الاثنين، 4 فبراير 2019

تلخيص كتاب النكاح من شرح متن: زاد المستقنع، للشيخ: أحمد القعيمي.


وهو في اللغة: الضمّ والتّداخل، وفي الشرع: فهو عقدٌ فيه لفظ إنكاح أو تزويج في الجملة.
وهو مشروع في الكتاب والسنة والإجماع.
والمعقود عليهِ في النكاح هو: منفعة الاستمتاع، فالزوج يستمتع بزوجته ولا يملِكها.
وهو سُنة لذي شهوة لا يخاف على نفسه من الزنا، ولو فقيرا عاجزا عن الإنفاق، وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة، لاشتماله على المصالح الكثيرة.
ويجبُ على من يخاف زنا بتركه ولو ظنّنا من رجل وامرأة، ويقدّم حينئذ على فرض حج، ويجب على من نذره.
ويباحُ لمن لا شهوة له، ويحرم النكاح في دار الحرب إلّا لضرورة، ولا يباح النكاح للأسير مطلقا.
ويسنُ نكاح واحدة-إن حصل الإعفاف بها-، ديّنة أي: ألا يكون في سلوكها فسق، وفسّرها بعضهم بأن تفعل الأوامر وتجتنب النّواهي. 
ويستحبُّ أن تكون أجنبية عن الزوج، ليست من قراباته، وأن تكون بكرا؛ إلّا أن تكون مصلحته في نكاح الثيب أرجح.
 ويستحبُّ أن تكون ولودا، وكونها حسيبة وهي النسيبة طيّبة الأصل، ومن بيت يُعرف بالدين، وأن تكون جميلة؛ لأنه أغض لبصره.


ولهُ أن ينظر إلى الوجه والرقبة واليد والقدم مرارا بلا خلوة، فإن لم يتيسّر لهُ النظر بعث لها امرأة تنظر إليْها ثمّ تصفها له.
ويحرمُ التّصريح بخطبة المُعتدّة من وفاة، والمبانة وهي: كلّ امرأة فارقت زوجها ولا يملِك مراجعتها في عدّتها؛ دون التعريض فلا يحرم.
التصريح: اللفظ الذي لا يحتمل إلّا النكاح، والتعريض: اللفظ الذي يحتمل
 النكاح وغيره.
ويباحُ التعرض والتصريح فقط لزوج طلّق دون الثلاث، فيجوزُ لهُ أن يخطبها تصريحا وتعريضا، ويحرمان على غير زوجها.
ويحرم على الرجعيّة أن تُجيب من خطبها تصريحا أو تعريضا، وأمّا البائن فيُباح لها إذا خُطبت في عدّتها التّعريض دون التّصريح.
ويسن العقد يوم الجمعة مساء أي: أن يكون من آخر النهار؛ لأنّ فيه ساعة الإجابة، ويسنّ أن يخطب بخطبة ابن مسعود رضي الله عنه، يخطبها العاقد أو غيره قبل الإيجاب والقبول، ويُجزء عنها أن يتشهّد ويُصلّي على النبي-صلى الله عليه وسلم-.
ويستحب ضرب الدف والصوت في الإملاك حتى يُشتهر ويُعرف.

فإن أجاب وليّ مجبرة وهي البكر، أو أجابت غير المُجبرة حرم على غيرهِ خطبتها، وإن رُدّ أو جهل الحال فيجوز للثاني أن يخطب.


أركان النكاح
الركن الأول: الزوجان الخاليان من الموانع، الركن الثاني: الإيجاب، وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه.
 الركن الثالثالقبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج، ويشترط ألا بتقدم القبول على الإيجاب.
ولا يصح ممن يُحسن العربية بغير لفظ زوجت أو أنكحتُ، فيُشترط أن يأتي الوليّ في العقد بأحد هذين اللفظين.
ويشترط الاتصال بيْن الإيجاب والقبول، فإن تأخّر عن الإيجاب صحّ ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عُرفا، فإن تفرّقا قبل القبول بطل.
ويشترط أن يكون الإيجاب والقبول مُنجّزين، فلا يصحّ تعليقهما على شرط المستقبل غير المشيئة.


شروط النكاح
الشرط الأول: تعيين الزوجين، وهو أن يُشير الوليّ إلى الزوجة، أو يسمّيها، أو يصِفها بما تتميز به فيحصل به التعيين، أو يقول: زوّجتك بنتي وله واحدة لا أكثر فيصح، فإن كان له أكثر فلا يصح.
الشرط الثاني: رضاهما، فلا يصحّ من المُكره بغير حق؛ إلّا البالغ المعتوه والمجنون من باب أولى، ولو بلا شهوة، وكذا المجنونة والصغير، والبكر ولو مكلفة فلوليها أن يُجبرها، وإن كانت بنت تسع فأكثر وعيّنت كُفئا لها وخالفها الوليّ المُجبر وعيّن كُفئا آخر أُخِذ بتعيينها، ويسنّ إستئذانها هيَ وأمّها.
 والثيب يشترط رضاها إن استكملت تسع سنين.
والوصي في النكاح: من وصّى له الوليّ بتزويج موليّته، أو من ولي عليهم؛ فإن لم ينصّ في وصيّته على النكاح بل وصّاهُ على أولاده الصغار لم يملك تزويج أحد منهم.
ولا يُزوّج باقي الأولياء صغيرة دون تسع، ولا كبيرة عاقلة، ولا بنت تسع إلّا بإذنها وهو صمات البكر أي: سكوتها، ونُطقها أبلغ.


الشرط الثالث: الولي.

شروطه:
 أولا: التكليف، ثانيا:كونه ذكرا، ثالثاالحرية، رابعا: الرشد، خامسا: اتفاق الدين 
سادسا: العدالة ولو ظاهرا.
فلا تُزوج المرأة نفسها ولا غيرها، ويقَدَّمُ أب المرأة وجوبا في نكاحها، ثم وصيّهُ في نكاح، ثم جدها لأب وإن علا، ثم الفروع ثم الحواشي، ثم الأقرب فالأقرب؛ فإذا عدم فالمولى المُنعم ثم أقرب عصبته نسبا فإن عدِم الكلُّ فيُزوّجها السّلطان، فإن عدم فإنها تُوكِّلُ عدلا يزوّجهـَا.
فإن عضل الولي كُفئا رضيَتْـه فإنّ ولايتهُ تسقط وتنتقل إلى من بعده، كذا إن لم يكن أهلا، أو غاب غيْبة مُنقطعة فتنْتقل مباشرة لمن بعده.
وإن زوّج الوليّ الأبعدُ أو أجنبي من غير عذر لم يصح.
الشرط الرابع: الشهادة.
فلا يصح إلّا مع بشاهدين عَدليْن ولو ظاهرا، ويُشترط أن يكونا ذكريْن سميعيْن ناطقيْن غير مُتَّهمين لِرحم، بألا يكونا من عمودي نسب الزوجين.
والكفاءةُ ليست شرطا في صحة العقد، وهي: ما يكون الزوج مساويا للمرأة في خمسة أشياء:
الأول: الدين، فلا تُزوّج عفيفةٌ عن الزنا بفاجر فاسق بقول أو فعل أو اعتقاد، الثاني: المنصب، وهو: النسب، والعرب كلهم في منزلة واحدة، الثالث: الحرية، فلا تزوّج الحرة لعبد، الرابع: الصناعة، أن تكون غير رزيّة، الخامس: اليَسار، وهذا متعلق بأب الزوجة والزوج المتقدم.
فلو زُوّجت عفيفة لفاجر، أو عربية لأعجمي، فلمن لم يرضَ من المرأة أو من الأولياء الفسخ، قال الشيخ منصور: حتى من حدَث، أي: من الأولياء.


باب المحرمات في النكاح
المحرمات في النكاح ضربان:
الضرب الأول: المحرمات إلى أبد وهن خمس:
فمن النسب: 1- الأم وكلّ من لها ولادة عليك وإن علَت، 2- البنات، وبنت الابن وبنت البنت من حلال و حرام أو شبهة، ويكفي أن يُعلم أنها بنته ظاهرا وإن كانت لا تُنسب إليه.
3- كل أخت شقيقة أو لأب أو لأم، 4- بنت الأخت مطلقا، وبنت ابن الأخت، وبنت ابنة الأخت.
 5- بنت كل أخ، وبنتها وبنت ابنه وإن سفلت، 5- كل عمة من كل جهة، 6- الخالة من كل جهة وإن علت.
ومن المُحرّمات على التأبيد: المُحرّمات بسبب اللعان، ولو أكذب نفسه، ولو كان اللعان في نكاح فاسد.
ومن المُحرّمات إلى الأبدالمحرمات من الرضاع، فكل امرأة حرمت بالنسَب حرمت بالرضاع إلّا أم أخته وأخت ابنهِ.
ومن المحرمات إلى الأبد: المحرمات بالمُصاهرة منهن ثلاث يحْرمن بالعقد وهن: 1- زوجة أبيه ولو كان من الرضاع، 2- زوجة ابنه وإن نزل، ولو كان من الرضاع، 3- أم زوجته وجداتها وإن علون ولو كانت من الرضاع.
 وتحرم بالدخول بنت الزوجة، وبنات أولادها من النسب والرضاع.
فإن بانت الزوجة قبل الدخول ولو بعد الخلوة أو ماتت بعد العقد وقبل الدخول والخلوة أُبحْنَ أي: الربائب.
 وإذا قتل رجل رجلا ليتزوج امرأته لم تحلْ له أبدا، والمرتدة التي لا تقبل توبتها لا يحل الزواج بها.
الضرب الثاني من المحرمات: المحرمات إلى أمد وهن: 1- أخت معتدته حتى تنتهي عدتها، 2- وأخت زوجته وبنتاهما وعمتاهما وخالاتهما، وإذا طُلّقت الزوجة وفرغت من
العدة أبحْنَ.
وإن تزوّج أختيْن ونحوهما في عقد واحد فلا يصح وبطل النكاحان، فإن تأخّر أحدهما بطل المتأخر، وإن وقع في عدّة الأخرى وهي بائن أو في عدة الرجعية بطل الثاني.
ومن المحرمات إلى أمد: المعتدة من غيره.
والزانية إذا عُلم زناها حرم العقد عليها حتى تتوب وتنقضي عدّتها.
وينفسخ عقد النكاح إذا زنا بأمّ زوجته كذلك إذا زنى بابنتها.
ومطلّقته ثلاثا تحرم عليهِ حتى يطأها زوج غيره في نكاح صحيح، وتحرم المُحرِمة حتى تحلّ من إحرامها.
ويباحُ نكاح المسلم الحرة الكتابية، وأهل الكتاب هم: من دان بالتوراة والإنجيل، بشرط أن يكونَ أبواها كتابييْن وأن لا تكون متزوجة، وأن لا تكون في العدّة.
ولا ينكحُ حر مسلم أمَة مسلمة إلّا بثلاثة شروط:
الأول: أن يخاف مشقّة العزوبة؛ لحاجة المتعة أو الخدمة، الثانيأن يعجزَ عن مهر حرة، الثالث: أن يعجز عن ثمن أمة.
ولا ينكح عبد سيدته، ولا سيد أمته إلّا إذا أعتقها وجعل عِتقها صداقها.
وللحرِّ نكاح أمة أبيه لا نكاح الأب أمة ابنه، وليس للحرة نكاح عبد ولدها.
ومن حرُمَ وطؤها بعقد النّكاح حرُم وطؤها بملك اليمين إلّا الأمة الكتابية.
ومن جمع بين محللة ومحرّمة في عقد واحد صح فيما يحلّ وبطل فيما يحرم.


باب الشروط في النكاح
وهو: ما يشترطه أحد الزوجيْن على الآخر في العقد ممّا له فيه غَرض.
الشروط المُعتبرة في النكاح: التي تكون في صُلب العقد أو ما اتّفقا عليه قبل العقد.
وهي قسمان:
الأول: الشروط الصحيحة، وهي التي تشرطها المرأة وتنتفع بها، ولا تنافي العقد، كما لو اشرطت طلاق ضرّتها؛ لأنها لها فيه غرض صحيح، والأصح أن هذا الشرط غير صحيح، أو أن لا يتسرّى عليها، أو أن لا يتزوّج عليها، أو أن لا يُخرِجها من دارها أو من
بلدِها، أو شرطت نقدًا مُعيّنا أو زيادة في مهرها صح.
ويترتّب على الشرط الصحيح: لزومه على الزوج، فليس له فكّه.
والمراد بهذا اللزوم ثبوت الخيارِ لها بعدَمه.
ويسنّ ولا يجب الوفاء به، وإن خالفه فلها الفسخ على التراخي.
 ولا يسقط خيار الفسخ لها إلّا بالقول أو بالفعل ويكون ذلك مع التمكين مع علم عدم وفائه بالشرط.


القسم الثاني: الشروط الفاسدة، وهي أربعة أنواع:
النوع الأول: نكاح الشغار وهو: أن يزوجه موليّته على أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر فيبطل النكاحان، فإن سمّى لكل واحدة منهما مهرا صحّ، وإن سمّي لإحداهما فقط صح لمن سمّي لها دون الأخرى.
النوع الثاني: نكاحُ المحلل وهو: إن شرطَ أنه متى ما أحلّها للأوّل طلقها أو نواهُ بقلبه بلا شرط فهو فاسد، ولو نوتْه الزوجة أو المطلّق أو الوليّ  فالعقد صحيح، ولو نواه الزّوج ثم أبى فإنّ فالنكاح فاسد لا يصحّ.
النوع الثالث: إن علّق النكاح على شرط مستقبل على غير مشيئة الله فلا يصح.
النوع الرابعنكاح المتعة إن وقّته بمُدةٍ، أن يتزوج بنيّة الطلاق، أو ينويه بقلبه.
 وقال الموفّق: ليس متعة إن نواه بقلبه، ولا يحدّ من فعل هذا النكاح الفاسد.
 وإن شرط أن لا مهر لها، أو أن لا نفقة، أو شرط أن يقسم لها أقلّ من ضرّتها أو أكثر أو شرط  فيه خيارا، أو إن جاء في المهر وقت كذا وإلّا لا نكاح بينهما بطل الشرط وصح النكاح.
وإن شرطها مُسلمة فبانت كتابيّة، أو شرطها أن تكون بكرا فبانت ثيبا، أو جميلة أو نسيبة أو حسيبة، أو نفي عيْبًا لا يفسخ به النكاح فبانت بخلافه فله الفسخ.
 والعلة: لأنّه شرط صفة مقصودة ففاتت عليه.
ومن عتقت تحت حرٍ فلا خيار لها؛ بل يثبت الخيار لها إن عتقت كلّها تحت عبد لأنّه لا يُكافئها.


العيوب التي يملك بها الزوج أو الزوجة فسخ النكاح:
العيوب التي تختص بالرجل وهي إذا وجِدت ملكت الزوجة حقّ الفسخ؛ كمن وجدت زوجها مجبوبا-مقطوعا ذكره-، أو عنّيينا والعنّة أي العاجز عن الإيلاج، فإن ثبتتْ أُجّل سنةً يضربها الحاكم وتُحسب من حينِ الترافع، فإن وطِئ وإلّا فلها الفسخ وإن رضيت
سقط خيارها.
العيوب التي تختص بالمرأة وهِيَ إذا وُجِدت ملَك الزوج حق الفسخ، كالرتق والقرن والعفن وقروح سيالة في الفرج والاستحاضة وكون فرجها به بخر وهو: نتن يثور عند الوطء كلها بمعنى واحد.
ومن العيوب المشتركة: استطلاق بول ونجو وباسور وناصور، وكون أحدهما خنثى واضحا وجنون-ولو ساعة- فإنه يثبت الخيار لكل واحد منها، كذلك البرص وقرع رأس له، ونتن الفم.
الأحكام المترتبة على وجود العيبيثبتُ لكل منهما الفسخ، ولو حدث بعد العقد والدخول ولو كان الآخر له عيب مثله أو مغاير له.
ومن رضي بالعيب بالقول أو ما يدلّ على الرضا مع علمه بالعيب فلا خيار له.
ولا يكونُ الفسخ إلّا بحكم حاكم، وإن كان قبل الدخول فلا مهر للمرأة، وإن كان بعده فيقرّر لها كل المهر ويرجع به الزوج على من غارّه-من علم العيب وكتمه من زوجة عاقلة وولي ووكيل-، وإن طُلقت قبل الدخول أو مات أحدهما قبل الفسخ فلا رجوع على أحد.
والصغيرة والمجنونة والأمة لا تُزوج واحدة منهن بمعيب وإن رضيت المكلفة الكبيرة بـ مجبوب أو عنين فإنّها لا تُمنع بل يمنعها الولي من تزوج مجنون ومجذوم وأبرص.
ومتى علمت العيب أو حدث  بعد العقد لم يجبرها الوليّ على الفسخ.


باب نكاح الكفار
وهو صحيح كنكاح المسلمين، ويُقرّون على فاسده إن اعتقدوا صحّته في شرعهم ولم يترافعوا إلينا ولو كان تنظيما فإن أتونا قبل عقدهِ عقدناه على نكاحنا وإن أتونا بعده والمرأة تحل أو أسلم الزوجان فيُقرا حينئذ على نكاحهما.
فإن تزوّجها وقت العدّة ثم انتهت عدّتها وأسلموا فيقرُّ نكاحهُما، وإن تزوجها بعد أن طلقها ثلاثا ثم أسلموا فلا يقرا لأنّها حال االترافع لا تباحُ له.
وإن وطئَ حربي حربيّة فأسلما أو ترافعوا إلينا وقد اعتقداه نكاحا فيّقرّون.
ومتى ما كان المهرُ صحيحًا معلوما فإنّها تأخذه وإن كان فاسدا.
وإن قبضته استقرّ وإن لم تقبضه فُرض لها مهر المثل، وإن أسلمـَ الزوجان معا ولو قبل الدخول أو زوْج كتابية فعلى نكاحهما، وإن أسلمت هيَ فإن كان قبل الدخول بطل النكاح ولا مهر لها وإن  أسلم هوَ فلها نصف المهر، ومادامت في العدَة فإن أسلم الآخر
قبل انقضائها دام النكاح.


باب الصداق
وهو: عوض يُسمّى في النكاح أو بعده لِمن لم يُسمّى لها مهر.
يسنُّ أنْ يكون المهر خفيفا، ويسن تسميتهُ في العقد ويُكره ترك التسمية.
ويسنُّ أن لا يزيدَ على خمس مائة درهم وكل ما صحّ ثمنًا أو أجرة صح مهرًا سواء كان عيْنا أو منفعة وإن قل.
وإن أصدَقها تعلّم قرآن لم يصح الصداق، ويصح لو أصدقها تعلم فقه وأدب وشعر ونحوه.
وإن أصدَقها طلاقَ ضُرتها لم يصح، ويجب لها مهر المثل.
وإن أصدَقها ألفا إن كان أبوها حيًا وألفين إن كان ميّتًا وجَب لها مهرُ المثل؛ لا إن أصدقها ألفا إن لم يكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة فيصح.
وإذا أجّل الصداق أو بعضه صح وإن لم يُعيونوا الأجل فمحلهُ الفُرقة.
وإن أصدقها مالًا مغصوبًا أو خنزيرًا ونحوه صح النكاح ووجب لها مهرُ المثل .
 وإن تزوّجها على ألفٍ لها وألفٍ لأبيها صحّت التسمية فلو طلق قبل الدخول وبعد القبض رجَع بالألف عليها، ولا شيء لهما عند الأب ولو شرط ذلك لغير الأب لم يصح.
ومن زوّج ابنتهُ ولو ثيّبا دون مهر مثلها صحّ ولو كرهت، وإن زوّجها به غير الأب صح وإن لم تأذن فمهرُ المثل، فيلزم الزوج أن يتمّمّ النقص.
وتملك الزوجة صداقها بالعقد ويترتب على هذا:
 أنّها لها نماء المهرِ المعيّن قبل القبض، وإن تلف فمن ضمانها إلّا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه؛ لأنه بمنزلة الغاصب.
 ولها التصرّف فيه ولو قبل القبض، وعليها زكاتهُ من حين العقد، وإن طلق من أقبضها صداقا قبل الدخول رجع عليها بنصفه دون نمائه.
وإن اختلفَ الزوجان أو ورثتهما بقدر الصداق أو عيْنه وفيما يستقر به فالقول قول الزوج؛ لأنه منكر، وإن اختلفوا في قبضهِ فالقول قول الزوجة لأنّ الأصل عدم القبض.
ويصح تفويض البُضع والتفويض هو: الإهمال كأنّها أهملت أمر المهر وهو قسمان:
الأول: تفويض البضع حيث لم تسميهِ، وهو أن يزوّج الأب ابنتهُ المُجبرة بلا مهر، كذلك من صوره: أن تأذن المرأة لوليّها أن يزوجها بلا مهر.
الثاني: تفويض المهر: وهو أن  يزوّجها على ما يشاء أحدهما أو يشاء الأجنبي.
 وله عشرة أحكام:-
الأول: العقد في التفويض في الضربين صحيح، الثاني: لها مهر المثل بمجرّد العقد.
الثالث: أن الحاكم يفرضه بقدره أو نصفه إن كان طلّق قبل الدخول، الرابعمن مات منهما قبل الدخول والخلوة وقبل أن يفرض الحاكم مهر المثل ورِثه لآخر.
الخامس: إن طلق الزوج الزوجة المفوضة قبل الدخول والخلوة فلها المتعة وهي معتبرة بيسر الزوج وعسره.
 السادس: يستقرّ المهر المسمى بالدخول، السابع: إن افترقا في الفاسد فلا مهر ولا متعة وسواء طلق أو مات عنها، وبعده يجب لها كل المسمى.
الثامن: للمرأة أن تمنع نفسها حتى تقبض صداقها فإن كان مؤجّلا فليس لها أن تمنع نفسها.
التاسع والعاشر: إن أعسر الزوج بمهر الحال فلها الفسخ ولو بعد الدّخول ولا يفسخه إلّا حاكم.


وليمة العرس
الوليمة هي: اسم لطعام العرس خاصة.
 تسن بشاة فأقل ولو بشيء قليل كمُدّين من شعير.
وتسن بالعقد، وقيل: بالدخول، وتجب إجابة الدعوة بشروط :
الأول: تجب في اليوم الأول، الثاني: أن يكون الذي دعاك مسلما يحرم هجره.
 الثالث: أن يعيّنه، الرابع: أن لا يكون ثمت منكر، الخامس: أن يكون كسبُ الداعي
طيّبا.
ولا تجب إجابة الدعوة إن كان في مكان فيه صور معلّقة.
  وتكره إجابة دعوى الذمّي، وقيل: تجوز بلا كراهة.
 ومن صومه واجب ودُعِي دعا استحبابا وانصرف ولا يجب عليه أن يفطر، ويستحب لغير المُتنفل أن يفطر إذا كان في أكله جبرٌ لقلب الدّاعي.
والواجب الحضور لا الأكل، وإباحة الأكل متوقفة على الإذنِ صريحا أو إن وجدت قرينة تدلّ عليه.
وإن علم أنّ ثمتَ منكرا كالزمر والخمر وآلات اللهو ونحوه يقدِرعلى تغييرهِ يلزمهُ الحضور وإلّا فحرمت الإجابة.
وكُره النثار والتقاطه، ومن أخذه أو وقعت في حجره فله.
ويسنُّ إعلان النكاح وإظهاره، ويسنُّ فيه الدف الذي لا حلق فيها ولا صنوج للنساء،
والمذهب: يسن للرجال والنساء.
ويسن: الدُّف في الختان وقدوم الغائب والولادة والإملاك، والرقص الأصل فيه الكراهة للرجال والنساء.


باب عشرة النساء
وهي: ما يكون بين الزوج من الألفة والانضمام.
يلزمُ كل من الزوجيْن أن يُعاشر الآخر بالمعروف، ويسنُّ لكل منهما تحسين الخلق لصاحبه والرّفق به واحتمال آذاه.
ويحرمُ مطل كل واحد بما يلزمه للآخر، والتكرّه لبذلهِ ولا يُتبعه أذىً ومنّة.
شروط تسليم الزوجة 
إذا تمّ العقد وجب تسليم حرة يوطئ مثلها في بيْت الزوج إن طلب الزوج تسلّمها ولم تشترط دارها أو بلَدها، فيُعمل بالشرط.
 وإن طلبَ أحدهما المُهلة أُمْهل عادة، وتسلّم الأمةُ ليلاً لحقّ سيدها.
وله السفر بحُرة بلا إذنها ما لم تشترط عدمه.
ويحرم وطؤها بالحيض والدبر، وله إجبارها ولو ذميّة على غسل حيض ونفاس وجنابة إن كانت مكلّفة.
كذلك يُجبرها على غسل نجاسة وأخذِ ما تعافه النفس وله أن يمنعها من أكل ما له رائحة كريهة.
وإن كان الزوج حاضرا فيلزمه أن يبيتَ معها في الفراش ليلة من كل أربع ليالي وله أن ينفرد في الباقي.
ويلزمه الوطء إذا قدِر كل أربعة أشهر مرة واحدة، وإن سافر فوق نصف السنة وطلبت قدومه وقدِر على القدوم لزمه ما لم يكن سفرا واجبا، فإن أبى الوطء والقدوم من السفر فُرّق بينهما بطلب الزوجة.
ويحرمُ جمع زوجتيْه في مسكنٍ واحد أي-الغرفة واحدة- بغيرِ رضاهما.
ولهُ أن يمنعها من الخروج من منزلهِ ولو لزيارة أبويْها، وله منعها من إجارة نفسها، وهذا بعد العقد وليس له أن يمنعها إن كانت مؤجرة نفسها قبل العقد، وله أن يمنعها من إرضاع ولدِها من غيره.
وعليهِ أن يساوي بيْن زوجاته في القسم لا في الوطء ودواعيه ولا في النفقة والكسوة، ويكون القسم ليلة وليلة إلّا أن يرضيْن بأكثر، ويجب أن يقسم لحائض ونفساء.
وإن سافرت بلا إذنه أو بإذنه في حاجتها أو أبت السفر معه أو المبيت معه في فراشه فلا نفقة لها ولا قسمة لأنها عاصية.
ومن وهبت قسمها لضرّتها بإذنه أو له فجعله الزوج لزوجة أخرى جازَ فإن رجعت الواهبة قسَم لها وجوبا.
وإن تزوّج بكرا أقام عندها سبعا ثم دار، وإن تزوّج ثيّبا أقام عندها ثلاثا ثم دار.


باب النشوز
وهو: معصيتها إيّاهُ فيما يجب عليها، فإن نشزت وعظَها، فإن أصرّت هجرها في المضجع أي: لا ينام معها على الفراش ما شاء بدون تحديد، وأمّا في الكلام فيهجرهَا فقط ثلاثة أيام، فإن أصرّت ضربَها ضربًا غيرَ شديدٍ ولا يزيد على عشرة أسواط، ويتجنب المواضع المستحسنة والمخُوفة.


باب الخُلع
وهو في الاصطلاح: فراق الزوجة بعوض يأخذه الزوج بألفاظ مخصوصة.
وهو: ثابت في الكتاب والسنة والإجماع.
فائدة الخلع 
أولا: تخليص الزوجة من زوجها على وجه لا رجعة له عليها إلّا برضاها وعقد جديد.
ثانيا: عدم نقص عدد الطلقات إن لم يكن بلفظه ونيته.
شروط صحته:
الشرط الأول: أن يكون العوض مبذولاً ممّن يصح تبرعه من زوجة وأجنبي، فإذا كرهت
 خُلق زوجها، أو خلْقهُ أو نقص دينه، أو خافت إثما بترك حقه أبيح لها الخلع.
 ويباحَ لسوء العشرة بين الزوجين بأن كل منهما يكره صاحبه.
وتسنُ إجابتها من قبل الزوْج إلّا مع محبته لها فلا يسن أن يجيبها، وإن لم تكن حاجة له والحالة مستقيمة بيْن الزوجيْن فالخلع مكروه.
الشرط الثاني: أن لا يكون عاضلا لزوجته، فإن عضلها لتفتدي منه و ضرّها بالضربِ والتضييقِ لها ظُلما للافتداء ولم يكن هذا العضل لزناها أو نشوزها أو لتركِها فرضا ففعلت وافتدت حرُم حينئذ الخلع ولم يصح، وإن وقع  في هذه الحالة بلفظ الطلاق أو بلفظ الخلع مع نية الطلاق فإنه يكون رجعيًّا.
الشرط الثالث: أن لا يكون الزوجة محجورا عليها لسفه أو صغر أو جنون وتكون هي 
التي تُخالع أو يُخالع وليّها من مالها، فلا يصح الخلع إن كان محجورا عليها، ولا يصح أن تخالع الأمة زوجها بغير إذن سيّدها  ويقع الطلاق رجعيا إن كان بلفظه أو نيته.
والخلع بلفظ صريح الطلاق أو كنايته إن قصدَه المخالع فإنّه يكون طلاقا بائنا وهذا إن كان بعوض فإن كان بلا عوض فإنه طلاق رجعيٌ.
الشرط الرابع: أن لا يقع بلفظ الطلاق أو بلفظ الخُلع مع نيته، فإن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ او الفِداء ولم ينوِه طلاقا كان فسخا لا يُنقص عدد الطلاق.
وكناية الخلعِ: باريتك وأبرأتك وآذنتكِ.
الشرط الخامس: أن يوجد الإيجاب والقبول فيقول: خالعتك على كذا، فتقول هي: رضيت.
ولا يقع على معتدةٍ من خلع طلاق ولو واجهَها به.
الشرط السادس: أن يكون الخلع على عوض؛ وإلّا لا يصح وهو ركن فيه فلا يصح خلع بلا عوض وإن خالعها بغير عوض أو بمحرم فإنه لا يصح.
الشرط السابع: أن يكون منجزا فلا يصح تعليقه.
ويكرهُ أن يخالعها بأكثر مما أعطاها، وإن خالعت حامل بنفقة عدّتها صح.
ويصح الخلع بعوض مجهول، فإن خالعته على ما تحمله شجرتها أو أمَتها أو ما في يدها من دراهم فإنه يصح.
الشرط الثامن: أن يقع الخلع على كل الزوجة فلا يصح أن يخالع جزء منها.
الشرط التاسع: أن يكون الزوجان غير هازلين.
الشرط العاشر: أن لا يقع حيلة لإسقاط الطلاق فلا يصح.
وإن قال: متى ما أعطيتني ألفا فأنت طالق، طلَقت بعطيّته وإن تراخيا إلّا إن نوى الفوريّة.
وإن قالت: اخلعني على ألف، أو: ولك ألف ففعل بانت منه واستحق الألف وهنا مقيد بالفورية ولها أن تتراجع بخلاف الزوج لو قال لها ذلك.
وليسَ للأبِ خلع زوجة ابنهِ الصغير، وليس له طلاقها، ويحرم أن يخالع ابنته من زوجها بشيء من مالها.
وإن علّق طلاقها بصفة ثم أبانها بخلع أو طلّقها طلقة وانتهت عدتها فوُجِدت هذه الصفة ثم نكحها فوجدت بعده طَلُقت.


كتاب الطلاق
وهو في اللغة: التّخلية، وشرعا: حل قيد النكاح أو بعضه.
يباحُ للحاجة كسوء خلُق المرأة، ويكره عند عدم الحاجة، ويستحبّ لتضررها استدامة النكاح كذلك إن تركت صلاة وعفة ونحوها.
ويجب للإيلاء أي: للذي حلف على عدم وطء زوجته فوق أربعة فإن أبى الرّجوع بعد الأربعة أشهر فيجب عليه أن يُطلّق، ويحرم في البدعة.
ويصح من زوج مكلف ومميّز يعقله، ومن زال عقله معذورا كالمجنون والمُغمى عليه لم يقع طلاقه وعكسه الآثم، فالمذهب يُعاملون السكران الذي سكِر باختياره كالصاحي تماما عقوبة له.
ومن أُكره عليه بإيلامٍ له أو لولده أي: يُمسّ بعذاب أو عقوبة ولا ينفكّ حتى يفعل ما أُكره عليه، أو أَخْذِ مال يضرّه، أو هدّده بأحدها قادرٌ يظن الزوج إيقاعه به؛ فطلّق تبعا لقوله لم يقع، ومثله من سُحِر ليطلّق فلا يقع.
ويشترط في الطلاق أن يكون اللافظُ مريدًا لمعنى الطلاق، فلا يقع طلاق فقيه يُكرّره.
ويشترط التلفّظ به فلا يقع بالنية، ولا يقع بالفعل؛ إلّا بإشارة مفهومة من الأخرس ويقع بالكتابةً، ويقع الطلاقُ من الغضبان ما لم يُغمى عليه .
 ووكيله كزوج فيصح توكيل الزوج والمميز الذي يعقل أنّ الطلاق يُزيل النكاح، وهذا الوكيل يطلّق واحدة فقط وليس لهُ أن يطلّق في وقت بدعة إلّا إن عيّن له وقتا وعددًا.
 ولا يملك تعليق الطلاق، ويصح أن يوكّل زوجته، وصفةُ تطليقها لنفسها: طلقت نفسي، أو أنا منك طالق.
الطلاق السنيّ ما أذِن الشارِع فيه، والبدعي ما نهى الشارع عنه.
والسني: أن يُطلّقها في طُهر لم يُجامعها فيه طلقة واحدةً، ولا يُلحقها بأخرى حتى تنقضي عدتها فهو هو الطلاق الموافق للسنة .
فتحرمُ الثلاث إذن، ويُكره طلاقُ الاثنتان لأنّه فوّت على نفسه تطليقة بلا فائدة.
وإن طلّقها في حيض أو طُهرٍ جَامعها فيه فهو طلاقٌ بدعي يحرم ويقع، وتسنّ رجْعتها إذا طُلّقت زمن البدعة.
ولا سُنّة ولا بدعة في زمن للصغيرة والآيسة؛ لأن العدة لا تطول في طلاقهما، وكذا غير دخول بها، ، ومن بان حملها وتكون بائنا بوضع الحمل.
 
 وصريح الطلاق لفظهُ وما تصرّف منه، فيقع به الطلاق؛ غير أمرٍ مثل: اطلقي، وغير مضارع: كتطلقين، ولا يقع مطلقة اسم فاعل، فلا يقع في هذه الألفاظ؛ لأنّها لا تدلّ على الإيقاع.
ويقع بالصريح حتى لو لم ينوِه، فلا يُنظر لنيّته، حال كونه جادا أو هازلًا، فإن نوى بقول طالق أنّها طالق من وثاق، أو من نكاحٍ سابقٍ منه، أو من غيره لم يُقبل منه ذلك حكما-في الظاهر- ويديّن فيما بينه وبين الله.
ولو سُئل أطلقتَ امرأتك؟ فقال: نعم وقع الطلاق، وإن سئل: هل لكَ امرأة. فقال: لا-وأراد الكذب- فلا تطلق.

كنايات الطلاق
وهي: الألفاظ التي يُراد بها الطلاق وغيره بخلاف الصريح.
ولا يقع بها الطلاق حتى ينويهِ.
منها: ظاهرة، وهي: ما وُضِعت للبيْنونة والطلاقُ فيها أظهر؛ كـ أنتِ خليّة وبريّة وبائن وبتّة وأنتِ حُرّة وأنتِ الحرج وأمركِ بيدكِ وحللتِ للأزواج وتقنّعي.
ومنها: الخفيّة، وهي: الموضوعة للطلقة الواحدة كــ احرجي واذهبي وتجرّعي وذوقي واستبرأي واعتدّي واعتزِلي ولستِ لي بامرأة، والحقي بأهلكِ ونحوه.
ولا يقع بكناية ظاهرة ولا خفيّة طلاق؛ إلّا بنية مقارنة لـ اللفظ.
وفي حال الخصومة فلا يُنظر في نيّته فيقعُ الطلاق وكذلك حال الغضب، وكذلك لو كان جوابا لسؤالها الطّلاق فيقع ولو لم يُرِده.
ويقعُ في الكناية الظاهرة ثلاثا، وفي رواية: يقع ما نواه وفي الكناية الخفيّة يقعُ ما نواه فإن لم ينوي عددا فإنه يقع واحدة.
وإن قال: أنتِ عليّ حرامٌ، أو: أنت علي كظهر أمي، فهو ظهار ولو نوى به الطلاق؛ لأنه صريح في تحريمها، وكذلك لو قال: ما أحلّ اللهُ عليّ حرام؛ إلّا إن نوى أنّها محرّمة عليه بسبب الحيض فإنه لغو.
وإن قال: ما أحل الله عليّ حرام أعني به الطلاق؛ فإنّها تطلق ثلاثا وإن قال: أعني به طلاقا فإنها تكون واحدة، وإن قال: أنّ زوجته كالميتة أو الدّم أو الخنزيرِ وقعَ ما نواه من طلاق أو ظهار أو يَمين؛ وإن لم ينوِ شيئا فإنّه يكون ظهارا.
وإن قال: حلفت بالطلاق، وكذَبَ لزمَه حُكما، وإن لم تُرافعه امرأته للقاضي فلا يقع شيئا.
وإن قال: أمركِ بيدكِ، فهيَ كناية ظاهرة وتختلف عن بقيّة الكنايات الظاهرة، فإن قالها ملكتْ ثلاثا ولو نوى واحدة، ولها أن تُطلّق متى شاءت على التّراخي ما لم يطأ أو يطلّقها أو يفسخ نكاحها أو يفسخ ما جعلهُ لها من التوكيل.
ويختصّ اختاري نفسك بواحدة وبالمجلس المتصل، وصفته: اخترت نفسي
 أو أبويّ، فإن ردّت هذا التوكيل منه أو وطئها أو طلّقها أو فسخ خيارها بطل كسائر الوكالات.
وإن كان الرّجل حُرًّا فإنّه يملكُ ثلاثًا، وإن كانَ عبدًا فإنّه يملكُ اثنتين ولو كانت زوجته حرة.
فإن قال: أأنتِ الطلاق أو علي الطلاق ولوْ لمْ يذكر امرأة، أو يلزمني الطلاق وقع ثلاثة بنية الثلاث، وإن لم ينوِ العدد وقع واحدة، ويقع بلفظ كل الطلاق ثلاثا ولو نوى واحدة.
وإن طلق عُضْوا-بشرط كونه موجودا-، أو جزء مشاعا، أو معيّنا كنصفها الفوقاني أو جزء مُبْهما، أو أنت طالق نصف طلقة أو جزء من طلقة طُلقت طلقة كاملة، والطلاقُ لا يتبعّض، وعكسه الروح والسن والشعر والظفر ونحوه فإنه لا يقع.
وإن قال لمدخول بها: أنتِ طالق، وكرره فيقع بقدر ما كرره إلّا أن ينوي بتكراراه تأكيدا يصح-بأن يكون متصلا-، أو ينوي إفْهامها ويشترط له أيضا الاتصال.
وإن كرّرهُ بحروف كـ بل أو ثم أو بالفاء أو قال بعدها طلقة أو قبلها طلقة أو طلقة معها طلقة وقع اثنتان في كلّ ما تقدّم إلّا قوله معها ولو كانت غير مدخول بها، وإن لم يدخل بها بانت بالأولى.
والمعلّق من الطلاق كالمنجّز منه فلو قال: أنتِ طالق إذا دخلت الدار بل طالق، فهذا يكون كالمُنجز كما لو لم يُعلّقه على شيء.
 ويقعُ الطلاق بائنا إن كان على عوض، أو إن وقع قبل الدخول، أو إن وقع في النكاح الفاسد، وتحلّ له بعقد جديد، وكذا بالثلاث ولا تحلّ له إلّا بعد زوجٍ آخر. 


الاستثناء في الطلاق
وهو: إخراج بعض الجملة بـ إلّا أو ما يقوم مقامها من متكلّم واحد.
لا يصح إلّا باستثناء النصف فأقل، ويصحّ منه استثناء النصف فأقل من عدد الطلقات والمُطلّقات، وإن استثنى بقلبهِ من عدد المُطلّقات صحّ الاستثناء دون عدد الطلقات. 
 ويُشترط أن يتلفّظ به ولا يصحّ استثناءٌ لم يتصل عادةً، فلو انفصل وأمْكنَ الكلام دونه بطلَ.
وشُرط لصحته نية استثناء قبل أن يُكمل المستثنى منه.
وإن قال: أنت  طالق أمس، أو قبل أن أنكحك، ولم ينو إيقاعه في الحال لم يقع.
 وإن أرادَ به طلاقًا سبَق منه أو من زيد وأمكن قُبِل منهُ.
وإن قال: أنت طالق قبل موتي، طلُقت في الحال.
وإن علّق الطلاق على حصول فعل يستحيلُ أن تفْعله فلا يقع، كأنتِ طالق إن طرتِ أو صعدتِ السماءَ فلا يقع، وتطلق في عكسه فورا.
وإن قال: أنت طالق في هذا الشهر أو اليوم، طلُقت في الحال.
وإن قال: أنت طالق غدا أو السبت أو رمضان طَلُقت في أوّله، وإن قال: أنتِ طالقٌ إلى شهرٍ طلُقت عند انقضائه إلـّا ان ينوي في الحال فيقع.


تعليق الطلاق
التعليق: ترتيب شيء غير حاصل-في الحال- على شيء حاصل-موجود في الحال- أو على شيء غير حاصل بـ إن وإحدى أخواتها.
يُشترطُ لصحة تعليق الطلاق أن يكون من زوْج يعقل الطلاق، ويشترطُ لصحتهِ أن يتلفّظ به، وأن ينوي الشرط قبل فراغ التلفّظ بالطلاق.
 ويُشترط الاتصال بين التعليق والطلاق، وأن تكون المرأة التي علّق طلاقها زوجة له.
وإذا وقع التعليق بالطلاق لم يصح تراجُعه، ولا تطلق قبل وقوع الشرط ولو قال عجّلته.
وإن قال: أنت طالق، وقال أردت إن قُمت فلا يُقبل منه حكما.
وأدوات الشرط المُستعلمة غالبا: إن وإذا ومتى وأيّ ومن وكُلّما-وهي وحدها للتكرار-، ومهما إذا لم يوجد معها لم فإذا وُجِد معها لم فإنها تكون الفورية، كذا نية أو قرينة تدل على الفورية فإنها للتّراخي، ونيّة الفورية مثلا: أنت طالق إذا ذهبتِ إلى السوق، ناويا لو ذهبت الآن فهذا يتقيّد بالفورية، فإن ذهبت في غير الآن فإنها لا تطلق.
 وإذا تكرر حصولُ الشرط لم يتكرر وقوع الطلاق عليها إلّا إن قال: كلما، مثل: كلّما قمتِ فأنت طالق.
وإن قال: متى لم أو إذا لم أطلقكِ فأنت طالق ومضى زمن يمكن إيقاع الطلاق فيه ولم يطلِّق طلقت، وكلّما لم أطلقكِ فأنتِ طالق ومضى ما يُمكن ايقاع ثلاث مرتبة فيه طلُقت المدخول بها ثلاثا وتبينُ غيرها من الطلقة الأولى.
وإن قال: أنت طالق إن قمت وقعدت، فتطلق بوجودهما ولو غير مرتَّبيْن، وإن عطف بـ أو كأن يقول: أنت طالق إن قمت أو قعدت، فتطلق بوجودِ أحدهما.
وإن طلّق على سببٍ ثم تبيّن عدمه فظاهر المذهب أنه يقع ولكن فيه تردد وقيل: لا يقع.
وإن قال: إن حِضت فأنت طالق، طلقْت في أول حيض، وإن قال: إن حضت حيضة، تطلق في أول الطهر من حيضة كاملة، وفي إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق تطلق في نصف عادتها.
وإن علّق الطلاق بوجود الحَمل فولدت لأقل من ستةِ أشهر طلُقت من زمن قوله؛ لأننا تبينا أنها حامل حين تلفظ بهذا الطلاق والشرط.
وإن علّق الطلاق على شيء يقصد أن يمنع منه نفسه منه أو زوجته أو يقصد به حثّ نفسه أو زوجته عليه أو تصديق خبر أو تأكيده فيقع.
وإن علّق الطلاق على شرطٍ لا يقصد به المنع ولا الحث كـ إن طلعت الشمس فأنت طالق فإن حصل الشرط تطلُق في الحال.
وإن قال: إن حلفتُ بطلاقك فأنتِ طالق، أو إن كلّمتك فأنت طالق ثم أعادها فتطلق.
وإن قال لزوجته: إن كلّمتك فأنتِ طالق فتحققي أو تنحّي أو اسكتي طلقت؛ لأنه يصدق عليه أنه كلّمها.
وإن قال: إن خرجت بغير إذني أو إلّا بإذني أو حتى آذن لك، أو إن خرجتِ إلى غير الحمام بغير إذني فأنتِ طالق فخرجت في هذه الصور مرّة بإذنه ثم بغير إذنه فإنها تطلق، أو أذن لها ولم تعلم فإنّها أيضا تطلق، أو خرجت تقصد الحمام وغيره فحين إذن تطلُق كذلك إن عدلَت منه إلى غيره في أثناء الطريق.
وإن علّق الطلاق بمشيئتها بـ إن وغيرها من الحروف لم تطلق حتى تشاء وتكون باللفظ ولو كان متراخيا، وإن قالت: قد شئتُ إن شئتَ فشاءَ لم تطلق لأنه لا يصح تعليق المشيئة على شرط.
وأن قال: أنتِ طالق وعبدي حر إن شاء الله، وقعَ الطلاق والعتق.
وإن قال: إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله، طلُقت إن دخلت وإن نوى رد المشيئة إلى الفعل-وهو دخول الدار- لا الطلاق فإنّ الطلاق لا يقع.
وإن قال: إن رأيت الهلال فأنت طالق، فإن نوى مُعاينتها له ولم ترهُ حتى أقْمر لم تطلق وإلّا طلقت بعد الغروب برؤية غيرها، وقيل: تطلق تمام عدة الشهر ثلاثين يوما.
ومن حلفَ لا يفعل شيئا ولا نية تُخالف ظاهره ولا سببٌ ولا قرينة تقتضي فعل جميعه ففعل بعضه لم يحنث.
ومن حلف لا يدخل دارًا أو لا يخرج منها فأدخل أو أخرجَ منها بعض جسده لم يحنث.
وإن حلف أن لا يلبس من غزلِها فلبس ثوبًا فيهِ من غزلها لم يحنث.
ومن فعل المحلوف عليه-فعل ما  حلفَ على تركه-ناسيًا أو جاهلاً حنث في طلاق وعتاق.
وإن حلف ليفعلن شيئا لم يبر إلّا بفعله كله.
التأويل في الحلف هو: أن يُريد المتكلّم بلفظهِ معنًا يُخالف ظاهر لفظه، فإذا حلف وتأوّل نفَعَه ذلك؛ إلّا أن يكون ظالمًا فلا ينفعه التأويل.
وإن حلف على امرأته أنها لا تسْرق منه شيئا فخانته في وديعة كانت له عندها-ولم ينو الزوج الوديعة في يمينه- فلا يحنث.


الشك في الطلاق
والمُراد به مُطْلق الترددّ بيْن وجود المشكوك به وعدمه فيدخل فيه الظنّ والوهم.
من شكـّ في وجود طلاق أو ظن أنّه طلّق لا يلزمه شيء كذا إن شكّ في وجود الشرط المعلق عليه الطلاق.
وإن تيقّن أنّه طلّق ولكن شك في العدد فيعمل باليقين وهو الأقل.
وإن قال لزوجتيْه: إحداكما طالق ونوى معينة منهما طلقت المعينة ، وإن لم ينوِ واحدة منهما بعينها فتخرج واحدة منهما بقُرعة لأن لا سبيل لمعرفة المطلقة منهما.
وإن طلّق إحداهما طلاقا بائنا ونسي من هي فإنّه يقرع بينهما وإن تبيّن أنّ المُطلقة غير التي خرجت عليها القُرعة فإنها تُرد إليه إلّا إن تزوجت، وإلّا إن فعل القُرعة الحاكم فلا تردّ إليه.
وإن قال: إن كان هذا الطائر غُرابًا ففلانة طالق، وإن كان حمامةً ففلانة طالق وجُهل الطائر لم تطلق واحدة منهما.


كتاب الإيلاء
وهو: حلف زوج بالله أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته في قُبلها أكثر من مدة أربعة أشهر.
يُشترط لصحتهِ أن يكون الحلف بالله لا بطلاق أو نذر، وأن يكون من زوج قادرٍ على الوطء فلا يصح إيلاء العاجز عن الوطء، وأن يكون الحلف على تركِ الوطء أكثر من أربعة أشهر.
وأن تكون الزوجة يُمكن وطؤها، وأن تكون زوجة حين حلفهِ.
وهو محرّم؛ لأنه يمين على تركِ واجب.
ويصح من كافرٍ ورقيقٍ ومميز، وقيل: لا يصح من المميّز؛ لأنه يمين، ويصح من غضبان وسكران-آثم- ومريض مرجو برؤه، وممن لم يدخل بها، لا مجنون ولا عاجز عن الدخول لجب كامل.
فإن قال: والله لا وطئتك أبدا أو علّق على شرط لا يوجد في أقل من أربعة أشهر، أو حتى ينزل عيسى، أو يخرج الدجّال أو يجعل غايته محرّما، أو فِعلُها شيئا محرّمًا كشرب الخمر، أو يجعل غايته إسقاط حق لها عليه، فإن مضى أربعة أشهر من يمينه فإن وطئ ولو بتغييب حشفة ولو مع تحريم الجِماع انحلّت يمينهُ، ويلزمهُ أن يُكفّر.
 وإن لم يطأ ولم تُعفيه أَجْبره الحاكم على الطلاق فإن أبى طلّق عليه حاكم بطلب الزوجة أو يفسخ العقد فلا ينقص به عدد الطلاق.
فإن وطئَ في الدبر فما فاء، وإن ادّعى أن المُدّة لا زالت وهي تدّعي أنها انقضت فيقبلُ قولهُ مع يمينه، أو أنه ادعى أنه وطئها وهي ثيّب صُدّق مع يمينه  وإن كانت بكرا وادعت البكارة وشهدت بذلك امرأة عدل فإنها تصدّقُ من غير يمين.


كتاب الظهار
وهو أن يُشبّه امرأتهُ أو عضوًا منها بمن تحرم عليه ولو إلى أمد أو بعضو منها أو بذكر أو بعضو منه ولو بغير العربية.
وهو: محرّم لأنه يعتبر منكرا من القول وزورا.
فإن شبّه زوجته أو بعضها ببعض من تحرم عليه أو بكل من تحْرم عليهِ بنسبٍ أو مُصاهرةٍ، أو رضاع-والمذهب: حتى من تحرم عليه إلى أمد- من ظهر كأن يقول: أنت عليّ كظهر أمي أو بطن أو عضو آخر لا ينفصل، أو أنتِ عليّ حرام، فإنه يكون ظهارا، أو قال: كالميتة والدم فإنه مظاهر ولو نوى بهذه الألفاظ غير الظهار فإنه يكون مظاهرا.
وإن قالته لزوجها فليس بظهار، وعليها كفارة الظهار إن وطئها مطاوعةً، ويصح من كل زوجة ولو ظاهر من امرأة قبل أن يتزوّجها فإنه يصح.
ويصح الظهار معجّلا ومعلّقا بشرط فإن وجد الشرط صار مظاهرا ومطلقا ومؤقتا فإن وطء في هذا الوقت الذي عيّنه كفّر وإن مضى الوقت زال الظّهار.
ويحرم قبل التكفير وطء ودواعيه ممّن ظاهر منها فإذا وطء قبل أن يكفّر فتكون الكفارة في ذمته لازمة، ولا تثبت بذمته إلّا بالوطء، ويلزمهُ إخراجها قبل الوطء إن عزم عليه، وتلزمه كفارة واحدة بتكريره قبل التكفير من واحدة.
كفارة الظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع لكبرٍ أو مرض- ولو رجي برؤه- فإنّه ينتقلُ إلى الإطعام لأنّ الاعتبار بوقت الوجوب بشرط أن يخاف في الصيام زيادة المرَض أو طول مدّته، كذلك قيل: إن كان الصيام يضعفه عن معيشته التي يحتاجها.
ولا يجزئ في الكفارات كلّها إلّا رقبة مؤمنة سليمة من عيب يضرّ بالعمل ضررا بيّنا كالعمى والشلل ونحوه.
ويجبُ التتابعُ في صوم الشهرين، ويُشترط تبيتُ النية لصوم كل يوم من الليل، وتعيين جهة الكفارة، والتتابع فعلا لا نية فإن تخلّلهُ رمضان فلا ينقطع، وكذا فطر يجب كعيد وأيام تشريق وحيض ومرض وجنون أو ناسيا أو مُكرها أو لعذر يُبيح الفطر لم ينقطع التتابع.
ويُشترط في المسكين المطعَم أن يكون مسلمًا، وأن يكون حرًا، وأن يكون ممن لا تلزمه نفقته.
ويجزئ التكفير في ما يجزئ في الفطرة فقط وهي الأصناف الخمسة، ولا يجزئ غيرها إلّا إذا عدمت ففي كل حب يقتات، ولا يجزئه لو غدّا المساكينَ أو عشاهم؛ لأنه لم يملّكهم، ويشترط كونهم ستين مسكينا.
ويشترط أن ينوي الكفارة مع التكفير أو قبله بيسير.
وإن أصاب المظاهِر المُظاهَر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع وإن أصابَ غيرها ليلا لم ينقطع التتابع.
ووقت وجوب كفارة الظهار وقت الحنث: الوطء.


كتاب اللعان
وهو: متشتق من اللعن وهو: الطرد والإبعاد.
وهو: شهادات مؤكّدات بأيمان من الجانبيْن مقرونة بلعن وغضب، قائمةً مقام حدّ القذف إن كانت مُحْصنة، أو تعزير إن لم تكن كذلك في جانب الزوج وحبسٍ في جانبها.
شروطه:
الشرط الأول: أن يكون بين زوجيْن مكلفْين فلو قذف أجنبيّة فإنه يُحدّ ولا لعان.
ومن عرف العربية فلا يلاعن بغيرها ولو جهلها فلا يلزمه أن يتعلّمها.
والمحصنة هي: الحرة العاقلة العفيفة عن الزنا التي يوطئ مثلها-بنت تسع فأكثر-، فإذا تخلّف شرط من هذه الشروط فيجبُ على الزوج التعزير.
 وله إسقاط الحد باللعان ويشترط أن يتقدّم لعان الزوج فيشهد بالله أنّ زوجته زنت وإنّي لمن الصادقين فيما رميْتها به من الزنا ويُشير إلهيا إن كانت حاضرة ومع الغياب يُسمّيها، ويقول في الخامسة: أنّ لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين.
 ثم تقول هي بعده أربع مرات: أشهد بالله انه كاذب فيما رماني به من الزنا، وتقول في الخامسة أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
ولو نكل الرجل عن الملاعنة فعليه الحدّ أو التعزير، ولو نكلت هي فإنها تحبس حتى تقر أو تلاعن ولا ترجم بمجرد النكول.
الشرط الثاني: قذفها بالزنا لفظا كـ: زنيتِ أو يا زانية أو رأيتك تزنين، وإن قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عُزّر ولا لعان.
الشرط الثالث: أن تُكذبه الزوجة زوجها فيما رماها به، فإن سكتت ولم تُطالب بشيء فإنه لا يجب حينئذ اللعان، ولا يُتعرض له إلّا أن تتطالب هي بذلك.
وإن تم اللعان: فيسقطُ عنه وعنها الحد إن كانت محصنة، والتعزير إن كانت غير محصنة، وتثبتُ الفرقة بينهما ولو لم يفرق الحاكم بينهما.
والحكم الثاني: التحريم المؤبد بينهما، وينتفي الولد إن نفاه الزوج ويُنسب إليها بشرط:
أن يذكره في اللعان صريحا أو تضمنا، وأن لا يتقدّم نفي الولد إقرار به، وأن يكون الولد مولودا.


فيما يُلحق من النسب:
إذا وطئ إنسان امرأة فإنّ الولد يُلحق به بشروط:
الشرط الاول: أن تأتي بالولد بعد نصف سنة من حين الوطئ.
الشرط الثاني: أن يُمكن اجتماع الزوجة بالزوج فإن أمكن الاجتماع أمكن الوطء.
الشرط الثالث: أن يكون الواطئ له عشر سنين حين الزواج.
الشرط الرابع: أن يوجد للزوج ذكر أو أنثييان.
 ويلحق فيه ولو قال: أنه عزلَ أو أنه لم يُنزل أو لم يطأ في الفرج فيلحقْه في النسب.


كتاب العدد
وهي: التربص المحدود شرعا.
 أي: مدة معلومة تتربص فيها المرأة لتعرف براءة رحمها.
تلزمُ العدّة كل امرأة فارقت زوجا خلا بها، ويشترط لوجوبها أن يكون خلا بها مُطاوعة ولو لم يمسها مع علمهِ بها وقدرتهِ على وطئها، وأن تكون ممن يوطئ مثلها وأن تكون استكملت تسع سنين.
وكذلك تلزم العدّة فيمن مات عنها زوجها في النكاح الصحيح والفاسد لا الباطل وفاقا.
والمفارقة في الحياة قبل الوطء والخلوة، أو بعدهما أو بعد أحدهما ممّن لا يولد لمثله فلا تعتد.
والمتحملة بماء الزوج فلا تلزمها عدة على المذهب، ولو قبّلها أو لمسها بلا خلوة فلا تعتد.
المعتدات:
الأولى: الحامل، وتنتهي عدّتها عند وضع كل الحمل، بشرط أن تضع ما تصير به أمة أم ولد، وبشرط أن يلحق الحمل الزوج.
وأقل مدة الحمل ستة أشهر، وأكثره أربع سنين، وغالب مدة الحمل تسعة أشهر وأقل ما يتبيّن به خلق الإنسان واحد وثمانون يوما، ويباحُ أن تلقي النطفة قبل الأربعين يوما.
الثانية: المتوفى عنها زوجها قبل الدخول أو بعده، تعتدّ أربعة أشهر وعشرة، وللأمة
 نصفها.
وإن مات زوج رجعية في عدّة طلاق سقطت عدة الطلاق وتعتد عدة وفاة منذ مات.
 وإن مات في عدّة من أبانها لم تنتقل عن عدة الطلاق، وتعتدّ من أبانها في مرض موته المخوف الأطول من عدة وفاة وطلاق، وأول المدة: من حين طلاقه، وقيل: تبدأ من حين الموت ما لم تكن أمة أو ذمية أو جاءت البينونة منها فتعتد بطلاق لا غيره.
وإن طلّق بعض نساءهِ ثم أُنسيها ثم مات قبل قرعة اعتدّ كلٌّ منهن.
الثالثة: الحائض ذات الأقراء، فالمفارقة في الحياة بطلاق أو خلع أو فسخ فعدتها ثلاثة قروء كاملة.
الرابعة: من فارقها حيا ولم تحض لصغر، أو كبيرة آيسة فتعتدّ حرّة ثلاثة أشهر من حين الفُرقة.
الخامسة: من ارتفع حيْضها ولم تدرِ سبب رفع حيضها، فعدتها سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة.
وعدة من بلغت ولم تحض كالآيسة، كذلك المستحاضة الناسية، والمبتدأة تعتد ثلاثة أشهر، والأمة شهران.
وإن علمت ما رفع حيْضها فلا تزال في عدّة حتى يعود الحيض فتعتدّ به، وإن طال الزمن أو بلغت سن الإياس فتعتد عدته.
وقيل: تنتظر زوال الرافع للحيض فتعتد به وإلّا اعتدت بسنة.
السادسة: امراة المفقود، وتتربّص أربع سنين إن كان ظاهر غيبته الهلاك، وإن  كانت غيبته ظاهرها السلامة فتتربّص تمام تسعين سنة من ولادته ثم تعتد للوفاة.
وإن تزوجت-زوجة المفقود- بعد ما اعتدت فقدِم الأول قبل وطئ الثاني فهي للأول ولا صداق على الثاني لبطلان نكاحه، وإن قدِم الأول بعد وطئ الثاني فللأول أخذها بالعقد الأول ولو لم يطلّق الثاني ولا يطأها الأول حتى تعتدّ من الثاني، وله تركها مع الثاني من غير تجديد عقد للثاني ويأخذ الأول قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني، ويرجعُ الثاني على الزوجة بما أخذه منه.
ومن مات زوجها الغائب أو طلّقها ولم تعلم إلّا بعد مدة فلا تقْضي العدة ولا الإحداد.
وعدّة الموطوءة بشبهة أو زنا وعقد فاسد كمطلقة، وإن وطِئت معتدّة بشبهةٍ أو نكاح فاسد فُرق بينهما أي: بين المعتدة الموطوءة والواطئ.
الإحداد: اجتناب ما يرغب في النظر إليها ويدعو إلى جِماعها من الزينة والطيب .
ويحرمُ عليها لبس الثياب المصبغة، ويلزم مدة العدة فقط لكل متوفّى عنها زوجها في نكاح صحيح، ويباح لبائن من حي، ويحرم الإحداد فوق ثلاثة أيام على ميت غير زوج،
 ولا يجب على رجعية أن تحد.
وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي فارقها وهي به إلّا إذا وجِدت ضرورة تضطرها للخروج فتتحول حيث شاءت.
ولها الخروج لحاجتها نهارا لا ليلا وإن تركت الاحداد أثمت وتنقضي بمضي زمنها.


 كتاب الرضاع
وهو: مص من دون الحولين لبن ثابَ عن حمل أو شربه و نحوه.
ويحرّم الرضاعة النكاح وما يتبعه وهي: النظر والخلوة والمحرمية دون أحكام النسب فلا تجب الصلة.
ويشترط للتحريم: أن تكون خمس رضَعات، وضابط الرضعة في المذهب: المصة ولو نزع كُرها ثم عاد فهي ثانية.
ويشترط أن تكون في الحولين، ويصح السعوط وهو: إدخال الحليب من الأنف، ولبن الميتة، كذلك الرضاع من الموطوءة بشبهة أو عقد فاسد أو باطل أو بزنا محرّم فكلهم يثبت بهم التحريم
ويُشترط أن يكون اللبن لبن أنثى آدمي لا رجل ولا بهيمة.
ويشترط أن يكون اللبن اجتمع عن حمل، فلا يحرم غير الحامل والموطوءة.
 فمتى ما أرضعت امرأة طفلا صار ولدها في النكاح وتوابعه من إباحة الخلوة والنظر والمحرميّة.
ولبن المنفي بلعان والموطوءة بزنا يكون ولدا للأم فقط لا للزاني ولا للملاعن.
 ومحارمه-الواطئ اللاحق به النسب- محارم المرتضع، ومحارمها-المرضعة- محارم المرتضع دون أبويه وأصولهما وفروعهما-إخوان المرتضع- فتباحُ المرضِعة لأبي المرتضع وأخيه من النسب إجماعا، وأمه وأخته من النسب، وتباح لأبيه وأخيه من الرضاعة.
وكلُ امرأة أفسدت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها، وبعد الدخول مهرها بحاله.
 وإن أفسده غيرها فلها على الزوج نصف المسمّى قبله-كأن أرضعت أخته زوجة له صغيرة- ويرجع الزوج به على المفسد الذي تسبب.
ومن قال لزوجته: أنت أختي من الرضاع، بطل النكاح وحرمت عليه، فإن كان قبل الدخول وصدّقته، أو ثبتَ ذلك ببيّنه فلا مهر، وإن كذّبته فلها نصف المُسمّى ويجب كله بعد الدخول.
وإن قالت هي ذلك وكذّبها ولم تأتي ببيّنة فهي زوجته حكما، وإذا شك في الرضاع أو شك في كماله أو شكت المرضعة ولا بينة فلا تحريم.


كتاب النفقات
وهي كفاية من يمونه خبزا وأدما وكسوة ومسكنا وتوابع هذه الأمور.
أسبابها: النّكاح والقرابة والملك والخادم، وأقواها النكاح، وحكم نفقة الزّوجة واجبة باتفاق العلماء.
يلزم الزوج نفقة زوجته قوتا وكسوة، وسُكناها بما يصلح لمثلها وهي مُقدّرة بالكفاية، ويَعتبر الحاكم بحالهما عند التنازع لا وقت العقد، فيفْرض للموسرة تحت الغني قدْر كفايتها من أرفع خبز البلد وأدمه-ما يؤكل بالخبز- ولحم، عادة الموسرين بمحلّهما.
ولا يجب على الزّوج أن ينفق على زوجته ما تتزين به إلّا إن قلنا أنه متعلق بالعُرف.
وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبز البلد وأدم يلائمه، وما يَلبس مثلها ويجلس عليه.
وللمتوسطة مع المتوسط، والغنية مع الفقير، والفقيرة تحت الغني فيفرض الحاكم نفقة الوسط.
وعليه مؤنة نظافة زوجته دون خادمها، ويجب عليه أن يأتي لها بخادم إن كان مثلها يُخذم وكذلك مؤنسة تؤنسها، لا دواء وأجرة طبيب.
ونفقة المطلقة الرجعية وسكناها كزوجة ولا يقسم لها، والبائن بفسخ أو طلاق لها ذلك إن كانت حاملا.
ومن حُبست ولو ظلما تسقط نفقتُها، أو عن قضاء رمضان مع سعة وقته بلا إذن الزوج فتسقط نفقتها لعدم التمكين كذا إن سافرت لقضاء حاجتها ولو بإذنه.
ولا نفقة ولا سكنى لمتوفّى عنها ولو كانت حاملا، وينفق على الحمْل من ميراثه.
ولها أخذ نفقة كل يوم من أوله-من طلوع الشمس-؛ لأنه أول وقت الحاجة إليها ولا يجب عليه القيمة.
ولها الكسوة في كل عام مرة في أوله، وابتداء العام من حين تسليمها، وإذا غاب ولم يُنفق لزمته نفقة ما مضى.
ومن تسلّم زوجته أو بذلَت نفسها وجَبت نفقتها؛ ولو مع صغر زوج ومرضه وعنّته.
ولها منعُ نفسها حتى تقبض صداقها الحال، فإن سلّمت نفسها ولم تقبض صداقها فليس لها منع نفسها.
وإن أعْسر الزوج بالنفقة ولو نفقة المعسر ولم يستطع أن يأتي بشيء فلها الفسخ.
وإن تزوجتهُ عالمة بأنه معسر ثم أرادت الفسخ فلها أن تفسخ لأنّ النفقة حق يتجدد.
وإن غاب ولم يدعْ لها نفقة وتعذّر أن تستدين عليه فلها الفسخ بإذن الحاكم، وهو: فسخ بائن ليس للزوج أن يرجع في أثناء العدة.


وتجب النفقة للأصول والفروع بشروط:
الأول: حاجة المنفَق عليه، الثانيغنا المنفِق، الثالث: أن يرث المنفَق من المُنفق عليه-وهو ليس شرطا في النفقة على الفروع والأصول-وتجب النفقة لأبويه وإن علوا، وولده وإن سفل، ولو نقصت نفقتهم عن كفايتهم فعليه أن يوفّيَ النفقة.
والنفقة على الأقارب غير الفروع والأصول تجب لكل من يرثه من غير فرض أو تعصيب-لا العكس- لا رحِم كالخالة والأم؛ سوى عمودي النسب فلا ينظر للمحجوب، سواء ورث الإنسان المُنفَق عليه المُنفق أو لم يرث فتجبُ النفقة.
 ويشترط من تجبُ له النفقو أن يكون فقيرا، وأن يكون عاجزا عن التكسّب، وأن يكون المُنفِقُ غنيا، والغنى هنا كالغنى في زكاة الفطر.
ولا يجب على الإنسان ان يُنفق من رأس مال تجارته، أو يبيع بيته ليُنفق أو يبيع آلة صنعة.
 وعلى المُنفق أن أن يزوّج المَنفق عليه إن احتاج، وعليه نفقة الظئر لحولين، ولا نفقة مع اختلاف دين إلّا بالولاء.
وعلى الأب أن يسترضع لولده ويؤدي الأجرة، ولا يمنع أمه أن ترضعه، ولا يجب عليها إلّا لضرورة كخوف تلفه، ولها طلب أجرة المثل.
وعليهِ علف بهائمهِ وسقيها وما يصلحها وأن لا يُحملها ما تعجز عنه، ويحرم أن يحلب من لبنها ما يضر ولدها، وإن عجز عن نفقتها أجبر على بيعها أو إجارتها أو أكلها إن كانت تؤكل.


باب الحضانةِِ
وهي: حفظ صغير ونحوه كمجنون عن ما يضرّهُ وتربيتهُ بعمل مصالحه.
الأحقّ بها أم ثمّ أمهاتها القربى فالقربى، ثم أب ثم أمهاته، ثمّ جد ثم أمهاته كذلك، ثم أخت لأبوين، ثم أخت لأم، ثم أب، ثم الخالة لأبوين، ثم لأم ثم أب، ثم عمات كذلك، ثم خالات أمه، ثم خالات أبيه، ثم بنات إخوته، ثم بنات أخواته، ثم بنات أعمامه، ثم بنات عماته ثم لباقالعصبة الأقرب فالأقرب.
فإن كانت المحضونة أنثى وأتمّت سبع سنين فيُشترط أن تكون العصبة من محارمها، وإن كانت أقل فلا يشترط.
ثم لذوي أرحامِ هذا المحضون ثم للحاكم.
وإن امتنعَ من عليه الحضانة أو لم يكن أهلاً لها فتنتقل لمن بعده كذا إن فقد شرطا من شروط الحتضن.
شروط الحاضن
يشترط في الحاضن: الحرية، والعدالة الظاهرة، والإسلام، وعدم زواج الأم من أجنبي.
وإن أرادَ أحد أبويه سفرا طويلا لبلدِ بعيدِ ليسكُنه فحضانته لأبيه وإن بعُد، وإن أراد السفر لحاجة-أي ويعود- فالمذهب: الأحق بالحضانة المقيم منهما.
وإن أرادَ أحدهما السفر لبلد قريب-أقل من مسافة القصر- فالحضانة للأم.
وإذا بلغ الغلام سبعَ سنين يُخيّر بيْن أحد أبويه إن كان عاقلا، وإن كانَ حصل التنازعُ بين الأبويْن، وأن يكون الأبوان أهلاَ للحضانة؛ وإلّا أقرّ بيد من هو أولى، وأن يكون المخيّر ذكرا وأن يكون معافى.
وإن اختار أحدهما كان معه، وإن لم يختر أحدهما فعلى الحاكم أن يُقرع كذا لو اختار أباه وأمه.
ولا تخيّر الأنثى، وأبوها أحقّ بها بعد السبع وجوبا، ويكون الذكر بعد رُشده حيث يشاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق