الحج لغة: القصد، وشرعا: قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص.
العمرة هي: الزيارة، وشرعا: زيارة البيت على وجه مخصوص.
وهما واجبان في العمر مرة، ويَجبان على:
أولا: المسلم، فلا يصح من الكافر ويعاقب عليه، الثاني: الحر، فلا يجب على العبد، ثالثا: المكلف، ويصح من الصغير لا المجنون، وقيل: يصح منه، رابعا: القادر، والمراد به الاستطاعة.
ويُشترط لوجوبهِ على المرأة: وجود المحرم، والخلوتي يقول: أنه يدخل في شرط الاستطاعة.
وإن زال الرق والجنون والصبا في عرفة صح فرضا، أي: لو أحرمَ الرقيق للحج ثم أُعْتق فإنه يُجزئه عن حج الفريضة، كذا لو بلغَ الطفل في يوم عرفة فإنه يصح منه فرضا، إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، وكذا في العمرة قبل الطواف لا بعده، والصغير غير المميز يُحرِم عنه وليّه.
والقادر هو: من أمكنه الركوب ووجد زادا من مأكول ومشروب وكسوة-ولا يُشترط أن يكون الزاد صالحا لمثله-، وراحلة صالحة لمثله-وإن كانت المسافة قريبة فلا يشترط له الراحلة-بعد قضاء الواجبات الحالّة والمؤجّلة، والنفقات الشرعية والحوائج الأصليّة.
وإن أعجزَهُ كِبر أو مرضٌ لا يُرجى برؤه، فيلزمه أن يُقيم من يحج ويعتمر عنه فورا، -ولو كان النائب امرأة- من المكان الذي وجب عليه الحج فإن أناب من غير بلده لم يجُزئه إلّا إذا قصُرت النفقة.
ولو أحرم النائب ثم عوفي المُنيب فيُجزئه؛ لا إن أحرَم بعد أن عُوفي المنيب، فإن لم يبلغُه فإنه لا يجزئه ولا يصح فرضا عنه، ويصح نفلا عن النائب ويلزمه رد النفقة.
والقول الثاني: أنه يصح عن المستنيب نفلا.
والمذهب: يشترط المَحرم للمرأة في السفر الطويل والقصير، والمحرَم زوجها أو من تحْرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح كالرضاع والمصاهرة، ويشترط: أن يكون المحرَم مُسلما مكلفا بصيرا، ولا يلزم الزوج الحج مع امرأته، ولا تلزمه نفقته عليها للحج.
ومن تحقّقت عليه شروط الوجوب وماتَ ولم يحج أُخرِج من تركته من يحج عنه.
باب المواقيت
والميقات في اللغة: الحد، وشرعا: مواضع وأزمنة مُعيّنة لعبادة مخصوصة.
المواقيت المكانيّة
ميقات أهل المدينة ذو الحليفة، وأهل الشام ومصر والمغرب الجُحفة، وأهل اليمن: يلملم، وأهل نجد قرن المنازل، وأهل المشرق ذات عرق، فهي لهم ولمن مر عليها من غيرهم.
ومن حج من أهل مكة فيجوز له أن يُحرِم منها، وعُمرته يُحرِم لها من أدنى الحل وهو التنعيم، ولا يجوز أن يجاوز الميقات إن أراد مكة أو نسكا إلّا بإحرام.
والمواقيت الزمانية: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، ويكره أن يُحرِم قبل المواقيت المكانيّة وقبل المواقيت الزمانيّة.
باب الإحرام
الإحرام في اللغة: نيّة الدخول في التحريم.
وفي الاصطلاح: نية الدخول في النسك، فلا ينعقد بدون هذه النية ولا يُشترط أن يتلفّظ بها.
وسنّ لمريدهِ غسل أو تيمّم لعدمه، وأن يتنظف قبل أن يُحرم، وأن يتطيّب في بدنه-ويكره في ثوبه-، وتجرّد من مخيط.
ويسنّ أن يُحرِم في إزار ورداء أبيضين، وإحرامٌ عقب ركعتين، ونيته شرط، ويستحب قوله ما ورد، وأن يشترِط.
وأفضل الأنساك: التمتّع ثم الإفراد ثم القران.
التمتّع: أن يُحرِم للعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يُحرِم بالحج في عامه.
الإفراد: أن يُحرِم في الحج ثم بعد فراغه منه يعتمر.
القران: أن يُحرم بهما معا، أو يُحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج، قبل الشروع في طوافها.
وعلى الأفقي دم وهو: من كان بينه وبين الحرَم مسافة قصر فأكثر، فيجب عليه دم نسك كذلك لو كان متمتعا.
وإن حاضت امرأةٌ أحرَمت بالعمرة فخشيت فوات الحج، فتُحرم بالحج وتدخله على العمرة وتصير قارنة؛ لفعل عائشة في الصحيح، ويأخذ هذا حكمُ غير الحائض ممن خشي فوات الحج.
وإذا استوى على راحلته يُلبّي، ويسن أن يرفع ويجهر بالتلبية، وتُخفيها المرأة بقدر ما تسمع رفيقتها، ويكره جهرها فوق ذلك.
باب محظورات الإحرام
وهي ما يحْرم على المُحرِم فعله بسبب الإحرام.
الأول: حلق الشعر من جميع بدنه بلا عذر، الثاني: تقليم الأظافر، فمن حلق أو قلّم ثلاثة فعليه دم، وأقل من ذلك عن كل شعرة أو ظفر إطعام مسكين.
الثالث: تغطية رأس الذّكر كُله أو بعضه، ومنه الأذنان سواء كان بملاصق أو غيره كمحمل فإنه يفدي.
الرابع: لبس المخيط للذكر وهو: ما عُمل على قدر الملبوس عليه، ويجوز عقد الإزار إذا احتاج لعقده لستر العورة.
الخامس: الطّيب، والمحرّم في الطيب المَس والشم والاستعمال، وهو ما يُتطيّب به من عطر ونحوه حتى في الأكل والشرب.
السادس: قتل صيد مأكولا بريًّا أصلا، واصطياده ولو لم يقتله، ويحرمُ أذيّته، والإعانة عليه، والدلالة إليْه، ولو تولّد من المأكول وغير المأكول، أو تلف بيده فعليه جزاؤه.
ولا يحرم حيوان أنسيِّ وهو المستأنس الأهلي، ولا يحرم صيد البحر إن لم يكن بالحرم.
ولا يحرم قتل محرّم الأكل كالأسد والكلب، ولا الصائل ولو كان صيدا، وصيده يعتبر ميتة يحرم على المُحرم وغيره إلّا حال الضرورة.
السابع: عقد النكاح ولا ينعقد، ولا فدية فيه، وتُكره الخطبة، وتصحّ الرجعة.
الثامن: إن جامعَ المُحرِم قبل التحلّل الأوّل فسد نسكُهما ويَمضيان فيه ويقضيانه ثاني عام، وتَفسد العمرة إن وطء بعد الإحرام إلى قبل تمام السعي وتجب فيها شاة وهي كفدية أذى.
التاسع: المباشرة دون الفرج وكل مقدّمات الجِماع محرّمة، فإن فعل قبل التحلل الأول فأنزل منيًّا لم يفسد حجّه وعليه بدنة، وبعد التحلل الأول فدية أذى.
وإحرام المرأة كالرجل إلّا في اللباس، وتجتنّب البرقع والقفازين، وعليها الفدية لو لبسته، وتسدلُ وجهها لمرور الرجال الأجانب، ويباحُ لها التحلي.
باب الفدية
وهي تنقسم إلى ضربين، الأول: الفدية الواجبة على التخيير وتحتها قسمان:
1- فدية الأذى، 2- فدية قتل الصيد.
الثاني: الفدية التي تجب على الترتيب ويدخل فيها: 1- دم المتعة والقران، 2- دم الإحصار،
3- دم الوطء في الفرج، 4- الدم الواجب لفوات أو ترك واجب.
ما يجب فيه الفدية على التخيير : الحلق، وتقليم الأظافر، وتغطية الرأس، والطّيب، ولبس مخيط فيُخيّر بين: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين،-لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره- و ذبح شاة.
ويدخل في فدية الأذى أيضا: المباشرة دون الفرج بغير إنزال، والإمناء بنظرة، والوطء في العمرة مطلقا، والإمناء بالمباشرة بما دون الفرج، فيجب فيها كلها فدية أذى.
ومما يجب على التخيير: فدية الصيد.
ففي جزاء صيد يُخيّر بين: مِثلٍ وهو المقارب والمشابه للصّيد من بهيمة الأنعام، أو تقويمه دراهم ويُطعِم به المساكين-لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره-، أو يصوم عن كل مدٍّ يوما، والمذهب: أن يُصام عن كل مسكين يوما.
وإن كان الصيد لا مِثل له يُخير بين: الإطعام-يقومه ويُخرج بقيمته طعاما للمساكين-، أو يصوم عن كل مسكينٍ يوما.
الفدية التي تجب على الترتيب
منها: فدية دم متعة وقران، فيجبُ فيها الهدي فإن لم يجده أو عدِم ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج-والأفضل كوْن آخرها يوم عرفة- ويدخل وقت صيامها من حينِ أن يدخل بالعمرة، وهذا وقت جواز، ووقت الأفضلية يكون: اليوم السابع والثامن والتاسع، ووقت الوجوب هو في أيّام التشريق، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله، والمقصود إذا فرغ من الحج ولا يُشترط أن يصومها إذا وصلَ إلى أهله.
ومنها: المحصر وهو: الذي مُنع من إتمام النسك، فيجبُ عليه أن يذبح الهدي حتى يتحلل، فإن لم يجد الهدي فإنّه يصوم عشرة أيام ولا يتحلّل حتى يصومها.
ومما يجب على الترتيب: الوطء في الفرج قبل التحلل الأول فيجب فيه بدنة كذلك لو باشر فأنزل، وإن طاوعته زوجته لزِمها.
ومما يجب على الترتيب: الدم الواجب لفوات، أو لترك واجب والحكم فيها كدم المتعة.
أحكام الفدية
من كرّر محظورا من جنس واحد ولم يفدي فدى مرّة، بخلاف الصيد ففيهِ بعدَده ولو قتلهم في دفعة واحد.
ومن فعل محظورا من أجناس فدى لكلّ مرة حتى لو نوى أنه يُبطل إحرامه فلا يَبطل.
ويسقط بنسيان وجهل وإكراه فدية لُبس وطِيب وتغطية رأس، دون غيرها مما فيه إتلاف كَحلق وتقصير وصيد، وكل هديٍ أو إطعام يتعلّق بحرم أو إِحرام فإنه يكون لمساكين الحرَم فقط.
وفدية الأذى واللبس ونحوهما: فحيث وجد سببهُ، ودم الإحصار: حيث وجد سببه، ويُجزئ الصوم بكل مكان.
وإذا أُطلق الدم فالمراد به الشاة-جذع ضأن أو ثني ماعز- أو سُبع بدنة، وتجزئ عن البدنة بقرة استكملت خمس سنوات.
باب جزاء الصيد
أي: ما يجبُ في الصّيد، وينقسمُ إلى ضربين:
الضرب الأول: الصيد له مثلٌ من النّعم، وهذا له قسمين:
الأول: ما قضى به النبي-صلى الله عليه وسلم- والصحابة فيُرجع في هذا القضاء إليهم.
الثاني: ما لم يقضِ فيه النبي-صلى الله عليه وسلم- فيرجع فيه إلى قول عدلين.
الضرب الثاني: الصّيد الذي ليس له مثلٌ من النّعم، فهذا يجبُ فيه قيمته.
باب صيد الحرم
يحرم صيدٌ من مكة على المُحرم والحلال، وحكم صيْده كصيد المحْرم؛ ففيه الجزاء فلا يُتملّك.
ويحرم قطع شجَر الحرَم، وحشيشهِ الأخضرين، إلّا الإذخر والثمرة، وقطع اليابس وما زرعه الآدمي والكمأة.
ويحرم صيد المدينة ولا جزاء فيه، ويباح الحشيش للعلف، ويباحُ آلة الحرث من الأشجار، وحرمها ما بين عير إلى ثور.
باب دخول مكة
يسن لمن أراد أن يدخل مكة أن يغتسل ويسن أن يدخلها نهارا من أعلاها وأن يخرج من أسفلها، وأن يدخل المسجد من باب بني شيبة.
وأن يقول عند دخول مكة كما يقال عند دخول المسجد فإذا رأى البيت رفع يديه وقال ما ورد.
ويطوف مضطبعا استحبابا ويكون في كلّ الطواف، يبتدئ المُعتمر بطواف العمرة، والقارن والمفرد بطِواف القدوم، وهو تحية المسجد.
فيُحاذي الحجر الأسود بكلّه، أو يُقابل بكل بدنه بعض الحجر الأسود، ويستلمه بيدهِ اليمنى وهو: أن يمسح عليه ويقبّله من غير صوت يظهر.
ومن السنن: أن يسجد عليه ويضع عليه جبهته وأنفه، فإن شقّ استلامه فإنه يستلمه بشيء ويقبّله، فإن شق أشار إليه بشيء بيده ولا يقبّله ويقول ما ورد، وبقية الأشواط يستلمه ويكبّر فقط.
ويجعل البيت عن يسارهِ ويطوف سبعا يرمل الأفقي-وهو المحرِم البعيد عن مكة- في هذا الطواف، والمراد بالرمل: إسراع المشي ومقاربة الخطى ثلاثة أشواط، ويمشي أربعا، ولا يسن للنساء ولا لِلمُحرم من مكة.
ويسن أن يستلم الحجر والرّكن اليماني كل مرّة فإن لم يستطع فإنه يُشير إليهما.
ومن ترك شيئا من الطواف ولو يسيرا أو لم ينوه لم يصح طوافه، أو لم ينوي نُسكه أو طاف على الشاذروان أو على جدار الحجر أو عريانا أو نجسا لم يصح طوافه.
ثم يصلّي ركعتين نفلا، يسن أن يقرأ فيهما الكافرون والإخلاص، ويسنَ أن يركعهما خلف المقام ولا يُشرع تقبيل المقام ولا مسحه.
شروط صحة الطواف
النية، والإسلام، والعقل، ودخول وقته، وستر العورة، واجتناب النجاسة، والطهارة من الحدث، وتكميل السبع يقينا، وجعل البيت عن يساره، وكونه ماشيا مع القُدرة، والموالاة، وأن يبتدئ من الحجر الأسود، وأن يطوف داخل المسجد والترتيب.
ولا تنقطع الموالاة بفاصل يسير، كذا لو أقِيمت المكتوبة أو صلّى على جنازة، وعليه أن يرجع من بداية الشوط من الحجر الأسود.
ثم يستلم بعد الصلاة الحجر الأسود، ويخرج للصّفا ويَرقاهُ ندبا حتى يرى البيت فيستَقبله ويكبّر ثلاثا ويقول ما ورد.
ثم ينزل ماشيا إلى العلَم الأول، ثم يسعى شديدا للآخر، ثم يرقى على المروة ويقول ما قاله على الصفا، ويجب استيعاب ما بينهما ثم ينزلُ فيمشي موضع مشيه، ويسعى موضع سعيه يفعل ذلك سبعة ذهابه سعية ورجوعه سعية، فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول فلا يحسبه.
ويشترط فيه النية والإسلام والعقل والموالاة، والمشي مع القدرة، وأن يكون بعد طواف صحيح ولو مسنونا، وتكميل السبع واستيعاب ما بين الصفا والمروة.
وتسن فيه الطهارة من الحدث والنجس وستر العورة، والمرأة لا ترقى الصفا والمروة ولا تسعى سعيا شديدا.
ولا يسنّ للمتمتّع الحلق بل التقصير ويتحلّل، وإن كان معه هدي لم يقصّر فلا يحل حتى ينحرهُ.
والمتمتع والمعتمر إذا شرع بالطّواف قطع التلبية لوجود الذِّكر.
باب صفة الحج
يسن للمحلّين بمكة حتى المُتمتع الذي حلّ من عُمرته إذا أراد أن يُحرِم بالحج أن يحرم يوم التّروية.
ويسن أن يحْرم قبل الزوال، وأن يُصلّي ظهر اليوم الثامن في منى، ويبيتَ ليلة التاسع في منى فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة، ويستحبّ أن يغتسل للوقوف وكلها موقف إلّا بطن عُرنة.
ويسنّ أن يجمع فيها بيْن الظهر العصر وهو خاص بمن يجوز له الجمع، وأن يقف راكبا بخلاف باقي المناسك؛ فإنه يفعلها راجلًا، مستقبل القبلة ويكون عند الصخرات وجبل الرحمة ويكثر من الدعاء، ويَرفع يديه ندبا ولا يجاوِزُ بهما رأسه، ويُكثر الاستغفار ويلحّ بالدعاء.
ومن وقف ولو لحظة نائما أو جاهلا من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر وهو أهلٌ له صحّ حجه.
شروط الوقوف في عرفة
أن يكون مسلما، وأن يكون مُحرِما بالحج وأن لا يكون عقله غائبا-سوى النوم-، وأن يقِفَ في زمن مُعتبر شرعا ولا تُشترط النية.
ومن وقف قبل الغروب فيحرُم عليه أن يخرج وإن خرج ولم يعد قبله فعليْه دم وإن عاد فلا شيء عليه.
ثم يدفعُ بعد الغروب إلى مزدلفة بسكينة ويسرع في فجوة ويلبّي، ويسنّ لِمن له الجمع أن يجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير.
ويبيتُ بمزدلفة وجوبا وله الدفع بعد منتصف الليل، وإن دفعَ قبله فعليه دم كذا لو وصلَها بعد الفجر لا قبله.
فإذا أصبح صلى الصبح بغلس في أول الوقت، ويرقى المشعر الحرام إن أمْكنه ويحمد الله ويكبر ويهلل ويقول ما ورد.
ولا يزال يدعوا حتى يسفر، جدا فإذا أسفر قبل طلوع الشمس صار بسكينة فإذا بلغ محسرا، أسرع رمية حجر ويكون ملبّيا إلى أن يرمي جمرة العقبة ويأخذ حصى الجمار وعدده سبعون حصاة -حجمها بين الحمص والبندق- فيرميها بسبع حصيات مُتعاقبات ويَرفع يده اليمنى حال الرمي حتى يُرى بياض إبطه.
ويكبّر ندبا مع كل حصاة ولا يُجزئه الرّمي بغير الحصاة ولا بها ثانيا، ولا يقفُ عندَ جمرة العقبة، ويقطع التّلبية مع رمي أوّل حصاة منها ويرمي بعد طلوع الشمس ندبا.
شروط صحة الرمي
منها: الحجم، وأن يرمي سبع حصيات وأن يكون الرّمي بحصاة، وأن يكون مُتعاقبا وأن يكون في الوقت المعتبر شرعا، وأن يرفع يده، وأن تقع في المكان المعتبر شرعا وهو: مَرمى الحصاة لا الشّاخص، وأن يقصد الرمي والترتيب وأن لا يكون قد رمي بهذه الحصاة، والمُوالاة ليست شرطا.
ثم ينحر هديا إن كان معه، ويحلِق فيبدأ بشقه الأيمن ويكبّر وقت الحلق، أو يقصّر من جميع شعره
وهذا التحلّل الأول فيحل له كل شيء إلّا النساء.
ثم يفيض إلى مكة، ويطوف القارن والمفرد بنية الفريضة طواف الزيارة وأوّل وقته بعد نصف ليلة النحر لِمن وقف قبل ذلك وإلّا فبعد الوقوف، ويسن فعله في يوم النحر ثم يسعى ولا آخر لوقته ثم قد حل له كل شيء.
ويشربُ ماء زمزم لما أحبّ أن يعطيه الله ويتضلّع منه، ويدعو بما ورد، ثم يرجع مكة بعد الطواف والسعي ويصلّي الظهر في منى، وبيتُ فيها ثلاث ليالي إن لم يتعجّل ويرمي الجمرات أيّـام التّشريق بعد الزوال.
ولا يجزئ الرمي ليلا، والأفضل أن يرمي قبل صلاة الظهر ويستقبل القبلة فيها كلّها.
ويجب عليه الترتيب، وليس في أيام التشريق قضاء، كل الرمي فيه أداء فإن أخّره عن أيام التشريق أو لم يبت بها عليه دم.
ومن تعجّل في يومين خرج قبل الغروب وإلّا لزِمه المبيت والرمي من الغد بعد الزوال.
فإذا أرادَ الخروج من مكة ولو كان بمنى لم يخرج حتى يطوف للوداع وإن أقام بعده أعاده، وإن تركه غير حائض، يجب عليه أن يرجع إليه فإن لم يرجع فعليه دم.
والحائض والنفساء لا طواف عليهما إلّا إذا طهرتا قبل مفارقة البنيان فيلزمهم.
وتستحب زيارة قبر النبي-صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه.
صفة العمرة
أن يُحرم بها من الميقات أو مِن أدنى الحل، من مكّي ونحوه ممّن أقامَ في الحرم، فإذا طاف وسعى وقصّر أو حَلق حل من العمرة، وتُباح العمرة كل وقت، وعُمرة القارن تجزئ عن عمرة الإسلام.
أركان الحج
الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة والسعي.
واجباته
الإحرام من الميقات، الوقوف بعرفة إلى الغروب، والمبيت بمنى معظم الليل، والمبيت بمزدلفة، والرمي بالترتيب، والحلق، والوداع، والباقي سُنن.
أركان العمرة
إحرام وطواف وسعي، وواجباتها: الحلاقة، والإحرام من ميقاتها.
فمن تركَ الإحرام لم ينعقد نُسكه، ومن ترك ركنا غير الإحرام أو نيّته لم يصح نسكه إلّا بذلك الركن المتروك.
ومن تركَ واجبا عمدا أو سهوا أو جهلا أو لعذر فعليه دم، فإن عدِمه فيصوم عشرة أيام.
باب الفوات والإحصار
الفوات: أن يطلُع على الحاج فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة، والإحصار: المنع من إتمام النسك كلّه أو بعضه.
من فاته الوقوف فاته الحج وتسقط توابعه وينقلب الإحرام إلى عمرة، ويجب عليه القضاء ويهدي في القضاء إن لم يكن اشترط.
ومن صدّه عدو عن البيت أهدى بنيّة التحلل ثم تحلّل فإن لم يجد صام عشرة أيام، وإن صُدّ عن عرفة دون البيت يتحلّل بعمرة ولا شيء عليه.
والمحصر عن طواف الإفاضة ليسَ له أن يتحلّل لأنّ طواف الإفاضة لا آخر لحدّه.
وإن أحصِر عن إتمام نُسكه بمرض أو ذهابِ نفقة يبقى محرما ويأخذ أحكام الفوات.
باب الهدي والأضحية
الهدي: ما يُهدى إلى الحرم من نعم وغيرها.
الأضحية: ما يُذبح من بهيمة الأنعام أيّام العيد تقربا لله.
وأفضلها: الإبل ثم البقر ثم الغنم، ولا يُجزئ فيها إلّا جذع ضأن وهو: ما له ستة أشهر، وثني سواه، والثني يختلف من جنس لجنس، فإن كان من المعز: فالثّني منه ما كان له سنة، ويكون الإبل ثنيا إذا بلغ خمس سنين، ومن البقر إذا استكمل سنتين.
وتُجزئ الشاة عن واحد وأهل بيته، والبدنة عن سبعة.
ولا تجزئ العوراء بيّنة العور، ولا العجفاء: الهزيلة التي لا مخ في ساقها، ولا العرجاء وهي: التي لا تُطيق مشيا مع الصحيحة، ولا الهتماء وهي: التي ذهبت ثناياها من أصلها، ولا الجدَّاء وهي: التي نشف ضرعها، ولا المريضة وهي: بيّنت المرض الذي يفسد اللحم، ولا العضباء وهي: التي ذهب أكثر قرنها أو أُذنها بل تجزئ البتراء وهي: التي لا ذنب لها خلقة.
والمذهب: أنها تُجزئ مقطوعة الذنب، وتجزئ الجماء وهي: التي لا قرن لها خلقة، وخصي غير مجبوب، ويكره ما بِأُذنه أو قرنه قطعٌ أقلّ من النصف.
والسنة نحر الإبل قائمة مربوطة يدها اليسرى فيطعنها في الوهدة-التي بيْن أصل العنق والصدر- ويذبح غيرها، ويقول بسم الله وجوبا، والله أكبر استحبابا، ويستحب أن يتولّاها صاحبها.
ووقت الذبح: بعد صلاة العيد، وهو أفضل يوم للذّبح ويستمرّّ وقته إلى يومين بعد العيد.
ويكره في ليلتهما فإن فات قضى واجبَه.
وإذا تعينت الشاة أو الأضحية لم يجز بيْعها ولا هِبتها إلّا أن يُبدلها بخير منها، ولا يُعطي جازِرها أجرته منها، ولا يبيع جلدها ولا شيئا منها ولو كانت تطوعا.
وإن تعيّبت بغير فعله بعد أن عيّنها ذبحها و أجزأته إلّا إذا كانت واجبة قبل التعيين.
والأضحية سنة، ويكره تركها للقادر وتجبُ بالنذر، والتّضحية عن الميت أفضل منها عن الحي.
وسن أن يأكل من الأضحية ويهدي ويتصدّق أثلاثا، وإن أكلها كلّها إلّا أوقية تصدق بها وإلّا ضمنها.
ويحرم على من يضحي أو يُضحّى عنه أن يأخذ في العشر من شعره أو بشرته شيئا ولا فدية عليه لو أخذ ويتوب.
وتُسن العقيقة، وهي: النسيكة التي تذبح عن المولود، وهي سنّة في حق الأب فلو لم يعق الأب لا يُشرع لغيره، ولو كان معسِرا.
ويستحب له أن يقترض إن كان قادرا على الوفاء، وهي: عن الغلام شاتان، فإن لم يجد فشاةٌ، ويجوز أن يعق عن واحدة ثم بعد ذلك واحدة أخرى، وعن الجارية شاة، وصفاتها كالأضحية، وتُذبح يوم سابع ندبا، وتجزئ قبله، ولو مات بعد أن ولِد فتشرع له العقيقة.
ومن السنة أن يحلق رأس الذكر ويتصدّق بوزنه ورَّقا من فضة، والتسمية من حقّ الأب.
فإن فات الذبح في اليوم السابع، ففي يوم الرابع عشر، فإن فات ففي إحدى وعشرين، ثم بعد ذلك فهي قضاء لا أداء.
وتُنزع جدولا أي: أعضاء ولا يُكسر عظمها، وأحكامها كالأضحية إلّا أنه لا يُجزئ فيها شرك في دم.
ويجوز بيع الجلد والرأس والسواقط ويتصدّق بثمنها، والمذهب: أن طبخها أفضل من إخراج لحمها نيًّا
ولو اجتمع وقت عقيقة وأضحية فالمذهبُ أنه يجزئ عنهما واحدة، كذا لو اجتمع هدي وأضحية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق