كتـاب الصيـام
وهو لغة: الإمساك.
وفي الشرع: إمساك بنية عن أشياء مخصوصة، في وقت معيّن من شخص مخصوص.
الطرق التي يُحكم بها بدخول شهر رمضان:
1- رؤية الهلال، وهذا بالإجماع، ويستحبّ للناس ترائي الهلال ولو لم يأمر وليّ الأمر.
2- إتمام شعبان ثلاثين، فإن لم يُرَ مع صحو ليلة ثلاثين أصبحوا مفطرين.
3- فإن منع حائل من رؤية الهلال كـ غيم أو قتر فظاهر المذهب يجب صومه.
وإن رأى الهلال نهارا فهو لليلة المقبلة، وإذا رآه أهل بلد لزمَ الناس كلهم الصوم.
ويثبتُ رؤية هلال شهر رمضان من عدل مكلف ولو أنثى، ولا يشترط أن يأتي بلفظ الشهادة، أمّا بقية الشهور فلا يثبت دخولها إلا بشاهدين.
ومن رأى وحده هلال شهر رمضان فيلزمه الصوم كذا لو سمعه من عدل، ولو رأى هلال شوال فلا يُفطر لأنه لا بدّ من شاهدين.
ويُشترط للصوم: أن يكون من مسلم مكلف قادر حال الوجوب، ولو بلغ الصغير الصائم أثناء النهار فإن كان ناويا من الليل فإن صومه يكون صحيحا .
ومن صار في أثنائه أهلا لوجُوبه فيمسك بقيّة النهار، ويقضي كما لو طهرت الحائض أو برئ المريض، ولهم ثواب الإمساك تعظيما لحُرمة الوقت.
شروط صحته: الإسلام والعقل والتمييز، والطهر من الحيض والنفاس، والنية من الليل للصوم الواجب.
ومن أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، أطعم وجوبا لكل يوم مسكينا، مد من البر أو نصف صاع من غيره .
وضابط المرض: إن زاد بفعل الصوم، أو تأخر البرء بسببه.
ويكره صوم: المريض والمسافر.
وإن نوى حاضر الصوم ثم سافر فلهُ أن يفطر إذا فارق عامر قريته.
والحامل والمرضع يجوز لهما الفطر إن خافتا على أنفسهما وتقضيان، وإن خافتا على ولديهما قضتاهُ وأطعَمتا، ولو أفطرت خوفا على نفسها والولد فتقضي فقط.
ومن نوى الصوم ثم جن أو أغمِي عليه جميع النهار ولم يفق جُزء منه لم يصح صومه، لفقدِ النية أثناء النهار، لا إن نام جميع النهار، ويلزم المغمى عليه فقط القضاء.
ويجب على من أراد أن يصوم أن يعيّن النية من الليل، فلو نوى من النهار لم يُجزئه إن كان صوما واجبا، ويصح النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، بشرط أن لا يأتي قبل النيّة بمفسد صوم، والثواب يبدأ من حين النية .
والحائض والنفساء إن طهرت أثناء اليوم في غير رمضان فيصح صيامها إن لم تأت بمفسد.
ومن نوى الإفطار أفطر ولو لم يُفطر.
باب مفسدات الصوم
يفطر من أكل ولو ترابا أو ما لا يغذي ولو حصى أو شرب أو استعط -في الأنف، لأنه يوصل للحلق-أو احتقن -الحقنة من الدبر، لأنها توصل للمعدة- ولا يشترط تيقّن وصولها إلى المعدة، أو اكتحل بما يوصل لحلقه، أو أدخل شيئا في إحليله، وفي المذهب الجوف-المعدة والدماغ-ويُلحق بالمعدة كل مجوف بالبدن.
ويفطرُ من استقاء فقاء أو استمنى فأمنى، أو أمذى، أو باشر، أو قبّل، أو لمس فأمنى أو أمذى، فإنه يُفطر أو كرر النظر فأنزل لا إن احتلم أو أصبح في فمه طعام فلفظهُ.
ويفطر من حجم أو احتجم وظهر دم، والعلة تعبديّة فلا يفطر لو تبّرع بالدم.
شروط الفطر فيما تقدم: أن يكون عامدا فلا يفطر غير القاصد، وأن يكون ذاكرا مُختارا.
ويُفسد الصيام خروج دم الحيض أو النفاس، والردة، وبلع النخامة عمدا، والعزم على الفطر، وقطع النية، ولو تعمّد استنشاق البخور فإنه يُفطر إذا أحس به بحلقه.
ومن أكل شاكا في طلوع الفجر صح صومه إن لم يتبيّن له شيء، وإذا تبيّن أنه أكل بعد طلوع الفجر فعليه القضاء.
والأكل مع الشك في غروب الشمس حرام، وإن تبيّن أنه أكل بعد الغروب فصحيح مع الإثم، وإن تبيّن أنه أكل قبل الغروب أو لم يتبين له شيء فعليه القضاء.
ويجوز إن غلب على ظنه غروب الشمس فإن تبيّن أنه أفطر قبل الغروب فصومه غير صحيح.
ومن جامع في نهار رمضان من غير عُذر فعليه: القضاء والكفارة ولو كان ناسيا أو مُكرهًا أو جاهلا.
وإن جامع في يومين فعليه كفارتان أو كرّره في يوم ولم يكفّر فكفارة واحدة، ولو كفّر ثم جامع مرة أخرى فيُكفّر عن الثانية، وكذا من لزمه الإمساك فعليه الكفارة كالمسافر إذا قدِم.
ولا تجب الكفارة في غير الجماع وفي غير رمضان، وهي:عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن يستطع فإطعام ستين مسكينا فإن لم يستطع سقطت.
ويكره للصائم جمع ريقه ثم بلعه ويحرم بلع النخامة، وكره ذوق الطعام بلا حاجة، ومضغ علك قوي لا يتحلل، ويحرم مضع العلك المُتحلل مطلقا كمعجون الأسنان وإن لم يبلع ريقه.
وتكره القبلة ودواعي الجماع لمن تحرك شهوته، وتحرم إن ظنّ إنزالا.
ويجب اجتناب كذب وغيبة ونميمة وشتم والفحش من الكلام.
وسن لمن شُتِم قول: إني صائم، جهرا في الفرض والنفل، وسن تأخير السحور، وهو يبدأ من نصف الليل بأكل أو شُرب ولو قل.
وسن تعجيل الفطر إذا تيقّن الغروب، وقبل الصلاة أفضل، وسُن أن يكون فطره على الرطب فإن عدم فالتّمر فإن عدِم فيُفطر على ماء.
وسنّ قوله ما ورد عند الفطر ويقوله بعد أن يأكل.
ويستحبُّ قضاء رمضان فورا متتابعا، ولا يجوز تأخيره إلى رمضان آخر من غير عُذر فإن أخّره فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم ولو بعد رمضان آخر.
وإن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو صلاة أو نذر استحب لوليّه قضاؤه إن لم يُخلّف تركة فإن خلف تركة فيجب على الوليّ فعله أو أن يدفع لمن يفعله.
باب صيام التطوع
يسن صوم الأيام البيض، ويسن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ويستحبّ أن تكون الأيام البيض.
وسن صوم الاثنين والخميس، وست من شوال ،ولو متفرقة ويستحب تتابعها وأن تكون عقب العيد.
وسنّ صوم الشهر المحرّم وهو أفضل شهر تطوع به كاملا بعد رمضان، وآكدهُ العاشر والتاسع، ثم بقية العشر الأولى منه.
ويسنّ صوم تسع ذي الحجة وآكدهُ يوم عرفة لغير حاج فالأفضل في حقّه أن يُفطر.
وأفضل التطوع صوم يوم وفطر يوم.
ويكره إفراد رجب بالصوم وتزول الكراهة لو صام معه في السنة شهرا آخر غير رمضان ولو أفطر منه يوما واحدا تزول الكراهة.
وكره إفراد صوم السبت، ويوم الشك يوم الثلاثين من شعبان إن كان الجو صحوا، ولا يكره إن وافق عادة، وإن صام يوما قبله ويوما بعده في غير يوم الشك فتزول الكراهة.
ويحرم صوم يوم العيدين ولو في قضاء فرض، وأيام التشريق إلا عن دم متعة ودم القران.
ومن دخل في فرض موسّع كقضاء رمضان حرُم قطعه، ما لم يقلِبه نفلا.
ولا يلزم الإتمام في النفل ولا قضاء فاسده، إلا الحج والعمرة، فيلزم فيهما الإتمام وإذا أفسدَهما فيلزمهُ القضاء.
وتُرجى ليلة القدر في العشر الأخيرة من رمضان، وأوتار العشر الأواخر آكد وليلة سبع وعشرين وتسع وعشرين آكد.
كتاب الاعتكاف
وهو: لزوم مسلم عاقل ولو مميزا لا غُسل عليه مسجدا ولو ساعة لطاعة الله تعالى.
يُشترط لصحته:
الإسلام، العقل، التمييز، عدم ما يوجب الغسل، النية، كونه بمسجد.
ويُشترط أن يكون مسجدا تقام فيه الجماعة ممن تلزمه، لا الجُمعة إذا أتى عليه صلاة زمن اعتكافه.
وهو مسنون كل وقت، وأقل زمن يكون به الإنسان لابثا فإنه يُجزئه، وهو في رمضان آكد وفي العشر الأواخر آكد.
وأفضل المساجد: المسجد الحرام، ثم المدينة، ثم الأقصى، فمن نذَر في غير هذه المساجد فله أن يعتكف في أي مسجد، فإن عيّن الأفضل من هذه المساجد الثلاثة لم يُجزئه ما دونه.
ومن نذرَ أن يعتكف زمنا معينا كالعَشر الأواخر دخل قبلهُ وخرج بعده.
ولا يخرجُ معتكف إلا لما لا بدّ منه إما حسًّا كالأكل والشرب، وشرعا كالطهارة ولو لم يَشترط، ولا يعُود مريضا ولا يشهد جنازة إلا ان يشترطه في ابتداء اعتكافه، فيصح اشتراطه.
وإن اشترط الخروج لما له منه بدّ وليس بقُربة ولكنه محتاج إليه كالمبيت في منزله فيجوز.
ولو اشترط الخروج لما له منه بُد وليس بقربة وينافي الاعتكاف صورة ومعنى، كالخروج للبيع والشراء فلا يصح.
ويفسد الاعتكاف إن وطئ في فرج، كذا لو أنزل بالمباشرة دون الفرج، والخروج لغير ضرورة ولو قل، والردة، والسكر ونية قطعهِ ولو لم يخرج.
ويُستحب اشتغاله بالقُرب واجتناب ما لا يَعنيه، ولا يستحبّ للمعتكف تدريس العلم وإقراء القرآن، لأنّ المقصود بالاعتكاف الخلوة بالله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق