوقوف: من فجر
يوم عرفة إلى فجر يوم النحر، فمن وقفَ به ولو لحظة وهو أهلٌ له صحّ حجه ولو نائما أو
محمولا أو جاهلا أنّها عرفة.
ومن وقف نهارا
ودفعَ قبل الغروب، ولم يَعُد قبله فعليه دم بخلاف من وقف ليلا فقط.
ثم يدفع بعد
الغروب إلى مزدلفة بسكينةٍ ووقار ويُسرع في الفجوة ويجمع بها العشائين تأخيرا.
ويبيتُ بها وله الدفع بعد نصف الليل، ويستحبّ للفجر، ومن خرج قبل نصف الليل فعليه دم.
ويدفع
إلى منى قبل الشروق فإذا بلغ محسرا أسرع رمية حجر ويأخذ حصى الجمار سبعين حصاة، بين الحمص والبندق، يلتقطها من طريقه إلى من مزدلفة إلى منى فإذا وصل
منى رمى جمرة العقبة من بطن الوادي، ويرفع حتى يرى بياض إبطه، ويُكبّر مع كل حصاة
ويقول ما ورد ويقطع التلبية عندها.
والأفضل أن يرمي
بعد طلوع الشمس، ويجزئ بعد نصف الليل، ولا يجزئ
الرمي من غير الحصى ولا بما رمي به.
ثم ينحر هديا إن
كان معه، ويحلق أو يقصّر من جميع شعره، والمرأة تقصر قدر أنملة ثم يكون تحلل التحلّل
الأول.
ثم يفيض إلى مكة
ويطوف طواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج .
وأول وقته: من نصف ليلة النحر، وسن في يومه بعد الفجر، وله تأخيره ثم يسعى متمتعٌ بين
الصفا والمروة، ومن لم يسعَ مع طواف القدوم، ثم قد حل له كل شيء.
ويشرب ماء زمزم
لما أحب ويتضلّع منه، ثم يرجع فيبيت بمنى ثلاثة ليال، ويرمي الجمرات أيام التشريق.
وإن أخّره عن أيام التشريق، أو لم يبِت بمنى فعليه دم، ومن تعجّل في يومين خرج من منى
قبل الغروب، وسقط عنه رمي اليوم الثالث ويدفن حصاه ندبا.
وإذا أراد الخروج
من مكة ودّع البيت بالطوافـ ويسقط عن الحائض.
وإن أقام، أو اتّجر
بعده أعاده، ومن تركه عليه أن يرجع ويطوف فإن شق فعليه دم.
وتستحبّ زيارة قبر
النبي-صلى الله عليه وسلم_-وصاحبيه ولو لنساء.
والعمرة يُحرم بها
من الحل أو التنعيم، ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وتصح كل وقت.
أركان الحج
إحرام، وقوف
بعرفة، والطواف، والسعي.
واجباته
إحرام من ميقات، وقوف من وقف بعرفة نهارا إلى الغروب، والمبيتُ بمزدلفة إلى نصف الليل، وبمنى ليال
التشريق على غير سقاة ورعاة، والرمي مرتبا، والحلق أو التقصير.
أركان العمرة: إحرام وطواف وسعي.
واجباتُها: الحلق أو
التقصير، وإحرام من الحل.
والفوات: أن يمضي
يوم عرفة دون أن يقف الإنسان فيه، ويتحلل بعمرة ويقضي ويهدي إن لم يشترط.
والإحصار: أن يُمنع
الحاج عن مكة أو عن الإحرام، فإن أُحصِر عن مكة كلها فإن كان قد اشترط فلا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط فعليه دم يهديه ويبعثه إلى مكة، فإن لم يجد صام عشرة أيام بالنية
ثم يتحلل.
ومن أحصِر عن عرفة، يتحلل بعمرة وفاته الحج.
ومن حصر عن
الطواف، يفعل ما يفعل الحاج تامًّا ويؤخّر الطواف إلى أن ينفكّ عنه الحصار، فيطوف ويتحلل.
ومن حصر عن
واجب: فعليه دم إن لم يكن اشترط.
باب الأضحية
والهدي
أفضلها: إبل ثم بقر
ثم غنم، ولا يُجزئ دون جذع ضأن-ما له ستة أشهر- أو ثني غيره وهو من ماعز-ما له سنة- ومن
بقر -ما له سنتان-، ومن إبل -ما له خمس سنوات-.
وتجزئ أضحية شاة
عن رجل وأهل بيته، وسبعة عن بدنة أو بقرة.
ولا تجزئ العوراء
والعرجاء ولا العجفاء أي الهزيلة، ولا الهتماء وهي: من ذهبت ثناياها، ولا جداء وهي: التي شاب ونشف ضرعها، ولا مريضة مرضا يضر باللحم ولا العضباء وهي التي: ذهب أكثر قَرنها
أو أذنها.
وتجزئ البتراء وهي التي: لا ذنب لها خلقةً، والجماء وهي التي: لا قرن لها خلقة، وخصي غير مجبوب، ومن قطع نصف
أذنه أو قرنه فأقل.
وتُنحَر الإبل واقفة
وغيرها على الجنب الأيسر، ويتولّاها صاحبها وله أن يوكِل في نحرها.
ووقت الذبح بالنسبة للأضحية: بعد
صلاة عيد أو قدرها، مع يومين بعده فإن فات قضى الواجب.
ويتعيّنان بقوله:
هذه أضحية، أو هدي، أو هذا لله، أو هذا نذرٌ، فلا تباع وله أن يُبدلها بخير منها.
ولا
يُعطى جازّرها أجرتهُ منها ولا يباع جلدها ولا شيء منها وهي: سنة.
ويسن أن يأكل أثلاثا، ويتصدّق بثلث ويهدي الثلث الأخير، ويلزمهُ أن يتصدّق منها بأوقية، فإن لم يفعل فعليْه
أن يُخرِج أوقية لحم يتصدّق بها.
وإذا دخلت عشر ذي
الحجة حَرم على المضحّي أخذ شيء من شعره، أو ظفره، إلى الذبح.
وتسن العقيقة عن
الغلام شاتان، وعن الأنثى شاة، تذبح باليوم السابع فإن فات فرابع عشر، فإن فات ففي
إحدى وعشرين، ويقطعها جذولا كبارا وهي كأضحية ولا يجزئ فيها الشّراكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق