الثلاثاء، 6 نوفمبر 2018

تلخيص شرح كتاب البيع من متن: أخصر المختصرات، للشيخ: محمد باجابر حفظه الله.


البيع في اللغة: الأخذ والإعطاء.

وشرعا: مبادلة مالٍ -ولو في الذمة-أو منفعة بمثلِ أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض.

شرح التعريف:

مُبادلة مال: المال هو: كل ما لهُ منفعة مباحة.

ولو كان في الذمة: أي: ليس حاضرا، أو منفعة: أي:ليست عيْنًا، شيء يُستفاد منه

 كالممرّ في الدار يبيعُ حَقّ المرور فيه.

بمثل أحدهما: أي: العوض كذلك إمّا عيْن حاضرة أو غير حاضرة أو منفعة، إذًا مبادلة شيء من هذا بهذا.

فيُسمَى بيعا إن كان على سبيل: التأبيد، فلو كان العقد مبادلة لكن ليس على

 التأبيد بل لوقت محدود فلا يسمى بيعًا وإنما يُسمّى إجارة.

غير ربا وقرض: لأن حقيقة الربا مُبادلة مال بمال على سبيل التأبيد، لكن الربا 

له أحكام خاصة فلا يدخل في البيع.

كذلك القرض هو: مبادلة مال بمال على سبيل التّأبيد لكن له أحكام خاصة.


أركان البيع

الركن الأول: العاقد -البائع والمشتري-، الركن الثاني: المعقود عليه-السلعة ويُقابلها الثمن-

الركن الثالث: الصيغة، والصيغة إما أن تكون صيغة قوليّة، وهي: الإيجاب والقبول، وهي: صيغة صريحة قوية، وإمّا أن تكون صيغة فعليّة وهي: المُعاطاة،

ولو حصل القول من طرف واحد فهي صيغة فعليّة معاطاة.


شروط صحة البيع:

ثلاثة منها في العاقد: 1: المُلك 2: الرضا 3: الأهليّة، أن يكون العاقد جائز

 التصرف وهو: الحر المكلف الرشيد.


وثلاثة منها في المعقود عليه: 4: إباحة السلعة، 5: القُدرة على تسليمها،

6: أن تكون السلعة معلومة للمشتري، 7: أن يكون الثمنُ معلوما.

فلا يجوز الإكراه على البيع، وقد يُكرِه الحاكم على البيع للضرورة.

ولا يجوز بيع ما فيه منفعة محرّمة، ولا كون المبيع غير مملوكٍ للبائع ولا وكيلا فيه، وما ليس مقدورا على تسليمه فهو من بيع الغرر.

ولا بُد أن يكون المبيعُ معلوما ويكون ذلك إما برؤية العين أو الصفة أي: أن يوصفَ لك المبيع ولا تراه فيجوز بشرطِ إذا كانت الصفة تكفي في السلم، أي: وصفا دقيقا تمنع النزاع، ولا يكون هذا في كل السلع.

ولا بد أن يكون الثمن معلوما فلا يصح البيع والعقد بما ينقطعُ به السعر.


مسائل تفريق الصفقة

والمقصود بها هو: لو أنّ البائع أو المشتري عقدا عقدًا واحدا فيه بيعتان بيع 

يجوز وبيع لا يجوز، فهل يبطل العقد كلهُ؟ أو تُفرّق الصفقة فنُصحّحه في الصحيح ونُبطله في الباطل؟!

المذهب: أنّ الصفقة تُفرّق أي:إذا عقدا على أمريْن أحدهما يصحّ وأحدهما لا 

يصح، فإن العقد يصح في الصحيح ويبطل في الباطل إن لم يدخل في الصحيح 

جهالة وتوفّـرت فيه الشروط.

صورها:

الصورة الأولى: إن باع مشاعًا بينه وبين غيره-أي: باع ما يملكُ بعضه- فلا 

يصحّ بيع ما لا يملكه، وتُفرّق الصفقة، ويصحّ بقدرِ ما يملك فقط.

الصورة الثانية: لو باع سيارة له وسيارة  لغيره بعقد واحد، فنُقدّر بالقسط كم 

تُساوي سيارة كلٍّ منهما ونصحّح العقد بسيارته فقط ونفرّق الصفقة.

الصورة الثالثة: لو باع عبدًا وحرًا فنُقدّر الحر ما لو كان عبدا كم يساوي؟ ونقدّر العبد ونفرّق الصفقة.

الصورة الرابعة: لو باع خلا وخمرا في عقد واحد، نُقدّر الخمر خلا كم يساوي

 ثم نفرّقها أي: نُبطلها في الخمر ونُصحّحها في الخل.


ولو تعذّر علينا معرفة القسط يبطل العقد كله، وإن استطعنا معرفة قسط كل من المبيعيْن نفُرق الصفقة.

ولا يصح بيع وشراء ممّن تلزمه الجمعة بعد النداء الثاني، وإذا وُجِدت حاجة كإنسان مضطر للطعام أو السترة يصح، ويصح ممن لا تلزمه الجمعة، ويصح قبل النداء الثاني، وتصح سائر العقود-غير البيع والشراء- كالإجارة والصرف والرهن وغيرها.

 وقيل: لا فرق لأن العِلّة واحدة، كلها تَشغل المسلم عن صلاة الجمعة.

ولا يصح بيع عصير ولا عنب لمن يتّخذهُ خمرا، ولا سلاح في فتنة كقتال بيّن المسلمين.

ولا عبد مسلم لكافر لا يعتِقُ عليه أي: إن كان من محارمه فإنّهُ سيصبح حرا بهذا الشراء فيُباع.

وحرُم ولا يصح بيع المسلم على بيع أخيه وهو: أن يبيعَ الأوّل على الثاني بيعًا 

وفي زمن الخيار يأتي طرفٌ ثالث ويعرِض على المُشتري أن يبيعه بأرخص من السّعر الذي باعه.

ولا يصح شراؤهُ على شرائهِ أي: أن يذهب للمشتري ويطلبَ منه أن يشتري السلعة

 الذي باعها لفلان بسعر أعلى  فهو حرام ولا يصحُّ -وهو يُتصوّر في زمن الخيار-

ولا يصح سومه على سومه، المُساومة ما قبل البيع وهي: معرفة الثمن ومحاولة تخفيضه، لو أن المشتري يُساوم البائع فجاء طرف ثالث ودخل بينهما فيحرُم ويصحّ العقد.


الشروط في البيع

المقصود بها: ما يشترطهُ البائع على المشتري، وما يشترطهُ المُشتري على البائع.

بعض هذه الشروط صحيحة، وبعضها فاسدة مفسدة للعقد، وبعضها فاسدة فقط باطلة ولكن العقد صحيح.


الشرط الصحيح: كشرط رهن أو ضامن أو تأجيل الثمن، وهو شرط لمصلحة العقد، ويصحّ ولو اشترط أكثر من شرط.

وكشرط البائع نفعا معلوما في المبيع، كاشتراط سكنى الدار شهرا.


 أو اشترط المُشتري على البائع  نفعه، كنقل حطب أو تكسيره فهو صحيح، ولا يصحّ ما لو اشترط نفعا مجهولا، ولا يصح أن يشترط أكثر من شرط.

وفي رواية: يجوز أن يجمع بين أكثرِ من شرط.


والشرط فاسد يُبطل العقد: وهو نوعان:

النوع الأول: إمّا أن يشترط عليه عقدا آخر من قرض وغيره، كأن يقول: أبيعك هذه السلعة بشرط أن تقرضني أو تُؤجّرني، فهو شرط باطل يبطل العقد، لأنه يؤدّي لجهالة في الثمن.

النوع الثاني: الشرط الذي يعلّق البيع، كقوله: بعتك إن جئتني بكذا، أو رضي فلان، فإذا علّق البيع على شرط لم يقع البيع.

والشرط الفاسد الذي لا يُبطل العقد: وهو ما ينافي مُقتضى العقد، كأن يشترط أن لا خسارة عليه، أو عدم جواز التصرّف فيه، فهو شرط باطل ولا يبطل العقد ولا يؤثر عليه، فمُقتضى العقد انتقال الملكية وحريّة التصرف فيه.

وإن شرط البراءة من كل عيبٍ مجهول  فلا يبرأ، أمّا العيوب المعلومة فيبرأ ويصح.


باب الخيار

وهو: طلب خيْر الأمرين من الإمضاء أو الفسخ.

أنواع الخيار ثمانية: وهيَ أسباب تُعطِي للمتعاقدين حقّ الإمضاء أو حقّ الفسخ.


النوع الأول: خيار المجلس، ما داما المُتبايعان في المجلس فالعقد جائز، أي: يقبل الفسخ، بحق خيار المجلس، ولو خرج أحد المتعاقدين من المجلس أصبح العقدُ لازما، وسقط هذا الخيار فهو: ما لم يتفرّقا بأبدانهما عُرفا.

النوع الثاني: خيار الشرط، وهو أن يشترطاه -الخيار- أو يشترطهُ أحدهما مُدة معلومة، فإن مضت المدة أصبح البيعُ لازمًا، وقبل مضيّ المدة له الفسخ.


وقد يكون خيار الشرط من طرف واحد، وهو الذي يصحّ منه الفسخ فقط فلا

 يصح الفسخ ممن لم يشترطه.

ومدةَ خيار الشرط والمجلس، لا يُتصرّف في السلعة ولا الثمن لأن الفسخ محتمل، إلا عتق المشتري فيمضي، ولو كان الخيار لطرف واحد صح منه التصرف وتصرّفه إسقاط للخيار.

ويحرمُ خيار الشرط إذا كان حيلةً ولم يصح البيع، كأن يجعله حيلة ليربح في 

القرض لأنه وسيلة لمحرّم.

النوع الثالث: خيار الغبن، وهو: الزيادة الفاحشة في ثمن السلعة -إن لم يعلم المشتري إلا بعد البيع- فله الخيار، ومردّ الزيادة الفاحشة إلى العُرف.

ويحصل الغبن بالمسترسل، وهو: الذي لا يعرف ويُخدع في البيع.

 ويحصل بالنجش وهو: أن يزيد في السلعة من لا يُريد شرائها.

ويحصل بتلقي الركبان، -لا لاستعجال كأن يُغبن المشتري بسبب استعجاله ولو تأنّ عرف الثمن الزائد فليس له الخيار- وخيار الغبن له خيار الرد فقط.

النوع الرابع: خيار التدليس، وهو الإيهام، إخفاء عيب السلعة وإظهار حُسنها بما يزيد به الثمن، كـ تصرية ضرع، وتسويد شعر جارية، وله خيار الرد فقط.

وخيار الغبن والتدليس والعيب على التراخي، فلو علِم بعد مُدّة فله حق الخيار

 ما لم يوجد دليل الرضا إلّا في تصرية ففي ثلاث أيام.

النوع الخامس: خيار العيب، وهو ما يُنقصُ قيمة المبيع، فلو كان لا يُنقص من قيمتها فلا خيار.

وهو: كالمرض أو نقص عضو أو زيادته فإن علم العيب خُيّر بين إمساك

 بأرش-قيمة النقص-أو ردّ السلعة.

وإن تلفت السلعة وتعذّر الرد أو زاد عيبها تعين الأرش.

وإن تعيّـبت يرُدها ويدفع له قيمة النقص الذي حصل عنده ويأخذ منه الثمن كاملا.

وإن اختلفا عند من حدث العيب فالقول قول مشتر بيمينه.

النوع السادس: خيار التخبير بالثمن، أي: سبب الخيار إخبار البائع للمشتري ثمن السلعة ورأس مالها، فلو لم يخبرهُ بالثمن صح البيع ولا خيار، وقد يكون تولية أي: يقول له: أبيعك برأس المال، وقد يكون مرابحة أي يقول له: أبيعك برأس المال وربح ريالين، ثم يظهر له أنه كذَب بهذا.

وقد يكون مواضعة أي: خسارة كأن يقول له: أبيعك برأس المال وخسارة 

ريالين، ثم يظهر أنه كذب بهذا، وقد يكون شركة أي: يقول له أشركك معي في السلعة وأبيعك نصفها برأس المال فيظهر أنه كاذب فللمشتري الخيار.

فمتى بان أنه باعها بأكثر من رأس المال، فللمشتري الخيار بين الإمضاء والفسخ، والمذهب: يحط الزائد عنه ولا خيار.

ولوظهر أنه اشتراها بثمن مؤجّل، لأنّ الغالب أن التأجيل يزيد في السعر، فله الخيار إما أن يفسخ وإما أن يُمضي، والمذهب: في ما لو بان أنه اشتراها

 بسعر مؤجل أنه يؤجّلها للمشتري كما اشتراها ولا خيار.

ولو ظهَر للمشتري أن البائع اشتراها ممن لا تقبل شهادته له، كأبيه أو ابنه أو

 زوجته، فللمشتري الخيار، أو بأكثر من ثمنه حيلة أي: باع السلعة بحسب دعواه عشر ريالات ثم ظهَر أنه اشتراها بعشرة لسبب  حيلة، مثاله:

كما لو كان يُطالب شخصًا بمائة ألف وماطله، ثم عرَض عليه أن يأخذ سيارته

وقيمتها 50 ألف، ويتخالصا، ثم باعها هذا المشتري السيارة وادعى أن رأس مالها مائة  ألف ولم يخبرهُ أنه أخذها مقابل دين فلمشتر الخيار.

أو باع بعضه بقسطه: كما لو اشترى سيارتين بـ مائة ألف ريال، بصفقة 

واحدة وهي غير متساوية، ثم باع إحداهما بخمسين ألف، وادّعى أنه باعها 

برأس مالها ولم يُبيّن ذلك فلمشتر الخيار بين الإمضاء أو الفسخ.

النوع السابع: خيار اختلاف المُتبايعين، إذا اختلافا بقدر ثمن أو أجرة ولا بيّنة أي: لا يوجد شهود أو كان لكل منهما شهود فتتساقط.

فيحلفُ البائع ويقول: ما بعته بكذا وإنّما بعتهُ بكذا، ثم يحلف المشتري ويقول 

ما  اشتريته بكذا بل اشتريته بكذا، ثم ننظر هل رضي أحدهما بيمين الآخر؟

 فإن لم يرضيا فلكل منهما الفسخ، وإن وجدنا أنّ السلعة تلفت يغْرم المشتري قيمتها

 فنرجع لمثلها في المِثلي، أو قيمتها في المُتقوّم.

وإن اختلفا في أجلٍ أو شرط ٍ ونحوه فقول النافي، فالأصل عدم الشرط 

 والتأجيل ومن ادّعاه يُثبته ليُقبل منه وإلا لم يقبل.

وإن اختلفا في عيْن مبيع أو في قَدْره فالقول قول بائع لأنه هو الغارم،

والمشتري الذي سيكسَب، ويثبُت الخيار بالخُلف في الصفة وتغيّر ما تقدمت رؤيته.


فصل في شراء المكيل ونحوه

من اشترى مكيلا ونحوه كـ الموزون أو المعدود أو المزروع، لزم ويصحّ العقد 

ويمتلك السلعة.

ولا يصح تصرّفه فيه قبل قبضه، ويحصل القبض ما بيع بكيلٍ بكيله، وما كان

 موزنا بوزنهِ، وما كان مذروعا بذرعهِ، وما كان بعدٍ فبعدّه مع حضور مشتر

 أو نائبه، وما وضع في وعاءه فكما وضع بيده، ويحصل قبض المنقولٍ بنقله، وما يتناولُ يحصل قبضه بتناوله باليد، وغيره بتخليته كالدّار والأرض.

والإقالة فسخ وهي: إذا حصل العقد وكان لازما ثم جاء أحد المُتعاقدين وطلب

 الفسخ ووافق الثاني فهذه إقالة، ولا تحصل إلا برضا الطرفيْن، فهي فسخ

 للعقد الأول فتكون بنفس الثمن الماضي فلا خيار فيها ولا شُفعة فهي ليست بيعا جديدا.


  فصل في الربا

الربا نوعان: ربا الفضل وهو: الزيادة، وربا النسيئة أي: التأخير والتأجيل.

ربا الفضْل: يحرُم في كل مكيل وموزون بيْعه بجنسه متفاضلاً، فعلّة الربا: الكيل والوزن، فكلّ مكيل أو موزُون ربوي، وكل شيء ليس بمكيل ولا موزون فليس رِبويا.

ومعنى ربوي أي: يدخله الربا.

وإذا بيع الربوي بشيء ربوي آخر من نفس الجنس: كذهب بذهب، أو تمر بتمر، أي: اتفقا في علة الربا وفي الجنس فيجوز البيع بشرطين:

الأول: التقابض، فيكون الاستلام في المجلس، الثاني: التماثل، أي التساوي في الكيل أو الوزن.

والوزن هو الثقل، والكيل هو الحجم.

وإذا بيع الرّبوي بربوي آخر يشاركه في العلّة لكن لا يشاركه في الجنس كـ بر

 بشعير، كلاهما مكيل، أو ذهب بفضة، كلاهما موزون، فيشترط التقابض 

فقط ولا يُشترط التماثل.

وفي الموزونات يُستثنى من ذلك إذا كان أحد هذه الموزونات من النقدين، ذهبا 

أو فضة، والثاني ليس من النّقدين، فلا نشترط التقابض، فيجوز السلم والسلف

 في مثل هذا.

ولا يصحّ بيع مكيل وزنا، كأن يبيع التّمر بالتمر بالوزن، فدام أنه مكيل فالتماثل يكون بالكيل، فلا يتحقّق بالوزن، فقد يتّفقا بالوزن ويختلفا بالكيل.

والقاعدة: الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل.

ويجوز بيع مكيل بموزون وعكسه مطلقًا لأنّهما لم يتّحدا في العلّة.

ويجوز صرف الذهب بالفضة بشرط التقابض، فإذا افترقا المتصارفان بطل العقد فيما لم يُقبض.


      باب بيع الأصول والثمار

سيذكر المصنف أربعة أصول: الدار، الأراضي، الشجر، العبد.


إذا باع دارًا بمُجرد إطلاق كلمة الدار يدخل كل متّصل بهذه الدار لمصلحتها،

 كأرضها والأبواب والبلاط  والدّرج الثابت والمستودع المُتصل، والعِبرة بعُرف الناس، فلا يدخل القفل والمفتاح والأثاث.

وإذا باع أرضًا شمِل غرسها وبناءها لا زرعًا وبذر الزرع-ليس له أصول

 كالغرس- إلّا إذا اشترط عليه المشتري البذر والزرع.

وما يُجزّ-يُقطع- أو يلقط مرارا، فأصوله لمشترٍ، والجزّة الأولى للبائع، فما 

يظهر بعد ذلك للمشتري كالذي يُلقط مرارًا فما كان موجودا لا يدخل في البيع 

وما يظهر بعد ذلك فللمشتري.


ومن باع نخلا أي اشترى مجرّد الشجرة إن تشقق طلعه أي: تهيأت للتلقيح فالثمر

 للبائع ما لم يشترطه المشتري، وكذا حكم شجر فيه ثمر باد أي: ثمرته ظاهره،

 أو ما ظهر من نوره كمشمش فلا يدخل، أو ما خرج من أكمامه كورد وقطن فلا يدخل، وما قبل ذلك للمشتري، والورق في كل حال للمشتري.

ولا يصح بيع ثمر قبل بدوّ صلاحه -أي دون الأصل-، فبيع الثمر يصح إذا

 بدا صلاحها.

ولا يجوز بيع زرع قبل اشتداد حبه، -واشتداده هو بدو صلاحه،- لغير مالك أصلٍ،

فيجوز بيع الثمرة لمالك الشجرة ويجوز بيع الزرع قبل اشتداد حبه لمالك الأرض.

وإن كان هذا الثمر-قبل بدوّ صلاحه- منتفعا به فيجوز بيعه بشرط القطع في

 الحال، فالنهي عن بيع الثمار قبل بدو الصلاح علته خوف التلف.

ويصح البيع إن كان الثمر غير مشاع فإن كان مُلكه للثمرة مشاعا لم يصح 

لأن ملكه اختلط بملك غيره ولا يتميّز.


ولا يصح بيع البقل والرطبة-البرسيم- والقثاء إلا لقطة لقطة، فإذا باع الموجود فيصح، فلا يبيع ما سيأتي بعد ذلك لأنه مجهول، ويصح إن كان مع أصله فهو كبيع الأصول.

وإن ترك ما شُرِط قطعه بطل البيع بزيادة غير يسيرة، فإن كانت الزيادة يسيرة 

فلا يبطل، ويُستثنى من ذلك الخشب فلا يبطل، فلو تركه ينمو وزاد يشتركان فيه البائع والمشتري، لأن زيادة الخشب متميزة.

وحصاد للزرع ولقاط وجذاذ على مشترٍ، وعلى بائع سقيٌ ولو تضرّر الأصلُ.

وإذا حصلت جائحة للثمار على الشجرة أي قبل قبضها فهي على البائع، 

يتحمّلها ما لم يبع الثمر مع أصله، وإلّا فلا يتحمّله البائع بل المشتري، كذا إن قصّر وتأخّر بأخذها.

ولو ظهر الصلاح في بعض ثمر الشجرة يُحكَم بصلاح جميع نوعها الذي في 

البستان لا جنسها.

وصلاح ثمر النخل أن يحمرّ أو يصفرّ، وصلاح عنب أن يتموّه بالماء حلوا 

وبقية ثمر بدوّ نضج وطيب أكلٍ.

ويشمل بيع دابة عذارها، وهو: اللجام الموضوع على فمها، ومِقودها أي: الحبل الذي يشتد به اللجام، ونعلها، كله بحسب العرف.


والعبد يشمل بيعهُ لباسه لغير الزينة، فإذا بيع العبد فيدخل فيه ثيابه التي عليه

 التي للعمل.


  باب السلم

تعريفه: عقد على موصوفٍ في الذمة مؤجّل بثمن مقبوض في مجلس العقد.

فالسلعة هي الموصوفة في الذمة، والثمن حال.


شروط السلم

الشرط الأول: أن يكون فيما يُمكن ضبط صفاته كمكيل ونحوه، فمَا لا يُمكن ضبط وصفهِ لا يصحّ بيعه سلمًا.

الشرط الثاني: ذكر كل وصفٍ يُمكن أن يختلفَ فيه الثمن غالبًا ويؤثّر فيه، وحداثةٍ وقِدم.

الشرط الثالث: ذكر قدْره أي: عدده، ولا يصحّ في مكيل وزنا وعكسه، وعنه: يصح.

الشرط الرابع: ذكر أجل معلوم، كشهر، الشرط الخامس: أن يوجد غالبًا وقت الأجل، فإن تعذّر أو بعضه صبَر أو أخذ رأس المال ويفسخ العقد.

الشرط السادس: قبض الثمن قبل التفرق، الشرط السابع: أن يُسلم في الذمّة، فلو كانت العين حاضرة لا تُباع سلما، فلا يصحّ في عين ولا ثمرة شجر معينة.

ويجب الوفاء موضع العقد إلّا إذا اشترط غيره.

ولا يصح بيع مُسلَم فيه قبل قبضه لأن العين غير موجودة.

 ولا تصحّ الحوالة به كأن يقول البائع للمشتري أحلتك بدينك على فلان، ولا

 الحوالة عليه، كأن يقول المشتري لرجل آخر أحلتك بدينك على المسلَم به، 

 ولا أخذ رهن وكفيل به، وعنه: يصحّ الرهن والكفيل.

 ولا أخذ غيره عنه أي: كأن يأتيه بعد أن أسلَمهُ وقبل حلول الموعد فيُحوّل الذي أسلمه عليه من تمرٍ إلى بر.


  باب القرض

تعريفه: دفع مال لمن ينتفعُ به ويردُّ بدله، لا عيْنه.

كل ما صح بيعهُ صح قرضهُ، إلا بني آدم فيدخله البيع لا القرض.

 فإذا اقترض إنسان شيئا من المثليات أي: له مثيلٌ فإنه يرد المِثل وإذا كان

 مُتقوّما فإنه يرد القيمة أي قيمته يوم القرض.

ويجبُ رد مثل الفلوس وهي عملة يُتعامل معها ليست ذهبا ولا فضة، فيرد فلوسا مثلها، وإذا أخذ مكيلا فإنه يردّ مكيلا مثله كذا لو أخذ موزونا.

 فإن فقدَ المثْل ينتقل إلى  قيمته يوم فقدهِ لا يوم أخذه، لأن القيمة استقرّت عليه يوم عُدم .

ويحرم كل شرط يجرّ نفعًا، وإن وفّاه أجود مما أخذ منه يجوز، إذا لم يكن متفَقا

 على هذا الرد الأفضل، ولو أَهدى له هدية بعد الوفاء فلا حرج إن كانت بلا 

شرط، ولا يجوز قبل الوفاء إلا إن احتسَبه من الدين.


  باب الرهن

وهو: توثقة ديْن بعينٍ يُمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها.

فائدة هذه العين: أننا يمكن أن نستوفي الدّيْن منها أو من ثمنها.

ما يجوز رهنه؟

1- كل ما يجوز أن يباع يجوز أن يُرهن، 2- الثمر والزرع الذي لم يبدو صلاحه، 3- عبد دون ولده، فيُمكن ان نرهن العبد دون الولد، ولا يجوز في البيع.

والرهن جائز حتى يُقبض، فإن قبضهُ المرتهن أصبح لازما.

وتصرّف كل منهما في الرهن بغير إذن باطل، والمُلك يبقى للراهن،

ويُستثنى من ذلك عتق الراهن، يقولون: لأنه قوي فإذا أعتق العبد فيسري فيه

 العتق بدون إذن الآخر، وتؤخذ قيمته منه رهنا.

والرهن أمانة في يدِ المُرتهن، فلو تلفت العين بدون تفريط ولا تعدٍ فلا يضمن.

وإن رهن عند اثنين فوفّى  أحدهما انفك في حقه، وإن أقرض اثنين ورهنا 

عنده عيْنا فاستوفى من أحدهما انفك قي حقه-الذي وفّى -ولم ينفك في حقّ الآخر.


وإذا حلّ الدين وامتنع من وفائه، فإن كان أذِن لمُرتهن في بيعه باعه وأخذ حقه، وإن لم يأذن بالبيع أُجْبر على الوفاء أو بيع الرهن، فإن أبى حُبس وعزّر فإن 

أصرّ باعه حاكم قهرًا ووفى دينه، وغائب كمُمتنع، فلو كان صاحب الرهن غير

 موجود باعها الحاكم.


وإن شرط الراهن أن لا يُباع إذا حل الدين فلا يصح الشرط وهو فاسد، أو اشترط إن جاءه في حقه في وقت كذا وإلا فالرهن له بالدين فلا يصح لأنه تعليق البيع على شرط مستقبل.

ولمرتهن أن يركب ما يُركب من الدواب، وأن يحلب ما يُحلب من الأنعام بقدر نفقته بلا إذن.

وإن أنفق على الرهن بغير إذن الراهن مع إمكانه لم يرجع إلى الراهن، وإن 

تعذّر الإذن رجع بالأقل مما أنفقه ونفقة مثله إن نوى الرجوع لا إن نوى التبرع.

ولو خرب الرهن كالدار فعمرّها المرتهن رجع بالآلة فقط، وما يُمكن تأجيله يؤجّل ولا يستعجل به.


   باب الضمان

وهو: التزام ما وجب على غيره مع بقائه على الأصل، أي: بقاء وجوبه على الأصل.

ويصحّ ضمان جائز التصرّف، وكل من ضمن عن غيره شيئا والتزم ما وجب 

على غيره فإنه يلزمه.

وجائز التصرف هو: الحر الرشيد المكلّف، لأنّ الضمان التزام مال والتصرّف في الأموال لا يصحّ إلّا من جائز التصرف.

ويصح ضمان جائز التصرف ما وجب أو ما سيجب على غيره، ولا يصح ضمان الأمانات، لأنها غير مضمونة أصلا، ويمكن أن يطلب ضامنا في حال التفريط أو التعدي، ولا يصح الضمان في عقد الجزية الذي يكون مع الكفار، فإذا دفعها الضامن فات الصغار، {حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون}


وشرِط رضا ضامن فقط، فهو الذي تبرع بالالتزام، فلا يشترط رضا المضمون 

له أو المضمون عنه، وصاحب الدين يطالب من شاء الأصيل وله أن يُطالب

 الضامن.


     باب الكفالة

وهي: التزام رشيد إحضارُ من عليه حق مالي لربه أي: لصاحب الحق المالي.

وفي الضمان: الضامن يلتزم بالمال، أمّا في الكفالة: فيلتزم بإحضار بدنه، فإن

 أحضر بدنه وإلا تحوّل لضامن فيدفع عنه.

وتصحّ الكفالة بإحضار بدن من عليه حق مالي، وبكل عيْن يصح ضمانها

 كالعارية.

وشرِطَ رضا الكفيل ، فالضمان والكفالة هو تبرّع من شخص ثالث بيْن اثنين

 فيأتي ويتحمّل هذه المُطالبة إما بضمان أو كفالة، فيشترط رضاه فقط.

وإن مات المكفول قبل الطلب برئ الكفيل، لا إن مات بعد الطلب، أو تلفت العين

 المكفول بها بفعل الله فيبرأ من هذه الكفالة لا إن تلفت بعد الطلب فلا يبرأ فيدفع قيمة العين.


 باب الحوالة

وهي: نقل ديْـن من ذمة إلى  ذِمّة، إذا أحَلْت شخصا إلى شخص آخر، وكان

 الأول يُطالب الثاني بألف ريال، وأحاله الثاني على شخص آخر ثالث يُطالبه هو

 بألف ريال فتبرأ ذمته.


فقبل الإحالة كانت ذمة الثاني مشغولة للأول وذمة الثالث مشغولة للثاني، وبعد الحوالة أصبحت ذمة الثالث مشغولة للأول، هذا إن توفرت شروط الحوالة.


وتجوز الحوالة إن كانت على ديْن مستقر، فلا بدّ أن تكون ذمة الثالث مشغولة 

بدين مستقر، لا دينا غير مستقرٍ قابل للنقض كما لو كان في زمن الخيار.

ويُشترط أيضا: اتفاق الدّينان جنسًا ووقتا ووصفًا وقدرا.

ويُعتبر رضا محيل، ومُحتال على غير مليء لأنه يتضرر في إحالته عليه، فإن

 أُحيل على مليء لزمه أن يحتال ولا تجبُ موافقته.


 باب الصُلح

وهو: عقد يُتوصّل به إلى إصلاحٍ بيْن مُتخاصمين.

والصلح في الأموال قسمان:

أحدها: الصلح على إقرار، أي: شخص يدّعي على الثاني والطرف الثاني يُقر بما يطالب به فإن أقرّ ثُم تصالحا فهو صلح على إقرار.

الثاني: الصلح على إنكار، وهو أن يدّعي الأول على الثاني وينكر الثاني ثم يتصالحا.


الصلح على الإقرار: إن أقرّ الثاني بما عليْه ولا وفاء عندهُ فقد يتّفقا على

 نوعيْن من الإتفاق، إمّا أن ينهي الاتفاق على أن يُسقط عنه جزء من هذا 

المبلغ ويسددّ بقيّته، فهو صلح على الحق بجنسه وهي صورة إبراء.

وتصح هذه الصورة بشرط: أن لا تكون بلفظ الصُلح، لأن كلمة الصلح تعني

 المعاوضة، ولا يصح أن يُعاوضه، مثلا بأن يشتري الألف بخمس مائة.

 ويشترط أيضا: أن يكون بلا شرط، كأن يقول أبرأتك بشرط كذا، وأن يكون الصلح ممن يصح تبرعه.

الصورة الثانية: وهي الصلح على غير جنسه، وهي المعاوضة، كأن يعرض

 عليه بدلا من أن يدفع له الدّيْن الذي عليه أن يعطيه ساعة فنعامله معاملة البيع، فيدخل عليه أحكام البيع، وإن كان بأثمان عن أثمان فحكمه حكم الصرف.


الصلح على إنكار: إذا أنكر المُدّعى عليه يمكن أن يصالح لفض الخصومة 

فقط، لا لأنه معتقد أن عليه شيء، فيصح ويكون إبراء في حق المُدّعى عليه

 وبيعًا في حق مدع ٍ، ومن علم كذب نفسه فالصلح باطل في حقه.


مباحث الجوار

إذا حصل في أرضه أو جداره أو هوائهِ غصن شجرة غيره أو غرفته لزم إزالته، 

وضَمن ما تلف بعد طلبٍ فإن أبى لم يُجبر في الغصن لأنه ليس من فعل مالكه 

فإن كان تعدّ ببناء في الأرض أجبر على الإزالة.

وإن طالب شريك في حائط أو سقف انهدمَ شريكه للبناء معه ورفضَ يُجبَر على البناء كنقض خوفِ سقوط، وإن بناهُ بنيّة الرجوع رجع لا بنية التبرّع.

  باب الحجر

وهو: منع المالك من التصرف في ماله بمسوغ شرعي.

ويُحجر على الإنسان في ماله إما لمصلحته كـ: الصغير والمجنون والسفيه، وإما 

لمصلحة غيره وهو: المفلس.

من كان عنده مال لا يُغطّي جميع الديون وجب الحجر عليه بطلب بعض غرمائه.

وسنّ إظهار الحجر، حتى يكون الناس على بصيرة فلا يعاملوه، ولا ينفذ 

تصرفه -الذي حجر عليه- في ماله بعد الحجر، ولا ينفذُ إقرارهُ عليه بل في 

ذمته فيُطالب بسداد هذا الذي أقر به بعد فك حجر.

ومن سلّم هذا المفلس عيْن مال وهو يجهلُ الحجر أخذها بشروط:

الأول: إن كانت بحالها، الثاني: عوضها كله باقٍ أي: لم يُسدّد شيئا من العين، الثالث: لم يتعلق بها حق للغير كبيع أو رهن.

وهذا المفلس يبيعُ الحاكم كل ما عندهُ من أموال ويَقسمها على غرمائه.

ومن لم يقدر على وفاء شيء من دينه، أو كان الدين مؤجلا تحرم مطالبته وحبسه ومُلازمته.

ولا يحلّ دين مؤجل بفلَسٍ، فلا يُبطِل المُفلس حقا من الحقوق الثابتة ، ولا يحل المؤجل بالموت إن وثق الورثة رهنا محْرز ، أو كفيل مليئا، وإن ظهر غريم بعد القسمة فيرجع على الغرماء الذين أخذوا المال.


 الحجر لحظ النفس


يُحجر على: الصغير والمجنون والسفيه لمصلحِتهم هم.

ومن دفع إلى الصغير أو المجنون أو السفيه مالًا سواء بعقد أو بغيرِ عقد فله أن يرجع عليهم، لا ما أتلفوه فلا يضمنوه لأنه هو الذي قصّر ودفع ماله إليهم.

 والرشد: الصلاح في المال.

والبلوغ له ثلاث علامات: إما إمناء، أو بلوغ خمسة عشرة، أو إنبات شعر خشن حول العانة، فالأسبق من هذه العلامات إذا حصل فقد بلغ، والأنثى بذلك وبحيض، وحملها دليل إمناء.


ولا يُدفع إليهِ ماله حتى يُختبرُ بما يليق به، ويُعْلم رشده، ومحلّ الاختبار قبل البلوغ، والرشد هنا هو: صون المال أي: أن يبيع ويشتري دون أن يُغبن في الغالب، ولا يبذل ماله في حرامٍ وغير فائدة.


ووليّهم حال الحجر الأبُ ثم وصيه-في المال- ثم الحاكم، ولا يتصرّف لهم في المال إلا بالأحظ.

 ويُقبل قول الوليّ  بعد فك الحجر في المنفعة والضرورة والتلف.

وفي رد المال أي إن حصل بين الولي والمحجور عليه خلاف بعد الرشد في رد المال فالقول قول الولي إن كان متبرّعا، لا إن كان له جُعْل فلا يقبل قوله لأن يده ليست يد أمانة.

ويتعلّق دين العبد المأذون له بالتصرّف برقبة السيد لأنه هو الذي أذِن له.

ودين غير المأذون له بالتصرف يتعلق برقبة العبد فإمّا أن يدفع عنه

 السيد أو يُباع ويسدد عنه.

ولو أنّ العبد جنى على أشخاص أو أتلف أموالًا فهذه الجناية والإتلاف

 تتعلق برقبته، فإمّا أن يأتي السيد ويفدي هذا العبد، أو أن يُباع ويعطى

 لأصحاب الحقوق حقوقهم.



 باب الوكالة

وهي: استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة.

تصحّ الوكالة بكل قولٍ يدل على إذن، ولا لفظ خاص لها، وقبولها بكل قول أو فعل دال عليها.

وشُرِط كونهما -الوكيل والموّكل- جائزي التصرّف، ومن جاز له أن

 يتصرّف في شيء فله أن يوكّل أو يتوكل.

وتصح في كل حق لآدمي، ولا تصح الوكالة في الظهار واللعان والأيْمان وتصح في كل حق لله من الحقوق التي تدخلها النيابة.

والوكالة: عقد جائز يجوز فسخها.

ولا يصح بلا إذن بيع أو شراء وكيل لنفسه، فإذا عدِم الأذن فالأصل المنع لأن العُرف لم يجري بهذا، وللحوق التُهمة في هذا التصرف.

ولا يصح أن يبيع لولده ولا والده ولا مكاتَبِه كنفسه.

وإن باع بدون ثمن مثلٍ أي: باعها بأقل من سعر السوق يضمن الوكيل النقص، وإن اشترى بأكثر منه ضمن كذلك.


ووكيل بيع يُسلّم السلعة ولا يقبضُ الثمن إلا إذا وجِدت قرينة تدل على إرادَة القبض، ووكيل خصومة لا يقبض وإنما يُثبِت الحق ولا يقبضه، ووكيل القبض يُخاصم.

والوكيل أمين فلا يضمن إلا بتعدٍ أو تفريط، ويقبل قوله في نفيِهما.

ولو ادعَى الوكيل المُتبرع ردّ العين أو ثمنها لمُوكل فيُقبل قوله، لا لورثته

 إلا ببيّنة، وإن كان له جُعل فلا نقبل منه ادّعاء رد إلا ببينة.



   أحكام الشرِكة

هي في اللغة تطلق على: الاختلاط.

وفي الاصطلاح: تطلق على شركة الأملاك، وعلى شركة العقود.

شركة الأملاك يُراد بها: اجتماع في استحقاق، كأن يجتمع اثنان فأكثر ويشترون أرضا فهذه الأرض هي شركة بينهم، وكالملك الذي يحصل بالإرث.


وشركة العقود هي: اجتماع في تصرّف، كأن يجتمع اثنان فأكثر ويبرمون عقدا بينهم على اجتماع وتصرّف، فيجمعُون مالا لزيادته والتجارة فيه وهذا النوع ينقسم إلى خمسة أنواع:

النوع الأول: شركة عنان، وهي: أن يُحضِر كل من عدد-اثنان فأكثر- ويكونا جائزيْ التصرف من ماله نقدا معلوما، ليعمَل فيه كل منهما على أن له من الربح جزءا مشاعا معلوما.

فالمال من الطرفين والعمل منهما.


ولو قالوا: لكل منّا بعض من الربح فلا يصح لأنه مجهول، والخسارة على قدرِ رأس المال، والربح على ما اتفقا.


النوع الثاني: الُمضاربة وهي : دفع مال مُعين معلوم لمن يتّجر فيه بجزء

 مشاع معلوم من ربحه.

فلا يصح أن يدفع مالًا مجهولا لأن الربح لا يتحدّد إلا بمعرفة رأس مال، والخسارة تكون على  رأس المال.

وإن ضارب للأول ثم ضارب مع آخر غيره -وأضرّ بالأول- فيحرُم عليه ذلك  لأنّه بينه وبين الأول اتفاق وعقد، وردّ حصته في الشركة  وما يحصله من ربح مع الثاني يُدخله في ربح العقد الأول لأنه أضرّ به.

وإن تلف رأس المال أو بعضهُ بعدَ التصرّف أو خسر جُبر من الربح قبل القسمة، فبعد القسمة كلٌ يجبر من ماله.


النوع الثالث : شركة الوجوه، وهي: أن يشتركا في ربح ما يشتريان به في ذممهما في جاههما، وكلٌ منهما وكيل الآخر وكفيله في الثمن.

فكل منهما يعمل ببدنه، ورأس المال من طرف آخر.  

والربح لهما فرأس المال ديْن في الذمة ليس على الذي أعطاهما إياه إلا ردّه، والخسارة على قدر الملك.


النوع الرابع: شركة الأبدان، وهي :أن يشتركا فيما يملكان ببدنهما، ويكونان شركاء فيما يمتلكانه بالبدن -كالصيد والاحتطاب- أو يتقبّلانه في ذمَمهما من عمل كالخياطة، وما تقبّله أحدهما لزمهما عمله وطولبا به.

وقد يكون عمل أحدهما أكثر من الآخر فلا بأس إن رضيَ الأول، وإن تركه الثاني العمل لعذر، أو لم يعرِف الصنعة ولم يرض الأوّل فيلزمه أن يُقيم شخصا مكانه بطلب الشّريك، أمّا إذا عذرهُ الشريك فهو متبّرع ولا بأس.


النوع الخامس: شركة المفاوضة، وهي: أن يفوّض كل منهما لصاحبه كل تصرف مالي، فكل ما يدخل مال على أحدهما فإن الآخر يشاركه فيه.

وتصح إن لم يدخلا كسبا نادرا، والكسب النادر: كالركاز والميراث وأرش الجناية، وضمان العارية.


وكل الشركات جائزة -ليست لازمة- ولا ضمان فيها إلا بتعدٍ أو تفريط.



  باب المساقاة والمزارعة


تعريف المساقاة: أن يدفع الشجر لمن يسقيه بُجزء معلوم مشاع من الثّمر. 

تعريف المزارعة: دفع الأرض والحب لمن يزرعهُ بجزء مشاع من الخارج من الثمر.


تصحّ المساقاة على شجر له ثمر يُؤكل، أي: يسقيه والثمر بينهما على حسب

 ما يتفقا، وتصح على ثمرة موجودة بجزء منها.

وتصحّ على شجر يغرسهُ ويعمل عليه حتى يُثمر بجزء من الثمرة أو الشجر أو منهما.


فإن فسخ المالكُ قبل ظهور ثمرة فلعامل أجرته، ولو فسخ العامل فلا شيء له لأن الفسخ من قبَلهِ.

وتُملك الثمرة بظهورها -للطرفين- فعلى عامل تمام عمل إذا فسخت بعد الظهور.


ويجب على العامل كل ما فيه نمو أو إصلاح أو نحوه، وعلى رب حفظ ونحوه، 

وعليهما بقدر حصتيْهما جذاذه، ويُردّ للعرف.


وتصح المزارعة: بجزء معلوم مما يخرج من الأرض بشرط علم بذر-جنسه-

 وقدره وكونه من رب الأرض.

وعنه: لا  يُشترط بل بحسب الاتفاق قد يكون على العامل وقد يكون عليهما، وصححه في المغني واختاره تقي الدين.


   باب الإجارة

وهي: عقد على منفعة مباحة، أو عيْن معيّنة معلومة، بعوض معلوم. 

فالإجارة بيع المنافع.


شروطها 1- معرفة المنفعة، أي:الشيء المؤجر، 2- إباحتها، 3- معرفة الأجرة.


وهناك أشياء لا يتّفق الشخص في الإجارة فيها على الأجرة كدخول الحمام،

أو إن أعطى ثوبه خياطا فالأجرة معروفة فيدفع له أجرة المثل.

         

والإجارة نوعان:

النوع الأول: أن يستأجر عينا، النوع الثاني: أن يستأجر منفعة لا يستأجر شخصا بعينه، كمن يذهب بثوبه للخياط ليخيط له فهوَ استأجر منفعة الخياط.


إجارة العين

وشرِط لها: أولا: معرفتها، ثانيا: القدرة على تسليمها، ثالثا: أن يكون العقد على

 النفع دون الأجزاء -هذا في غير استئجار المرضع، فيجوز استئجارها على أجزاءها-


رابعا: اشتمالها على النفع، كأن يستأجر شقّة فلا بد أن تكون صالحة للسكن فيها.

خامسا: كونها لمؤجِّر أو وكيل المال.


استئجار العيْن على طريقتين:

1: إما أن يستأجر العيْن إلى أمد معلوم يغلب على الظن بقاءها فيه.

2: أو أن تكون إجارة العين لعمل معلوم وليس لمدة، كإجارة دابة لركوب أو لحمل لمكان معيّن.


الضرب الثاني: استئجار المنفعة، وهو عقد على منفعة في الذمّة في شيء معين أو موصوف.

فيشترط تقدير الإجارة بعمل أو مُدّة كبناء دار وخياطة.

ويشترط معرفة ذلك وضبطه، وكون الأجير فيها آدميا جائز التصرف.

وإن كان هذا العمل لا يصح إلا قربة لله، فلا يصح الإجارة فيه كالأذان 

وتعليم القرآن والفقه والحديث والعبادات كلها، ويجيزونه إن أخذه رزقا من بيت المال، أو يكون جُعالة لا عقدا.

وعلى مؤجِّر ما جرَت به عادة وعرف.


والإجارة عقد لازم ليس جائزا، فلا يجوز فسخه إلا بموافقةِ الطرفين، فإن

 استأجر الشّقة وتحوّل فيلزمه أجرة المدة المتّفق عليها.

وإن حوّله مالكٌ فلا شيء له، لأن مالكَ العين هو الذي منع المُستأجر من الاستفادة من العين المؤجرة فإن منعه فلا يستحق شيئا.


وينفسخ عقد الإجارة بـ 1: تلف المعقود عليه، 2: موت مرتضع، 3: انقلاع ضرس أو برؤه ونحوه لأنه تعذّر استيفاء المعقود عليه.


من يضمن ؟

الأجير إمّا أن يكون أجيرا خاصًّا أو أجيرا مشتركا، الأجير الخاص: من قُدّر نفعه بالزمن، والأجير المشترك: من يعمل عندك وعند غيرك.

فالأجير الخاص لا يضمن ما جنت يده خطأ لا إن كان بتعدٍ أو تفريط.

ولا يضمن نحو حجّام وطبيب وبيطار إذا عُرف حذقهم أي: كان متقنا لصنعته، وأذن فيه مكلف أو ولي غيره، ولم تجنِ فيه أيديهم، ولا يضمن راعٍ فما لم يتعد أو يفرط.


ويضمن الأجير المشترك ما تلف بتصرف منه هُـو لا ما تلف من حرزه، كأن يكون خاط الثوب ووضعه في المخزن فتلف بالمخزن فلا يضمن ولا أجرة له لأن الأجرة يستحقها مقابل تسليم الثوب، وتجب الأجرة بالعقد ما لم يؤجل.


ولا ضمان على مستأجر إلّا بتعد أو تفريط، والقول قوله في نفيهما.


  باب المسابقة

وهي: العوض الذي يُدفع في المسابقات يُسمى سبَق، والمسابقة نفسها تسمى سبْق.


تجوز المسابقة على: أقدام وسهام وسفن ومزاريق وسائر حيوان، لا بعوضٍ إلا 

على إبل وخيل وسهام.


شروطها، الأول: تعيين المركوب، الثاني: اتّحاده، الثالث: تعيين رماة، الرابع: تحديد المسافة، الخامس:علم العوض، السادس: خروج عن شبه القمار، بأن يكون العوض من واحد أو من ثالث مُحلل أو من ولي الأمر فلا تكون  مدفوعة من الاثنين.


        باب العارية

وهي: إباحة عيْن تبقى بعد استيفائها، وهي: سنة.

 كل ما ينتفع به نفعًا مباحا وتبقى عينه فيصح إعارته، إّلا:

1- البُضع، 2- عبد مسلم لكافر، 3- صيد ونحوه لمحرِم، 4- وأمَة وأمرد لغير مأمونِ.


وإذا تلفت العارية فيردّ قيمتها إن كانت مثليّة، وتضمن مطلقا بمثلِ مثلي وقيمة غيره يوم تلفه، لا إن تلفت باستعمال معروف فلا يضمن، لأنه مؤذون فيه ولا إن كانت وقْفًَا ككتب علم إلَا بتفريط، وإن أركب منقطعا لله فلا يضمن.


 باب الغَصْب

الغصب كبيرة من الكبائر، لأن النصوص الواردة فيه شديدة، وهو: الاستيلاء على حق غيره قهرا بالقوة.


فمن غصب كلبا يُقتنى، وهو: كلب الصيد والماشية والحراسة، فيلزمه أن يردّه 

وإن كان هو ليس بمال فهو مباح النفع للحاجة.

وإن غصَب خمر ذميٍ محترمة، -ومحترمة أي : التي لم يُعلنوها ولم يُظهروها-فيردّها، فإن كانت لمسلم فلا يردها بل يُريقها.

ومن غصب جلد ميتة فلا يلزمه ردّه، وفي وجهٍ : يُرد.

وإتلاف الثلاثة هدَر، فلا نوجب عليه الضمان، فلو قتل الكلب فلا يضمنه.


وإن استولى  على حرٍ مسلم وحبسه عنده فمات عنده لم يضمنه، إن مات بغير فعله، لا إن حسبه ومنعه الطعام والشراب فهذا يضمن.


ولو غصب الصغير فتلفت ثيابه أو تلفت حُليّه فيضمنها، لأنّ الصغير لا يدفع عن نفسه بخلاف الكبير، وإن قهرهُ على أن يعمل عندهُ عملا فعليْه أجرة المدة التي حبسه فيها، او يدفع له أجرة العمل الذي عمله.


وإن غصب العبد وحبسهُ عنده فمات، فيجب فيه القيمة لأنه يُعتبر كالمتاع،  وإن لم يمت فتجب عليه أجرة هذا العبد.


ويلزمه رد مغصوب بزيادته، وهي تابعة للأصل.

وإن نقص هذا المغصوب، لغير تغيّر سعر -كأن ينزل سعر الشاة- فعليه الأرش، فإن نقص بسبب تغير الأسعار فلا شيء عليه.

وإن بنى في أرض مغصوبة، أو زرَع لزمه قلع وأرش نقص، فيدفع قيمة النقص

 ويُصلح ما عبث، ويدفع أجرة مدة ما أبقاها عنده.

ولو غصب مالًا واتّجر به -كأن يغصب دنانير ويتجر بها- فيرده مع الربح، أو غصب ما صاد به -كأن يغصب صقرا ويصيد به- فما صاده الصقر فلصاحبه لا للغاصب.


 وكذا ما حصد به، فما حصد من ذلك فلمالكِ الآلة وقد نقول: أن المحصود للغاصب،  وللمغصوب منه -مالك الآلة- أجرة الاستعمال.


وإن خلط المغصوب بما لا يتميز، كأن يخلط زيتا بزيت آخر فأصبح مختلطا فلا

 يمكن تمييزه، أو صبغ ثوبا فبعد الصبغ اختلط المِلك، فهما شريكان بقدر ملكيْهما

وإن نقصت القيمة: ضمِن.


ومن  اشترى أرضا فغرس أو بنا ثم ظهر أنها ليست مِلكا للبائع بل إنما غصبها 

وباعها فالعقد باطل، وتعودُ لصاحبها الأوّل، لأنه باع ما لا يملك، فلذلك نقول هذه 

الأرض تعود للأول، والثالث يعود بخسارته على الثاني أي: الغاصب.


وإن غصَب الثاني من الأول طعاما، فأعطاه لثالث فإن كان الآكل لا يعلم أنّها

 مغصوبة فيعود الأول على الغاصب ولم يضمن الآكل ، فإن أطعمه لعالم بغصبه

ضمن الآكل.


ويضمن مثليٌّ بمثله وغيره بقيمته، والمثلي ما له مثيل، والمُتقوّم ما ليس له مثيل.

وحرم تصرّف غاصب بمغصوب، ولا يصح عليه عقد -كأن يبيعه- ولا عبادة -كأن يتوضأ بماء مسروق-.

والقولُ في قيمة تالف وفي قدرهِ وفي صفتهِ قول الغاصب لا المالك، إذا لم يكن للمالك بيّنة.


وإذا حصل خلاف في ردّه فالقول قول المالك، لأنّ الغاصب إذا أقرّ بأنه غصب فمعناه أنّه استقرت بذمته العين فإن ادعى الرد فعليه أن يُثبت.


وإذا اختلافا -في عيب- فادّعى الغاصب أن فيه عيبا فعليه أن يُثبت وإلّا فالقول قول المالك.

ومن بيده غصب أو غير الغصب-كأمانة أو رهن-  ولم يعرف ربّه أي: جهل المالك، فعليه أن يتصدق عنه بنية الضمان، ويسقط إثم غصب إن تاب.

ومن أتلف ولو سهوا مالا محترما ضمنه، والمال المحترم هو: مال المسلم والذمّي، لا الحربي.


وإن ربط دابةً بطريق ضيّق فيضمن ما أتلفته مطلقا، وإن كانت الدابّة بيد 

الراكب أو القائد أو السائق ضمن جناية مقدّمها أي: ما تتلفه بفمها أو بيدها فلا 

يضمن مؤخرتها ويضمن ما تطأ عليه.


 

 باب الشفعة

هي: استحقاق انتزاع شريك حصة شريكه ممّن انتقلت إليه بعوضٍ مالي بثمنه الذي استقرّ بالعقد.


إذا تشارك اثنان بأرض واحدة معناه أن كل متر يعود لملكِ الاثنين فهو مِلك 

مُشاع، بخلاف ما لو قسّم الاثنان الأرض بينهما، فلو باع الأوّل حصّته

 لشخص ثالث، فالشريك الثاني أوْلى بهذه الحصة فقد يتضرر الثاني بالثالث 

وقصدُ الأول الثمن فيجوز للثاني أن ينتزع من الثالث هذه الحصة بنفس العوض، -وإن انتقلت بغير عوض مالي فلا حق له بالشفعة،- ويأخذها الثالث بنفس الثمن الذي اتفق عليه بالعقد.


وتثبتُ الشُّفعة فورًا لمُسلم تامِّ المُلك، فلا شفعة لمن مُلكه غير تام كالوقف، فلو كان نصف الأرض الثاني وقْفًا وباع الأول حصّته فليس له أن يطالب.


شروط الشفعة:  1- تقدّم ملك شفيع، 2- كون شقصٍ أي الحصّة مشاعًا من أرض، 3- كوْن الأرض يُمكنُ قسمتها، فلو طانت صغيرة جدا لا يثمكن أن تُقسم فلا تدخلها الشفعة، ويدخل غراس وبناء تبعًا لأنهُ داخل في البيع، لا ثمرة وزرع.

4- أخذُ جميع المبيع، فلا يأخذ الشريك بنصف الحصّة ليس له ذلك لأنه يضرّ البائع الأول، فإن أراد أخذ البعض يسقط حقه بالشفعة، أو عجز عن بعض الثمن  بعد إمهاله ثلاثة أيام فلا شفعة له.

ويسقط حقّه بالشفعة إن قال لمشتر -أي الثالث- بِعني، فليس له شفعة لأنّ الأوْلى في حقّه أن يُطالب بالشفعة ابتداء، كذا لو قال صالحني.

ويسقط حقّه إن أخبره عدل فكذّبه أي: أخبره أنّ شريكه باع حصته فالواجب أن يصدق ويُطالب بالشفعة ثم ظهر أن كلامه صحيح فليس له أن يطالب بالشفعة، لأنه علِم ولم يُطالب، لكن إن كان غير عدل فله أن يطالب بعد ذلك.


مسألة: إن كان في الأرض أربعة شركاء فباع أحدهم حصّته فالذي يستحقّ هذه الحصة الثلاث الباقين فإن أعرضَ اثنين ورغب الثالث بالشفعة فيأخذ كل الحصة أو يتركها.

مسألة: إن مات الثاني قبل أن يُطالب بالشفعة فلا يُطالب الورثة لكن إن طالب ثم مات فللورثة أن يُتموا.


وإن كان الثمن مؤجلا فإن كان الثاني مليء غير مماطل ويُمكن إحضاره مجلسَ 

الحكم فيأخذها مؤجّلة، وإن كان غير مليء فيُحضر كفيلا مليئا يكفله

وإن أقرّ البائع -الأول- بالبيع وأنكر مشتر -الثالث- ثبتت فيأخذ الحصة من

 الأول ويعطيه الثمن، والأول يمسك أرضه حتى يأتي الثالث ويطالبه.


باب الوديعة

وهي: توكيل في الحفظ تبرّعا.

يسنّ قبولها لمن يعرف في نفسه الأمانة، ويلزم أن يحفظ الأمانة في المكان الذي يُحفظ فيه أمثالها.


وإن عيّن الحرز ربّها فأحرز بدونه فيضمن، أو تعدّى أو فرط فإنه يضمن، أو قطع علَف دابة حتى ماتت فيضمن.


ويُقبلُ قول مودَع -الأمين- في ردها إلى ربّها، أو غير مالكها بإذنه لا وارثه، فلو طالبه الوارث فلا يُقبل قول الأمين حتى يُشهِد.

وإذا حصل خلاف بتلفها وعدم تفريط وتعدي فالقول قول الأمين.


وإن أودعَ اثنان مكيلا أو موزونًا يقسّم فطلب أحدهما نصيبهُ لغيْبة شريكه أو

 امتناعه، فيُعطى نصيبه وإن كان شيئا لا يقسم فلا يُعطى حتى يحضر الشريك.


ولمودَع-الأمين- ومضارِب ومرتهنٍ ومستأجر إن غُصبت العين المطالبة بها،

 لأنهم يقومون مقام المالك في حفظها.


    باب أحياء الموات


تعريفه: إحياء الأرض المنفكّة عن الملك والاختصاص.

الأرض إمّا أن تكون مِلكا لمعصوم فهذه لا يُمكن إحياؤها، والنوع الثاني: أن تكون مختصّة ليست مُلكا لأحد لكنها مُختصة بالناس وحوائجهم  كالطريق فهو ليس مُلكا لأحد، فلو جاء شخص وأحيا بيْتا بوسط الطريق لا يصح هذا الإحياء، فهي ولو كانت مُنفكة عن الملك ليست منفكّة عن الاختصاص.

فالأرض الميّتة هي التي تُحيا: ليست مُختصة ولا مملوكة، وإذا صح الإحياء فصح ملكها، فمن أحيا أرضًا ملكها.


ومردّ الإحياء إلى عُرف الناس كالتّسوير أو إصلاحها، أو دفع الماء عنها لتُصبح صالحة للزرع كله يعتبر إحياء.


ويحصل الإحياء: بحوزها بحائطٍ منيع أي: سور، ومردّ السور المنيع إلى

 أعراف الناس، أو حفر بئر أو زرع شجرة.


ومن سبق إلى طريق واسعٍ فهو أحقّ به فيما بقي متاعه فيه ما لم يَضُر، فلو

 كان في جلوسه ضرر فلا يحق له أن يَبقى في هذا المكان.


        باب الجعالة


وهي :أن يجعل شيئا معلومًا لمن يعمل له عملًا معلومًا أو مجهولا. 

 فالجُعل لا بدّ أن يكون معلومًا، أمّا العمل فقد يكون مجهولًا فلا يشترط العلم به.

مثاله: ردّ عبد أو سيارة، وبناء حائط  فمن فعله بعد عِلمه بالجُعالة يستحقها 

لا إن عمله وهو لا يعلم بالجُعالة فلا يستحقها.


ولكلٍ فسخها فهي عقد جائز، فإن كان الفسخ من العامل فلا شيء له، وإن كان 

من الجاعل فلعامل أجرة العمل.


وإن عمل العامل عملا لغيره لا يُريد الأجرة فلا يستحقّ أن يُطالب بها لأنه متبرّع، كما لو عمل عملا يريد الأجرة به، ومعدٌ نفسه لها لكن دون أن يستأذن من صاحب المِلك فلا شيء له، ويستثنى من ذلك: تحصيل متاع من بحر، فلو بدأ المتاع بالسقوط في البحر فاستنقذه فله أن يطالب بالأجرة.


 باب اللقطة

وهي: مال أو مختصٌ ضلّ عن ربه وتتبعه همّة أوساط الناس، فلو كان يسيرا فليس بلقطة.

وهو أقسام:

الأول: ما لا تتبعه همّة أو ساط الناس كرغيف وشِسع فحكمه: يُملك بلا تعريف، 

فالعبرة بالمتوسطين من الناس، ومردّ العُرف: كلّ بلد بحسبه.


الثاني: الضّوال التي تمْتنع من السباع الصغيرة، فيَحرم التقاطها ولا تُملك بتعريفها كخيل وإبل وبقر.


الثالث: ما تتبعهُ همّة أوساط الناس، وليس من الضوال التي تمنع نفسها من صغار السباع فهو وباقي الأموال كثمنٍ ومتاع وغنم وفصلان -ولد الناقة-، وعجاجيل-ولد البقر- فلِمن أمِن نفسه عليها أخذها، ويجبُ حفظها وتعريفها في مجاميع الناس حولا كاملا، ويعرّف بها بحسب العادة وتُملك بعد التعريف حكما.


ويحرمُ تصرّفه فيها حتى يضبط صفاتها فقد يأتي صاحبها بعد زمن فيطلبها 

فمتى ما جاء ووّصفها لزم ردّها إليه.

ومن أخذ  نعله ونحوه ووجد آخر مكانه فلقطة.


باب اللقيط

واللقيط هو: طفل لا يُعرف نسبه ضلّ أو ضاع أو نُبذ.

والتقاطُه فرض كفاية، فإن لم يكن معه شيء من المال فيُنفق عليه من بيت المسلمين، فإن لم نجد فمن لقَطه يُنفق عليه من ماله الخاص بلا رجوع.

وهو مسلم -اللقيط - إن وُجد في بلد يكثر فيه المسلمون، وإن أقرّ به من يُمكن

 أن يكون منه قيلحق به.


  باب الوقف

وهو: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.

كأن يكون الأصل عمارة أو مزرعة، فهي وقف لا يتصرف فيه ببيعٍ ولا هبة ولا غير ذلك، وتسُبل منفعتها.


وهو: سُنة، ويصحّ بقول وفعل دال عليه عرفا، كمن بنى أرضه مسجدا أو مقبرة

 وأذِن للناس أن يُصلوا فيها أو يدفنوا موتاهم فيها فهذا بالفعل.

وألفاظ الوقف إما صريحة كـ وقَفت أو حبستُ أو سبلت.

وكنايته كـ تصدّقت أو حرّمت أو أبّدتُ، فهي ليست صريحة بل كناية فتنعقد إن وجدت النية.

شروطه:

الشرط الأول: كونه في عينٍ معلومة يصحّ بيعها، غير مصحف فيصحّ وقفه ولا يصح 

بيعه وينتفع بها مع بقائها.

الشرط الثاني: كونه على بِرٍ، ويصحّ من مسلم على ذمي وعكسه.

الشرط الثالث: كون الوقف على معيّن يملك كـ أوقفتُ على أولادي، إلاّ في بعض الحالات مثل: كالفقراء والمساكين والمساجد، فلا يُشترط أن يكونوا معيّنين.


الشرط الرابع: كون الواقف نافذ التصرف، وهو:  الحر المكلف الرّشيد.

الشرط الخامس: وقفه ناجزا، أي: لا يصحّ إلا مُنجزا حاضرا لا معلّقا ولا مؤقتا.

 ويجب العمل بشرط واقف إن وافقَ الشرع، ولو قال أوقفتُ هذه العمارة على

 أولاد فلان وأطلق فيستوي فيه الفقراء والأغنياء.

والناظر على الوقف إمّا أن يُحدده الواقف فيكون من حدّده، وإن لم يُحدده

 فيكون الناظر لموقوف عليهم إن كانوا محصورين، فإن كانوا غير محصورين

 فلحاكم تعيين ناظر كما لو كان  مسجدًا ونحوه.

وإن أوقف على ولده أو أولاد فلان فيدخل فيه الذكر والأنثى، وبعد موتهم يدخل

 فيه أبناء الذكور لا أبناء الإناث.


وإن قال هذا وقف على بنيّ أو علي بني فلان فيدخل فيه الذكور فقط ، وإن

 كانوا قبيلة دخل الذكور والإناث دون أولادهن.


وإن قال هذا وقف على قومي أو قرابتي دخَل فيه الذكر والأنثى من أولاده، وأولاد أبيه وأولاد جدّه وأولاد جد أبيه فقط، ولا يدخُل قرابته الذين ليسوا هم على دينه، وإن وقف على جماعة معدودين يُمكن حصرهم وجبَ تعميمهم والتسوية بينهم.

وإن كانوا غير محصورين جاز التفضيل والقصر على واحدٍ كما لو أوقف على بني تميم فتتعذر التسوية والاستيعاب.


   باب الهبة

هي :التبرع بتمليك ماله المعلوم الموجود في حياته.

والهبة مُستحبة، وتصحّ هبة مصحف وكل ما يصحّ بيعه، وتنعقد بكل ما يدخل

 عليها عُرفا فليس لها ألفاظ معيّنة.


وتلزم بقبض فهي جائزة قبل القبض، ويكون القبض بإذن الواهب، ومن أبرأ غريمه برأ، فلا يُحتاج إلى قبول ورضا.


    باب العطية

يجبُ العدل في العطية بين الورثة ولدا كان أو لا، ويُعطي كلا بقدرٍ إرثهِ، فإن فضّلَ بعض الورثة على بعض سوّى برجوع، و إن مات قبل الرجوع ثبتَ تفضيله.


ويحرم على واهب أن يرجع بهبته قبل القبض، والرجوع في الهبة قبل إقباضها مكروهة، وبعد إقباضها حرام، إلّا إن كان أبا فيصحّ رجوعه ولا يحرم.


وللأب أن يتملّك من مال ولده بقبضٍ مع قول -لا مجرد القبض دون القول أو نية-

ولا يملك الأب أمةَ الولد الموطوءة فهي مُلحقة بالزوجة وتُحرم عليه.


ويُشترط أن لا يضرّ الولد وأن يتملّك ليعطي ابنه الآخر، وأن لا يكون في 

حال مرض الموت -الأب أو الإبن- ولا يتملّك الأب مال ابنه إن كان الأب

 كافرا والإبن مسلما.

وليس لولد ولا ورثته مطالبة الأب بدين أو نحوه، وللإبن أن يُطالب الأب بالنفقة للضرورة.


ومن مرضُه غير مخوف تصرّفه كصحيح، ومن كان مرضُه مخوفا يتصرف في الثُـلث فقط.


ولا يصحّ من مرضه مخوفٌ تبرعه لوارث بشيء، ولا لِما فوق الثُّلث لغيره إلّا بإجازة الورثة.


ولو أعطى شخصا وهو مريض أخاه عطية، إن كان هذا الأخ غير وارث ثم أصبح واراثا فيُعامل بأنّه وارث فالعبرة بحال الموت.


الفرق بين العطية والوصية:


*  يبدأ بالأول فالأول بالعطية لأنّ التمليك يُعتبر في الحياة فيراعى الترتيب، وفي الوصية يوزع عليهم بالسوية، لأنّ التمليك بعد الموت فلا نُراعي الترتيب.


* لا يصح الرجوع بالعطية بعد لزومها بالقبض، ولو أوصى بوصيّة ثم رجع عنها فيصح لأنه ما أقبض ولا ملّك.


* يُعتبر قبول العطيّة عند وجودها في الحياة فيُقبل قبولها  بالحياة، أما الوصية قيعتبر قبولها إذا مات -الموصي-.


* يثبتُ ملك العطية من حينها في حال الحياة، أما الوصية بخلاف ذلك، فيثبت ُملكها بعد موت الموصي.


    باب الوصايا


وهي: التبرع بالمال بعد الموت.

يسنّ لمن ترك مالا كثيرا الوصية بخُمسه. 


وتحرم  الوصية بأكثر من الثلث، ولا تجوز أن تكون لوارث إن كان ممن يرثهُ غير الزوجين، فلو مات الإنسان  وليس له وارثٌ إلّا الزوج أو الزوجة فله أن يوصي بأكثر من الثلث بشرط أن لا يَجوز فرضَها.


وتصح موقوفة على إجازة الورثة، فلو أذِن الورثة أن تزيد على الثلث أو أن تكون لوارث صحّت، وتكرهُ الوصية من فقير ورثته محتاجين .


ولو أنه أوصَى ولم تكفي الثلث تزاحموا عليه كمسائل العول.

وتٌُخرج الواجبات من دين وحج وزكاة من رأس المال مطلقا فلا تحتاج إلى وصية.


ولا تصحّ الوصية لعبد بمعيّن لأنه لا يملِك، وتصحّ بمشاع -كأن يوصي له بثلث مالي- ويعتق بقدر نصيبه ويأخذ إن فضلَ له شيء.


وتصح الوصية بحَمْل تحقق وجوده، ولا يصحّ أن يوصي لكنيسة وبيت نار وكتب التوراة والإنجيل ونحوهما.


وتصح بمجهول وبمعدوم-ما ستحملُه ثمار شجرتي العام القادم فهو لفلان- وما لا يقدر على تسليمه.

وما حدث بعد الوصية بالمال يدخل فيها، كأن يزيد أو ينقص فهي تمليك بعد الموت.

وتبطل الوصية بتلف معيّن أوصى به كما لو قال أوصيت لفلان هذه السيارة فلو تلفت بطلت الوصية.


ولو أوصى بمثل وارث معين كما لو قال: أوصيت لفلان بمثل نصيب ابني أو ابنتي، فيدخل القسمة.

ولو قال: أوصيت لفلان بمثل نصيب أحد من ورثتي، فله مثل مال أقلّ الورثة.

ولو قال: أوصيت لفلان بسهم من مالي: فنعطيه السُدس.

ولو قال: أوصيت لفلان بشيء أو حظ أو جزء فيعطيه الورثة أيّ شيء.


من يوصى إليه؟

يصح الإيصاء لكل مسلم مكلف رشيد، عدلا ولو ظاهرا.


ويصح أن يوصي الكافر إلى مسلم، ويصح أن يوصي المسلم لعدل في دينه.

والوصي من: سيقسم مال الورثة ويُشرف على أموال الورثة الصغار.


ولا يصح الإيصاء إلا في معلوم يملك الموصي فعله، فلا يصحّ بالمجهول وفيما لا يملك فعله.


ومن مات بمَحلٍ لا حاكم فيه ولا وصي فلمسلمٍ حوز تركته وفِعل الأصلح فيها من بيع وغيره وتجهيزه منها، ومع عدم المال والتركة - للميت- فيجبُ عليه أن يُجهّزه هو ويرجع على من تلزمهُ نفقته إن نوى الرجوع لا إن نوى التبرع.


تم بحمد الله كتاب البيع وسائر المعاملات.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خلاصة رواق الأدب

‏(خُلاصة رُوَاق الأدَب) استمتَعتُ بمُشاهدة حلَقات برنامج: رُواق الأدَب، للدكتور: عبد الرحمن قائد جزاهُ الله خيرا، وهو برنامج أدبيٌّ جميل، تن...