الأربعاء، 1 مايو 2019

تلخيص شرح كتاب: الروض المُربع، للشيخ محمد باجابر، من الجنايات إلى نهاية الكتاب.



كتاب الجنايات

وهي: التعدّي على البدن بما يُوجبُ قصاصًا أو مالا.
من قتلَ مُسلمًا عدوانا فسَقَ-ولا يَكفر-، وحسابه على الله تعالى إن شاء عذّبه وإن شاء غفرَ له، وتوبتهُ مقبولة.

الجِناية ثلاثة أضرب
الأول: العمد، ويختصّ به القود-أي القصاص-، وليس هناك قصاص في شبهِ العمد ولا 
الخطأ.
والقود: قتل القاتلِ بمن قتله، بشرط القصد.
الثاني: شبه العمد، وهو: أن يقصد الجناية بما لا يَقتل غالبا.
الثالث: الخطأ.
تعريف القتل العمد:أن يقصد من يعلمهُ آدميًّا معصوما فيقتله بما يغلب على ظنّه الموت 
به.
فلا قصاص إن لم يقصدِ القتل ولا إن قصده بما لا يقتل غالبا
صور قتل العمد:
الأولى: أن يَجرحهُ بما له نفوذ في البدن، ولو بغرسه بإبرة ونحوها فلو مات فهذا عمْد.
الثانية: أن يقتله بمُثقل كحجرٍ كبير ونحوه، ولو في غير مَقتل، ولو كان الحجرُ صغيرا فليس عمدا؛ إلّا إن كان الحجر صغيرًا وضربه في مقتل أو حال ضعف قوة، أو يُلقي عليه 
حائطًا أو سقفًا.
الثالث: أن يُلقيه بجُحرِ أسدٍ ونحوه، أو مضيق بحضرة حية أو يُنهِشه كلبًا أو حية أو يلسِعه عقربا من القواتل غالبا.
الرابع: أن يُلقيه في نارٍ أو ماء يُغرقه ولا يمكنه التخلّص منهما لعجزه، أو لكثرتهما.
الخامس: أن يخنقَه بحبل أو غيره، أو يسدّ فمه وأنفه ونحوه.
السادس: أن يحبسه ويمنعَ عنهُ الطعام والشراب فيموت من ذلك بمدّة يموت منها غالبا، بشرط تعذّر الطلب عليه.
السابع: أن يقتله بسحر يقتله غالبا.
الثامن: أن يقتله بسُمٍ، بأن سقاه سُمّا لا يعلمُ أنّه سم، وإن ادّعى القاتل أنه لا يعلم أن السم والسحر قاتل فلا يُقبل منه.
التاسع: قتله بالشهادة عليه، فلو شهدت عليه بيّنة بما يُـوجب قتله من زنا-إن كان محصنا-، أو ردّة لا تقبل معها التوبة، أو شهدوا عليه بقتل عمدٍ، ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله فيُقاد بهذا كلّه.
ويختصّ بالقصاص: مباشرٌ للقتل عالمًا بأنّه ظلم، ثم وليّ عالم بذلك فبينة وحاكم علموا
 بظلمه فهم من يُقتصّ منهم.

شبه العمد
وهو أن يقصد جناية لا تقتلُ غالبا ولم يجرحه بها.
كـ من ضربه بغير مقتل بسوط أو عصا صغيرة ونحوها، أو ألقاه بماء قليل ونحوه.

قتل الخطأ
وهو أن يفعل ما له فعله؛ كأن يرمي ما يظنّه صيدا، أو شخصا مباحَ الدم فيصيب آدميا 
معصوما لم يقصدهُ.
وعمد الصبي والمجنون يُعتبر خطأ؛ لأنّه لا قصد لهما، فهما كالمكلف المُخطئ.
وخطأ الفعل أن يرمي صيدا فيصيب معصوما.
والكفارة في ذلك في مال القاتل، والدّية على عاقلته، ويُصدّق لو قال كنت يوم قتلته 
صغيرا أو مجنونا إن أمكن.
وإن قتلً مسلمًا بصف الكفار-يظنه حربيا-، أو رمى كُفّـارا تترسوا بمسلمٍ فأصابه فعليه 
الكفارة فقط ولا دية.
وتُقتل جماعةٌ بواحد إن صلَح فعل كل واحد منهم لقتله لإجماع الصحابة، وإن لم 
يصلح فعلُ كل واحد منهم للقتل فلا قصاص، ما لم يتواطؤوا ويتّفقوا فيكون عليهم 
القصاص، فلوليّ الدم أن يُطالب بالقصاص، ولهُ أن يطالب بالدّية، وإن رغب بالدية فيأخذ ديةً واحدة أي: يعدد القاتل لا المقتول.
وإن جرحَ واحد جُرحًا، وآخر مائة جرح-قاتلة- فهما سواء في الدّية والقصاص.
وإن قطع واحدٌ حشوته-أخرج أمعائه- ثم ذبحهُ ثانٍ فالقاتل الأوّل، ويعزّر الثاني؛ لأنه 
يُعتبر ميّتا.
ولو أكرهُ أحدٌ أحدًا على القتل فله أحوال:
إن أكرَه مكلفٌ مكلفًا على قتل مكافئ فقتله فالقود-إن لم يعفُ وليّه أو الدية إن عفا-
 عليهما المُكرِه والمُكرَه.
وإن أمر مكلفٌ بالقتلِ غير مكلفٍ كصغير ومجنون فالقصاص على الآمر فقط؛ لأن
 المأمور آلة له، أو أمر به مكلفا من يجهل تحريمه فالقصاص على الآمر، أو أمر 
به سلطان-من يجهل تحريمه أو ظلمه- فقتلَ المأمور، فالقتل أو الدّية على الآمر 
بالقتل دون المُباشر.
وإن قتل المأمور من السلطان أو غيره المُكلّف حال كونه عالما بتحريم القتل، 
فالضمان عليه بالقود أو الدّية، دون الآمر بالقتل ولكن يؤدّب بما يراهُ الإمام.
ولمن دفع لغير مكلف آلةً قتل ولم يأمره به، فقتل لم يلزم الدافع شيء.
وإن اشتركَ بالقتْل اثنان، لا يجب القود على أحدهما لو كان منفردا-لأبوّة للمقتول أو 
غيرها كإسلام وحرية-، فيكون القود على الشريك والدّية بينهما، فلا يقتل الأب ولا
 المسلم ولا الحر، بخلافِ ما لو اشتركَ خاطئ وعامد، أو مكلف وغير مكلف، أو وليّ قصاص وأجنبي، أو مكلف وسبع، أو مقتول في قتل نفسه؛ فلا قصاص، وإن عدل وليّ القصاص إلى طلب الدية لزمه نصف الدية.

شروط وجوب القصاص
الشرط الأول: عصمة دم المقتول، فلا قصاص لو قتل مسلم حربيا، أو مرتدا أو زانٍ مُحصنا، ولو قبل ثبوته عند الحاكم.
الشرط الثاني: أن يكون القاتل مُكلّفا.
الشرط الثالث: وجود المكافئة بين القاتل والمقتول بالدين والحرية، فلا نقتل الأعلى بالأدني، ولا يقتل حر بعبد، ولا مسلم بكافر .
ويُقتل الذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر، ويقتل الكبير بالصغير، والقنّ بالقن ،وإن اختلفت
قيمته، والشريف بضدّه.
الشرط الرابععدم الولادة أي: لا يكون القاتل والدا للمقتول، ويُقتل الولد بكل من الأبوين وإن علوا.

باب استيفاء القصاص
الاستيفاء هو: فعل مجنيٍّ عليه أو وليّه بجان مثل فعله أو شبهه.
يُشترط له:
أولا: كونه مستحقّه مكلفا-بالغا عاقلا- وهم أولياء الدم، وإن كان فيهم صبي أو مجنون حُبس الجاني مع صغر مُستحقّه إلى البلوغ، ومع جنونه إلى الإفاقة.
وإن احتاجا إلى نفقة-الصغير والمجنون-فلوليّ مجنون فقط العفو إلى الدّية.
ثانيا: اتفاق الأولياء على طلب القصاص، وليس لبعضهم أن يستوفي به، ومن مات من أولياء الدّم قام وارثه مقامه بالمُطالبة.
وإن انفردَ بالقصاص بعضهم عُـزّر فقط، ولشريك في تركة الجاني حقّه في الدية من 
وارث الجاني، ويرجع وارث جانٍ على مُقتصٍّ بما فوق حقّه أي: بما زاد على ما 
يستحقّهُ.
ثالثا: أن يؤمن في الاستيفاء تعدٍّ إلى غير الجاني كالحامل، فإن وجبَ عليها القصاص لم 
تُقتل حتى تضع الولد وتسقيه اللبأ، ثم إن وجِد من تُرضعه قُتلت وإلّا أرضعته حولين.
ولا يقتصّ من حامل في طرف حتى تضع ولو لم تُرضعه اللبأ، وتُحدّ بجلد عند الوضع
 فقط.
ولا يجوز أن يُستوفى قصاص إلّا بحضرة سلطان أو نائبة، ولا يُستوفى إلا بآلة
 ماضية، وعلى الإمام تفقّدها، ولا يستوفى القصاص في النفس إلّا بضرب العنق بسيف وإن كان الجاني ضربه بغيره.
ولا يُستوفى من طرف إلّا بسكين ونحوها.

العفو عن القصاص
يجب في القتل العمد القود أو الدية، ويخيّر الوليّ بينهما، وعفوه مجّانا أفضل.
وقتلُ الخطأ يجبُ فيه أمران: إمّا الدية أو العفو مجّانا.
وإن اختار وليّ الجناية القود أو عفا عن الدية فقط فله أخذها-الدية-؛ لأن القصاص 
أعلى، وله الصلح على أكثر من الدية، وله أن يقتص؛ لأنه لم يعفو مُطلقا.
وإن اختار الدّية فليسَ لهُ غيرها، فإن قتلهُ بعد قُتل به، أو عفا مُطلقا ولم يقيّده بقصاصٍ
 ولا دية فله الدّية لانصراف العفو إلى القصاص.
وإن هلَك الجاني فليس لوليّ الجناية غيرها.
وإن قطعت إصبع فعفا، ثم سرت الجناية وكان العفو على غير شيء فالسراية هدر، وإن كان العفو على مال فلهُ تمام الدّية.
وإن وكّل وليّ الجناية من يقتص له، ثم عفا الموكّل عن القصاص فاقتص وكيله ولم 
يعلم بعفوه فلا شيء عليهما.
وإن عفا مجروح عن قود نفسه أو ديتها صحّ كعفو وارثٍ.
ومن أقيدَ بأحد في النّفس أقيدَ به بالطرف والجراح؛ بشرط وجود الشروط السابقة: العصمة والتكليف والمكافئة وعدم الولادة.

والقصاص فيما دون النفس نوعان:
الأول: الأطراف كالعين والأذن واليد والرجل ونحوه، الثاني: الجراح، إن كانت تصل
 للعظم.
القصاص في الأطراف يُشترط له:
أولا: الأمن من الحيف، وهو شرط  جواز الاستيفاء، ويكون بأمرين:
1- أن يكون للطرف مفصل فنقطع من المفصل، 2- أن يكون له حد ينتهي إليْه.
فلا قصاص في جوف، ولا في كسر عظم-غير سن-، ولا بعض ساعد.
ثانيا: المماثلة في الاسم والموضع، فلا يُؤخذ يسار بيمين، ولا خنصر ببنصر، ولا أصلي 
بزائد لعدم المساواة في المكان والمنفعة ولو تراضيا.
ثالثا: استواء الطرفيْن في الصحة والكمال فلا تؤخذ صحيحة بشلاء، ولا عيْن صحيحة 
بعين قائمة، ولا لسان ناطق بأخرس ويُؤخذ عكسه، ولا أرش؛ لأن العبرة بالخلقة.

ويُقتصّ في كل جُرح ينتهي لعظمٍ كالموضحة وهي: الجرح الذي يكون في الوجه أو الرأس ويصل للعظم ويوضحه، وكذا جرح العضد والساق والقدم وكلّ ما ينتهي للعظم، ولا يقتص بغير ذلك من الشجاج، كالهاشمة والمنقلة والمأمومة.
والهاشمة هي: التي توضح العظم وتهشمه، والمنقلة: التي توضح العظم وتهشمهُ وتنقله، والمأمومة: التي تصل إلى أمّ الدماغ ولا في غير ذلك كالجائفة وهي: الجرح في الجوف، لعدم أمن الحيف والزيادة، وفيها الدّية.

ولا قصاص في كسر عظم غير السن لإمكان الاستيفاء منه بغير حيف؛ إلّا أن يكون 
الجرح أعظم من الموضحة-كالهاشمة والمنقلة- فللمجنيّ عليه أن يقتص موضحة وله 
أرش الزائد على الموضحة.
وإذا قطعَ جماعةٌ طرفا يوجب قودا كيدٍ، أو جرحوا جرحا يوجب القود ولم تتميّز 
أفعالهم فعليهم القود جميعا.
وإن تفرّقت أفعالهم أو قطع كل واحد من جانب فلا قود عليهم ما لم يتواطؤوا.
وسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها، وسراية القود مُهدَرة.
ولا يجوزُ أن يُتقتصّ من عضو أو جُرح قبل برئه، ولا تُطلب له دية قبل البرء، لاحتمال 
السراية فإن اقتصّ قبلُ فسرايتها بعد ذلك هدر.

كتاب الديات
وهي: المال المؤدّى للمجنيّ عليه بسبب الجناية.
كلّ من أتلفَ إنسانا بمباشرة أو بسبب فعليه الدّية.
وإن كانت الجناية عمدا محضا فالدّية في مال الجاني، وأرش الجناية على الجاني، وخولف ذلك في العاقلة لكثرة الخطأ، فتكون الدّية على العاقلة في الخطأ وشبه العمد، وتكون مؤجّلة ثلاث سنوات، وتكون حالّة في العمد.
وإن غصب حُرًا صغيرا فنهشتهُ حيّة فمات أو صاعقة وجبت الدية، و إن مات بمرض
وجبت الدية.
وهذا خلاف المذهب، فالمذهب: لا دية لو مات بمرض.
وإن غل حرا مُـكلفا وقيّده فمات بالصاعقة أو الحية فعليه الدية.
وإن أدّب الرجل زوجته أو ولده، أو سلطانا رعيّته أو معلّم صبيّه ولم يُسرف فلا ضمان،
 فإن أسرف أو ضرب من لا عقل له ضمن لتعدّيه.
ومن أمرَ شخصا مكلفا أن ينزل بئرا، أو يصعد شجرة فهلك بالصعود أو النزول لم 
يضمنه الآمر، ولو أنّ الآمر سلطان لعدم إكراههِ له كذلك لو استأجره.
ودية الحر المسلم مائة بعير، أو ألف مثقال ذهبا، أو اثنا عشر ألف درهم فضة، أو مائتا 
بقرة، أو ألفان من الشياه، فمن سيدفع الدية يُخيّر بين هذه الأشياء، ودية المرأة المسلمة: نصف دية الرجل.
ودية الحر الكتابي: نصف دية المسلم معاهدا أو ذمّيا أو مستأمنا، ودية المجوسي والوثني:-معاهد أو مستأمن-ثمان مائة درهم كسائر المشركين، وجراحهُ بالنسبة إلى ديته، ونساؤهم على النصف من دية ذُكرانهم.
ويستوي الرّجل والأنثى فيما يوجب دون ثلث الدّية.
ودية قن ذكرا كان أو أنثى ولو مدبّرا أو مكاتبا قيمتهُ عمدًا كان أو خطئا كالفرس.
ويجب بالجنين الحر إذا سقط ميّتا بجناية على أمه عمدًا أو خطئا عُشر دية أمه، وإن 
كان مملوكا فعشر قيمة أمّه يوم الجناية.
وفي جنين دابّة: ما نقص من قيمة أمّه فنقدّر قيمة أمّه حاملا وبعد سقوط الحمل.

وإذا جنى العبد فيخيّر السيد بين أن يفديه بأرش الجناية-ولا يلزم بأكثر من قيمة العبد-
وإمّا أن يسلّمه لولي الجناية، أو يبيعه ويدفع الجناية، وإن كانت الجناية بإذن السيّد أو 
أمرهِ فداهُ بأرشها كله.
وإن جنى العبد عمدًا فعفا الوليّ مقابل أن يملكه لم يملِكه بغير رضا سيده، وإن جنى 
العبد على عددٍ زاحم كلٌ بحصّته، وشراء وليّ القوَد له عفوٌ عنه.

باب ديات الأعضاء ومنافعها
من أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد-كالأنف واللسان- ففيه الدية، وما فيه اثنان-كالعينين والأذنين ولو مع الصّمم- ففي كل منهمَا نصف الدّية، وما فيه ثلاث تُـقسم 
الدية أثلاثا، وما فيه أربعة أربع .
وفي أصابع اليديْن أو الرجلين الدية كاملة، وفي كل واحد منهما عُشر الدية، وفي الأأنملة
 ثلث العُشر.
وفي كل سنٍّ خمس من الإبل-إن لم يَعُد- وإن عاد ناقصا ففيه حكومة.

دية المنافع
في كل حاسّة الدية كاملة، وكذا تجبُ كاملة في الكلام والعقل ومنفعة الأكل والمشي 
والنكاح، وفي عدم استمساك البول أو الغائط، وفي ذهاب بعض ذلك؛ إذا عُلم قدره، وإن لم يُعلم قدر الذّاهب فحكومة.
ويجبُ في كل واحد من الشعور الأربعة الدية وهي: شعر الرأس، واللحية، والحاجبين،
 والأهداب، وفي حاجب نصف دية، وفي هدب ربعها، وفي شارب حكومة، فإن عاد الذّاهب من تلك الشعور سقط موجبه، فإن كان أخذ شيئا ردّهُ.
ويجب بعين الأعور الدية كاملة؛ لأن قلع عين الأعور يتضمّن ذهاب البصر كله.
وإن قلع صحيحٌ عين أعورٍ أقِيد بشرطه، وعليه معه نصف الدية.
وإن قلع الأعور عيْن الصحيح المُماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة ولا 
قصاص، وإن كانَ قلعها خطأ فنصف الدية.
ويجب في قطع يد الأقطع أو رجله ولو عمدا نصف الدية؛ لأنه لم تذهب له حاسّة ولو 
عمدا.
ولو قطع الأقطع يد صحيح أقيدَ بشرطه.

باب الشجاج وكسر العظام
الشجة: الجرح في الرأس والوجه خاصة.
وهي عشرٌ مرتبة:
الأولى: الحارصة، وهي التي تحرص الجلد أي: تشقُّه قليلا ولا تُدميه، وفيها حكومة.
الثانيةالبازلة، وهي الدّامعة لقلّة سيلان الدم، وفيها حكومة.
الثالثة: الباضعة، وهي التي تَضبع اللحم أي: تشقّه بعد الجلد، وفيها حكومة.
الرابعة: المتلاحمة، وهي: الغائضة في اللحم وفيها حكومة.
الخامسة: السمحاق، وهي التي ما بينهما وبين العظم قشرة رقيقة، وفيها حكومة.
السادسة: الموضحة، وهي ما تُوضح العظم وتُـبرزه ولو بقدر رأس إبرة، وفيها خمسة 
أبعرة.
السابعة: الهاشمة، وهي التي توضح العظم وتهشِمه، وفيها عشرة أبعرة.
الثامنة: المنقّلة، وهي ما توضح العظم وتهشِمه وتنقله، وفيها خمسة عشر من الإبل.
ففي الهاشمة له أن يقتصّ موضحة فقط، ويأخذ خمسة من الإبل، وكذلك المُنقلة فلهُ 
أن يقتصّ موضحة ويأخذ عشرة من الإبل.
التاسعة: المأمومة، وهي التي تصل إلى جلدة الدّماغ.
العاشرةالدامغة وهي: التي تخرق الجلدة وفيها ثلث الدية.
وفي الجائفة ثلث الدية وهي التي تصل إلى باطن الجوف.

ديات العظام
يجبُ في الضلع إذا جبرت صحيحة بعيرٌ، كذلك كل واحدة من التروقتين ففيها بعير، 
وإن انجبر الضلع أو التروقة غير مستقيمتين فحكومة.
ويجبُ في كسر الذراع بعيران، وعظم الفخذ والساق والزند إذا جبر ذلك مستقيما، وإن 
لم يجبر مستقيما حكومة.
وما عدا ذلك من الجِراح والعظام حكومة.
والحكومة: أن يقوّم المجنيُّ عليْـه كأنه عبدٌ لا جنايةَ به، ثم يقوّم والجناية به قد برأت، 
فما نقص من القيمة فللمجنيّ عليه مثل نسبته من الدّية وإن لم ينقص بعد البرء فنُعيد 
الحكومة ونقدّرها حال جريان الدّم، فإن لم تُنقصهُ فلا شيء فيها ويُـعزّر.

العاقلة وما تحمله
عاقلة الإنسان: ذكور عصباته كلّهم من النّسب والولاء قريبهم وبعيدهم.
وهم من سيعقلون عن الجاني في الخطأ وشبه العمد.
ويعقل الهرِم والزّمن والأعمى إن كانوا أغنياء، ولا عقل على رقيقٍ؛ لأنه لا يملك، ولا 
غير مكلف، ولا على فقير ولا على أنثى ولا على مخالف دين الجاني.
ومن ليست له عاقلة، أو له وعجزَت فإن كان كافرًا فتجب عليْه، وإن كان مسلمًا فمن 
بيت المال؛ وإلّا سقطت الدية-وهي من مفردات المذهب-، وعنه: تجب على القاتل.
ولا تحملُ العاقلة: عمْدا محضًا ولو لم يجب به قصاص كجائفة ومأمومة وتحمِل شبه 
العمد والخطأ، ولا تحمل عبدا-أي قيمة العبد- ولا تحمل جناية العبد، ولا تحمل صلحا 
عن إنكار، ولا اعترافا لم تُصدّق به، ولا تحملُ ما دون ثلث الدية التامّة.
ويؤجّل ما وجب بالخطأ وشبه العمد ثلاث سنين، وبالعمد يكون حالّا ويكون على 
الجاني فقط.
ويجتهدُ الحاكم في تحميل كل منهم ما يناسبه ويبدأ بالأقرب فالأقرب.

فصل
من قتل نفسًا محرّمة معصومة الدم، أو شبهَ عمدٍ، فعليه كفّارة مباشرة كانَ أو سببا.
والكفارة: عتق رقبةٍ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وتتعدّد بتعددِ القتل.

باب القسامة
وهي: أيمان مكرّرة في دعوى قتل معصومٍ عمدا أو غيره لا فيما دون النفس.
ولا تكونُ في دعوى قتل طرف أو جرح.
شروطها:
الأول: اللوث وهي: العداوة الظاهرة، فمن ادُّعي عليْه بغير لوث حلف يمينًا واحدًا وبرأ،
 حيْث لا بيّنة للمُدّعي فإن نكل قُضيَ عليه بالنكول.
الثاني: تكليف مُـدّعا عليْه.
الثالث: إمكان القتل منه، الرابع: وصف القتل في الدعوى، الخامس: طلب جميع الورثة.
السادس: اتفاقهم على الدّعوى، السابع: اتفاقهم على عين القاتل، الثامن: كونهم ذكورا جميعهم.
التاسع: كون الدّعوى على واحدٍ معيّن لا أكثر ولا مُبْهمٍ، ويقادُ فيها إن تمّت الشروط.
ويُـبدأ بأيمان الرجال من ورثة الدم، فيحلفون خمسين يمينا توزّع بيْنهم بقدرِ إرثهم
 ويكمل كسر ويقضى لهم.
ويُعتبر في القسامة حضور مدعٍ ومدعًى عليه وقت القسامة.
فإن نكَـل الورثة عن الخمسين يمينا، أو كانوا كلهم نساء حلف المُدّعى عليه خمسين 
يمينا وبرأ إن رضيَ الورثة، وإلّا فدا الإمام القتيل من بيت المال.

كتاب الحدود
وهي: عقوبة مقدّرة شرعا لتمنع من الوقوع في مثلها.
ولا يجب الحدُّ إلّا على البالغ العاقل المُـلتزم العالمِ بالتحريم.
ويُقيمه الإمام أو نائبه، ويُقيمه في غير مسجد، وتحرمُ شفاعة وقبولها في حدّ لله بعدَ 
أن تبلغ الإمام.
ويُضرب الرجلُ في الحدّ قائما بسوْط وسطٍ لا جديد ولا خلق، ولا يمدّ ولا يُربط ولا يجرّد
 ولا يبالغ في ضربه، ولا يرفع ضارب يده بحيث يبدو إبطه.
وسنَّ أن يفرق الضرب على بدنه ويكثر منه في مواضع اللحم، ويتّقي وجوبًا الرأس 
والوجه والمقاتل.
وتُضرب المرأة كالرّجل، إلّا أنها تُضرب جالسة وتشدّ عليها ثيابها، وتُمسك يداها لأن لا 
تنكشف.
وتعتبر لإقامة الحد نيّة لا موالاة.
وأشد الجلدِ في الحدود-ويقصد الكيفيّة- جلد الزنا، ثم القذف، ثم الشرب، ثم جلد التعزير، 
وما دون الزنا أخفّ منه في العدد فلا يجوز أن يزيد عليه في الصفة.
ولا يؤخّر حدٌ لمرضٍ ولو رجيَ زواله، ولا لحَرٍ أو برْد ونحوه، ولا يحدّ السكران
 ويؤخّـر حتى يستيقظ.
وإذا لم يتعدَّ من أقامَ الحد ومات منه فلا شيء عليه، فلو زاد-ولو جلدة- أو صفة 
السوط فمات ضمنه.
ولا يُـحفر للمرجومٍ في الزنا سواء كان رجلا أو امرأة.
ويجبُ في حدِّ الزنا حضور الإمام أو نائبه وطائفة من المؤمنين.
وسُنّ حضور الشهود-الذين شهدوا بالحد-، ويُسنّ أن يبدؤوا هم بالرجم.

حد الزنا
وهو: فعل الفاحشة في قبلٍ أو دبر.
إذا زنا المكلّفُ المحصن رجِم حتى يموت، ولا يُجلد ولا يُـنفى فهو في حق غير المحصن.
والمُحصن: من وطء امرأته المُسلمة أو الذميّة في نكاحٍ صحيح في قبُلها وهمَا بالغان
 عاقلان حرّان.
فإن اختلّ شرط من هذه الشروط في أحد الزّوجيّن فلا إحصان لواحد منهما.
ويثبت الإحصان بقوله: وطئتها ونحوه، لا بولده منها مع إنكار وطئه.
وإن ثبتَ أنّـه غير مُحصن جُلد مائة جلدة وغرّب عاما.
ولو كان المجلود امرأةً فتُغرّب مع محْرمٍ وعليها أُجرته، فإن تعذّر المَحرم  فتُغرب
وحدها إلى مسافة قصر.
وإذا زنا الرّقيق جُلد خمسين جلدة ولا يغرّب.
وحدُّ لوطي فاعلا كان أو مفعولا كزانٍ.

شروط حد الزنا
الأوّل: تغييب حشفة أصلية، لا في ميّت ولا بهيمة، وإنما يُحدّ إن كان الوطء حراما محْضًا.
الثاني: انتفاء الشبهة، فلا يُحدّ بوطء أمةٍ له فيها شرك، أو امرأة في منزلهِ ظنّها زوجته أو سريته، أو في نكاح باطل اعتقد صحّته ونحوه، ولا يُحد المُكره.
الثالث: ثبوت الزنا، ولا يثبت إلّا بإقراره على نفسهِ أربع مرات، ويُعتبر أن يُصرّح بذِكْر 
حقيقة الوطء فلا تكفي الكناية، ويُعتبر أن لا يرجع عن إقراره حتى يتمّ عليه الحد.
 ويثبت لو شهِد عليه أربعةُ شهود بأنه أقرّ على نفسه أربعَ مرات، فإن صدّقهم على أنّه 
أقر أقلّ من أربعة فلا حد عليه ولا عليهم.
ويثبتُ عليه الزنا لو شهد عليه أربعةٌ  في مجلس واحد بزنا واحد يصفونه.
ويعتبر أن يكونوا ممّن تُعتبر شهادتهم فيه، بأن يكونوا: رجالا عدولا ليس فيهم ممّن به 
مانع، كأعمى أو فاسق، ويقبل سواء جاءوا الحاكم جُملةً أو متفرّقين.
وإن حملت امرأةٌ لا زوجَ لها ولا سيّد لم تُحد لاحتمال الشُبهة، ولا يجب أن تُسئل، وإن 
سُئلت وادّعت أنها مُكرهة أو وطئت بشبهة أو لم تعترف بالزنا فلا تحد.

حد القذف
وهو: الرمي بزنا أو لواط.
إذا قذفَ المكلَف المختار محصنا جُلد قاذفٌ ثمانين جلدة إن كان حرا، وإن كان
عبدًا أو أمة جلد أربعين.
وقذف غير محصنٍ يُـوجب التّعزير، والحدُّ حق للمقذوف فلا يُقام إلّا بطلبه، ولا 
يستوفيه بنفسه بلا حاكم.
والمحصن هنا غير المحصن في الزنا، فالمحصن في القذف: هو الحرّ المسلم العاقل 
العفيف عن الزنا ظاهرا ولو تائبا منه الذي يُجامّع مثله.
ولا يشترط بلوغه، ولا يحد قاذف غير بالغ ويُطالب.
وصريح القذف: نحو يا زاني يا لوطي يا عاهر ونحوه.
وكنايته: يا فاجرة ويا خبيثة، وفضحتي زوجكِ ونحوه، وإن فسّره بغير القذف-الكناية- 
قُبِل وعزّر، ونحو يا كافر يا فاسق يا حمار فتوجب التعزير.
وإن قذَفَ أهل بلدةٍ أو جماعة كبيرة لا يُتصّور منهم الزنا عادةً عزّر، ومن قذفَ ميّتا ولو غيرَ مُحصن حُدّ بطلبِ وارث مُحصن.

حد المسكر
السكر: اختلاط العقل، كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام.
ولا يباحُ شُربه للذة ولا لعطش؛ إلّا أن يغصّ بلقمة فلهُ أن يشرب ما يدفعها إن لم يجد غيره.
وإذا شربَ المُسلم المسكر أو ما خُلط  فيه-بشرط أن لا يستهلك فيه-، أو أكل عجينا 
لتّ به مختارا عالما أنّ كثيره يُسكر فعليه الحد ثمانون مع الحريّة.
ويُعزّر من وجِد منه رائحتها أو حضَر شربها.
ويثبتُ حدّ الشُرب بإقرارهِ مرّة كقذف أو بشهادة عدلين.

باب التعزير
وهو لغة: المنع، وشرعا: التأديب؛ لأنه يمنع ممّا لا يجوز فعله.
وهو: واجب لكل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة، كاستمتاع لا حد فيه، وكسرقة لا قطع 
فيها، وكصفع ووكز، والقذف بغير الزّنا إن لم يكن المقذوف ولدا-وإن نزل- للقاذف -وإن علا-.
ولا يُزاد في التعزير على عشر جلدات، باستثناء من شرب خمرا في نهار رمضان، فيُحدّ
 للشرب ثمانين ويُعزّر بعشرين.
ومن وطء أمةً له فيها شِرك عُزّر بمائة إلّا سوطا.
ويحرم تعزير بحلق لحية، أو قطع طرف أو جرح أو أخذ مال.

باب القطع في السرقة
وهو: أخذ مال على وجه الاختفاء من مالكٍ أو نائبه.
إذا أخذَ المُكلّف الملتزم وهو: المسلم أو الذمي-بخلاف المستأمن، والمذهب: يقطع
 المستأمن به-نصابًا من حرزِ مثله  من مال معصوم، لا شبهة له فيه على وجه 
الاختفاء قطع.
ولا قطع على منتهبٍ، ولا مختلس-وهو الذي يخطف الشيء ويمرّ به-، ولا غاصبٍ، ولا 
خائن في وديعة، أو عارية أو غيرها.
والأصح أنّ جاحد العارية يُقطع إن بلغَ نصابا، فما ذكَر الماتن خلاف المذهب.

شروط القطع في السرقة:
الشرط الأول: أن يكون المسروق مالًـا مُحترمًا، فمال الحربي تجوز سرقته.
ولا قطع بسرق محرّم كخمر وآلة لهو وصليب وآنية فيها خمر، ولا بسرقة ماءٍ  وإناء
فيه ماء فلا يُقطع، ولا بمصحف ولا بحرٍّ ولا بصغير ولا بما عليهما، أي: الحر والصغير.
الشرط الثاني: أن يكون المسْروق نصابـًا، وهو: ثلاثة دراهم خالصة أو ربع دينار، أو عرض قيمته كأحدهما.
ولا قطع بسرقة ما دون ذلك، ولا يؤثّر لو نقصت قيمة المسروق، أو ملَكها-السارق- ببيع أو هبة، فلا يسقط القطع بعد الترافع إلى الحاكم، وتُعتبر قيمتها حين أخذها من حرزها.
الشرط الثالث: أن يسرقه من حرزه، وهو مكان الحفظ للمسروق، ويختلف الحرز باختلاف الأموال والزمان والمكان.
فحرز الأموالِ أن تكون بالبيوت والدكاكين ونحوها، وتكون وراء الأبواب والأغلاق 
الوثيقة، وصندوق بسوق وثم حارس حرز.
الشرط الرابع: أن تنتفي الشبهة عن السارق، فلا يقطع السارق من مال أبيه وإن علا، ولا من مال أبيه وإن سفل، والقرابة ليست شبهة باستثناء الأصول والفروع.
ولا يقطع أحد من الزوجين بسرقته من مال الآخر، أو عبد من سيّده  كذلك من سرق 
من بيت المال فلا قطع، وهذا مع الإثم، كذلك لو سرق فقير من غلّة موقوفة على الفقراء.
الشرط الخامسثبوت السرقة، فلا يقطع إلّا بشهادة عدليْن يصفانها، أو إقراره مرّتين ويصفها في كل مرة، ولا يرجع عن إقراره حتى يُقطع.
الشرط السادس: أن يُطالب المسروق منه السارق بماله، فلو أقر بالسَرقة من مال غائب حُبس حتى يعود صاحب المال ويُطالِب به.
وإن وجبَ القطع قُـطعت يده اليُمنى من مفصل الكف وحُسمت وجوبا بغمسها في زيت 
مغلي، فإن عاد قطعت رجلهُ اليُسرى من مفصل كعبه، فإن عاد حُبس حتى يتوب وحرُم 
أن يُقطع.
ومن سرق شيئا من غير حرز ثمرا كان أو كثرا أو غيرها أُضْعفت عليه القيمة مرتين، 
وقدّم في التنقيح: أنّ التضعيف خاص بالثمر ولطلع والجمار والماشية وقطَع به في 
المُنتهى.

باب حد قطاع الطريق
وهم: الذين يعرِضون للناس بالسلاح سواء كان في الصّحراء أو المُدن لقصد المال 
مجاهرة.
ويعتبر ثبوته ببيّنةٍ أو إقرارٍ مرتين، والحرز ونصاب السرقة.
فأيّ مكلف ملتزم من قطّاع الطريق قتَـل مكافئا له أو غيره-غير مكافئ- وأخذ المال 
قُتل وجوبًا لحقّ الله ثم غسّل وصلّي عليه ثم صُلب.
وإن قتَل غير مكافئ له قتل ولم يصلب، ولا يُقطع.
وإن قتل ولم يأخذ المال قُـتل حتما ولم يصلب حتما أي: يُـقتل وجوبا ولا يسقط القتل 
بعفوِ أحد.
وإن جنوا بما يُـوجب قودًا بالطّرف تحتّم استيفاؤه وهذا خلاف المذهب.
والمُعتمد: أن قطْع الأطراف تسقطُ بالعفو؛ إلّا إن كان قتل فيتحتّم استيفاؤه.
وإن أخذ كلٌ من المحاربين من المال قدر ما يقطع به السّارق من مال لا شُبهة فيه ولم
 يَقتلوا قُطع من كل واحد يده اليُـمنى ورجله اليسرى وجوبا، وإن لم يصيبوا نفْسًا ولا مالًا يصل النصاب نفوا من الأرض.
وإن قتل بعضهم ثبت الحكم بقتل جميعهم، وإن قتل بعضٌ وأخذَ المال بعضٌ؛ تحتّم قتل
الجميع وصلبهم.
ومن تابَـ منهم قبل القدرة عليه سقط عنه كل حقٍّ لله من نفي وقطع وصلب، وتحتّم القتل
  وأخِذوا بما للآدميين من نفس وطرف ومال؛ إلّا أن يُعفى لهم عنها من مستحقّيها.

ومن وجبَ عليه حدّ سرقة-حد لله- أو زنا فتاب منه قُبل ثبوته عند الحاكم سقط عنه، ولا 
يسقط حق الآدمي بالتوبة.
ومن صالَ على نفسه أو أهلهِ أو مالهِ و آدميًا فله الدفع بأسهل ما يحصل به، فإن لم 
يندفع إلّا بالقتل فقتلَه فلا شيء عليه، فإن اندفع  بالأسهل حرُم عليه القتل، وإن قُتِل-المصول عليه- فهو شهيد كذلك الحكم لمن دخلَ منزله متلصّصًا.
ويلزمهُ الدفع عن نفسه بغير فتنة، دون ماله فلا يلزمه الدفع عنه.

باب قتال أهل البغي
إذا خرج قومٌ لهم شوكةٌ ومِنعة على الإمام بتأويلٍ سائغ بشبهةٍ ولو لم يكن لهم أميرٌ 
مُطاع فهم بُغاة ظلمة، فإن كانوا جَمعة يسيرة لا شوكة لهم فإن خرجوا بتأويل غير
 سائغ فهم قطاع طريق.
ويجبُ على الإمام أن يُـراسلهم فيسألهم عما ينقِمونه منه، فإن كان ما ينقمون منْه 
ممن لا يحل أزاله، وإن كان حلالًا لكن التُبس عليهم بيّن لهم دليلهُ وأظهرَ لهم وجههُ، فإن فاءوا تركهم وإلّـا قاتلهم وجوبًا، ويجبُ على رعيّته إعانته.
ويحرمُ قتالهم بما يعمّ أتلافهم إلّا لضرورة، وقتل ذرّيتهم ومُدبِرهم وجريحهم ومن ترك
القتال، ولا قود بقتلهم-في حال يحل قتلهم- بل الدية، وإن انقضى القتال فمن وجد 
منهم ماله بيدِ غيره أخَذه، وما تلف لهم حال الحرب فغير مضمون.
وإن اقتتلت طائفتان لعصبيّة أو طلبِ رئاسة فهُما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما 
أتلفت للأخرى.

باب حكم المرتد
وهو لغة: الرّاجع، واصطلاحا: الذي يَكفر بعد إسلامهِ طوعًا ولو مميزًا-فلا يشترط
 البلوغ، ولا يقامُ عليه الحدّ إلّا بعد البلوغ-ولو هازلا بنطق أو اعتقاد أو شك أو فعل.
فمن كفر بالله أو جحَد ربوبيّته أو وحدانيّته أو صفة من صفاته كفَر، أو اتّخذ لله صاحبة أو ولدًا أو جحَد بعض كتبه، أو بعض رُسله أو ادّعى النبوة فقط كفَـر؛ لأنّ جحد شيء من ذلك كجحده كله.
ومن جحد تحريم الزنا أو شيئا من المُحرّمات الظاهرة المُجمع عليها، أو حرّم ما جُمع 
على حلّه كالخُبز، أو جَحد وجوبَ عبادة من الخَمس، أو حُكما ظاهرًا مُجمعًا عليْه إجماعا قطعيًّا عرّف إن كان مثله يجهل ذلك، فإن عُرّف و أصرّ كفر لمعاندته للإسلام، لا من حكا كفرا سمعه لا يعتقده.
فمن ارتدّ عن الإسلام وهو: مكلف مختار رجلا كان أو امرأة دُعِي إلى الإسلام، ويُستتاب 
ثلاثة أيام وجوبًا، وضيّق عليْه، وحُبس؛ فإن أسلم لا يُعزّر، وإن لم يُسلم قُـتل بالسيف ولا
 يحرّق بالنار.
ولا يَقتل المرتدّ إلّا الإمام أو نائبه، ولا تُقبل في الدنيا توبة من سبّ الله تعالى، أو من 
سب رسوله-صلى الله عليه وسلم- سبًا صريحًا أو تنقّصه.
ولا تُقبل توبة من تكرّرت ردّته ولا منافق، بل يقتل بكل حال.
ويصحّ إسلام مميز يعقله وردّته.
وتوبةُ المُرتدّ إسلامُه، والكافر بأن يشهد الشهادتين، وإن ارتدّ بجحد نبي أو كتاب 
ونحوه فتوبته مع الشهادتين الإقرار بما جحده، وإن قال: أنا مسلم ولا أنطق بالشهادتين،
لم يحكم بإسلامه حتى ينطقهما.
ويُمنعُ المُرتد من التصرّف في ماله وتقضى منه ديونه، وينفقُ عليْه منه وعلى عياله،
وإن أسلم رُدّ عليْه ماله وإلّا صارَ فيْئا.
والسحر منه ما يَكفر صاحبهُ كمن يركب المكنسة ونحوه ويقتل إن كان مسلما، وإن 
كان ذميًّا لا يقتل إلّا إن قتَـل بسحره.
والكاهن والعرّاف والمنجّم  يكفر إن اعتقد الإباحة، أو اعتقد أنه يعلم الغيب.
ويحرم طلسم ورقية بغير اللغة العربية، ويجوز الحل بسحر ضرورة، وفيه وجهان:
التحريم، والإباحة للضرورة.

كتاب الأطعمة
وهو: ما يؤكل ويُشرب، والأصل فيها الحل.
فيباحُ كل طعام طاهر بخلاف متنجّس ونجس لا مضرّة فيه.
ولا يحلُّ نجس كالميتة والدم، ولا ما فيه مضرّة كالسمّ ونحوه.
وحيوانات البرّ مُباحة إلّا الحُمر الأهلية، وما له ناب ينهش به غير الضبع؛ لأنه ورد
 فيه حديث.
والذي له ناب: كالأسد والكلب والنمر والسنور مطلقا، سواء كان أهليًّا أو بريًّا.
ويحرم كل ما له مخلب من الطير يصيد به كالعقاب والحدأة والصقر.
ويحرم ما يأكل الجيفة من الطير كالنسر واللقلق، وما يستخبثهُ العرب ذوو اليسار كالفأرة والحية والحشرات كلها، وكذا ما تولد من مأكول وغير مؤكول، كالبغل.
وما عدا ذلك الحرام الذي ذكرنَاه فهُو حلالٌ كبهيمة الأنعام-الإبل والبقر والغنم- والخيل
 والدجاج والحمار الوحشي.
ويباح حيوان البحر كله إلّا التمساح والضفدع والحية.
وكره البصل والثوم ما لم ينضج بطبخ.
ومن اضطر إلى محرّم-غير سم- حَلَّ له ما يسدُّ رمَقه، إلّا إن كان في سفر مُحرَم فلا
 تباحُ له هذه الرخصة، ويجب عليه تقديم السؤال عليه.
وإذا اشتبهت المذكّى بالميتة يتحرى.
ومن مرّ بثمرٍ بستان في شجر، أو تساقط عنه ولا حائط ولا ناظر فلهُ الأكل منه مجانا 
من غير حمل، وكذا زرع قائم وشرب لبن ماشية.
ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به في القرى، دون الأمصار يومًا وليلة قدر 
كفايته.
ويجب إنزاله ببيتهِ مع عدم مسجد ونحوه، فإن أبى من نزل به ضيف فلهُ أن يُطالب 
بذلك عند الحاكم، فإن تعذّر فله الأخذُ من ماله بقدر كفايته.

باب الذكاة
وهي: ذبح الحيوان المأكول البرّي بقطع حلقومه ومريئه، أو عقر ممتنع أي: من تعذّر 
ذبحه.
ولا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه إلّا بالذكاة، باستثناء الجراد.
والسمك وحيوان البحر كلّه يحلّ بلا ذكاة لحل ميتتهِ.
وما يعيشُ بالبر والبحر لا يحل إلّا بالذكاة، وحرم بلع سمك حيا، وكره شيّهُ حيا لا جراد؛ 
لأنه لا دم له.

شروط الذكاة
الشرط الأولأهلية المُذكّـي، بأن يكون عاقلاً مسلمًا كان أو كتابيًا، ويشترطُ بالكتابي أن يكون أبواه كتابيَّان.
ولا يؤثّر لو كان المُذكّي مميّزا أو مُراهقا أو أعمى أو حائضا أو جُنبا، ولا تباح ذكاة 
سكرانٍ ومجنون ووثني ومجوسي ومُرتد.
الشرط الثاني: أن تكون الآلة حادّة تقتُـل بحدّها، ولو كانت مغصوبة ولو من ذهب أو فضة مع التّحريم، ويباح الذكاة بالعظم إلّا السن والظفر.
الشرط الثالث: أن يَقطع من الحيوان الحلقوم، وهو مجرى النفس والمريء وهو مجرى الطعام والشراب، ولا يشترط فصلهما، ولا قطع الودجين، ويستحب نحر الإبل وذبح ما عداها.
الشرط الرابع: التسمية عند الذبح، ولا يجزئ غير بسم الله، وتجزئ بغير العربية ولو أحسنها.
فإن تركها سهوًا صحّت لا عمدًا أو جهلا، ويسن مع التسمية التكبير لا الصلاة على 
النبي صلى الله عليه وسلم.
ويكرهُ أن يذبح بآلة كالّة، ويُكره أن يحدّها والحيوان يُبصره.
ويُكره أن يوجهَ الحيوان على غير القبلة، ويكره أن يكسر عنقه أو أن يسلخه قبل
 زهوق نفسه، ويُسن الرفق به والحَمل على الآلة بقوة والرفق به.
وذكاة ما عجز عنه من الصيد والنعم المتوحّشة-يعني بهيمة الأنعام إذا توحشت
 وأصبحت غير أهلية- بجرحهِ في أيّ موضعٍ كان في بدنه؛ إلّا أن يكون رأسه في الماء
فلا يجوز ولو جُرح؛ لأنه اشتبه علينا هل مات بالجرح أم الغرق؟ فنغلب جانب الحظر 
على الإباحة.
وما ذبح من قفاه-خلف الرقبة- فإن أتت الآلة على محل ذبحه وفيه حياة مستقرة حلَّ.
والنطيحة أو المتردّية إذا أدركها وذكّاها وفيها حياة مُستقرّة فهي حلال، وإن أدركها ولا حركة فيها فلا تجوز، وإن أدركها وبها حياة غير مستقرة-حركة المذبوح-فلا تحل.
وما قُطَع حلقومه وأبينت حشوته فوجود حياته كعدمها فلا تحل.
وإن ذبح الكتابيّ ما يحرم عليْه في دينهِ فهو حلال لنا؛ إن ذكر اسم الله عليه.
والجنين إن خرج حيًّا يحتاج تذكيةً، وإن خرج ميّتا فذكاته ذكاة أمه.

كتاب الصيد
وهو: اقتناص حيوان حلال متوحش طبعا-ليس أهليا-غير مقدور عليه.

شروط الصيد
الشرط الأول: أن يكون الصائد من أهل الذّكاة، الشرط الثاني: الآلة، وهي نوعان: أحدهما: يشترط فيه ما يشترط في آلة الذبح، ويشترط فيه أن يجرح الصيد، فإن قتله يثقله لم يُبح، وما ليس بمحدّد كبندق وعصا وشبكة وفخّ لا يحلّ.
والنوع الثاني: الجارحة، وهي إما أن يكون سبع أو طير فيُشترط فيهما: أن تكون معلّمة وهي: أن ينزجر إذا زُجر، ويمتنِع إذا امتنع، ويشترط في السبع إذا أمسك الصيد أن لا يأكله.
الشرط الثالث: إرسال الآلة قاصدا الصيد، فإن استرسل بنفسِه لمْ يُبح ما صاده؛ إلّا أن أدركه قبل أن يصيده فزجره فزاد في العود فيصح.
ومن رمى صيدا فأصاب غيره حلّ، لا سهم سُمّى عليه ورماه ثم أخذ غيره فلا يصح، فالعبرة بالتسمية على السهم.
الشرط الرابع: التسمية، ولا تسقط بالنسيان، ولا يضرّ إن تقدّمت بزمن يسير.
ويُكره الصيد للهو، والصيد هو أفضل مأكول، والزراعة أفضل كسب.

كتاب الأيْمان
وهو: الحلف والقسم.
واليمين التي تجِبُ بها الكفارة إذا حنث فيها هي اليمين التي يحلف بها باسم الله الذي
 لا يُسمّى به غيره كالله والقديم الأزلي، والأوّل الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي 
ليس بعده شيء، ورب العالمين، أو الذي يُسمّى به غيره ولم ينوِ الغير كالرحيم 
والخالق، أو بصفة من صفاته كوجه الله وعظمته، أو بالقرآن أو المُصحف، ولعمرُ
 الله يمين.
وما لا يُعدّ من أسمائه تعالى كالشيء والموجود إن نوى به الله فهو يمين.
والحلفُ بغير الله مُحرّم ، ويُكره الحلف بالأمانة، وقال في الإقناع: كراهة تحريم.
ولا تجب كفّارة على من حلف بغير الله؛ لأنها ليست بيمين.
شروط وجوب الكفارة:
أولا: أن تكون اليمين منعقدة، وهي: اليمين التي قصد عقدها على أمر مستقبل ممكن، فإن حلف على أمر ماض كاذبا فهو: الغموس.
ولغو اليمين التي تجرِي على لسانه من غير قصد كـ لا والله وبلا والله، وكذا يمين 
عقدها يظنّ صِدق نفسه فبان بخلافه فهي لغو فلا كفارة في ما سبق.
ولا تنعقد من نائم وصغير ومجنون.
الثاني: أن يحلف مختارا، الثالث: الحنث في يمينه، والحنث بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله مختارًا ذاكرا، فلا كفارة إذا حنث مُكرها أو ناسيا.
ومن قال في يمينٍ تدخلها الكفّارة: إن شاء الله، لم يحنث في يمينه إن قصد المشيئة، واتصلت يمينه لفظًا أو حُكما.
ويسنُّ الحنث في اليمين إن كان خيرًا وإن حلَف على فعل مكروه أو ترك مندوب .
وإن حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه كره حنثه، وعلى فعل واجب وترك محرّم
حرم حنثه، وعلى فعل محرّم وترك واجب وجب حنثه، ويخيّر في مباح، والتزام 
اليمين أوّلى.
ولا يلزم إبرارُ القسم، ومن حرّم حلالًا-سوى زوجته- لم يَحرُم عليه، وتلزمه كفارة
 يمينٍ إن فعله.

كفارة اليمين
يُـخيّر من تلزمه كفارة اليمين بيْن إطعام عشرة مساكين، لكلّ مسكين مد بر ونصف 
صاع من غيره، أو كسوتهم للرّجل ثوب يُجزئه في صلاته وكذا المرأة، أو عتق رقبة فمن لم يجد شيئا فصيام ثلاثة أيام.
وتجبُ كفّارة ونذر فورًا بحنث، ويجوز إخراجها قبله، ويجوز إخراجها قبل الحنث.
ومن لزِمتهُ أيْمان قبل التّكفير موجِبها واحد-من جنس واحد- فعليه كفارة واحدة، 
وإن اختلف الموجب كظهار ويمين لزماه ولم يتداخلا، ويكفّر كافرٌ بغير صوم.

جامع الأيمان
يُـرجع في الأيْمان لنيّة الحالف، بشرطِ أن يحتِملها اللفظ،  فإن لم تكن عنده نيّة فتنتقل
 إلى سبب اليمين وما هيّجهُ، فإن لم يوجد السبب ننتقل إلى التعيين؛ وإلّا ننتقل إلى 
معنى الكلمة شرعا، فإن تعذّر ننتقل إلى المعنى العُرفي، فإن تعذّر ننتقل إلى المعنى 
اللغوي.
الشرعي من الأسماء: ما له موضوع في الشرع وموضوع في اللغة.
إذا حلف لا يبيع أو لا ينكح فعقد عقدا فاسدا من بيع أو نكاح فلا كفارة، ولم يحنث؛ لأن 
البيع والنكاح لا يتناول الفاسد.
ولو قال لامرأته: إن طلقتُ فلانة الأجنبية فأنتِ طالق، فهو لا يقصد طلاقا شرعيا بل
قصد إن قلتُ لفلانة الأجنبية أنت طالق فأنتِ طالق، طلُقت بصورة طلاق الأجنبية.
فالأسماء ثلاثة: اسم شرعي واسم عُرفي واسم حقيقي.
القاعدة: إذا كانت اليمين على اسم شرعي فينصرف إلى الاسم الشرعي الصحيح؛ إلّا
إن وجدت قرينة تدلّ على أنّه لا يريد الاسم الشرعي.
الاسم الحقيقي-أي اللغوي-هو: الذي لم يغلب مجازه على حقيقته.
ولو حلفَ لا يلبسُ شيئًا فلبس دِرعا أو عمامة أو نعلا حنث؛ لأنه ملبوس حقيقة وعُرفا.
وإن حلَـف لا يُكلّم إنسانًا حنث بكلام كل إنسان؛ لأنه نكرة في سياق النفي.
وإن حلفَ لا يفعل شيئا فوكّـل من يفعله حنث، إلّا أن ينوي مباشرته بنفسه فيصح؛ّ لأن 
اللفظ يحتمله.
الاسم العرفي: ما اشتهرَ مجازهُ فغَلب على حقيقتهِ، كالغائط في العرف: الخارج 
المستقذر، وفي اللغة: المكان المنخفض أو فناء الدار ونحوه.
فتتعلق اليمين بالعّرف دون الحقيقة.
وإن حلّف لا يأكل شيئا فأكله مُستهلكا في غيره لا يظهر طعمه لم يحنث، وإن ظهر 
طعمه حنث.
وإن حلف لا يفعل شيئا ككلام زيد ففعله مُكرها لم يحنث، وإن حلف على نفسه أو 
على غيره-ممن يمتنع بيمينه-ويقصد منعه-كالزوجة والولد- ففعله مُكرها أو جاهلا 
أو ناسيا لم يحنث؛ إلّا إن علّقه على طلاق أو عتاق؛ لأنّ اليمين حق لله فيُعذر فيه 
الإنسان، أمّا ما يتعلّق في حقوق العباد فلا عُـذر لناسٍ أو جاهل أو مكره.
وإن حلَف هو لا يفعل شيئا، أو من لا يمتنع بيمينه من سلطان أو أجنبي أو غيره، أو فعل
 بعض ما حلف عليه لم يحنث؛ لعدم وجود المحلوف عليه ما لم تكن له نيّة أو قرينة.

باب النذر
لغة: الإيجاب، وشرعا: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئا غير مُحال لا يجب
عليه.
ولا يصحُّ إلا من مكلف بالغ عاقل مختار ولو كان كافرا.
أنواع النذر الصحيح:
الأول: النذر المطلق، لله عليّ نذر-ولم يُسمّ شيئا- وعليه كفارة يمين.
الثاني: نذر اللجاج والغضب، وهو: تعليق نذره بشيء يعتقد المنع منه أو الحملَ عليه أو 
التصديق أو التكذيب، كقوله إن كلّمتُـك فعليّ حج، فهو يريد المنع ويخيّر بين فعله 
وكفّارة يمين.
الثالث: نذر مباح، كـ لله علي أن أركب الدابة، فحكمه يُخيّر بين فعله وكفارة يمين، وهي
 من المفردات، وفي رواية مخرجة: لا ينعقد ولا يُكفّر وفاقا للجمهور.
وإن نذر نذرا مكروها كـ  نذرت أن أطلّق زوجتي، فيُستحب له أن يكفّر كفارة يمين، ولا 
كفارة إن فعله.
الرابع: نذر المعصية، كللهِ عليّ أن أشرب الخمر، فلا يشرب وعليه كفارة يمين، وهي من المفردات، وفي رواية مخرجة: لا ينعقد ولا يكفّر وفاقا للجمهور.
ويقضي من نذر صوما من ذلك، كمن نذر صوم أيّام التشريق أو الحيض أو 
النحر، غير يوم الحيض فلا تقتضي ولا تكفّر فلا ينعقد أصلا.
وقال في الإنصاف: ينعقد وتقضيه.
الخامس: نذر التبرّر مُطلقا أو معلّقا وهو: نذر العبادة، كفعل الصلاة والحج والصدقة، والمطلق كقوله: لله عليّ أن أصوم ونحوه، والمعلّق: إن شفى الله مريضي فلله علي كذا، فإن وُجِد الشرط لزمه الوفاء به؛ إلّا إن نذَر الصدقة بماله كلّه من يُسنّ له ذلك فيُجزئه قدر ثلثه ولا كفّارة، أو نذر الصدقة بمُسمّى من المال يزيد على الثلث فيجزئه الثلث، والمذهب: يلزمه ما سماه.
ومن نذرَ صوم شهر معيّن أو مطلقا لزمهُ التتابع، ومن نذر أيامًا معدودة لا يلزمه 
التتابع؛ لأنّ الأيام لا دلالة لها على التتابع إلّا إن نوى التتابع فيلزمه.
وإن نذر صلاةً وأطلقَ فأقله: ركعتان قائما لقادر، وإن نذر صوما وأطلق أو صوم بعض 
يوم لزمه صوم يوم كامل بنيّته من الليل.

كتاب القضاء
وهو لغة: إحكام الشيء والفراغ منه.
وشرعا: تبيين الحكم الشرعي والإلزام به، وهو: فرض كفاية؛ لأن أمر الناس لا يستقيم 
بدونه.
ويجب على الإمام أن ينصِب في كل إقليم قاضيًا؛ لأن لا تضييع الحقوق.
ويختارُ لنصب القضاء أفضلُ من يجد عِلمًا وورعًا، ويأمرهَ بتقوى الله؛ لأن التقوى رأس
 الدين وأن يتحرّى العدل.
ويجب على من يصلح للقضاء ولا يوجد غيره أن يتولّ القضاء، ويحرم أن يبذل فيه 
مالًا أو يأخذه، أو يطلب القضاء.
ويكاتبهُ الإمام بالولاية في البُعد إن كان غائبا ويُشهد عدلين عليها.
وتُفيد ولايةُ الحكم العامّة: الفصل بيْن الخصوم، وأخذ الحق بعضهم لبعض، والنظر في 
أموال غير الرّاشدين، والحجر على من يَستوجبهُ، والنظر في الأوقاف والعمل بشرطها ، وتنفيذُ الوصايا، وتزويجُ من لا وليّ لها، وإقامة الحدود، وإمامة الجمعة والعيد، والنظر في مصالح عمله أي: البلد التي هو متول عليها.
ويجوز أن يوَلَّى القاضي عموم النظر في عموم العمل، فيحكم في كل شيء في جميع 
البلاد، وإن يُولِّى خاص فيهما بأن يوليهِ الأنكحة في مصر مثلا، أو خاصا بأحدهما كأن
 يولِّيه سائر العمل ببلد معيّن أو العكس.
وإذا ولّاه في بلدٍ معيّن ينفذُ حكمه في هذا البلد وفيمن قدِم عليه، ولا يسمع بيّنة في
غير البلد ولا يحكم إلّا به. 
وللقاضي طلب رزق من بيت المال، فإن لم يُجعل له فيه شيء وقال للخصمين لا 
أقضي بينكما إلّا بجعلٍ جاز.
ويُـشترط في القاضي: كونه بالغًا عاقلاً ذكرًا حرًا مسلمًا عدلاً، فلا يجوز تولية الفاسق، 
وكونه سميعا بصيرا متكلّما مجتهدًا، ولو في مذهبه المقلد فيه لإمام من أئمته، ولو اعتقد خلافه.
ولو حكّم اثنان فأكثر بينهما رجُلا يصلح للقضاء نفذ حُكمه في كلِّ ما يُقبل به حكم قاض، وقال القاضي: لا ينفذ إلّا في الأموال خاصة.
وينبغي للقاضي أن يكون قويا بلا عنف-ولينا بلا ضعف- حليما ذا فطنة عفيفا، وليكن
 مجلسه وسط البلد.
ولا يكره القضاء في الجامع، ويجب أن يعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه وفي 
مجلسه ودخول عليه؛ إلّا مسلم مع كافر فيقدّم المسلم دخولا ومجلسا.
ويحرم أن يكلّم أحدهما سِرّا أو يُلقنه حُجّته، أو يضيفه أو يعلّمه كيف يدّعي .
ويسن أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب.
ويحرم أن يقضيَ وهو غضبان كثيرا، أو وهو حاقن أو في شدةِ جوعٍ أو عطشٍ أو في
 شدة همٍ أو مللٍ أو نعاسٍ أو كسلٍ أو حرٍ أو بردٍ مُزعج؛ لأن هذا يُخشى أن يؤثر على
فِكْرهِ، فلا يحكم حكما صحيحا، وإن حكم في حال من هذه الأحوال فإن كان صحيحا
مضى حُكمه.
ويحرم عليه قبول رشوة، وكذا يحرم عليه قبول هدية؛ إلّا إذا كانت ممن كان يُهاديه 
قبل ولايته بشرط أن لا تكون له خصومة.
ويكره بيع القاضي وشراؤه إلّا بوكيل لا يُعرف به، ولا ينفذ حكمه لنفسه ولا لمن لا
 تقبل شهادته له ولا على عدوه.
ومن ادّعى على غير برزة-وهي التي ليست معتادة الخروج- أُحضرت ولا يشترط 
وجود محرم معها، وإن لزم غير البرزة يمينٌ بعث لها شاهدان يسمعان يمينها ولا 
يحضرها.

باب طريق الحكم وصفته
إذا حضر إليه الخصمان يُسنّ أن يُجلسهمَا بيْن يديه، ويقول أيّكما المُدّعي فمن سبَق 
بالدعوى قدّمه الحاكم على خصمه، وإن ادّعيا معًا أقرع بينهما، ولا تُسمع الدعوى 
المقلوبة، ولا تُسمع دعوى حسبة بحق الله تعالى وتسمع بينة بذلك.
فإذا حرّرَ المُدّعي دعواه فللحاكم سؤال الخصم عنه وإن لم يسأله المُدّعي سؤاله فإن
 أقرّ المُدّعى عليه فلا يحكم عليه حتى يُطالب المدّعي بالحُكم عليه.
وإن أنكر-المدّعى عليه-فقال: لا حق له ونحوه صح ما لم يعترف بسبب الحق-فلو 
قال أقرضني وسددت- فنحتاج أن يُثبت أنه سدد.
ثم إن أنكر فعلى الحاكم أن يقول للمدعي إن كان لك بيّنة فأحضرها فإن أحضرها 
وشهدت سمِعها وحرُم ترديدُها وتشديدُها وحكم بها إن اتضح الحُكم وسأله المدّعي، ولا 
يحكم القاضي بعلمه.
وإن قال المدّعي: ما لي بيّنة أعلمَه الحاكم أنّ له يمينًا على الخصم-المُدعى عليه-
وتكون يمينه على صفة جوابه للمُدّعي، فإن سأل المدعي من القاضي إحلافه أحلفه
 وخلّى سبيله.
ولا يُعتدّ بيمين المدعى عليه قبل سؤال المدعي إحلافه، وإن نكل المُدعَى عليْه عن 
اليمين قُضي عليه بالنكول، فإن حلف المنكر وخلّى الحاكم سبيله ثم أحضر المُدّعي 
بيّنة عليه حكم القاضي بها.
وإن قال المُدعي: لا أعلم بيّنة في كلامه الأوّل ثم أحضرها كأن يكون نسيَها ثم تذكَر 
 فيصح، ولا تكون مكذِّبة لكلامه الأول، لا إن جزم بعدم وجود شهود ثم أحضرهم 
فيكونون مكذبين له.
ولا تصحُّ الدعوى إلا محرّرة-واضحة غير مُجملة-؛ لأن الحكم مرتّب عليها، ولا تصح 
إلّا معلومة-أي بشيء معلوم به- ليتأتى الإلزام إلّا الدّعوى بما نُصحّحه مجهولا 
كالوصية.
ويعتبر أن يصرّح بالدّعوى فلا يكفي أن يقول لي عنده كذا، بل يقول وأنا أطالبه به، 
ولا بُـدّ أن تنفكّـ الدّعوى عما يُكذّبها.
وإن ادّعى عقدَ بيع أو إجارةٍ فلا بُد أن يذكر الشروط، وإن ادّعى استدامة الزوجيّة لا 
يشترط ذكر شروط العقد.
وإن ادّعت امرأة أنها زوجة لفلان-لمطالبة نفقة ونحوه- سُمِعت دعواها، وإن لم تُطالب
 بشيء لم تُسمع دعواها؛ لأن النكاح حق الزوج عليها فلا تسمع دعواها لحقٍ لغيرها.
وإن ادّعى إنسان الإرث ذكرَ سببه، ويُعتبر إحضار عيْن مدّعى بها بالبلد لتتعيّن، وإن 
كانت غائبة وصفها كسلَم.
وتُعتبر عدالة البيّنة ظاهرًا وباطنًا إلّا في عقد نكاح فتكفي العدالة ظاهرا، وتُقدّم بيّنة
 جرح على تعديل، وإن علم القاضي عدالة الشاهد عمِل بها، ولا يحتاج لتزكية-وهذه 
المسألة التي يحكم القاضي بعلمه- وأُنظِر من ادّعى الجرح ثلاثة أيّام إن طلبه، 
وللمُدعي ملازمته-ملازمة خصمه مدّة الإنظار- فإن لم يأتِ مدّعي الجرح ببيّنة حُكم
 عليه.
وإن جهل القاضي حال البيّنة طَلب من المُدعي تزكيتهم، ويكفي فيها عدلان يشهدان
بعدالة الشَاهد.
ويَحكم على الغائب مسافة قصر إذا ثبتَ عليْه الحقُّ، ويحكم بها ثم إذا حضَر فهو على
 حجته، ولا يحكم على حاضر في البلد غير مستتر.

باب كتاب القاضي إلى القاضي
أجمعت الأمّة على قبوله لدعاء الحاجة إليه.
فيُقبل كتاب القاضي إلى القاضي في حقوق الآدميين، ولا يقبل في حقوق الله.
ويُقبل فيما حكم به القاضي الكاتب لينفذه القاضي المكتوب إليْه؛ وإن كان كلٌ منهُما 
في بلدٍ واحد، ولا يُقبل كتابه فيما ثبت عنده ليحكم به الثاني؛ إلّا أن يكون بينهما 
مسافة قصر فأكثر.
ويلزم من وصلهُ إليه قبوله، سواء كانت لقاضي معيّن أو غير معيّن.
ويشهد على الكتاب عدليْن، ويقرأه عليهما ثم يدفعه لهما ويقولان هذا كتاب فلان كتبه 
في عمله-ولايته-، ولو أشهدهما عليه مختوما مغلقا لا يصح.

باب القسمة
وهي: النصيب
والقسمة نوعان: الأول: قسمة تراضي، الثاني: قسمة إجبار.
قسمة التراضي: لا تنقسم إلّا بضرر، أو بردِّ عوض من أحدهما إلى الآخر، فهيَ التي إذا حصلت يقع ضرر على أحد الشريكين.
والضرر نقص قيمة المَقسوم، كما لو كانت أرضا فلو قُسمت تنقص قيمتُها، فلا بدّ من 
التّراضي، وإن لم تتساوى الأجزاء عند القسمة فلا بدّ من ردّ عوض؛ إلّا برضا 
الشركاء كلهم، كالدّور الصغار والشجر المفرد، والأرض التي لا تتعدّل بأجزاء ولا قيمة،
فهي في حكم البيع، ولا يُجبر من امتنع منهما عن القِسمة، وتُباع وتُقسم بينهما القيمة 
ويُـجبر هنا من امتنع عن البيع.
قسمة الإجبار: ما لا ضررَ في قسمتهِ ولا ردُّ عوض، كالقرية والبُستان والأرض الكبيرة 
والمكيل والموزون من جنس واحد، إن طلب الشريك قسمتها أجبر على ذلك، ويقسم 
حاكم على غائب بطلب شريكه.
وهي إفراز وليست بيعا، ويصح قسم لحم هدي وأضاحي.
وإمّا أن يقسموا بأنفسهم، أو بقاسم ينصبونه، أو يُعيّنه حاكم لهم، ويشترط إسلامه 
وعدالته ومعرفته بالقسمة، ويكفي واحد إلّا مع تقويم فاثنان.
وأُجرة القاسم على الشركاء بقدر أملاكهم لا عددهم.
فإن اقتسموا أو اقترعوا لزمت القسمة؛ لأن القاسم كالحاكم والقرعة كالحكم .
ولمن خرجَ في نصيبه عيْب جهله فإمّا أن يفسخ أو يأخذ الأرش.

باب الدّعاوي والبينات
وهي: إضافة الإنسان لنفسه استحقاقَ شيء لغيره أو في ذمّة غيره.
الدعوى هي: الإخبار بما على الغير للنفس وعكسه الإقرار وهو: الإخبار بما على 
النفس للغير، والشهادة: الإخبار بما على الغير للغير.
البيّنة: العلامة الواضحة، والمدّعي من إذا سكت عن الدّعوى تُرك فهو المُطالِب، والمدّعى عليه من إذا سكت لم يترك فهو المُطالَب.
ولا تصحُّ الدّعوى ولا لإنكار لها؛ إلّا من جائز التصرف، وهو: الحر المُكلف الرشيد، 
سوى إنكار سفيه فيما يُؤاخذ به لو أقرّ به.
وإذا تداعيا عيْنا أي: ادّعها كل منهما، وهيَ بيد أحدهما فهي لمن هو بيده مع يمينه؛ 
إلّا أن تكون له بيّنة فيقيمها ولا يحلف.
وإن أقامَ كلٌ مِنهما بيّنة-أنّ هذه العيْن المُدّعى عليها له- وهي تحت يد الأول فهي 
للخارج، وعنه: يُقضى للدّاخل في بيّنته.
وإن لم تكن العيْن بيدِ أحدهما، ولا ثمّ ظاهر تحالفا وتناصفاها، وإن كانت بيدهما كذلك 
تحالفا وتناصفاها.

كتاب الشهادات
وهي: الإخبار بما علمه بلفظ أشهد أو شهدت.
تحمّلها في غير حق الله تعالى فرض كفاية، وتباح في حق الله تعالى.
وإن كانَ عبدًا لا يجوز لسيده أن يمنعه، وأداؤها فرض عيْن على من تحملها متى ما دُعي إليْها.
ومحلّ وجُوبها إن قدِر على أدائها بلا ضرر يلحقه في ماله أو بدنه أو أهله.
وإن كان لو كان ممّن لا يقبل الحاكم شهادته فلا تجب عليه.
ولا يحلّ كتمان الشهادة، ومتى ما وجبت لزمت كتابتها، ويحرم أخذ الأجرة وجُعل 
عليها، باستثناء تكاليف الذّهاب والرجوع فتُدفع له.
ومن عنده شهادة بحدّ لله فله إقامتها، وتركها أوْلى، فلا يجب عليه أن يؤدّيها إن كانت
في حد لله.
ولا يحلُّ لأحد أن يشهد إلّا بما يعلمه، لا في ما يظنّه أو يُخمنه.
ويكون العلم: بالرؤيا والسماع، والاستفاضة بما يتعذّر به العِلم غالبا بالسماع والرؤيا
 كنسب وموت والملك المطلق، ونكاحٍ، ووقف وعتق وطلاق ونحوه.
وإن شهِد برضاع ذكرَعدد الرضعات، وأنّه شرب من ثديِها، ولبن حُلب منه، وإن شهد 
بسرقةٍ ذكر المسروق منه والحرز وصِفة السرقة.
ويذكر الشاهد أيّ وصف مؤثّر في الحكم في كل ما يشهد فيه.
شروط من تقبل شهادتهم: العقل والبلوغ والكلام والإسلام والحفظ والعدالة.
وتُقبل فيمن يخنق-يجنّ أحيانا- في حال الإفاقة.
ولا تقبل شهادة الأخرس ولو فهمت إشارته، ولا من مغفّل ومعروف بكثرة سهو 
وغلط.
والعدالة استواء أحواله في دينه، واعتدال أقواله وأفعاله.
ويُعتبر لها الصلاح في الدين، وهو نوعان: أداء الفرائض، واجتناب المحارم.
ويُعتبر لها-العدالة- استعمال المروءة، وهو فعل ما يُجمّله ويُزينه عادة، واجتناب ما 
يدنّسه ويشينه.
ومتى ما زالت الموانع من الشهادة قُبلت شهادتهم بمجرّد ذلك، وتقبل شهادة ذي
 صنعة دنئية.

باب موانع الشهادة
المانع الأول: عمودي النسب، وهم الآباء وإن علوا، والأبناء وإن نزلوا، وتُـقبل شهادته لأخيه وصديقه وعتيقه.
المانع الثاني: لا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر ولو بعد الطلاق.
 وتُقبل الشهادة عليهم لو شهد على أبيهِ وابنهِ وزوجهِ إلّا إن شهد على زوجه بزنا.
المانع  الثالث: لا تقبل شهادة من يجرُّ لنفسه نفعا، كشهادة السيد لعبده.
المانع الرابع: لا تقبل شهادة من يدفع عن نفسه ضررا.
المانع الخامس: لا تقبل شهادة عدو على عدوه، وهو: من سرّه مساءة شخص أو 
غمَّه فرحه فهو عدوه، وتقبل شهادة العدو لعدوه وعليه في عقد نكاح.
المناع السادس: لا تقبل شهادة من عُرف بعصبيّة وإفراط حِمية وإن لم تبلغ مرتبة 
العدواة.

فصل في عدد الشهود
أولا: لا يُقبل في الزنا واللواط والإقرار به إلّا أربعة رجال يشهدون به.
 ثانيا: يكفي في شهادة من أتى بهيمة اثنان؛ لأنه يوجب التعزير.
ثالثا: من عُرف بغنى وادّعى أنه فقير لم يقبل قوله إلّا بثلاثة رجال.
رابعا: يقبلُ في بقيّة الحدود كالقذف والسرقة وقطع الطريق رجلان، ولا تُقبل فيه شهادة
 النساء؛ لأنه يسقط بالشُّبهة.
وما ليس بعقوبة ولا مال ولا يقصدُ به المال ويطّلع عليه الرجال غالبا كنكاح وطلاق 
ونحوه رجلان .
خامسا: يقبل في المال وما يقصد به المال كالبيع والأجلِ والشفعة والجناية إذا لم توجب 
قودا، رجلان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المُدّعي، ويجبُ تقديم الشهادة على
 اليمين.
سادسا: يقبل في داء دابّة وموضحة طبيب وبيطار وإلّا فاثنان.
سابعا: ما لا يطّلع عليه الرجالُ غالبًا كعيوب النساء تحت الثياب شهادة امرأة عدل.

الشهادة على الشهادة
وهي أن يكون شاهد الأصل له عُذر يمنعه من الذهاب للقاضي، فعند ذلك يُمكن أن
 يحملها لشخص آخر يؤدّيها، وهو: الفرع فيقول أشهد على فلان أنّه شهد أنه كذا.
ولا تقبل إلّا في حقّ يُقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، وهو: حقوق الآدميين دون
 حق الله تعالى.
ويشترط لصحتها أن تتعذّر شهادة الأصل، ويُشترط  دوام عذر شهود الأصل. 
ويُشترط ثبوت عدالة الجميع، ودوام عدالتهم، ويُشترط تعيين الأصل للفرع.
ولا يجوز لشاهد الفرع أن يشهد بلا استرعاء من شاهد الأصل، وإن لم يسترعِه لم 
يشهد إلّا أن يسمعه-الفرع- يُقرّ بها عند حاكم أو سمعه يعزوها لسبب من بيعٍ أو 
قرضٍ ونحوه؛ فيجوزُ للفرع أن يشهد لأنّ هذا يقوم مقام الاسترعاء، ويؤدّيها الفرع
 بصفة ما تحمّله.
ويقبل تعديل فرع لأصل، وكذلك تُقبل شهادة الفرع بموت الأصل، ويقبل ذلك القاضي
 لا تعديل شاهد لرفيقه.
وإذا رجع شهود المال بعد الحُكم لم يُنقض الحكم؛ لأنه تمّ ووجب المشهود به للمشهود له، ولو كان قبل الاستيفاء ويلزمهم الضمان، وإذا كان الحُكم ليس مالا وإنّما 
قود أو قصاص وحكَم القاضي وقبل أن يُنفذ رجع الشهود فّينقض القاضي الحكم.

باب اليمين في الدعاوي
وهي: تقطع الخصومة حالًا.
ولا يُستحلف منكِر في العبادات، كدعوى دفع زكاة وكفّارةٍ، وحدود الله؛ لأنه يستحب
سترها.
ويُستحلف المنكِر على صفة جوابه بطلبِ خصمه في كل حقٍّ لآدمي، واليمين على
 المُدّعى عليه.
ولا تدخل اليمين على جميع حقوق الآدميين، وهي: النكاح والطلاق والرجعة والإيلاء
 وأصل الرق والولاء-إن أنكره المُعتق-، والاستيلاد-الأمة إن أنكرت الولادة- والقود-في غير القسامة-والنسب.
ولا يستحلف شاهد أنكر تحمّل الشهادة، وإن ادّعى وصيٌ وصيةً للفقراء فأنكر الورثة
 حلفوا على نفي العلم، فإن نكلوا قُضي عليهم.
ومن توجّه عليه حق لجماعة حلف لكل واحد منهم يمينا؛ إلّا أن يرضوا بوحدة.
واليمين المشروعة هي: اليمين بالله تعالى، والمغلّظة: تكون بالقول والهيئة والزمان
  وباللفظ  كقوله: الله الذي لا إله إلا غيره، ولا تغلظ إلّا بما فيه خطر، وإن أبى الحالف 
التغليظ لم يكن ناكلا.

كتاب الإقرار
وهو: الاعتراف بالحق، أو إظهار مكلّف مختار ما وجبَ عليه.
ويصح الإقرار من مكلّف، ويصح من صغيرٍ مأذونٍ له بتجارة في قدر ما أُذِن له
 فيه.
ويصح من مختارٍ غير محجور عليه، فلا يصح من سفيهٍ إقرار بمال، ولا من مكرهٍ، ويصح الإقرار من سكران بمعصية-من فقد عقله عاصيا- بخلاف المعذور.
ولا يصح الإقرار بشيء في يد غيره، أو تحت ولاية غيره، فلا بد أن تكون العيْن تحت يد
 المقرّ أو تحت ولايتهِ-كما لو أقرّ أجنبيٌ غير وليّ على صغير-، أو وقفَ في ولاية غيره، أو اختصاصه.
وتُقبل دعوة مقر بإكراه بقرينة.
ويصح إقرارُ صبي باحتلام إذا بلغ عشرًا، ومن أقرّ بمرضه ولو مخوف يُقبل إقراره لا
 إن كان إقراره بمال لوارث؛ إلّا إن أجازه الورثة، وإن أقر المريض بمهر لامرأته 
فلها مهر المثل، فيُقبل إقراره بالزوجيّة لا في المال.
ولو أقرّ المريض بأنه كان أبانها-أي  زوجته-بصحته لم يسقط إرثها بذلك، إلّـا أن 
تُصدّقه.
وإن أقرّ المريض لوارث فأصبح عند الموت غير وارثٍ لم يلزم إقراره اعتبارا بحالته؛ 
لأنه كان متّهما لا أنه باطل، بل هو موقوف على إجازة الورثة.
وإن أقرّ لغير وارثٍ أو أعطاه شيئا صح الإقرار والإعطاء، ولو صار عند الموت وارثا،
وعلى المذهب: لا يصح الإعطاء.
وإن أقرّت امرأة ولو سفيهة بنكاحٍ، ولم يدع النكاح اثنان قُبِل إقرارها، ولو كان 
المُدّعي اثنان فلا يُقبل وهو رواية، والأصح: تقبل، وإن أقاما بينتيْن قُبلت بيّنة الأسبق.
وإن أقرّ وليّها المُجبر بالنكاح صح إقراره، وإن أقرّ به الولي الذي أذِنت له أن يزوّجها 
صح إقراره به.
وإن أقرّ إنسان بنسب صغير أو مجنون مجهول النّسب أنّه ابنه ثبت نسبه، ولو أسقط به 
وارثا معروفا؛ لأنه غير متهم به بإقراره، وإن كان ميتا ورثه المقر.
ويشترط لصحته إمكان صدق المُقر، وأن لا ينفي به نسبا معروفا، وإن كان المقر به 
مكلّفا فلا بد من تصديقه.
ويصح الإقرار بكل ما أدّى معناه، كصدقتَ، ونعم، وأنا مقرٌ بدعواك، أو خذها واتّزنها أو 
اقبضها، أو أحرزها ونحوه، لا إن قال: أنا أقرّ أو لا أنكر، أو يجوز أن تكون مُحِقا فلا يعتبر كله إقرارا.
وإذا وصل بإقراره ما يسقطه كأن يقول له: علي ألف لا تلزمني، فلا تسقط أو وديعة تلفت أو مضاربة وتلفت فتلزمه.
وإن قال له: عليّ ألف وقضيته، أو برأت منه، فقول المقر بيمينه.
 وقال أبو الخطاب: يكون مقرا، فلا يُقبل إلا ببيّنة، فإن لم تكن له بينة حلف المدّعي أنه لم يقضي ولم يبرأ واستحقّه.
ويصح استثناء النصف فأقل في الإقرار، وإن قال له: عليّ مائة ثم سكت سكوتًا يُمكنه 
الكلام فيه ثم قال: زيوفا أو مؤجلة لزمته مائة جيدة حالّة.
وإن أقرّ بدين مؤجل فأنكر المقرُّ له الأجل وقال: هي حالّة فقول المقرّ مع يمينه.
وإن قال: لم يكن ما بعته ملكي وأقرّ بها لفلان فلا يُقبل قوله، ولم ينفسخ البيع ولا غيره
 من الهبة والعتق ولزمته غرامته للمقر له.
وإن قال: لم يكن ما بعتهُ أو ما وهبتهُ ملكي، ثم ملكتهُ بعد وأقام بيّنة بما قال، قُبلت البيّنة 
بشرط أن لا يكون لفظه يُكذّب بنفسه، كأن يكون أقرّ أنه ملكه بالسابق، أو قال: أنه 
قبض ثمن مـلكه، وإن لم يُقم بيّنة لم يُقبل مطلقا.

الإقرار بالمُجمل
إذا قال إنسان: لزيد عليّ شيء أو كذا وكذا، أو له عليّ شيء وشيء، قيل له: فسّره 
ليتأتى إلزامه به، فإن أبى حُبس حتى يُفسره، فإن فسّره بأقل مال قُبل تفسيره؛ إلّا أن 
يُـكذبه المقرّ له ويدّعي جنسا آخر، وإن فسّره بميتة أو خمر أو كلب لا يُقتنى أو مال لا 
يتموّل لم يُقبل منه ذلك، وإن قال المقرُّ: لا علم لي بما أقررت به حلف وغرم الأقل-أقل
 ما وقع عليه الاسم-
وإن قال: لي عليّ لفلان ألف رجِع بتفسير جنسه عليه.
وإن قال له: علي درهم بل دينار لزماه، وإقراره بشجرة ليس إقرارا بأرضها، ولا يملك
 رب الأرض قلعها، وإقراره بأمةٍ ليس إقرارا بحمْلها.

تم بحمد الله