كتاب الجنايات
تعريف الجناية: الجناية على النفس أو ما دون النفس-ولا يدخل على غير الجسم- ما تُوجِب مالا
أو قصاصا.
أنواعُ القتل
1- العمد، 2- شِبه العمد، 3- الخطأ.
العمد: أن يكون الجاني قاصدا القَتْل، شِبه العمد: أن يكون قاصدا للاعتداء ولكنّه غير قاصدِ للقتل.
قتل الخطأ: وهو الذي لا يقصد الاعتداء أصلا.
حكم قتل العمد: يثبتُ فيه القصاص، وضابطه: قصد العُدوان بما يَقتل غالبا.
من أمثلة قتل العمد: الطعن، والإلقاء من شاهق، والإحراق بالنار، وإلقاء في الماء، والسحر القاتل.
شبه العمد: قصد الجناية بما لا يَقتل غالبا ولم يجرحهُ بها، والمذهب :إذا كان القتل بمحدد فإنه من قتل العمد، من أمثلته: الضرب بسوط أو بالعصا الصغيرة.
قتل الخطأ فعل ما له فِعله فيحصل قتل لم يقصده.
من أمثلة القتل الخطأ: رمي الصيد إن تجاوزت الصيد لقتل إنسان معصوم، ويدخل فيه: عمد الصبي والمجنون.
شروط وجوب القصاص
الشرط الأول:عصمة المقتول، الشرط الثاني: أن يكون القاتل مكلّفا.
الشرط الثالث: مكافأة المقتول للقاتل، فلا يُقتل مسلم بكافر، الشرط الرابع: عدم الولادة، فلا يكون القاتل والدا أو والدة.
مسألة: إذا ورِثَ الأولاد دمَ أبيهم
الذي يرث الدم هم ورثة المال، فهم أولياء المقتول الذين يُطالبون بدمه، وحقّ المُطالبة بالدم يورث كما يورثُ المال، فإذا فرضنا أن هذا القاتل قتلَ زوجته، فأولياء الدم أولادها، لكن هؤلاء الأولاد إذا كانوا أولاد القاتل فليس لهم حق بأن يُطالِبوا بقصاص أبيهم.
مسألة: إذا ورِثَ القاتل دم نفسه
لو فرضنا أنّ رجلا قتلَ أخاه، وصار الورثة هنا هم بقية الاخوة الذين لهم الحق في المطالبة بِدمِ أخيهم، فمات واحد من هؤلاء الإخوة، وورثهُ هذا القاتل، فالذي يرِث حقّ المطالبة هنا ورثة الذي ماتَ ومنهم القاتل، فالقاتل ورِث حقّ المطالبة بدمِ نفسه وبهذا يسقط القصاص.
الشرط الأول: أن يكونوا مستحقي الدم مكلّفين.
الشرط الثاني: اتّفاقهم على استيفائه، فلو عفا واحد منهم فإنه لا يُستوفى القصاص.
1- القصاص، وله أن يُصالح عنه بمال، 2- أخذ الديىة، 3: العفو مجانا.
قاعدة: من أُقيد بأحد في النفس أقيد به في الطرف والجراح، ومن لا فلا.
مثالهُ: الأب إذا قتل ولده قلنا لا يثبت القصاص، كذلك إذا قطع عضوا أو طرفا فإنه لا يُقتص منه.
الشرط الأول: الأمن من الحيف، والحيف الظّلم،.
الشرط الثاني: المُماثلة في الاسم والموضِع، والمماثلة في الاسم: كأن نقطع الخنصر بالخنصر،
وبالموضع: كأن نقطع خنصر اليمين بخنصر اليمين.
الشرط الثالث: استواؤهما في الصحة والكمال، في الصحة: أي لا تُؤخذ صحيحة بشلاء، والكمال: كما لو كان عند الشخص أصبع زائد فجاء أحد وجنَى عليه بالإصبع الزائد فلا تُقطع من الجاني الأصبع الأصلية.
القصاص في الجراح يثبت بشرط: إن انتهى الجُرح إلى عظم، فلا قصاص إن لم يصل إلى العظم.
الديات
تعريفها: المال المؤدّى إلى مجني عليْه أو وليّه بسبب جناية.
الأول: الإبل، مائة من الإبل للحرّ المسلم.
الثاني: الذهب، ألف مثقال للحر المسلم.
الثالث: الفضة، ودية الحر المسلم اثنا عشر ألف درهم من الفضة.
الرابع: البقر، ودية الحر المسلم مائتا بقرة.
الخامس: الغنم، ودية الحرم المسلم ألفا شاة.
الدية تُـعطى للحرّ المسلم كاملة، وهذه الأصول الخمسة أيّها دفع الجاني منها فعلى الوليّ القبول.
دية الحر الكتابي: نصف دية الحر المسلم، ودية المجوسي والوثني: ثمانمائة درهم.
دية المرأة: على النصف من دية الرجل في الثلث وما زاد، فما دون الثلث يتساوى فيه الرجل والمرأة.
دية العبد: قيمته وإن علَت، ودية الجنين: فيها غرة وهي عبد، قيمته عُشر دية أمه.
ضابط دية الأعضاء والمنافع
قاعدة: إذا أردنا أن نعرف دية هذا العضو في الجسم ننظر إلى عدَد هذا العضو في بدن الإنسان ونَقسمه على دية النفس، وما كان فيه واحد فالدية فيه كاملة، كالأنف فالدية فيه كاملة.
دين العين: نقسم دية النفس على اثنين لأن البدن فيه عينان، فيكون الناتج نصف الدية في كل عين.
دية المنخر: نقسم دية النفس على ثلاثة، لأن الأنف مكون من ثلاثة أشياء: المنخريْن والمارن، فإذا قطع المنخر الواحد فيكون فيه ثُلثُ الدية.
دية الجفن: نفسم دية النفس على أربعة لأن الأجفان أربعة، فيثبت ربع الدية في كل جفن.
فدية الأعضاء منها ما فيه نصف الدية: كالعين، ومنها ما فيه ثلث الدية: كالمنخر، ومنها مافيه رّبع الدية: كالجفن.
وما فيه عُشر الدية: الواحد من الأصابع، ولو قطَعها كلها فتثبت الدية كاملة سواء كانت أصابع اليدين أو الرجلين.
وما فيه ثُلث عشر الدية: الأنمَلة الواحدة من الأصبع، لأن الأصبع الواحد فيه ثلاثة أنامل.
وما فيه نصف عشر الدية: أنملة الإبهام، ودية السن: كدية الإبهام.
ديات المنافع
تثبت الدية كاملة في المنافع.
ومنها: السّمع، فإذا أذهب السمع بالكلية واستمر ذلك فالواجب الدية كاملة، كذلك لو فقد الشم أو الذوق أو البصر كذلك المشي أو النطق، ومنفعة العقل، وإمساك الحدَث، ومنفعة النكاح، والأكل، ففيه الدية كاملة.
وإذا أذهب شعر الرأس واللحية والأهداب والحاجبين كلّها ولم ينبت شيء مكانها ففيه الدية كاملة.
والشج: هي الجُرح بالرأس أو البدن وهو على نوعين:
النوع الأول: ما فيه حكومة، الثاني: ما فيه تقدير شرعي.
ما فيه حكومة
كالحارصة: وهي أن تشقّ الجلد قليلا بدون أن يخرج دم، البازلة: وهيَ التي تشقّ الجلد ويخرج منها دم، الباضعة: وهي ما يخرج منها دم واللحم، المتلاحمة: الغائصة في اللحم.
السِّمحاق: وهي بينها وبين العظم قشرة وهذه الجنايات الخمسة فهذا الجنايات الخمس فيها حكومة.
الحكومة: أن يقدّر المجني عليه قبل الجناية ثم يقدّر بعد الجناية والبرء، ثم يُعطى بقدر الفرق بينهما من الدية.
النوع الثاني من الشّجاج: ما فيه مقدّر
الموضحة: التي توضح العظم وتُبرزه، وفيها خمس من الإبل، الهاشمة: وهي التي تكسر العظم وتهشِمه، وفيها عشر من الإبل.
المُنَقّلة: وهي التي تنقل العظم، وفيها خمسة عشرة من الإبل، المأمومة: وهيَ التي تصل إلى أم الدماغ، وفيها ثُلث الدية، الدامغة: وهي التي تزيد على ذلك، وفيها ثُلث الدية.
وفي الجائفة: ثُلث الدية وهي: لا تكون في الرأس أو الوجه، تكون في الجوف كالصدر أو البطن، إذا أصيب فيها ولم يمُت منها.
كسر العظام فيه نوعان:-
الأول: ما فيه بعير، الثاني:ما فيه بعيران.
ما فيه بعير: أولا: كسر الضلع، ثانيا: كسرالترقوة، وهي: عظمة في أعلى الجِسم تتصل بالكتف.
وما فيه بعيران: وهو ما لو كسر عظم الساق أو الفخذ أو الذراع.
باب العاقلة وما تحمله
العاقلة: كل عصبة بالنفس كالأب والابن وابن العم فهم الذّكور من الأقارب.
ما تحمله العاقلة: العاقلة تتحمّل الدية بالقتل الخطأ، فهؤلاء الأقارب تُقسم عليهم الدية.
ما لا تحملهُ العاقلة
أولا: القتل العمد، فالجاني يتحمّله، ثانيا: العبد، فالجناية على العبد قيمته.
ثالثا: لا تتحمّل العاقلة الصّلح، فلو قتل عمدا وصالح عن القصاص بمبلغ من المال فلا تتحمله العاقلة.
رابعا: الإقرار، فلو أقر الجاني وقال: أنا قتلت فلان، والعاقلة كذّبوه ولم تُصدّقه فالإقرار إذا ثبت لا
تتحمله العاقلة.
خامسا: لا تتحمل العاقلة ما دون ثلث الدية.
كفارة القتل
كفارة القتل تجب في قتل الخطأ وقتل شبه العمد، ولا تجب في قتل العمد.
وتجبُ الكفارة في قتل النفس المحترمة، فلا كفارة في النفس غير المعصومة، كقتل الكافر الحربي المحارب بالجهاد.
الواجب في كفارة القتل: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجِد فصيام شهرين مُتتابعين.
باب القسامة
القسامة: أيمان مُكرّرة في دعوى قتل معصوم.
فالقسامة صورتها: رجل وُجِد مقتولا، وجاء ورثته أولياء الدم وقالوا أن فلانا من قتله، فهو مقتول عند بيته، وهو عدوّه، فيطلبُ القاضي منهم أن يحلفوا خمسين يمينا أنّ الذي قتله هو فلان، فإذا حلفوا فهذه تُسمّى القسامة، فيُقتص من هذا القاتل.
شروط القسامة
الشرط الأول: اللوث، ويُقصد به العداوة الظاهرة، الشرط الثاني: أن يكون المُدّعَى عليه واحدا.
الشرط الثالث: تعيين المُدّعى عليه، الشرط الرابع: أن يكون المُدعى عليه مكلّفا.
الشرط الخامس: إمكانيّة كونه قاتلا، الشرط السادس: أن يوصَف القتل.
الشرط السابع: اتفاق الورثة كلهم على الدعوى، الشرط الثامن: كون بعض المدعين من الرجال.
أحوال القسامة
الحالة الأولى: تحقُّق الشروط، وحلف الرجال من ورثة الدم خمسين يمينا، فإذا حلفوا يستحقون دم القاتل.
الحالة الثانية: لو كانوا كلهم إناثا أو نكَل الرجال عن اليمين، فالحكم إمّا أن يرضوا أن تنتقل القضية إلى المُدّعى عليه فيحلِفُ خمسين يمينا ويبرأ، وإن لم يرضوا بأيمان المدعى عليه فإنه يٌفدى القتيل من بيت المال.
باب الحد
تعريف الحد: هي عقوبة مقدرة شرعا لتمنع الوقوع في مثلها.
من يُقام عليه الحد؟
الأول- الملتزم، وهو المسلم أو الذمي، فهو الشخص الذي يلتزم بقوانين الإسلام.
الثاني: أن يكون بالغا، فلا تُقام الحدود على الصبي ولكن يؤدّب ويُزجر.
الثالث: أن يكون عاقلا، فغير العاقل لا يُقام عليه الحد.
الرابع: أن يكون عالما بالتحريم، وغير العالِم كحديث عهد بالإسلام، أو من نشأ بالبادية يجهل الأحكام لا يُقام عليه الحد.
الذي يقيم الحدود: الإمام أو نائبه، ولا يجوز أن يُقام الحد في المساجد.
حد الزّاني
الزاني المُحصن: يُرجم حتى يموت من غير جلد.
ضابط المحصن: من جامع امرأته بنكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حرّان، وغير المحصن: من فات فيه شرط من شروط الإحصان.
حد غير المحصن :إن كان حرا فحده مائة جلدة، ويغرّب سنة.
الرقيق: عقوبتهُ إذا زنا خمسين جلدة ولا يغرّب أبدا
شروط حد الزنا
الشرط الأول: انتفاء الشّبهة، والشبهة نوعان، النوع الأول: شُبهة عقد، كأن يكون بين الرجل والمرأة عقد نكاح فهو يظن أنها زوجته وإن كان هذا النكاح فاسدا، النوع الثاني: شبهة اعتقاد، كمن وطئ امرأة ظن أنها زوجته.
الشرط الثاني: حصول الزنا، ويتحقق إذا غيّب الرجل حشفته كلها فبل أو دبر من آدمي حي، سواء كان القُبل أو الدبر، والمذهب عند الحنابلة: أن اللواط من الزنا.
الشرط الثالث: ثبوته، ويثبت إمّا بإقرار الزاني أو الزانية على نفسه أربع مرات ولا يرجع عن إقراره حتى يتمّ عليه الحد، ويثبتُ بأربع رجال شهود يشهدون على الزنا ويصِفونه ويصرّحون بحقيقته وأن يتفقوا على زنا واحد.
باب القذف
القذف: الرمي بالزنا أو اللواط.
عقوبته: إذا قذف مُحصنا فإنه يُعاقب بثمانين جلدة، والمحصن هو: العاقل الحر المسلم العفيف المعين الذي يجامِع مثله.
وإن كان القاذف عبدا فيحد بنصف حدّ الحر.
حد القذف حدٌّ خاص إن طالب به المقذوف يُقام به وإن عفا عنه فيقبل العفو.
حد المسكر
الخمر: كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام.
حده شارب الخمر: ثمانون جلدة.
شروطه: أولا: أن يكون الشارب مسلما، الثاني: أن يكون مختارا، فلا يحدّ إن كان مكرها، الثالث: أن يكون عالما أن كثيره يحصل منه الإسكار.
الرابع: ثبوت الشرب، ويثبتُ بإقراره على نفسه وبكفي بمرة واحدة، ويثبت بشهادة عدلين.
حد السرقة
تعريفها: أخذ المال على وجه الإختفاء من مالكه أو نائبه.
عقوبتها: قطع اليد من مفصل الكف.
شروط حد السرقة
الشرط الأول: أن يكون المال محترما، الشرط الثاني: الأخذ من حرز.
الشرط الثالث: بلوغ النصاب، ونصاب السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وما يُماثلها في القيمة
الشرط الرابع: انتفاء الشبهة.
الشرط الخامس: ثبوت السرقة، وتثبتُ إما بشاهدة من عدلين أو الإقرار مرتين.
الشرط السادس: مطالبة المالك بالمال، فلا يُقام الحد على السرقة إلا إذا طالب المالك المال-لا المطالبة بالحد- فإذا طالبه يُقام الحد.
حد قُطّاع الطريق
شروط الحد على قطاع الطريق
الشرط الاول: التعرّض بالسلاح، الشرط الثاني: أن يكون أخذ المال مُجاهرة.
الشرط الثالث: ثبوت الجُرم عليه، ويثبتُ بشهادة عدليْن، أو إقراره على نفسه.
عقوبة قاطع الطريق: تارة يستحقّ القتل والصلب، وهو في حق قاطع الطريق إذا قتلَ وأخذَ المال، وتارة يُقتل بدون صلب، وهذا في حق من يقتل ولم يأخذ المال.
وتارة تُقطع يده اليمنى ورجله اليسرى وهو في حق قاطع الطريق إذا أخذ المال ولم يقتل،
وتارة يُنفى من الأرض ويشرّد إذا قطعَ الطريق وأخاف دون قتل أو نهب.
توبة قاطع الطريق، وهيَ أحوال:
أولا: توبته بعد القدرة عليه، ولا يسقط الحد عنه.
ثانيا: توبته قبل القدرة عليه، وله حكمان فيسقط عنه حقّ الله ولا يُقام عليه الحد، ولا تسقط عنه حقوق الناس إلا إن عفا صاحب الحق.
أوصاف البغاة
الوصف الأول: أن يكون لهم شوكة ومنعة.
الوصف الثاني: أنّهم يخرجون على الإمام بتأويل سائغ.
فالبغاة طائفة عندهم قُوة خرجوا على الإمام بشبهة، فحكمُهم ليس كحكم قطّاع الطرق بل لهم أحكام مخصوصة.
أحكام البغاة
يٌشرع للإمام قبل مُقاتلهم مراسلتُهم فإن ادّعوا شُبهة كشفها، أو مظلمةً أزالها، فإن أبوا أن يرجعوا للطاعة فللإمام مُقاتلتهم.
فإذا قاتلهم الإمام لا يُجهَز على جريحهم، ولا يتّبع المُدبر الذي هرب واستسلم، ولا تُسبى ذراريهم ولا نسائهم، ولا يُقتل من رجع منهم للطاعة، ولا يُقاتلون بما يعم الإتلاف به، ولا تُغنم أموالهم، ولا تُسترقُّ نسائهم وصِبيانهم.
باب التعزير
حكم التعزير: واجب.
شروطه: 1- أن يكون في معصية، 2- أن يكون التعزير في معصية لا حدّ فيها ولا كفّارة، 3- أن يكون بغير مُحرّم ولا مُثْلة.
تعريفه: التأديب، والمقصود بالتأديب العقوبة والزجر.
باب الردّة
شروط حد الردة: 1- الكفر بعد الإسلام، 2- أن يكون من مُكلّف، فلا يُقام حد الردة على الصبي.
3- أن يكون مختارا، يخرج به المُكره.
أحكام المرتد
يُستتاب لمدة ثلاثة أيام فإن أصرّ ولم يتب يُقتل بالسيف.
ويأخذ المرتد جميع أحكام الكفار باستثناء أن المرتد يُمنع من التصرف في ماله فإن تاب رجع تصرّفه فيه، وإن قُتل فماله فيء يُصرف في مصالح المسلمين.
باب الأطعمة
الأصل في الأطعمة الإباحة ما عدا ما جاء فيه دليل مُحكم على التّحريم.
ما يحرمُ من الأطعمة
أولا: يحرمُ الدم، ثانيا: يحرمُ النجس، كشرب البول والدم.
ثالثا: كلّ ذي ناب من السباع يفترس به، كالثعلب والذئب، رابعا: كل ذي مخلب من الطير، كالنسر والصقر.
خامسا: ما أُمِر بقتله، سادسا: ما نُهيَ عن قتله، لأنّه لا يصلح أكله دون قتله فيحرم أكله.
سابعا: آكل الجيفة، ما يأكل الجِيف، ثامنا: المُستخبث، ما يستخبثهُ ذوو اليسار من العرب.
تاسعا: ما كان مضرًّا، كلّ ما كان مضِرا ويتحقق ضرره، عاشرا: الحمار الأهلي، أما الحمار الوحشي فقد وردت أدلة على جواز أكله.
الأصل في حيوانات البحر الإباحة إلا ثلاثة: 1- الحية، 2- التمساح، 3- الضفدع.
مسألة: ما قُطِع من الحي فهو كميتته، فحُكم هذا المنفصل كحكم ميتة هذا الحيوان، فالسمك ما قطع منه فهو مباح لأن ميتتها حلال.
مسألة: الجلالة: وهي التي تتغذّى على النجاسات، حكمها: حرام، إلا إذا حُبست ثلاثة أيام وأطعِمت الطاهر فتصير مباحة.
مسائل في الأطعمة
المسألة الأولى: ما يكره تناوله.
من المكروهات: الفحم، ومنها: التراب، ومنها: أُذن القلب، وهي قطعة متصلة بالقلب.
ومنها: الغدة، وهي: قطعة لحمية تكون بين الشحم، وليست متّصلة باللحم بل منفصلة بين الجلد واللحم وتكون مُحاطة بالشحم، ومنها: اللحم المُنتن.
المسألة الثانية: الضيافة.
حكمها: واجبة.
ويشترط أن تكون: للمسلم المجتاز بالقرية، ومدّتها: يوم وليلة.
المسألة الثالثة: الذكاة.
تجبُ الذكاة في الحيوان البري المقدورعليه غير الجراد والسمك.
شروط الذكاة
شروط المُذكي: 1- أن يكون عاقلا، 2- أن يكون مُسلما أو كِتابيا.
شروط آلة الذكاة: 1- أن تكون مُحدّدة تقتُل بحدها، 2- أن تكون غير السن أو ظفر.
شروط الذكاة: 1- قطع الحلقوم والمريء، والحلقوم: مجرى النفس، والمريء: مجرى الطعام.
2: التسمية عند الذبح، وهو شرط للذاكر دون النّاسي، فتسقط في حالة النسيان.
مسنونا ت الذبح ومكروهاته
سنن الذبح
منها: التّكبير، ومنها: استقبال القبلة، ومنها: أن تكون الذبيحة على شقها الأيسر.
ومنها: إسراع القطع، ومنها: حد الآلة، وذلك دون أن يراه الحيوان.
المكروهات
منها: توجيهه لغير القبلة، ومنها: أن يحدّها والحيوان يُبصره، ومنها: الذبح بآلة كالة غير حادّة لا تقطع بسرعة.
ومنها: سلخ الحيوان قبل أن تزهق روحه، ومنها: كسْر عنقه قبل أن تزهق روحه.
وذكاة الشارد غير المقدور عليه: تكون بجَرحه في أيّ موضع كان.
وتكون ذكاة الجنين بذكاة أمّه، فلا يلزم له ذكاة خاصة.
باب الصيد
شروط حِل الصيد
الشرط الأول: حِل الحيوان، الشرط الثاني: كونه متوحّشا، أما المُستأنس المقدور عليه لا يحِل صيده ورميه.
الشرط الثالث: كونه غير مقدور عليه، الشرط الرابع: كونه متوحشا أصلا، فيكون توحشه بالنظر إلى الأصل لا إلى الحال.
الشرط الخامس: أن يكون الصّائد من أهل الذكاة، الشرط السادس: أن تكون بآلة مُحددة كالسهم، وإن صاد بحيوان يُشترط أن يكون جارح معلم.
الشرط السابع: إرسال الآلة قاصدا، الشرط الثامن: التسمية عند الصيد.
باب الأيمان والنذور
المحلوف به: يحلف بالله أو صفة بصفاته أو بالمصحف.
شروط وجوب كفارة اليمين
الشرط الأول: أن يكون حلفه بالله أو صفاته أو بالمصحف، الشرط الثاني: أن يكون المحلوف عليه مُمكنا وأن يكون بالمستقبل.
الشرط الثالث: أن يكون الحالف مُختارا في الحلف فلا تنعقد يمين المُكره، وأن يكون مُختارا في الحِنث.
كفارة اليمين: إمّا إطعام عشرة مساكين، أو يكسوهم، أو تحرير رقبة وهذا على التخيير، فإن لم يجد فينتقل إلى الصيام فيصوم ثلاثة أيام متتابعة.
ولا تجب الكفارة في الحلف على أمر ماض كاذبا وهذا اليمين الغموس.
ولا تجب على من يظن صدق نفسه فبان خلافه، ولا تجب في لغو اليمين، ولغو اليمين ما يجري على لسانه لا يقصد به عقد اليمين.
باب النذر
تعريفه: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئا غير لازم بأصل الشرع.
الصحيح من النذر خمسة أقسام
النوع الأول: النذر المطلق، كقوله: لله علي نذر ولا يذكر شيئا، حكمه: عليه كفارة يمين.
النوع الثاني: نذر اللجاج والغضب، وهو تعليق نذره على أمر يَقصد المنع منه، أو الحث عليه، أو التصديق أو التكذيب، كأن يقول: إذا كلّمت فلانا فالله علي نذر أن أصوم شهرا، فقصده من النذر منع نفسه، حكمه: أن الشخص يُخيّر بين فعله أو كفارة اليمين.
النوع الثالث: النذر المباح، كأن يقول: لله عليّ نذر شُرب شيء كذا، -شيء مباح- حكمه: يخيّر بين الفعل أو الكفارة.
النوع الرابع: النذر المحرّم، ينذر معصية، كأن يقول: لله علي أن أشرب الخمر، حكمه: فيه كفارة يمين ولا يجوز الوفاء به.
النوع الخامس نذر التبرر، إما أن يكون منجّزا كأن يقول: لله عليّ أن أصوم يوم كذا، ولا يُعلقه على سبب، وقد يكون معلّقا بسبب، كأن يقول: لله عليّ نذر إذا نجحت أن أصوم كذا، حكمه: يجب الوفاء به، ويبقى في الذمّة.
باب القضاء
تعريفه: تبيين الحُكم الشرعي والإلزام به وفصل الحكومات.
الإفتاء: بيان للحُكم الشرعي دون إلزام، أما القضاء: فبيان للحُكم الشرعي مع الإلزام به.
نصب القاضي فرضٌ على الإمام، فلا يصلح أن يترك الناس بلا قضاة.
وضابطه: أن لا يخلو الإقليم من قاضي.
والإمام يجب أن يختار أفضل من يَعلمه دِينا وفَضلا.
شروط القاضي
1- أن يكون بالغا، 2- أن يكون عاقلا، 3- أن يكون مسلما، 4- أن يكون حرا، 5- أن يكون عدلا، 6- أن يكون ذكرا، 7- أن يكون مجتهدا، عالما بالفقه والأحكام الشرعية، 8- أن يكون بصيرا، 9- أن يكون سميعا، 10- أن يكون ناطقا، ليتمكّن من النطق بالحُكم.
آداب القاضي
بعض آداب القاضي من السنن، وبعضها من الواجبات:-
منها: أن يكونَ قويا من غير عُنف، ومنها: أن يكون لينا من غير ضعف، ومنها: الأناة، ومنها: الحِلم، ومنها: أن يكون فطنا، لأن لا يخدَعه بعض الخصوم، ومنها: المعرفة بأحكام من قبله.
ومنها: أن يكون حسَن الهيئة، ومنها: أن يكون مجلسه في وسط البلد وأن يكون المجلس فسيحا.
ومنها: أن لا يتخذ حاجبا ولا بوابا إلا لعذر، ومنها: العدل بين الخصمين، وهو ليس فقط في الحكم بل لا بد أن يعدل بين الخصمين في لحظهِ وفي لفظهِ وفي دخولهما وفي موقِفهما، أي مكان وقوفهما وجلوسهما.
ومنها: أن يحضر مجلسهُ الفقهاء ليُشاورهم فيما أشكل عليه، ومنها: أن لا يقضي القاضي حال تشوّش الذهن، وما يمنعُ من تحقيق العدل فيحرم حينها القضاء.
ما لا يجوز للقاضي
منها: مسألة الرشوة للقاضي، فقبول الرشوة أمر خطير على الإنسان أن يحذر منه.
الهدية للقاضي: لا يجوز قبول الهدية للقاضي إلا بشرطين: 1- أن تكون هذه الهدية مما يهاديه قبل ولايته، 2- أن لا يكون للمهدي خصومة.
مسألة: شروط قبول كتاب القاضي إلى القاضي، يُقبل كتاب القاضي إلى القاضي بشرطين:
الأول: إشهاد عدلين على هذا الكتاب، الثاني: أن يكون في حق آدمي، فلا يُقبل في الحدود.
باب القسمة
القسمة نوعان: النوع الأول: قسمة تراض، النوع الثاني: قسمة؟ إجبار.
القسمة: شراكة مِلك، تدخل في شراكة الأملاك، شيء مملوك لشخصين أو أكثر ونريد أن نقسمه عليهم، وهذا الشيء له احتمالان: الأول: أن يكون هذا الشيء يُمكن قسمته بينهم من غير ضرر على أي من الطرفين ولا حاجة إلى رد عوض بعد القسمة، مثاله: المكيل والموزون ونحوه. والثاني: ما لا يُمكن قِسمته من غير ضرر، أو رد عوض من أحد الطرفين، كما لو كانوا شركاء في سيارة أو شقة وأرادوا قِسمتها.
قسمة التراضي: ما لا ينقسمُ إلا بضرر أو رد عوض على الشريك، فهذه القسمة لا تكون إلا بتراضي الطرفين لأنها بيع، ويثبت فيها خيار المجلس.
قسمة الإجبار: ما يمكن قسمتهُ من غير ضرر ولا رد عوض على الشريك، وهي إفراز لا بيع، ولا يُشترط فيها التراضي.
ما لا ينقسم إلا بضرر: كالبيت والحجر والحيوان والسيف.
إن لم يتراضَى الأطراف من حقّ أي واحد منهم التوجّه للقضاء لطلب بيع هذا الشيء ويُقسم ثمنه عليهم.
مثال قسمة الإجبار، كالمكيل كالتمر، و كذلك الموزون كاللحم، كذلك الأرض الواسعة وهذا ليس
على إطلاقه، فقد تكون بعض الأراضي نصفها مميزا عن النصف الثاني فتكون قسمة تراضي.
باب الدّعاوى والبيّنات
تعريفها: إضافة الإنسان إلى نفسهِ استحقاق شيء في يد الآخر أو ذِمته.
البيّنة: العلامة الواضحة.
شرط المتداعيَيْن:
يُشترطُ أن يكونا جائزي التصرف، فلا بد على المدّعي والمنكِر أن يكونا جائزي التصرف، وجائز التصرف: الحر الرشيد المكلف.
شروط الشاهد
الأول: العقل، الثاني: أن يكون بالغا، الثالث: أن يكون مسلما، الرابع: أن يكون عدلا.
الخامس: يُشترط الحفظ، فلا تُقبل شهادة المخلط الذي ينسى، السادس: أن يكون مُتكلما، فلا تُقبل شهادة الأخرس، وهذا ليس على الإطلاق فإن أدى شهادته بخطهِ فتُقبل أما الإشارة فلا.
والعادلة يُعتبر فيها أمران: الأول: الدّين، ويدخل فيه أداء الفرائض بسُننها الراتبة، واجتناب المحارم، وهي اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر، الثاني: المُروءة، وهي فعل ما يُجمّله ويَزينه، وترك ما يُدنسه ويَشينه.
شهادة الأصول والفروع
من لا تقبل شهادتهم
النوع الأول: الأصول للفروع، والأصل: الأب وإن علا، والفرع: الابن وإن نزَل.
فلا تقبل شهادة الأصول للفروع، فإن في قلب الأصول من العطف ما يمنعُ من قبول شهادتهم، ففيها شُبهة تمنع من قبولها، وتُقبل شهادة الأصول على الفروع، فإن شهِد الأصل على الفرع تُقبل وهي قوية.
النوع الثاني: الفروع للأصول، ولكن أيضا تُقبل شهادة الفرع على الأصل.
النوع الثالث: أحد الزوجين للآخر، ولكن تُقبل شهادة أحدهما على الآخر.
النوع الرابع: من يجرّ لنفسه نفعا، أو يدفع عنها ضررا.
النوع الخامس: شهادة العدوّ على عدوه، فلو شهد العدو لصالحِ عدوّه فتُقبل.
عدد الشّهود
منه ما شرطهُ أربعة رجال، وهو في شهادة الزنا.
ومنه ما شرطه ثلاثة رجال، وهو الغني إذا ادّعى الإعسار.
ومنه ما شرطه رجلان، وهي ما ليس بمال، ولا يُقصد به المال، كالحدود والطلاق والنكاح.
والمال يُقبل فيه شهادة رجلان، ويقبل فيه رجل وامرأتين، ويُقبل فيه شهادة رجل مع يمين المدّعي، وهذا في المال وما يُقصد به المال كدعوى قتل الخطأ.
تقبل شهادة امرأة واحدة عدل فيما لا يطلع عليه الرجال غالبا.
الشهادة على الشهادة
الشهادة على الشهادة: معناها أنّ الذي يحضر عند القاضي ليسَ هو شاهد الأصل الذي حضر القضية، هو شاهد يشهد أنّ فلانا يشهد أن فلانا اشترى البيت مثلا.
وتقبل بشرطين: 1- أن تكون في حقوق الآدميين، 2- أن تتعذّر شهادة الأصل، بموت أو سفر بعيد ونحوه.
باب الإقرار
الإقرار: الاعتراف بالحق.
ثمرته: هو حجة قاصرة على المُقِر يُؤخذ به المقر بما أقرّ به على نفسه.
شروط الإقرار
الشرط الأول: أن يكون مكلفا، الشرط الثاني: أن يكون مُختارا، الشرط الثالث: أن يكون رشيدا، الشرط الرابع: أن يكون حُرا.
يُقبل إقرار الصحيح في الشروط السابقة على الإطلاق.
إقرار المريض
إقرار المريض مرض الموت على نوعين:
النوع الأول: إقراره لأجنبي، أي شخص غير وارث، فيُقبل منه.
النوع الثاني: إقراره بمال لوارث، فلا يُقبل منه.
تضمنت الخاتمة وصف النظم فوصفه أنه: حاوٍ، وذكر أن عدد الأبيات 888، وذكرَ أنه شمِل مُعظم
الأبواب، وليس كلها فقد أسقط باب الفرائض فله منظومة مستقلّة بذلك.
ووصف نظمه أنه: سهل المَنال، وواضح المعاني، وأنه اشتمل على لطائف المعارف والفوائد.
تمَ بحمد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق