كتاب الجنايات
وهي: جمع جناية، وتعريفها: التعدّي على البدَن بما يوجِب قصاصا أو مالًا.
القتل إما أن يكون: عمدا وإما شبه عمدٍ وإما خطأ.
قتل العمد
ويختص بالعَمد القود به -والقود القصاص- إذا طلب وليّ الدم ذلك.
وتعريفه: أن يقصِد من يعلمَهُ آدميًا معصومًا فيقتلهُ بما يغلِب على ظنّه الموت به.
فلو ضربه بما لا يقتل بالغالب فلا يُعتبر قتل عمدٍ، وكُلّ ما له نفوذ في البدن فهو غالبا يَقتُل.
والصور التي يغلب على الظن الموت بها كثيرة.
شبه العمد
وشبه العمد أن يقصد جنايةً لا تقتلُ غالبًا ولم يجرحهُ بها، والمذهب: أن ما له نفوذ ويجرح فهو يلحق بما يقتل غالبا.
ومثال قتل شبه العمد: ضربه بسوط أو عصا فإن مات منه فيكون هذا القتل شبهَ عمد.
الخطأ
والخطأ أن يفعلَ ما له فعله كرميِ صيْد ونحوه، فيُصيب آدميا، فهُنا ليس هناك قصدُ قتل، ولا تعمّد إصابة، وعمد صبي ومجنون خطأ .
وإن ادّعى إنسانٌ أنه لم يقصد القتل أو أنه أخطأ فلا يُقبل منه حُكمـًا، حتى يُثبت أنه قصد الطيْر أو نحو ذلك.
ويقتل عددٌ بواحدٍ، كما لو قتل ثلاثةٌ واحدا، وإن حصل عفو من أولياء الدم فتجبُ دية واحدة.
ومن أكْره مكلّفا على قتل معين فالأول: مكرِه والثاني: مكلّف اقتُصّ من الاثنين لأنّ الأوّل متسببْ، والثاني أراد أن يُخلص نفسه، ولو أمَر المكلف فقط بلا إكراه فيُقتص من المُكلّـف فقط.
ولو أكرهَـهُ على أن يُكرِه به فعلى الجميع القود أو الدية.
ولو أمرَ به غير مكلف فيُقتصّ من الآمر كذا لو أمر من يجهل تحريم القتل أو كان الآمرُ سلطانًا ظُلمًا -أمرَ من جهل ظلمهُ فيه- فإنّ القصاص يلزم الآمر فقط.
وللقصاص أربعة شروط:
الأول: تكليف قاتل، فلا بُـدّ أن يكون بالغا عاقلا.
الثاني: عصمة مقتول، فلو كان حربيًا فلا يقتصّ من أجله.
الثالث: مكافئتهُ لقاتل بدينٍ وحريةٍ، فلو كان أنقصَ فلا يُقتل به كما لو قتل المُسلم كافرا فلا يُقتل به.
الرابع: عدم الولادة، فلو كان القاتل أبا للمقتول فلا يُقاد الوالد بالولد كذلك الأم والجدة .
ولاستيفائه ثلاثة شروط -استيفائه يعني تنفيذه-
الأول: تكليف مستحق له-ورثة المقتول- فلا بد أن يكونوا جميعهم بالغين عاقلين.
الثاني: اتفاقهم جميعا على القصاص، فلو أسقطه واحد فلا ينفذ القصاص.
الثالث: أن يؤمَن في استيفائه تعديهِ لغير جانٍ كما لو كانت القاتلة امرأة حامل.
ويُحبَس -القاتل- لقدوم غائب، وبلوغ صبي، وإفاقة مجنون -أي من ورثة المقتول-.
ويجب استيفاء القصاص بحضرة حاكم أو نائبه، وبآلة ماضية، وإذا كان في النفْس فيُضرب العنق بالسيف.
ويجبُ بعمدٍ القود أو الدّية فيُخيّر الولي والعفو مجانا أفضل.
ومتى اختار الدية تعيّنت ولا يستطيع الرجوع عن القصاص، ولو أسقطها وطلب العفو فيصح ويُقبل.
ولو عفا مطلقا ولم يُحدد فتتعيّن الدية، أو هلكَ جانٍ فتتعيّن الدية.
ومن وكّل -بطلب القصاص- ثم عفا -الأصيل-ولم يعلم وكيل حتى اقتصّ فلا شيء عليهما.
وإن وجَب لقنٍّ قود أو تعزير قذف فالذي يُطالب بالقصاص العبد وليس السيد وإن مات فلسيده المطالبة.
و القود: فيما دون النفس، فالقود فيها كما لو كان الاعتداء قطع يد فلا بد من تكليف الجاني، والمكافئة وغيرها من الشروط السابقة.
والقود فيما دون النفس نوعان:
النوع الأول: في الطرف، فيُؤخذ كل من عينٍ وأنف وسن ونحوها بمثله بشرط مماثلة وأمِنٍ من حيث-ظلمٍ- بالقطع من مفصل أو الانتهاء إلى عظم واستواء في صحة وكمال.
النوع الثاني: في الجروح بشرط انتهائها إلى عظم، كموضحة وهي: إذا جَرح الإنسان غيره برأسه أو غيره وظهر العظم.
ويُشترط ضمان سراية الجناية -أي التعدّي فيها- فيضمن ما ترتّب على جنايتهِ لا قود فلا تضمن سراية القود، ولا يقتص عن طرف وجرح قبل البرء ولا يُطالب لهما بالدية.
كتاب الديات
دية العمد على الجاني، وشبه العمد والخطأ على عاقلته، وهم: الذكور من عصبته.
من قيّد حرًا مكلفًا أو ربطهُ أو غصبَ صغيرا فتَلِف بحيّة أو صاعقة فعليه الدية لا إن ماتَ بمرض أو فجأة.
وإن أدّب المرأة بنشوزٍ ولم يُسرِف فليس عليه دية، وكذا معلّم صبيه وسلطان رعيته فلا ضمان بتلفٍ من ذلك.
ومن أمَر مكلفًا أن ينزل بئرا أو يصعد شجرة فلا يضمن.
ودية الحر المسلم: مائة بعير، أو ألف مثقال ذهبا، أو أثنى عشر ألف درهم فضة، أو مائتا بقرة، أو ألفَ شاة، فيُخيّر من عليه دية بيْن هذه الأشياء.
ويجب في عمدٍ وشِبهه من إبل ربع بنت مخاض، وربع بنت لبون، وربع حقة، وربع جذعة، وفي الخطأ خمس ثمانون من المذكورة، وعشرون بنت مخاض .
ومن بقر نصف مسنة، ونصف تبيعات، ومن غنم نصف ثنايا، ونصف جذعة، وتُعتبر السلامة لا القيمة.
ودية أنثى: نصف دية رجل من أهلها، وجراحها تساوي جراحه فيما دون ثلث ديته، فما قبل الثلث تتساوى به مع الرجل.
ودية كتابي: مثل دية المرأة المسلمة، ومجوسي ووثني ثمان مائة درهم ، ودية رقيق قيمته، ودية جنين حرة غرّة -عبد أو أمة- قيمتها عشر دية الأم.
وإن جنى رقيق خطأ أو عمدا، أو أتلف مالا لغيرٍ خُيّر سيّد بيّن دفع الدية وإما أن يسلّم العبد لأصحاب الجناية فيبيعونه.
وكل ما كان في الإنسان عضو واحد ففيه الدية كاملة، وما فيه اثنان فتنقسم الدية على الاثنين وهكذا.
وإذا أتلف الظفر ففيه بعيران، وكل حاسّة لوحدها فيها الدية، وتجب كاملة بكل حاسة كما لو أذْهب عقله أو
كلامه أو منفعة المشي أو النّكاح .
وفي كل من شعر الرأس والحاجبين وأهداب العينين واللحية دية كاملة وحاجب نصفها، وهدب ربعها، وشارب حكومة، وما عاد-من هذه الشعور- سقط ما فيه، فليس فيه شيء، فالكلام إذا أزِيلت هذه الشعور ولم تنبتْ مرة ثانية فإن فيها الذي ذُكر.
وفي عينِ الأعور الدية كاملة، والمقصود الذي لا يرى إلا بعين واحدة، فإذا فقعنا هذه العين الواحدة معناه أذهبنا عنه منفعة البصر، فلذلك تجب فيها دية كاملة، وإن جاء شخص صحيح فقلع عين الأعور فأفقده البصر، أقيد بشرطه أي: إذا طلب القصاص، فتقلع عين الصحيح اليمنى، فأصبح الأعور لا يرى والجاني بقيت له عين واحدة، وعليه أيضا نصف الدية، لأن عينه تساوي دية كاملة.
ومقطوع اليد كغيره، فلا نُعامله كالأعور، فليس فيها إلا نصف الدية، وذلك لأنّ عين الأاعور ستذهب منه البصر، لكن بالنسبة للأقطع لا تذهب منه منفعة كاملة.
ديات الجروح
وفي الموضحة: -وهي جرح في الرأس أو الوجه يصل إلى العظم-هو بالخيار إمّا أن يقتص، أو يأخذ خمسة من الإبل.
وفي الهاشمة: عشر من الإبل -وهي: توضح العظم وتهشِمه- عشر من الإبل، وليس له الخيار.
وفي المنقّلة: خمسة عشر -وهي: هاشمة وزيادة وتنقل العظم من مكانه وتحركه-
وفي المأمومة: ثلثُ الدية -وهي: التي تصل إلى جلدة الدماغ- وكذا الجائفة -الجرح الذي يصل للجوف كالبطن والحلق والظهر- والدامغة: -وهيالتي تصيب الدماغ وتخرق جلدة الدماغ- ففيها ثلث الدية.
وفي الخارصة: -وهي: التي تشق الجلد ولا تُدميه- والبازلة: -وهي: التي تَشق الجلد ويظهر الدم-، والباضعة: -وهي: التي تشق اللحم، والمتلاحمة: -وهي: التي تقطع الجلد وتغوصُ به ولا تصل للعظم- والسمحاق: -وهي: التي تصل لقشرة العظم- كل هذه الأشياء فيها حكومة.
والحكومة: نقدّر في الشخص ما لو كان عبدا كم تنقص من قيمته.
وعاقلة الجاني: وهم ذكور عصبته نسبا وولاءً، ولا عَقل على فقير وغير مكلف ومخالف دين جان.
ولا تتحمّل العصَبة عمدًا ولا عبدا ولا صُلحا عن إنكار، ولا اعترافا-تنكرهُ العاقلة-، ولا ما دون ثلث الدية.
ومن قتل نفسًا محرّمة غير عمد أو خطأ أو شارك فيه فعليه كفارة، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ويكفّر عبد بالصوم فقط.
باب القسامة
وهي: أيمانٌ مكررة في دعوى قتل معصوم.
مثاله: لو وجِد رجلٌ مقتول بمكان واتهُم بقتله قبيلة أخرى بسبب خلاف فإن تأكدوا من ذلك فيأتي أولياءه -الذكور فقط-فيحلفون خمسين يمينا بأنّ فلانا قتل ولدنا ويستحقونّه فإن نكلوا أو كان أولياء هذا المقتول كلهم نساء حلف مدّعى عليه ويبرأ.
فإن لم يحلفوا-أي أولياء المقتول- فليسَ لهم القصاص ويبرأ الآخرون بأن يحلفوا هم.
كتاب الحدود
الحد تعريفه: عقوبات مقدّرة شرعا في معاص لتمنع منَ الوقوع في مثلها.
ولا تجب إلا على مكلف ملتزم -المسلم والذمي- بخلاف الحربي المُستأمن فإنّه ليس بمُلزم بأحكام الإسلام- عالما بالتحريم.
وعلى إمامٍ ونائبه إقامتها، ويُضرب الرجل قائما بسوط لا خَلق ولا جديد، ويكون عليه قميص أو قميصان، فلا يُجرّد من ملابسه ولا تكون عليه ملابس كثيرة بحيث لا يتألم.
ولا يبدي ضارب إبطه، ويسن تفريقه على الأعضاء فلا يُضرب بمنطقة واحدة.
ويجبُ اتّقاء الوجه والرأس والفرج والمَقتل، لأنّ الضرب في هذه الأماكن له أثر وخيم.
وامرأة كرجل إلا أنّها تُضرب جالسة لأن لا تنكشف وتُشدّ عليها ثيابها ويُمسك بيدها.
ولا يُحفر لمرجوم، ومن ماتَ وعليه حدٌّ سقَط .
حد الزنا
يُرجم زان مُحصن حتى يموت، وغيره يُجلد مائة ويغرّب عاما، والعبد نصفه ولا يغرّب لحقّ سيده.
والمحصن هو من: وطأ زوجته في نكاح صحيح في قُبلها ولو مرّة، وهما حرّان مكلّفان.
شروط حد الزنا ثلاثة:
الشرط الأول: تغييب حشَفة أصليّة في فرج أصلي لآدمي ولو دُبرا، الشرط الثاني: انتفاء الشُّبهة كما لو قال ظننتها زوجتي فهي شبهة تَدرأ عنه الحد.
الشرط الثالث: ثبوتهِ بشهادة أربع رجال عدول في مجلس واحد بزنا واحدٍ مع وصفه –وصفا دقيقا- أو إقراره أربع مرّات مع ذكر حقيقة الوطء بلا رجوع، لأن رجوعه شبهة.
حد القاذف
من قذّف مُحصنا فيُجلد حر ثمانين ورقيق نصفها.
والمحصن في القذف: الحر المسلم العاقل العفيف، وشرِط كون مثله يطأ.
باب التعزير
وهي: التأديب وهي عقوبة غير مقدّرة شرعا.
كل عقوبة لم يُقدّر فيها الشارع عقوبة معيّنة ففيها التعزير.
فتجب لكل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة، ومرجعهُ لاجتهاد الإمام.
حد الخمر
كل شرابٍ مُسكر يُحرم مطلقا إلا في حالة واحدة وهي: أن يدفع لُقمة غصّ بها مع خوف تلف.
فلو شرب الخمر أو احتقنَ به مسلم مكلف مختارا عالما أنّ كثيره يُسكر حُدّ حر ثمانين وعبد نصفها.
ويثبتُ بإقراره مرة كقذف، فلو أقرّ أنهُ شرب الخمر مرة واحدة يُقام عليه الحد.
حد السرقة
وهي: أخذ المُلتزم نصابا من حرز من مال معصوم لا شُبهة فيه على وجه الاختفاء.
يقطع السارق بثمانية شروط :-
الأول: كونه أخذ مال معصوم خفية، الثاني: كون السارق مكلفًا مختارًا عالما بمسروق وعالما بتحريمه، الثالث: كون المسروق مالا محترمًا.
الرابع: كونه نصابا وهو ثلاثة دراهم فضة أو ربع مثقال ذهب أو ما كان قيمته كأحدهما.
الخامس: إخراجه من حرز مثله، وحرز كل مال ما حُفظ به عادة.
السادس: انتفاء الشبهة، السابع: ثبوت السرقة بشهادة عدليْن أو إقراراه مرّتين.
الثامن: أن يُطالب رب المال به –بالمال أو الحد-أو وكيله أو وليّه.
فإذا وجب الحد قطعتْ يدُه اليمنى من مفصل كفّه وحسمت-في زيت مغلي لتنسد أفواه العروق-فإن عاد للسرقة قطعت رجله اليُسرى من مفصل كعبه وحسِمت فإن عاد حُبس حتى يتوب أو يموت.
ومن سرق ثمرا أو ماشية من غير حِرز غرِم قيمته مرتين، ولا يقطع بزمن المجاعة -يعتبرونها شبهة-
باب قطاع الطرق
وهم: الذين يَعرِضون للناس بالسلاح فيَغصِبون الناس مجاهرة.
من قتل -قاطع الطريق-مكافئا أو ولده وأخذ المال فعقوبته أن يُقتل ثم يُصلب، ولا يقتل بغير مكافئ ككافر وعبد، ومن قتَل فقط قُتل ولا صلب.
ومن أخذ المال فقط قُطعت يده ورجله من خلاف وحُسمت، وإن أخافَ السبيل فقط، نُفي وشرّد.
وشرط ثبوت قطع الطريق ببيّنة-الشهود- أو إقرارٍ مرّتين، وشُرِط أن يسرق المال من حرز ونصاب.
ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقطَ عنه حق الله تعالى وأُخذ بحق الآدمي.
حقّ الله النفي وقطع اليد والرجل من خلاف، وحقوق الآدميين القتل وقطع الأطراف وأخذ المال.
ومن وجب عليه حَدٌ لله فتاب قبل ثبوته سقط، فلا يلزم كل من ارتكب حدا أن يذهب للقاضي ليُقيم عليه الحد.
ولو صالَ عليك إنسان يريد قتلك أو أخذ مالك أو أهلك ولم يندفع إلا بالقتل قُتِل ولا ضمان.
أحكام البغاة
البغاة هم: ذو شوكة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ، وإن كان ليس سائغا فهم قُطّاع طُرق .
فيلزم الإمام مُراسلتهم ليفهم شُبهتهم، وإزالة ما يدّعونه من شبهة ومظلمة، فإن فاءوا فبِها وإلّا قاتلهم قادر، وتجبُ على رعيّته معونته.
والمرتدّ هو: من كفر طوْعا ولو مميّزا بعد إسلامه.
فمنِ ادّعى الردّة أو سبّ الله ورسوله أو جحدَه أو جحدِ صفة من غير تأويل أو أنكر كتابًا أو رسولا أو ملَكا أو إحدى العبادات الخَمس، أو حكما ظاهرا مُجمعا عليه كفر.
حكمه: يُستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قُتل.
ولا تُقبل ظاهرا-في الدنيا-توبةٌ لمن سب الله أو رسوله، فمن كفر بهذا فهذا لا يُقبل منه الرجوع والتوبة في الظاهر يقولون: تعظيما لحق الله ورسوله، لكن في الباطن إن كان صادقا في توبته قبلت منه، وإذا تكررت ردّته فلا تقبل منه توبة، ولا من منافق لأننا لا نأمن أن توبته نوع من نفاقه.
ولا تُقبل من ساحر يكفر بسحره، ولا من الذي يعبد الجن ويتقرّب لهم.
وشروط صحّة التوبة: إقلاع وندم، وعزم على عدم العودة، ورد المظلمة، وليس من شروط التوبة: الا استحلال من الغيبة والقذف.
أحكام الأطعمة
الأطعمة: كل ما يُؤكل ويُشرب.
كل طعامٍ طاهر لا مضرّة فيه حلال أصلهُ الحل، وحَرُم نجس -كدمٍ وميتة- ومُضِرّ-كسمٍّ-، وحرمَ من حيوان برٍّ ما يفترسُ بنابهِ كأسد ونمر ونحوه لا ضبع، لأنه ورد الترخيص فيه، وحرم من طير ما يصيد بمخلبٍ، كعقاب وصقر وما يأكل الجيف، وما تستخبثه العرب ذو اليسار، وما تولّد من مأكول وغيره كبغل .
ويباح حيوان بحر سوى ضفذع وتمساح وحية.
ومن اضطر أكل وجوبا من محرمٍ غير سم، ويأكل ما يسدّ رمقه لا حتى الشبع.
ويلزم مسلما ضيافة مسلمٍ مسافر في قرية وليس في مصر، يوما وليلة قدر كفايتهِ، وتسنّ ثلاثة أيام.
أحكام الذكاة
تعريف الذكاة: ذبح أو نحر مقدور عليه مباح أكله من حيوان يعيش في البرّ، لا جراد ونحوه، بقطع حلقوم ومريء أو عقر إذا تعذر.
لا يباح حيوان يعيش في البر ونحوه إلا بذكاة باستثناء الجراد ونحوه، وأما حيوان البحر فليس فيه ذكاة مطلقا.
شروط الذكاة
الشرط الأول: كون الذابح أهلاً للذبح-العاقل المميز- صاحب الدين أي: إمّا مُسلم أو كتابي، وما سوى ذلك لا تصح ذبيحته.
الشرط الثاني: الآلة، وهي: كلُّ محدّد غير سن وظفر، الشرط الثالث: وهو شرط في البهيمة ما يُقطع منها، وهو حلقوم ومريء، والحلقوم مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام، ويسنّ قطع الأوداج ولا يجب، فالمذهب يوجب قطع الحلقوم والمريء فقط، وما سوى ذلك يسن قطعه.
وما عُجزَ عنه كواقع في بئر، ومتوحّش، ومتردٍّ-أي ساقط في حفرة- يكفي جُرحه حيث كان، إذا تعذّر قطع الحلقوم والمريء، وإن أعانه غيره أي: أنت تجرحه في أي مكان فلما أصبته أنت أصابه غيرك، كأن يجده ساقطا في الماء فقد يكون مات من الغرق وقد يكوت مات من رميه، فإذا اشتبه فلا يجوز ولا يحل.
الشرط الرابع: قول بسم الله عند تحريك يده بالذبح، وتسقط سهوا لا جهلاً.
وكُره أن يَذبح بآلة غير حادة وأن يحدّها بحضرة الحيوان، وسلخٌ قبل زهوق الروح ونفخ لحم للبيع.
وسنّ توجيههِ إلى القِبلة على الشق الأيسر ورفق به وتكبيرٌ.
باب الصيد
تعريف الصيد: اقتناص حيوان حلال متوحّشٍ غير مقدور عليْه ولا مملوك، وهو: مباح.
شروط الصيد أربعة
الشرط الأول: كون صائد من أهل الذكاة، وهو العاقل المميز، مسلم أو كتابي.
الشرط الثاني: الآلة، والآلة في الصيد هي الآلة في الذكاة وزيادة، فنضيف إليها الحيوان سواء كان كلبا أو طيرا، فهو حيوان معلّم جارح، ونعرف بأنهُ معلّم بأن يسترسل إذا أُرسل، وينزجرَ إذا زجر أي يرجع إذا رَددته، وإذا أمسك فلا يأكل، ولا يضر أكل الطير إذا أمسك.
الشرط الثالث: إرسال الآلة قاصدا فلو استرسل جارحٌ بنفسهِ فقتل صيدا لم يحل، لأن شرط القصد اختلّ.
الشرط الرابع: التسمية الرمي، أو عند الإرسال ولا تسقط بحال، وسن تكبيرٌ معها، ومن أعتق صيدا أو أرسل بعيرا أو غيره لم يَزُل مُلكه عنه.
باب الأيمان
وهي: توكيد الحكم المحلوف عليهِ بذكر معظّم على وجه مخصوص .
تحرمُ الأيمان بغير الله، فتحلّ بالله أو صفة من صفاته أو القرآن، فمن حلف وحنثَ أي خالف اليمين وجبت عليه الكفارة.
شروط وجوب الكفّارة
الأول: قصد عقد اليمين، فاليمين الذي يجرِي على اللسان بغير قصد فلا كفارة فيه وهو يمين اللغو.
الثاني: كونها على مستقبل، فلا تنعقد على ماض كاذبًا عالما بكذبه وهي: الغموس ولا كفارة فيه وعليه إثم.
ولا كفارة على من علّق الحنث على فعل مستحيل، ولا على من ظنّ صدق نفسه.
الثالث: كون حالف مختارا، فلا يكفّر من حلف مُكرهًا، الرابع: حنثه-المخالفة- بفعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله بشرط أن يكون مختارا عاًلما ذاكرا.
ويجب الحنث إن كانت اليمين على فعل محرّم، ويكره برٌ إن كان على فعل مكروه، أو ترك مندوب، ويجبُ البر إن كانت اليمين على فعل بر ويحرم الحنث.
وإن حرّم حلالًا غير زوجة لم يَحرم، وعليه كفارة يمين إن فعله.
وتجبُ الكفارة فورا بحنث وهي :إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم-كسوة تصح فيها صلاة فرض-أو عتق رقبة، فإن عجز فينتقل لصيام ثلاثة أيام متتابعة.
ويُرجع في اليمين إلى نيّة الحالف بشرط أن يكون ليس ظالمًا ولفظه يحتمل النيّة.
وأولُ ما نُفسر به اليمين وما يرجع إليه نيّته، فإن لم يكن عنده نية فالسبب، فإن لم يكن عنده سبب فنلجأ إلى التعيين، هل عيّن بلفظه شيئا معيّنا؟ ، فإن لم يُعيّن فنلجأ إلى الحقيقة الشرعية، فإن لم يكن فالحقيقة العُرفية، فإن لم يكن فاللغويّة.
باب النذر
وهو: إلزامُ مكلف مختار نفسه بأمر ليسَ لازما عليه بأصل الشرع.
والنذرُ مكروه، ولا يصح إلا من مكلف، وهو أنواع:
النوع الأول: النذر المُطلق، كقوله: لله عليّ نذر إن فعلت كذا -إن أطلق ولم يُعيّن ولم ينوي- وتجبُ عليه كفارة يمين إن فعله.
النوع الثاني: نذر لجاج وغضب، وهو: تعليقهُ بشرط يقصد المنع منه أو الحمل عليه، كقوله: إن كلمتك فعليّ كذا، فيُخيّر بيْن فعله وكفارة يمين.
النوع الثالث: نذر مباح، كأن يقول: لله علي أن أُعشّى فلانا أو ألبس الثوب، فيُخير بين الفعل وبين كفارة اليمين.
النوع الرابع: نذر مكروه، كأن يقول: لله علي أن أطلّق، فإما أن يفعل، وإمّا أن يكفّر كفارة يمين والتكفير أوْلى.
النذر الخامس: نذر المعصية، كشرب الخمر، فيَحرم الوفاء ويلزمه التكفير.
النوع السادس: نذر التبرّر، كصلاة وصيام بقصد التقرب مطلقا، أو معلقا بشرط كأن يقول:إن شفى الله مريضي فلله علي كذا، فيلزمه الوفاء به.
ومن نذر التصدّق بكل ماله أجزأه ثُلثهُ، أو نذر صوم شهر ونحوه يلزمه التتابع، لا إن نذر أياما، كقوله: لله عليّ أن أصوم ثلاثين يوما، فلا يلزمه التتابع.
ويسنّ للإنسان الوفاء بالوعد وحرُم الوعد بلا استثناء، وهو قوله: إن شاء الله.
كتاب القضاء
وهو: تبيين الحكم الشرعي والإلزام به.
وهو: فرض كفاية كالإمامة.
فيُنصِب الإمام بكل إقليمٍ قاضيا، ويختار أفضل من يجد عِلمًا وورعًا، ويأمره بالتقوى وتحرّي العدل.
وإذا تعيّن القاضي وكانت ولايتهُ عامّة، -فليس خاصا في جزء معيّن- فتفيد هذه الولاية العامة فصل الحكومة وأخذ الحقّ ودفعه لربه، والنظر بأموال اليتيم والمجنون والسفيه والغائب والأوقاف الموجودة وغير ذلك، ويُمكن أن تكون ولايته عامّة في الأحكام، أي يقضي في كل المسائل، وعامّة في البلاد، فإذا قاضٍ في جميع البلاد، وفي جميع الأحكام.
وقد يكون خاصا، فيولّيه الإمام عمومَ النظر في بلد خاص فهو يحكم في كل المسائل لكن في بلد خاص، والصورة الثانية: أن يكون خاصا في النظر لكن عاما في العمل كأن يكون قاضيا في جميع المملكة لكن لكن خاصا بالأنكحة فقط.
وشرط كون قاض: بالغًـا عاقلا ذكَرا حرا مسلما عدلا سميعا بصيرا متكلّما مُجتهدا في الأحكام ولو في مذهبِ إمامه.
وإن حكّمَ اثنان بينهما رجلًا يصلح للقضاء نفذ حُكمه في كلّ ما ينفذ حُكم قاض ولّاه إمام.
وسُنّ كونُ القاضي قويًا بلا عُنف، وليّنا بلا ضعف، حليما متأن فطينا عفيفا.
ويجبُ عليه العدل بيْن المُتحاكمين في لفظه-كلامه-، وفي لحظه-نظره-، وفي مجلسه، ودخولٍ عليه.
وحرم القضاء وهو غضبان، أو وهو حاقن، أو في شدّة جوع أو عطش أو همٍّ أو برد أو حرٍّ ونحوه.
وحرم عليه قبول رشوة وهدية إلّا ممن كان يُهاديه قبل ولايته، وبشرط أن لا يكون لهذا الذي يُهدي له خصومة.
ولا ينفذُ حكم القاضي على عدوه ولا لنفسهِ، ولا لمن لا تقبلُ شهادته له لأنه متّهم في كلّ هذا.
ومن استدعى عند القاضي على شخص-اشتكى عليه- في البلد بما تتبعه الهمة لزم القاضي إحضاره، وهناك حالات لا يلزم القاضي إحضارها كما لو كانت الدعوة على امرأة غير برزة –وهي المرأة التي لا تخرج للناس- فتُوكّل من يقوم بالحضور عنها كمريض وغيره، وإن احتاج يمِينها فيُرسل إليها من يسمع يمينها في بيتها لأنه لا يصح التوكيل في اليمين.
وشرِط كون مدعٍ ومُنكِرٍ جائزي التصرّف، وتحرير الدّعوى، أي أن تكون الدعوى بيّنة، فيُحدد الدعوى؛ أمّا أن يُطالب بشيء غير محدد فلا يجوز.
وشُرطَ علمُ مدّع به، فلا بد أن يُطالب بشيء معلوم، وهناك حالات تصح أن تكون بالمجهول كالوصية.
وإن ادّعى عقدًا ذكَر شروطه، أو وارثا ذكر سببه وبأيّ شيء يرث..
وإذا حرر المدّعِ دعواه -بيّنها-وأقرّ الخصم حُكَم عليه بسؤال مدّعٍ، وإن لم يُقر وكان عنده شهود، فإن أحضر الشهود حكم القاضي بالبينة وهي الشهود.
وأحضر المدعي الشهود فيحكم على المُدعى عليه بالبينة.
وإن أنكر ولا بيّنة مع المدّعي فقول مدعى عليه بيمينه ولا شيء عليه، وإن نكل عن اليمين حُكم عليه بسؤال مدّعٍ بمال وما يُقصد به، فلا يُحكم بالنكول إلا بالمال وما يُراد به المال، وحقوق الله لا يوجّه إليه فيها يمين.
ويُستحلف في كل حق آدمي سوى النكاح والرجعة ونسب ونحوه، لأنا لا نتوجّه إليه بيمين إلا بما نقضي عليه بالنكول.
واليمين المشروعة بالله وحده أو بصفة من صفاته.
وشرِط في بيّنة -الشهود-العدالة الظاهرة، وفي غير عقد النكاح باطنا أيضا.
وشرط في مزكٍ -مزكي الشهود- معرفة العدالة وما يَجرحها، ومعرفتهم معرفة باطنة، ومعرفة حاكم عدالته-أي المزكي- الباطنة.
وتُقدَم بيّنة جرح لأن الذي يجرح جاء بحكم زائد فيُقدّم على التعديل.
ولا يُقبل في التّزكية وفي الجرح ونحوه إلّا رجلان.
ومن ادّعى على غائب-مسافة قصر-، أو مُستتر في البلد، أو ميتٍ أو غير مكلف، وللمدّعي بينة، سُمعت وحُكم بها في غير حق الله ولا تسمع على غيرهم حتى يحضر.
ولو رُفع للقاضي حُكم فإن كان لا يرى الحكم الذي رُفِـع إليه وكان مختَلفًا فيه فلا يُنقض الحكم، وإن كان متفقا على بطلانه فينقضهِ.
ويُقبل كتاب القاضي إلى القاضي -لينفّذ الحكم- في كل حق آدمي ، وإن كان لم يحكم الأول وإنما كتب الشهادات للقاضي الثاني ليحكم فإن كانا في بلد واحد فلا يصح وإن كانا في بلدين فيُقبل.
باب القسمة
وهي: تمييز بعض الأنصباء عن بعض.
تنقسم إلى : قسمة تراض، وقسمة إجبار.
إذا اشترطنا الرضا فهي قسمة التراضي وهي: إذا كان الشيء الذي سيُقسم لا يُقسم إلّا بضررٍ يقعُ على أحدِ الطرفيْن، فهنا لا بدّ من الرضا، لأنه لا يمكن أن نقسم بالإحبار ونُجبر أحد الطرفين أن يتحمّل الضرر فلا يصح، أو نحتاج في القسمة أن يردّ أحد الطرفين إلى الثاني عوضا.
وقسمة التراضي بيْع يُشترط فيها ما يشترط في البيع، فإن أبى الطرف الآخر، بيعَ ويقسم الثمن عليهما.
وقسمة الإجبار وهي: ما لا ضرر فيها، ولا ردّ عِوض، كمكيل ودور كبار، فيُجبر الشريك على هذه القسمة، والسبب أنه لا ضرر فيها ولا ردّ عوض.
ويَقسم حاكم على غائب بطلب شريكٍ أو وليّه، لأنها إفراز ولا ضرر فيها على الغائب.
وشرط كون قاسمٍ مسلمًا عدلًا عارفا بالقسمة ما لم يرضوا بغيره.
كتاب الشهادات
وهي: إخبار الإنسان بما عَلِمه بلفظ خاصٍ كأشهد.
ولها حُكمان حكم في التحمّل، وحُكم في الأداء.
تحمّلها في حقوق الآدميين فرض كفاية، لأنّه إذا امتنعَ الناس من تحمّلها ضاعت حقوق الناس.
وأداؤها بعد التحمّل فرض عيْن مع القدرة بلا ضرر، وحرُم أخذ أجرة وجُعلٍ عليها، لا أجرة مركوب فله أخذ أجرة مركوب لمتأذٍ بمشيٍ.
ويحرم أن يشهد بما لا يعلم، ويكون العلم إما بالرؤية، أن يرة بنفسه الحدث الذي سيشهدُ عليه، أو سماع؛ غن كانت الشهادة بشيء مسموع، أو استفاضة، فللإنسان أن يشهد بما اشتهر به بشرطِ أن يكون عن عدد يقع به العلم-أي التواتر-فيما يتعذّر علمهُ غالبا بغيرها، كنسب وموت ونكاح وطلاق ووقف.
واعتبِر ذكر شروط مشهود به، ويجب إشهاد في عقد النكاح، ويسنّ في غيره.
وشُرط في شاهد:ٍ إسلام وبلوغ وعقل ونطق، لكن تقبل من أخرس بخطّه وممن يفيق في حال إفاقته.
ويُشترط في شاهدٍ عدالة ويعتبر لها شيئان: الصلاح في الدين، والاتصاف بالمروءة.
والصلاح في الدين أداء الفرائض برواتبها، واجتناب المحارم بأن لا يأتي كبيرة ولا يستمرّ على صغيرة.
واستعمال المروءة بفعل ما يزينه وأن يترك ما يشينه، وهي: متغيّرة بحسب أعراف الناس.
ولا تُقبل شهادة بعض عمودي نسبه لبعض، ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر.
ولا تُقبل شهادة من يجر بها نفعا، أو يدفع بها عن نفسه ضررا، فلا تقبل للتهمة ، ولا لعدو على عدوّه في غير النكاح.
ومن سرّه مأساة أحد أو غمّه فهو عدوه، ومن لا تقبل عليه فتُقبل له.
وشُرط في الزنا أربعة رجال يشهدون به، أو أنّه أقر به أربعا -أي يشهدون أنه أقر بالزنا أربعا-، وشُرط في دعوى فقر ممّن عرف بغنى ثلاثة شهود .
وشُرط في قود، وإعسَار، وموجب تعزير، أو حدٍ، ونكاح ونحوه –مما ليس مالًا ولا يُقصد به المال، ويطّلع عليه الرجال غالبا رجلان .
وفي مال وما يقصدُ به المال رجلان، أو رجل وامرأتان، وإمّا رجل ويمين المُدعي.
وما لا يطّلع عليه الرجال غالبا كعيوب النساء تحت الثياب، ورضاع، واستهلال، وجراحة ونحوها امرأة عدل، أو رجل عدل.
باب الشهادة على الشهادة
وتُقبل الشهادة على الشهادة في كلّ ما يُقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي بأن تكون في حقوق الآدميين.
وشُرِط فيها تعذّر شهود أصلٍ بموت أو مرض أو غيْبة مسافة قصر.
وشرط فيها دوام عدالتهم، أي أن يكون شاهد الأصل والفرع عدلان إلى حين الشهادة.
وشرط استرعاء أصل –أي: أن يكون شاهد الفرع حمّل الأصل الشهادة- أو لغيره وهو يسمع، أو يسمعهُ يشهد عند حاكم، أو يعزوها إلى سبب كبيع وقرض.
وشرطَ تأدية فرع بصفة تحمله، وتعيينه لأصلٍ، وثبوت عدالة الجميع.
وإن رجع شهودُ مالٍ قُبِل حكم لم يُحكم، وبعده لم يُنقض الحكم، ويضمّن هؤلاء الشهود.
وإن بان خطأ مفتٍ وقاضٍ في إتلاف لمخالفة دليل قطعي ضمِنا.
كتاب الإقرار
وهو: إظهار مكلف مختارٍ ما وجب عليه.
يصحّ من مكلف مختار بلفظ أو كتابة أو إشارة من أخرس لا على الغير إلا من:-
- وكيل فيما وكّل فيه فيُعتبر الوكيل في مقام الأصيل.
-كذلك الولي، المسؤول عن الصغير أو المسؤول عن المرأة، فيأتِ ويُقر.
-وارث، فلو أقرّ الوارث على المورث بالمال فإنّه يصح إقراره.
ويصحّ الإقرار من مريض مرَض الموت بمال لغير وارث، ولا يصح الإقرار لوارث إلّا ببيّنة، أو إجازة من باقي الورثة، ولو صار المقرُّ له عند الموت أجنبيا فلا يصح.
ويصح لأجنبي صار عند الموت وارثا فالإقرار صحيح، وإعطاء كإقرار.
ويقبل إقرار صبي له عشر سنين أنه بلغ باحتلام.
ومن ادُّعي عليه بشيء فقال نعم أو لا ، فهذا إقرار، لا إن قال خذ واتزن فلا تعتبر إقرارا.
ولا يضر الاستثناء في الإقرار، ولو قال: وله عليّ ألف لا تلزمني أو ثمن خمر، فتلزمه الألف.
ولو قال له: عليّ ألف قضيته، أو كان علي ألف قضيته أو برئت منه، فقول المنكِر.
وقال أبو الخطاب: بل يكون مقرا مدعيًا للقضاء فلا يقبل إلا ببيّنة.
فعلى قول أبي الخطاب لا يُقبل منه التراجع وإنما تلزمه الألف، وهو قول الجمهور.
وإن ثبت ببيّنة فإنّها تلزمه بالبينة كذلك إن عزاه لسبب فلا يقبل قوله.
وإن أنكَر سبب الحقّ، ثم ادّعى الدفع ببينة فلا يقبل لأنه هو مكذب لهذه البينة!
ومن أقرّ بقبضٍ، أو إقباض، أو هبة ونحوها، ثم أنكر القبض ولم يجحد إقراره وسأل إحلاف خصمه لزمه.
ومن باع أو وهبَ أو أعتق ثم أقرّ به لغيره لم يقبل منه، ويلزمه القيمة لمن أقرّه له، وإن قال لم يكن ملكي ثم ملكته بعد قُبل ببيّنة، وبشرط أن لا يكون صدر منه ما دلّ على أنها مُلكه.
ولا يقبل رجوعٍ مقر إلا في حد من حدود الله، وإن أقرّ بشيء مبهم أُلْزم بتفسيره فإن أبى حَبسه حاكم ويقبل بأقل مال ولو بكلب مباح، ولا يقبل لو قال خمرا أو ميتة أو قشر جوزة ونحوه.
وإقرار بشجر ليس إقرارا بأرضه، وإقرار بأمةٍ ليس إقرارا بحملها، وببستان يشمل أشجاره، وإن ادّعى أحدهم صحّة العقد والآخر فساده، فالقول قول مدعي الصحّة.
************
تم بحمدِ الله وتوفيقهِ ..
أسأل الله أن يجزيَ الشارحَ خيرَ الجزاء، وأن يرحمَ الماتن ويغفر له.
وفقك الله خيتي
ردحذف