الأربعاء، 6 فبراير 2019

تلخيص مُقرر "المَـدخل إلى عـلم الفـقـه" _ التـأهـيل الفقهـي – د. عامر بهجت .

تلخيص مقرر "المدخل إلى علم الفقه"  _ التأهيل الفقهي – د. عامر بهجت .

 تعريف بالمقرر وأهميّتهِ


  أهدافُ المقرر

1:أن يتعرّف الدارس على معنى الفقه وفضله وحُكْم تعلّمهِ.

2:أن يَرغب الدّارسُ في تعلّم الفقه.

3:أن يُدْرك الدارس المراحل التاريخيّـة لعلمِ الفقهِ .

4:أن يصيرَ الدارسُ مُعظّما لأئمّة الفقهِ مُعترفًـا بفضلهِم ، مجلًّا

لجهُودهم.

5:أن يفْهم الدارسُ الفروق بيْـن المدارسِ الفقهيّة.

6:أن يعرفَ الدارس معنى التمذْهب وحُكمَه ،ويفرّق بين الممنوعِ
 والجائز.

أولُ خطوةٍ لتَضْبط به علم الفقه: أن تكون على قناعة  بهذا العلم .


* لا يُمكن لإمامٍ أن يقولَ في شرعِ اللهِ عز وجل حرفًا ولا كلمةً إلّا بحجّة

ودليل ، ولا يلزمُ هذا أنّ النتيجةَ صواب فـليسَ كلُّ مجتهد مصيب.


تعرف الفقه لغة واصطلاحا  ، أوسعُ هذهِ الدوائر التعريف الّلغَوي.

تعريفهُ لغة :الفهْم ، فيشمَلُ العلم الشرعي وغير الشرعي.

تعريفه الشَرعي :العِلم بمسائل الدين عمومًا ، سواءً كانت المسألة من

مسائل العمَلْ المُتعلّقة بأفعال المكلفين ،ويشمل غيرَ ذلك كمعرفة صفات

الله تعالى والجنة والنار.

التعريف الاصطلاحي: العلم بالأحكام الشرعية العمليّة.

موضوعُ الفقه :يَبْحثُ في أفْعالِ العباد من حيثُّ الأحكام الشرعية المُتعلقة بها .

فضْلهُ : كلّ نص ورد على فضل العلم الشرعي فينْدرجُ فيه الفقه بالمعنى

 الخاص –المتعلّق بأفعالِ العباد-

 والفقه بالمعنى الاصطلاحي ثمرتهُ حاجة الناس للمسائل الفقهية.

حُكم تعلّمِ الفقه

 من المسائل ما يجبُ تعلّمُها على كل مسلم كمعرفة صفة الوضوء

 والصلاة.

 ومن الفقه ما هو فرض كفاية وقد يتعيّن في حق بعض الناس كزكاة

الأسهم قد يحتاج لها شخص فيجب عليه أن يتعلّمَها.


"مراحل الفقه"

اختلف العلماء في تقسيم تاريخ الفقه وأنا رأيتُ أن نسلُكَ في هذا التقسيم

مسلك تاريخي "توصيف من غير حُكم "

المرحلة الأولى : وهي التشريع ، وهي مُختصّة في زمن النبوة.

المرحلة الثانية : مرحلة الفقه قبلَ المذاهب الفقهية ، وهي تشمل الفقه

في زمن الصحابة والتابعين وبداية زمن أتباع التابعين.

المرحلة الثالثة :مرحلة المذاهب الفقهية من أولها إلى العصر الحاضر

المرحلة الرابعة : من العَصر الحاضر قرابة 1300 ، والتواريخ هنا

 تقريبية لا تحديديّة

"مرحـلة التّـشـريـع"

تبدأُ هذه المرحلة من بعثةِ النبيّ –صلى الله عليه وسلم- ونزل الوحيِ

عليه وانتهتْ هذهِ المرحلَة بوفاة المصطفى عليه الصلاةُ والسلام.

وهذه المرحلة تمرُّ بمرحلتيْن أساسيّتيْن:-

1: العهد المكي  ، 2: العهد المدني .

مرحلة العَهد المكّي كان التشريع فيها يتركّز على أصول الدين ، وأمّا

التشريعات التفصيليّة فقد نزل شيء منها لكنه لم يكن كثيرًا.

ومرحلة التشريع المدني: استمرّت عناية التشريعِ الإلهي بأصول الدين

 –لأن الناسَ يحتاجون لها في كل عهدِ – ولكن بدأّت التشريعات

 التفصيلية وكثُرتْ .

"مصادر التشريع في هذه المرحلة"

القرآن والسنة

تارة ينزلُ ابتداءً ، وتارةً ينزلُ بسببِ ظهار ، وتارة بسبب حادثة معيّنة.

"بعض المعالم المهمة المتعلقة بمرحلة التشريع"

1:التشريع بمعنى إنشاء الأحكام الشرعية مختصٌّ بهذهِ المرحلة  فلا


 يكون التشريع إلا من عند الله عز وجل ومن رسوله .

* والمرادُ بحجيّة قول الصحابي لأنهُ أفهم بالكتاب والسنة ولا يرادُ أنه

يشرّع من تلقاءِ نفسه .

كذلك الإجماع فإنه لا يُنشأ حكما ولا يشرّع وإنما يُظهر الحكم .

وفي هذا الزمن قلّ مجال الاختلاف ، لأن الصحابة رضوانُ اللهِ عليهم إذا


اختلفوا في مسألة رجعوا للنبيّ-صلى الله عليه وسلم- وهذا في حق من

يمكنه أن يرجِع .

 وهناكَ من اجتهد كـ معاذ حينَ بعثُه النبي-صلى الله عليه وسلم-  قاضيًا

وغيره فكانوا يجتهدون فيما لا يجدون فيه نصًّا في القرآن أو السنة .

ومما يتميّز به هذا العصر التدرّج التشريعي ، وهذا لا يُمكن في غير هذا

 العصر ، ولكن من المُمْكن أن يتدرّجَ الإنسان في تربية الناس على هذا

التشريع الذي انتهى.

ومن التدريج :التدرّج في تشْريعِ الأحكام ، ومنهُ: ما هوَ تدرّج في حكمِ

واحد كتحريم الخمر ووجوب الجهاد.

ومن معالم هذا العصر: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم- درّب الصحابةَ

 وعلّمهُم على الفقه والاجتهاد ، وقيل: أنّ الصحابة الذي أفتوا في زمن

النبي –صلى الله عليه وسلم- أربعة عشر صحابيا .

والآثار دّلت على من يُوصف بالفقه والفتوى في زمن النبي –صلى الله

عليه وسلم-.

مرحلة الفقه قبلَ المذاهبِ الأربعة:-

إذا أرَدتَّ أن ترجع إلى فقه الصحابة فعندك مصادر مُسندة كـ مصنف عبد

الرزاق الصنعاني ـ ومصنف أبي شيبة - والأوسط لابن المنذر .

 وعندكَ كتب غير مسندة وهي الكتب الفقه المقارن كالمغني .

الصحابة الذين حُفظت عنهم الفتوى مائة وثلاثين نفسًا كما قرّر ذلك

الإمام ابن حزم .

المُكثرون –وهم ما يُمكن أن يُجمع فتوى كل منهم سفر ضخم-

عمر وعلي وابن مسعود وعائشة وزيد وابن عمر وابن عباس  -رضيَ الله عنهم 

أجمعين –

أعلمُ الصحابةِ وأفـقههم أبو بكر على الإطلاق –رضي الله عنهم – وحُكي

على ذلك الإجماع ،  ولكنّه رضي الله عنه لم تَطل مُدة خلافته فكانت

 سنتين وثلاثة أشهر ، فلم يُنقل عنه كثير من الفتوى والفقه والقضاء

بخلافِ عُمر –رضي الله عنه- فإنها امتدّت عشر سنوات وثلاثة أشهر فنُقل عنه كثير

منالفتوى والفقه والقضاء ، كذلك علي –رضي الله عنه-  فقد نقلَ عنهُ

 الفتوى كذلك لأنه آخر الخُلفاء موْتًا قبل الخلافة وبعدها .

وكذلك ابن مسعود وهو صاحب مذهب فقهي له أتباع في الكوفة

ومن المُكْـثرين عائشة فقد كانت معلّمة فقيهةً مُفتيَة وتفقّه عليها عددٌ من

فُقهاءِ التابعين وحتى الصحابة كانوا يَرجعون إليها.

ومن أئمة الفقهِ زيد بن ثابت ، وكان له مذهب متبوع في المدينة ، ولمّا

توفّي زيد صارت المدينة على مذهب ابن عمر وكان يأخذ من مذهب زيد

رضي الله عنهما .

ومن الصحابة المُكثرين عبد الله ابن عباس-رضي الله عنه- وكان لهُ

 مذهب متبوع في مكة وكان أعيان الفقه بعده تلاميذُه.

والمُـتوسطون

–قد يجمع من كل فتيا كل واحد منهم جزء صغير-

وهم أبو بكر وعثمان وأم سلمة وأنس وأبو هريرة وأبو سعيد وابن

عمرو وابن الزبير وأبو موسى وجابر ومعاذ وسعد بن أبي وقاص

وسلمان –رضي الله عنهم-

معاذ ذُكر في المتوسّطين من جهة أنّه لم يُنقل عنه فتوى كثيرة كالطبقة

الأولى ، أمّـا من جهة العلم فلا شكـّ أنّهُ كان من أعلمِ الأمّة بالحلالِ

والحرام ، وكان فقيهًا عالما ، وذهبـَ  إلى اليمن وكان له تلاميذ في

 الشام.

وأما المُقلّون فهم بقية الـ 130 ويمكن أن تجمع فتيا جميعهم جميعا  في

جزء صغير.

"المدارس الفقهيّة "

المدارس الفقهية التي تشكّلتـْ في زمن الصحابة ثلاثة:-

1:مكة 2:المدينة 3:العراق.

في المدينة هيَ مدرسة: زيد ابن ثابت ثم عبد الله ابن عمر – رضي الله عنه-

 ومدرسة مكة هي مدرسة : ابن عباس – رضيَ الله عنه -

 ومدرسة العراق هي مدرسة : ابن مسعود - رضي الله عنهم-

"الفقه في عصر  التابعين"

أبرز المدارس الفقهيّة في زمن التابعين المدرسة المديّنة وظهرَ فيها

الفُـقهاء السبعة وهم:-

 1:عبيد الله ابن عتبة ابن مسعود 2:عروة ابن الزبير3:قاسم ابن محمد

 ابن أبو بكر

4:سعيد بن المسيب 5:أبو بكر ابن حزم 6:سليمان ابن يسار 7:خارجة

ابن زيد.

وكان في المدينة: سالم ابن عبد الله عمر ، وكذلك نافع مولى عمر وأخذ

عنه الإمام مالك.

ومن الفقهاء في المدينة الزُّهْـري.

وفي مكّة أكثرُهم من طلاب ابن عباس وهم: عطاء وطاووس ابن كيسان

ومجاهد وعكرمة.

وأما في البَصْرةَ فظهَر في زمن التابعين من الفقهاء :الحسن ابن يسار

البصريـ ، ومحمد ابن سيرين وأبو قلابة وقتادة.

وفي الكوفة علقمة –تلميذ ابن مسعود – وأخذ عنه إبراهيم النخعي وأخذ

عنه حماد وأخذ عن حماد أبو حنيفة .

وكذلك في الكوفة من طلاب ابن مسعود : مسروق وعبِيدة السلماني

وأخذ كذلك عن علي –رضي الله عنه-

وكذلك من فقهاء الكوفة: شُريْح القاضي

"الأئمة الأربعة"

الإمام الأول: أبو حنيفة ،ولدَ سنة 80 للهجرة وقيل: إنه رأى أنس ابن

مالك ، وتوفي سنة 150.

والإمام الثاني : مالك بن أنس، ولد سنة 93 للهجرة – لا ينتسب إلى

أنس بن مالك الصحابي- وتوفي سنة 179 للهجرة .

وفي سنة 150 للهجرة ولد الشافعي وتوفي سنة 204 هـ ،

ثم الإمام أحمد ولد سنة 164هـ وتوفي سنة 241 .

"امتداد المدارس الفقهية"

في المدينة-:

ابن عمر أخذَ عن زيد ابن ثابت ، وأخذَ عن ابن عمر جمْع منهم نافع

وسالم.

والإمام مالك اخذَ عن الزّهر عن سالم عن ابن عمر وأخذ عن نافع عن

 ابن عمر عاليا وهذا من أصح الأسانيد.

والإمام الشافعي أخذَ عن الإمام مالك ، والإمام أحمد أخذ عن الشافعي.

مدرسة مكة-:

إمامُها ابن عباس أخذَ عنه عمرو ابن دينار ، وأخذ عن عمرو سفيان ابن

عيْينة وهو من الفقهاء   ، والإمام الشافعي أخذ عن سفيان وكذلك الإمام

أحمد –رحمهم الله –

مدرسة العراق

ترجع إلى فقه ابن مسعود وعليٍ وأخذ عن ابن مسعود علقمة وأخذ عن

 علقمة إبراهيم وأخذ عن إبراهيم حماد وأخذ عن حمّاد أبو حنيفة.

صاحبا الإمام أبو حنيفة محمد بن حسن الشيباني ، والقاضي أبو يوسف

الإمام أحمد أخذ عن القاضي أبو يوسف وكذلك الإمام الشافعي أخذ عن

الشيباني.

وهُنا نلحظ التداخل بين المدارس الفقهية


وكانَ الإمام أحمد –رحمه الله - أوسعهم مادّة من جهة اتصاله بجميع

المدارس الفقهية ، وسِعة روايَتهِ عنِ الصحابة خاصة بما يتعلق بآثارهم.

فالفقه نسب علمي متّصل يأخذه به التلاميذ عن شيوخهم.

من أئمة المذاهب المدرسيّة:-

من المذاهب التي انقرضَتْ :

1:الحسن البصري ، وهذا لا يعني أن أقواله ليست موجودة بل موجودة

مُتفرقة في الكتب وروى عن 120 من الصحابة توفي سنة 110

2:سفيان الثوري ، ولهُ أتباع وأصحاب يُفتون في مذهبه توفي سنة 161

وانقرض أتباعهم.

3:الإمام الأوزاعي في الشام ، وقيل: أنه أفتى في سبعين ألف مسألة

وتوفي سنة 157 في بيروت.

4:الليث ابن سعد ، وهو صاحب مذهب وإمام جليل فقيه لكن ضيّعهُ

 أصحابه فضاع مذهبه وهو أصبهاني توفي 175

5:سفيان ابن عيينة ، توفي سنة 198

6: وكذلك منهم إسحاق بن راهوية قال الإمام أحمد:لا أعلم لإسحاق

 نظيرا توفي سنة 238.

7:الإمام أبو ثور ، كان له مذهب انقطع أتباعه بعد ال300 وقيل إنه

مجتهد مستقل وقيل: إنه من فقهاء الشافعية توفي سنة 240

8:ابن جرير الطبري ، كان له أتباع بقال لهم الجريرية ، وهو فقيه

ومفسر ومؤرخ

 وقد أخذ عن أصحاب مالك وأصحاب الشافعي فتنازعوا فيه وبعد ذلك

 صار مجتهدا مستقلا رحمه الله عليه.

نشْرع الآن في الكلامِ عن المذاهب الفقهيّة الأربعة التي ما زالت قائمة لليوم

هذه المذاهب الأربعة حفظ الله بها العلم والفقه ، وجَمَع الله بها الأمة.

 فهي سبب اتفاق الأمة لا تفرّقها ، ومن أكبر الغلط أن تُحارب هذه
المذاهب.
وهذه المذاهب يُخطئ من يتصوّر أنّها تمثّـل أربعة أشخاص فقط

 والصحيح أن هذه المذاهب اجتمعت فيها المدارس الفقهية للأمة كلها

 وقد تقدم هذا.

الإمام أبو حنيفة

وهو أولُ هؤلاء الأئمة من جهة الزمان ولد سنة 80 للهجرة وهو

النعمان بن ثابت بن زوْطا قيل: إنه فارسي وقيل:إنه عربي وتوفي سنة 150

والإمام أبو حنيفة رأى أنس بن مالك فلذلك هو معدود في التابعين ولو لم

تثبت له راوية عن الصحابة ولكن ثبتت له الرؤيا ، وبعضهم لا يثبت أنه

رأى أنس بن مالك .
وكان من أئمة العبادة ، قال الذهبي:روي من وجهين أنه قرأ القرآن كله

في ركعة ، وهذا دليل على عبادته وزهْده .

قيل للإمام مالك هل رأيت أبا حنيفة ؟

قال : نعم رأيتُ رجلا لو كلّمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقامَ

بحجّته ،وهذا دليل على قوة حجته.

وكانت حلْقُـته حلقة مناظرة وكانت مكتظّـة بعلماءِ الدين وعلماء الكوفة

فيحضُرها القضاةُ وأهلُ اللغة والحديث وكان يفتح المجال للنقاش فإن

 اخطأ ردوا عليه فهذا مذهبه نشأ نشأةً جمـاعيّـة .

قال ابن المبارك: أبو حنيفة أفقه الناس ، وقال الشافعي: الناس في الفقه

عيال على أبي حنيفة.

"نشأة مذهب الإمام أبو حنيفة"

مرحلة النشوء والتكوين : تبدأ من الإمام نفسه ومعه أبو يوسف القاضي

 ولد 113 وتوفي 183 للهجرة ، وكان ركْنًا من أركان المذهب الحنفي

وكان له دورٌ كبير جدا في نشر المذهب ، وسبب ذلك أنه-الإمام أبو

يوسف- كان مسؤول القُضاة في الدولة العباسيّة فكان يقضي بمذهب أبي

حنيفة فبسبب ذلك انتشر المذهب .

ومن أركان المذهب الحنفي الإمام: أبو محمد بن الشيباني ـ فكان له دورٌ

 في نشر المذهب الحنفي  من ناحية التدوين والتصنيف وكتُبه كانت هي

العمدة في المذهب وله ستة كتب تعرف بظاهر الرواية وهي:

1:المبسوط ويسمى"الأصل" 2:الجامع الصغير 3:الجامع الكبير

4:الزيادات 5:السير الكبير 6:السير الصغير توفي سنة 189.

ومن أئمة المذهب"  زفر بن هذيل وكان أولهم موتا توفي سنة 158

ومنهم: الحسن بن زياد اللؤلؤي توفي سنة 204 وهو آخر أصحاب أبي

حنيفة الذين كانوا من أركان المذهب.

ويُطلق على أبو يوسف ومحمد بن الحسن الصاحبان ، وهما من الفقهاءِ

 المجتهدين وكانوا جزءً من تكوين المذْهب بل وخالفا الإمام أبو حنيفة

و قد تكون الفتوى عند الحنفيّة على قول الصاحبين لا قول الإمام أبو

حنيفة –رحمه الله- .


ثم انتقلَ المذْهب إلى مرحلة الانتشار فبدأ التدوين يتطوّر وصُنّـفت

 المُختصَرات والمتون.

فكتب الطحاوي مختصرا في الفقه  وهو: أبو جعفر الطحاوي له كتاب في

العقيدة مشهور وله كُـتب أخرى.

وكذلك من عُـلماء هذه المرحلة الإمام السرخسي وله كتاب"المبسوط"

وكذلك الإمام الكاساني وله كتاب"بدائع الصنائع " وهو شرح لتحفة

الفقهاء لـ أبو الليث السمرقدني .

والإمام الكرخي له "مختصر الكرخي " ، كذلك الإمام القدوري له

أيضا"مختصر القدوري"وهو أحدُ المتون الأساسيّة والمعتمدة في

المذهب يسمونه الكتاب .

ومن علماءِ هذه المرحلة الشيخ الميرغناني له "بداية المبتدي" وممن

شرحه مؤلفه صنف فيه " الهداية شرح البداية"واعتنوا به

وكذلك الإمام النسفي له كتاب اسمه " كنز الدقائق " وشرح بعدة شروح.

دور الاستقرار وهو بعد سنة 710 اشتغلَ الناس بعد ذلك بشرح هذه

المتون وبيان معانيها

ومن العلماء في هذه المرحلة ابن نجيم الحنفي  الذي كتب"البحر الرائق

شرح كنز الدقائق" وكذلك الإمام ابن عابدين "كتب"رد المحتار" وهو

ختام التصنيف في هذا المذهب

والثاني من المذاهب من حيث التسلسل الزمني هو:-

 مذهب الإمام مالك بن أنس ابن مالك ابن أبي عامر الأصبحي إمام دارِ

 الهجرة .

ولد سنة 123 للهجرة وتوفي سنة 179 .

قيل: لأخته ما كان شغله في بيته؟   قالت: كان شُغله المصحف والتلاوة .

يقول ابن وهب: لو شئت أن أملء ألواحي من قول مالك "لا أدري"

لفعلت .

قال ابن مهدي: ما رأيت أحدا أهيب ولا أتم عقلا من مالك ولا أشد تقوى منه.

وكان معظّما للسنة لا يأتي لمجلسِ الحديث إلا بعد أن يغتسِل ويتطيّب

ويلبسَ أحسن ثيابه .

وأعظمُ ما ناله من الشرَف أن النبي –صلى الله عليه وسلم - قال ليضربنّ

الناس أكبادَ الإبلِ في طلب العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة ،اختلفَ

 في هذا العالم قال ابن عيينة هو مالك .

من عِلمه وذكائه أنه تأهّل للفُتـيَا وجلَس للإفادة وله 21 سنة وقال –

رحمه الله- ما أفتيتُ إلا بعد أن شهد لي سبعون محنّكا أني أهلٌ لذلك.

قال الشافعي –رحمه الله - إذا ذكر العلماء فمالك النجم

"تاريخ مذهب الإمام مالك  - رحمه الله –"

الدور الأول دور النشوء : بتمثل بدايتهُ بتدريس الإمام مالك وتصنيفهِ

فكان يُفتي ويدرّس وصنّف في الفقهِ والحديث كتابهُ الموطأ

من أكبرِ طلـّابهِ ومن أعظمهم نشْرا لمذهبه عبد الرحمن بن القاسم

المصري توفي سنة 192 ، وأخذَ عنه أسد ابن الفرات وسحنون .

ومجموعُ هؤلاء الثلاثة صنفوا المدوّنة وهو: الكتاب الأُم في مذهب الإمام

مالك وصار عليهُ عمدة المالكيّة.

ومن طلبتهِ :ابن وهب توفي 199 أخرجَ له أصحاب الكتب الستة .

ومن طلابهِ: لإمام أشهب المصري المتوفى سنة 204 .

ثم تطوّر المذْهب وبدأت تصانيف الكتب والمُختصرات والشروح ، صنف

القيروان ابن أبي زيد كتابه "الرسالة"

وفي بغدادِ صنف القاضي عبد الوهاب "التلقين " وفي الأندلس الإمام ابن

عبد البر وله كتاب "الكافي" وله كتب أخرى وله" التمهيد" و

"الاستذكار" وكلاهما شرح للموطّـأ .

ومن كتب هذهِ المرحلة الإمام الباجي من علماء الأندلس وهو إمام محقّق

 في الحديث والأصول والفقه له كتاب "المنتقى شرح الموطأ"وله كتب

في عدّة فنون.

وفي هذه المرحلة الإمام ابن رشد صاحب كتاب"المقدمات الممهدات"

وابن رشد إذا أطلق عند المالكية فهو ابن رشد الجد لا الحفيد القاضي

صاحب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"

وفي هذه المرحلة من العلماء القاضي عياض له كتاب "المستنبطة" وله

كتب كثيرة.

ودور التطور إلى سنة 616 هـ

ثم بدأ المذهب ينتقل إلى مرحلةِ الاستقرار

ومن علماءِ هذه المرحلة الإمام ابن حاجب صاحب كتاب"جامع الأمهات" 

والإمام القرافي صاحب "الذخيرة" وهو كتاب موسع في الفقه المالكي.

ومن علماءِ هذه المرحلة الإمام خليل وله  المتن المعتمد الاعتماد النهائي

 عند المالكية "المختصر"وهوّ يمثل القول المعتمد في مذهب الإمام مالك

- رحمه الله-  ثم بعد ذلك صار جّل الكتب تدور على شرح هذا المختصر

 ومن شروحه:-

كتاب الحطاب المسمى "بمواهب الجليل في شرح مختصر خليل"

والدردير له شرح اسمه "الشرح الكبير على مختصر خليل " ولهذا

الشرح حاشية للدسوقي.

"الإمام الشافعي"

ممن أخذّ عن الإمام مالك الإمام الشافعي -رحمهما الله-  كذلك ذهب إلى

بغداد وأخذ عن الحسن بن محمد الشيباني وذهب إلى اليمن رحمه الله .

وهو : محمد بن إدريس الشافعي ،  يلْتقي نسبه مع النبي -صلى الله عليه

وسلم- في جده عبد مناف.

ولِد سنة 150 للهجرة  في غزة   وتوفي سنة 204 في مصر ورحل إلى

مكة والمدينة وقرأ الموطّأ على الإمام مالك وحفظهُ ورحل إلى بغداد

والتقى بالشيباني وكتبَ عنه.

كان الإمام الشافعي –رحمه الله- من العُبّاد حتى كان يختم القرآن في

رمضان ستين ختمة.

قال الربيع بن سليمان :كان الشافعي قد جزّأ الليل فثلثه الأول يكتب ،

والثاني يصلي والثالث ينام.


وكان الشافعي ذكيا فطِـنًا حفظ القرآن في السابعة وحفظ الموطأ في


 العاشرة وأجازه شيخه مسلم الزنجي في الافتاء وهو ابن خمسة عشر

سنة.

قال الإمام ابن عيينة –شيخ الشافعي- الشافعي أفضل أهل زمانه.

قال الإمام أحمد –رحمه الله- ما أحد مس محبرة ولا قلما إلا وللشافعي

 في عنقه منّة.

الإمام الشافعي مرّ مذهبُه بمرحلتيْـن في حياته:-

المرحلة الأولى :عندما ذهب إلى بغداد صنّف كتبا في الفقه والأصول

وعُرفت هذه الكتب بالمذهب القديم.

المرحلة الثانية: عندما ذهب إلى مصر صنّف كُتبا عرفت في المذهب

 الجديد ولا يعني هذا أنه ألْغى كل فقههُ في المرحلة السابقة وجاء بفقه
جديد بل الاختلاف في بعض المسائل والاجتهادات.

والمُعتمد عند  الشافعية: مذهبه الجديد صنف  الرسالة والأم.

ومن مناقب الشافعي- رحمه الله- أنه أول من صنف في علم أصول الفقه.

رُويَ عنه كتاب "الأم" وهو كتاب عظيم جدا رواه عنه الربيع المرادي

 وكذلك رويَ عن الشافعي كتاب "الرسالة" واختصره البويطي واختصره

المُزني.

وبعد ذلك جاءتْ مرحلة النشوء والانتشار صُنفت فيها بعض الكتب من

أعلامها:ابن سريج والقفال –الكبير الشاشي- والإسفراييني.

ومن صنّف في هذه المرحلة: الإمام الماوردي كتابه الحاوي ، وكذلك

الجُويني "صاحب نهاية المطلب" ، والشيرازي كتابه" المهذب" وشرَحهُ

  النووي في "المجموع" – ولم يكمله – وتعاقب عليه السبكي

والمطيعي .

وكذلك الغزالي كتب "الوسيط ، الوجيز ، والبسيط "

ثم بعد ذلك جاء دورُ تحرير المذهب يسمى"التحرير الأول" على يد

النووي والرافعي.

وكان عندهم المُعتمد ما اتفق عليه النووي والرافعي.

فصنّف الرافعي كتاب "المحرر" ، وصنف النووي كتُبا كثيرة منها

" منهاج الطالبين" اعتمدَهُ الشافعية وداروا في فلكه وكُتبت عليه شروح

متعددة منها.

دور التحرير الثاني: على يد العالمين وهما الرملي وابن حجر الهيتمي

 اعتمد الشافعية المتأخرون عليهما.

صنف الرملي "نهاية المحتاج"

وصنف ابن حجر الهيتمي صنف "تحفة المحتاج"

الإمام أحمد ابن حنبل أخذ عن الشافعي واستفاد منه وتفقه عليه ولم تكن

 علاقة تلمذة محضة

"الإمام أحمد بن حنبل"

وهو: أحمد بن محمد الشيباني ولد سنة 164 للهجرة توفي 241

قال ابن الجوزي: طاف أحمد مرتين في جمع المُسند.

وهو من أكابر الزُهّاد والعبّاد ، يقول ابنه كان أبي يُصلّي في كل يوم

 وليلة ثلاث مائة  ركعة ، وبعد أن تعِب من الأسواط وكبر سِنّه أضعفته ُ

 فكان يصلي كل يوم مائة وخمسين ركعة

قال الإمام أحمد-رحمه الله- ما كتبت حديثا إلا عملتُ به.

وقال الربيع : قال لنا الشافعي  أحمد إمامٌ في ثمان خصال:

إمام في الحديث وإمام في الفقه وإمام في اللغة وإمام في القرآن وإمام

في الفقر وإمام في الزهد  وإمام في الورع وإمام في السنة.

فجَمع الإمامة في كلّ المجالات ولم يكن مستقرًّا على الحديث كما يظنه

البعض بل هو من أكبر المجتهدين والفقهاء.

كانَ يحفظُ ألف ألف حديثا- رحمه الله-

قال عبد الرزاق الصناعني: ما رأيت أحدا أفقه ولا أورع من الإمام أحمد.

وقال الشافعي: خرجت من بغداد فما خلفتُ فيها أفضل ولا أعلم ولا أفقه
 من الإمام أحمد.

"مذهب الإمام أحمد"

لم يدوِّن مذهبُه  ، وكتبَ المُسند من أعظم كتب الحديث لكنه لم يصنف

 في الفقه ، وصُنّف عنهُ الفقه من الفتاوى التي كان يُفتي بها ويكتبها

عنها أصحابه  ويسموْن أصحاب "المسائل"وهم عدد كبير المكثرون منها:-

الإمام أبو داود صاحب السنن كتب عنه "المسائل في الفقه "

ومن أصحاب المسائل أبناء الإمام أحمد عبد الله وصالح كتبوا عنه كذلك مسائل

كذلك ممن كتب عن الإمام أحمد: المسائل الكوسج ، وكذلك حرب ابن


إسماعيل الكرماني وكذلك من المسائل المطبعة مسائل ابن هانئ .

بعد كتب المسائل جاء رجل له على الحنابلة منّة عظيمة وهو أبو بكر

الخلال ، جمعَ كتب المسائل كلها في كتاب واحد يسمى "جامع

 الخلال"ولم يصل إلينا إلا أجزاء يسيرة.

وبعدَ الخلّال جاء غلام الخلال اسمه:أبو بكر ابن عبد العزيز له كتاب

"زاد المسافر"

ثم جاء بعد ذلك الإمام الخرقي أبو القاسم وصنف كتابه "المختصر "

 اختصر به كُـتبا متناثرة كثيرة وصار يُقرأ في المساجد ويحفظه

المتفـقّهة في المذهبِ الحنبلي ، واشتغل الحنابلة بعد ذلك بشرحه ومن

 أبرز من  شرحَهُ الإمام ابن قدامة في كتابه "المغني" فهو شرح على

مختصر الخرقي.

ثم جاءَ الإمام حسن ابن حامد –رحمه الله - وصنّف كتابا في أصول الفقه

في طريقة فهم كلام الإمام أحمد اسمه "تهذيب الأجوبة".

وهذا دور تأسيس المذهب إلى سنة 403 هـ

ثم جاء دورُ التحرير والتنقيح إلى سنة 885هـ (مرحلة المتوسطين)

والتي بدأت بالقاضي أبي يعلى كتب كتبا كثيرة في الفقه والأصول.

 في الأصول كتب"العدة " وفي الفقه كتاب" الروايتين والوجهين" وله

كتب كثيرة منها المطوّل ، ومنها المُختصر ثم تلميذ القاضي أبو يعلى

وهو أبو الخطاب الكلوذاني له مصنفات منها كتاب "الانتصار" ومنها

كتاب "التمهيد في أصول الفقه "وغير ذلك.

وفي هذه المرحلة الإمام ابن قدامة –رحمه الله- توفي سنة 620 للهجرة

وهو: يعتبر نقطة من النقاط المهمّة في مذهب الإمام أحمد ، صنّف في

أصول الفقه "روضة الناظر"وله في الفقه عدة كتب.

صنف للمبتدأين كتاب "العمدة" ولمن فوقهم كتاب "المقنع" ولمن فوقهم

كتاب "الكافي" وبعد ذلك صنف كتاب الموسع "المغني"

واعتنى الناس بالمقنع ودارَ الحنابلةُ في فلكهِ وصار شغلهم.

 وشرُح عدة شروح منها" المبدع" و "الشرح الكبير" لابن أبي عمر
 
ومن شروحه-أي المقنع- كتاب "الإنصاف "

ثم جاءَ ابن تيمية-الجد- وصنف كتابه "المحرر"

ومن علماءِ هذه المرحلة ابن مفلح –الجد-صاحب كتاب "الفروع والآداب

الشرعية" وعندنا  حفيده وهو ابن مفلح صاحب كتاب "المبدع "شرح المقنع .

ومن علماء هذه المرحلة وبه خُتم التنقيح الأول للمذهب وهو العالم

المسمى "المنقّح ، والمرجّح ، المصحّح " وهو علاء الدين المرداوي

 كتب كتابه "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف " أخذ كل كتب

 الحنابلة واستقرأها فيذكر جميع الأقوال التي قالها الحنابلة واعتمد

الناس على كتبه في تصحيح المذهب -رحمه الله-


"دور استقرار المذهب"

جاء العالم موسى الحجاوي وألّف كتابه "الإقناع لطالب الانتفاع" وهو

 أوسع متنٍ في الفقه الحنبلي وله كتاب مشهور اعتمدَهُ الحنابلة "زاد

 المستقنع" ألفَ عليه البهوتي "الروض المربع" وجاء عدد من العلماء

وكتبوا حواشي على الروض وكذلك الشرح الممتع وغيره.

ومن علماء هذه المرحلة المتأخرة ابن النجار الفتوحي المصري أّلف

كتابه "مُنتهى الإرادات"

ثم بعد ذلك صار عند الحنابلة أنّ المذهب ما اتفق عليه الإقناع والمنتهى

بلا نزاع.

وكذلك ألّف ابن النجار في أصول الفقه كتابه" مختصر التحرير" وشرحه

في كتاب "شرح الكوكب المنير"

ومن علماء هذه المرحلة مرعي بن يوسف الكرمي من أبرز ما ألّف

كتابه"غاية المنتهى" جمع فيه الإقناع والمنتهى .

ومن كتبه "دليل الطالب"وهو كتاب معتمد في التدريس.

وكذلك من علماء هذه المرحلة الإمام منصور البهوتي صاحب "كشاف

 القناع عن متن الإقناع " وله شرح على منتهى الإرادات ، وشرَح الزاد

في كتابه الروض المربع فهو شارح المذهب بلا منازع  ،وهو أكثر من

خدَم المذهب من ناحية الشروح ، وله متن "عمدة الطالب" وله شرح

"هداية الراغب"

ومن الكتب المعتمدة في التدريس عند المتأخرين "أخصر المختصرات"

لابن بلبان وله أكثر من شرخح منها "كشف المخدرات"للبعلي  وهناك

شرح لعثمان النجدي وهو" الفوائد المنتخبات"

ومن المتون التي يعتني بها في التدريس:-

إذا أردتَ أن تقف على نصوص الإمام أحمد في مسألة من المسائل ترجع

إلى مسائل الإمام أحمد يجمعها كتاب "الجامع لعلوم الإمام أحمد"

إذا أردتَ أن تقف على الروايات والأوجه المتعددة في المسألة في

المذهب ترجع إلى "الإنصاف "للمرداوي

وإذا أردتَ أن تقِف على أدلة المذهب وكيف أجابوا عن أدلة المذاهب

الأخرى ترجع إلى" المغني والشرح الكبير"


تكلّمنا عن المذاهب الفقهيّة وتعرضنا على ترجمه كل مذهب من هذه

المذاهب

ما حكم التمذهب بمذاهب من هذه المذاهب الفقهيّة الأربعة ؟

وهذه مسألة مهمة ومطروحة في كتب العلماء وتُثار بين كل فترة وأخرى.

ومسألة التمذهب فيها مواضع اتفَق عليها العلماء في جميع جِهاتهم

 وهناك مواضع اختلف العلماء رحمهم الله فيها.

فبالنسبة لمواضع الاتفاق :فلا خلاف بيْن العلماء أن التعصّب لمذهب من

هذه المذاهب أمر مذموم سواء كان التعصّب للمذاهب أو ضد المذاهب.

 والمراد به أن يتخذّ الإنسان المذهب معيارًا للولاء والبراء.

ومن هذه المواضع: مسألة الانتساب اللفظي للمذْهب فهذا جائز ولا يكادُ

 يوجد فيه خلاف أي:الذي لا يترتب عليه تعصّب.

وبعض الناس يتصوّر الانتساب إلى مذهب من هذه المذاهب ترك الكتاب

والسنة ، وهذا من الخطأ في الفهم بل كل هذه المذاهب فقهٌ للدليل بلا

استثناء .

 والتفقّه عليها تفقه في الدين والشريعة والكتاب والسنة.

من محل الاتفاق بين أهل العلم: أنهم يَقبلون وجودَ هذهِ المذاهب ولا

يروْن أن وجودها أمر مرْفوض شرعًا ولم يدعوا أحدا من علماء الدين

إلى إلغاء هذه المذاهب.


فمن التعصب ضد المذاهب أن يدعو الإنسان إلى الإعراض عن كتب

المذاهب وإحراقها.

ومن محل الإتفاق بين العلماء :أن المُتمذهب إذا بلغ رتبةَ الاجتهاد

 وخالف مذهب إمامهُ لرُجحان غيره فقد أحسن ، وهذا إذا تأهل.

والاجتهاد: هو الترجيح بين قول عالم وعالم ، وميل النفس ليس هو

اجتهاد ولا مرجح شرعي.

والاجتهاد: استفراغ الفقيه  وسْعه في درك حكم شرعي.

من المسائل التي هي محل اتفاق:أنه لا خلاف في قبول التمذهب بمعنى

 التخرج على مدرسة فقهيّة أصوليّة مع العنايَة على الدليل وطلب الراجح

وهو أمر سائغ وصار عليه العلماء.

ومن المسائل :جواز أخذ الُمُتمذهب بقول إمامه ناسبًا له  إلى إمامه مع

قناعته برجحانهِ بعد نظرهِ في أدلّة الأقوال ، فلا يأثم بعدمِ الإفصاح عن

رأيهِ الشخصي وما تميل نفسه إليه.

فلو سئل الإمام أحمد عن مسألة فقال قال فلان كذا فلا يخلو من حالتين:-

الأول:أنه يعتقد صحة قول المجتهد الذي ذكره.

الثانية:أنه يكون يعتقد أن القول الراجح غير ما ذكره هذا المجتهد لكنه

 يعتقد أن المسألة اجتهادية ليس فيها قاطع في الشريعة وإنما نظر

 واجتهاد.

"محل الخلاف في التمذهب"

التمذهب معناه لزوم الإنسان لمذهب من المذاهب في التقليد وعدم

الانتقال عن هذا المذهب  من غير تعصّب ولا إلزام الناس بذلك .

 هذه الطريقة اتجهَ بعض العلماء إلى إيجاب التمذهب بهذا المعنى وأنّهُ

 يجب على المقلّد أن يلزم مذهبًا من هذه المذاهب.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي :"متأخروا الأصول من جميع المذاهب

مطبقون كلهم على وجوده"

ويستدلون بأنه أضبطُ للإنسان وأمنع من إتباع الرُّخص.

قال القاضي عياض"وقع إجماع المسلمين على إتباعهم ودرس مذاهبه"

واتجّاهُ آخر لا يرى وجوب التمذْهب ولا يرى أنه ممنوع ولكنه يرى أنه

 مُباح.

وهناك اتجاه ثالث وهو منع التمذهب : أي يقول هذا الالتزام لا يلزم

الإنسان مذهبا واحدا وممن شددّ في ذلك الإمام ابن حزم الأندلسي.

 قال"فليعلم من أخذ بجميع قول أبي حنيفة أو بجميع قول مالك أو بجميع

قول الشافعي أو بجميع قول أحمد ممن يتمكن النظر أنه قد خالف إجماع

الأمة"

وأكثر أهل العلم على جواز لزوم الإنسان مذهبا معينا .

"معالم الفقه في العصر الحاضر"

في العصر الحاضر ظهرت أشياء ومخترعات ، ومن الأشياء التي ظهرت

وكان لها أثر كبير في الفقه"الطباعة" وطباعة الكتب الفقيهة تتمثّل في

نوعين:-

1:طباعة الكُتب التي صنفها العلماء في القديم-وإعادة نشرها وتحقيقهَا

وكان في السابق الحصول على نسخة من هذه الكتب تحتاج لأشهر .

 ومنها ما هو تحقيق لكتب المُتقدّمين ، ومنها: كتب صنفت في مسائل

 الإجماع فقط وطبع منها عدد كـ كتاب "الإجماع" لابن المنذر ، وابن

حزم كتابه "مراتب الإجماع" ، وكتاب "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن

القطان.

ومن الكتب الحنفية المفيدة  التي طُبعت في مذهب الحنفية كتاب "بدائع

الصنائع" للكاساني ،وحاشية ابن عابدين.

ومن الكتب الجليلة التي طبعت في مذهب الإمام مالك   شروح خليل ومن

أجلها "مواهب الجليل" للحطاب وغيرها.

وفي مذهب الإمام الشافعي من الكتب النفيسة" كتاب الأم" ، "وتحفة

المحتاج" لابن حجر وغيرها.

ومن الكتب التي طبعت في المذهب الحنبلي "كشاف القناع" للبهوتي

و"الشرح الكبير" لابن أبي عمر

والشيخ عبد الله التركي ممن له جهود كبيرة في طباعة كتب المذهب 

الحنبلي وكذلك الشيخ ابن دهيش – رحمه الله –

هناك كتبٌ فقهيّة مطبوعة في الفقه المقارن وهي كتب نافعة يرجُع لها

الطالب إن أراد أن يعرف المسائل الخلافية وأدلة الأقوال في ذلك.

من كتب الفقه المقارن التي طبعت في عصرنا الحاضر كتاب "الأوسط "

لابن المنذر وهو كتاب جليل ، وكتاب "اختلاف العلماء" للوزير ابن

هُبيرة وهو يوضّح مواضع الإجماع ومواضع الاختلاف ، وكتاب "بداية

 المجتهد ونهاية المقتصد "لابن رشد –الحفيد- وكتاب "المغني" لابن

قدامة وغيرها من الكتب.

2:الكتب المُعاصرة –التي ألّفت في العصر الحاضر – وهي أنواع:-

1:الموسوعات الفقهية وهي كتب تستهدف أن تجمع الخلاف العالي

مرتّبة على الحروف وأجلها بلا منازع "الموسوعة الفقهية الكويتية "

وهي عمل عظيم جدا يجمع لك المسألة الفقهية بالمذاهب الأربعة .

من الموسوعات التي كُتبت في العصر الحاضر:موسوعة أحكام الطّهارة

تأليف الشيخ دبيان الدبيان ، وهناك كُتب ألّفت تمثّل موسوعات في باب معيّن .

ومن الموسوعات: موسوعة أخرى للشيخ دبيان " المعاملات المالية

 أصالة ومعاصرة"وهو كتاب قيم جدا ونفيس  وتوقّف الشيخ عند

العارية، وهناك موسوعة أخرى تكمّل هذا الجانب وهي موسوعة الشيخ

المشيقح "الجامع في الوصايا والأوقاف والهبات"

ومن الكتب التي تتعلق بأبواب محددة كـ "النوازل في الزكاة" للشيخ عبد

الله الغفيلي.

وكذلك كتاب"مشكلات المفطرات "للدكتور فؤاد الهاشمي

وكتاب ابن جاسر "منسك ابن جاسر " وهو يركز على المذهب الحنبلي

 وكتاب "منسك ابن جماعة الكناني"يتميّز بذكر المذاهب الأربعة في

 المسائل.

من المعالم التي ظهرت في العصر الحاضر فيما يتعلق في الفقه "نشأة

المجامع الفقهية" نظرًا لكثرةِ المُستجدات والنوازل  وأن هذه النوازل

تتعلق في أبوابِ فقهيّة متعددة وأيضًا لأنه قد يكون فيها من التعقيد ما لا

يكفي أن تصدر فيه فتوى فردية من عالم لوحده.

وهي: هيئات علمية يجتمع فيها جمْع من أهل العلم للنظر في المسائل ثم

يصدر فيها قرارًا أو فتوى والغالب أن هذه القرارات تصدر في الأغلبيّة لا

الإجماع من جميع الأعضاء.

من أشهرها:منظّمة التعاون الإسلامي ومنها:رابطة العالم الإسلامي

من أبرز الموسوعات الالكترونية :جامع الفقه الإسلامي

من معالم الفقه في العصر الحاضر:ظهور المجلات الفقهية ، منها :مجلة

 الجمعية الفقهية السعودية ،ومنها: مجلة البحوث الفقهية المعاصرة .

ومن الأشياء التي ظهرت: ظهور المواقع الالكترونية ، وهي سهّلت

 التواصل بين أهل العلم.

ومن الأشياء التي ظهرت :دعوى التجديد في أصول الفقه

 والمقصود بهذا التجديد الذي يمسّ قواعد الشريعة وهي دعوة مرفوضة

 تمام الرفض وهي هدم للشريعة وهم ليسو على رتبة واحدة.

ومن الدعوات التي  حصل منها شيء من الإشكال ما يتعلق بالدعوة إلى

 جعل علم" مقاصد الشريعة" هو العلم الحاكم على الاجتهاد والانبساط

وأنه يُغني عن علم أصول الفقه.

ومن الدعوات: دعوة بناية أصول الفقه من جديد.

ومما ظهر :كثرت النوال في المسائل الفقهية وهي بسبب الثورة

الصناعية وظهور التقنية.

ومن معالم العصر الحاضر :نشأة الكليات الشرعية والأقسام الفقهية.

المدارس والاتجاهات الفقهية""


أهل الحديث  يتميّزون بقوّة عنايتهم بالحديث والآثار  ، وتأتي العناية

بالقياس في الدرجة الثانية .

وأهل الحديث يتميّزون بتقديمِ الحديث على القياس سواء كان الحديث

آحادا أم مستفيضا وسواء كانت المسألة مما تعم به البلوى أم لا.

وأما أهل الرأي فكانت لهم عناية في الحديث أقل من أهل الحديث

، وعنايتهم بالقياس قوي ، ثم تقديم القياس على خبر الواحد في بعض

الأحوال مثل : ما تعم به البلوى.

المدرسة الثالثة الظاهرية : ظهروا عقب  زمن الأئمة الأربعة ،- الأئمة

الأربعة ومن قبلهم كانوا يقولون بالقياس - من تلاميذ أصحاب الشافعي

 داود بن علي الظاهري ظهر له القول بإنكار القياس الخفي وقال: لا نقبل

 إلا القياس الجلي ثم أتباع الإمام داود

ونستطيع أن نعدّ مذهب داود من المذاهب المندرسة لا الباقية إلى الآن

 فلا يوجد اليوم كتابا مصنفا على مذهب الإمام داود ، فهو موجود

باعتباره منهجا للتفكير أو اتجاها موجود في كتب ابن حزم –ر حمه الله –

فأهل الظاهر كانوا يأخذون بمنطوق الحديث فقط وتركوا المفهوم

والمعقول وكذلك رفضوا الاحتجاج بآثار الصحابة كـ"ابن حزم"

وهم إذا لم يجدوا في المسألة نصا منطوقا انتقلوا إلى الاستصحاب وهو

 أن الأصل في الأشياء الإباحة .

واعتبرَ جمهرة من العلماء أن مذهب الظاهرية غير معتبر  ، وبعضهم

يرى أنه لا يعتد به في الخلاف ، وقال بعضهم أنه بدعة ظهر بعد

 المائتين. .

وهذا لا يعني أنهم ليسو من العلماء فلا شك أنهم من العلماء لكن

منهجيّتهم الفقهية غير مقبولة .

المدرسة العقلية :وهي التي تهْمل الأحاديث خاصة أحاديث الآحاد وتقلّل

من مكانتها وثبوتها وبعضهم غلا في هذه القضية وقال بتارخيّة النص

فقال "إنما هي تراعي حال الصحابة "ولا يمكن أن نطبّقها في هذا القرن

، وهو أمر في غاية الخطورة وفيه هدم للشريعة.

ومن إشكالات هذه المدرسة العقلية العناية بالنظر المصْلحي وتقديم العقل

 على النص.

أسباب اختلاف العلماء

لا بد أن نعلم أن بداية الخلاف الفقهي  ظهَر في زمن النبوة والنبي-صلى

 الله عليه وسلم- بين أظهرهم كقصة صلاة العصر في بني قريظة

فاختلفوا ولم يعنّف عليه السلام أيا من الطائفتين.

أسباب اختلاف العلماء ترجع إلى أمرين:-

1:منها أسباب ترجع إلى ثبوت الدليل 2: الخلاف في الدلالة وفهم الدليل

أما بالنسبة لما يرجع لثبوت الدليل فالسبب الأول:عدم بلوغ الدليل ، فقد

لا يبلغ الحديث عالما من العلماء.

الثاني: قد يبلغ العالم الحديث لكنه لا يرى ثبوته ويضعفه .

الثالث:أن يكون الدليل ليس حجة  عند العالم.

السبب الثاني:الخلاف في دلالة الدليل وفهْمه ، فالحديث يكون صحيحًا

عند الجميع ويرجع ذلك إلى ثلاثة أنواع:-

1:ما يعرض للدليل من عوارض الأدلة من جهة التعميم والتخصيص

وكخلاف العلماء في عموم المفهوم.

2:وقد يكون الخلاف في دلالة الألفاظ  3:وقد يكون الخلاف في تحقيق

المناط.

موقف الإنسان من هذا الخلاف:-

1:أن لا يكون خلاف العلماء  سببا للتنازع والنفرة ،فيعتدي الإنسان على

الآخر ويُكفّرهُ ويفسقه  وإن حصل هذا فإنه خطأ غيرُ مقبول .

2:أن يعْذُر المخالف غيره في مسائل الاجتهاد ، فالعلماء يفرّقون بين

 الخلاف في مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف التي فيها نص.

3: عدم جواز تتبع الرخص قيل:من تتبع الرخص فقد تزندق.

4:مما يتعلق بمسائل الخلاف أن المصيب فيها واحد.

5:أن الخلاف ليس دليلاً وحجّة على الإباحة وإنما الدليل هو الإجماع.

منهجية دراسة الفقه

يرد سؤال عن كيفية ضبط الفقه.

الأهم أن تدرس بأفضل طريقة لا أفضل كتاب ، فأول مسألة في ضبط
الفقه:-

* أن تكون على قناعة به فإن لم تدخل به على قناعة فلن تضبط الفقه

* حفظ متن فقهي هذا أمر أساسي ، وما هو المتن؟

هذا ليس أمرا أساسيًا هو أمر تكميلي وتحسينني ،لكن حفظه أمر ضروري

* المذاكرة مع الأقران وتجعل لك مجلسا مع زميل ويشترط أن تواظب

 معه.

* ومما يساعد على ضبط الفقه الاختبارات ، والتطبيق والتمرين

* ثم بعد ذلك التدريس للتـثبيت والازديادة

انتهى بحمد الله

خلاصة رواق الأدب

‏(خُلاصة رُوَاق الأدَب) استمتَعتُ بمُشاهدة حلَقات برنامج: رُواق الأدَب، للدكتور: عبد الرحمن قائد جزاهُ الله خيرا، وهو برنامج أدبيٌّ جميل، تن...