تعريفه: النّكاح عقد يُعتبر فيه لفظ إنكاح أو تزويج في الجملة، والمعقود عليه: ّمنفعة الاستمتاع.
يسنّ مع شهوة لمن لم يخَف الزنا، ويجبُ على من يخافه.
يسنّ نكاح واحدة أي: يقتصر على واحدة ولا يُعدّد لأنّ التعدد فيه تعرّض للظلم.
ويسنّ كونها حسبية ذات نسب ديّنة أجنبيّة -ليست من الأقارب- قالوا: لأنّ نكاح الأقارب قد يورث الضعف في الأولاد، ولا يؤمَن معه الطلاق فيكون سببا للقطيعة بين الأقارب، ويستحبّ كونها بكرا ولُودا.
ومن أرادَ خطبةَ امرأةٍ وظن الإجابة-يظن أنهم يقبلُونه- نظرَ إلى ما يظهرُ منها غالبًا، وهو: الوجه والرقبة واليد والقدم، بلا خلوة إن أمِن الشهوة.
ولهُ النظر كذلك لذوات المحارم ويضاف إليه الرأس والساق.
وحرمَ تصريحٌ بخطبة معتدّة أي: التي تكون في العدّة -سواء كانت عدّة طلاق أو وفاة- والمقصود بها البائن والرجعيّة من باب أولى، والبائن هي المطلقة ثلاث مرات، والمرأة التي تخالع زوجها تُعتبر بعد الفسخ بائن عن زوجها وليست رجعيّة، ولا يستطيع أن يردّها إلّا بعقد جديد، لكن هنا للزوج فقط أن يُصرح بخطبتها أثناء العدة.
والبائن يجوز التّعريض بخطبتها لا التّصريح، والرجعيّة لا يجوز التصريح فيها ولا التّعريض .
وحرُمَ خطبة على خطبةِ مسلم أُجيب -وافقوا عليه-، وسنّ عقدهُ يومَ الجُمعة مساء بخطبة ابن مسعود وهيَ خطبة الحاجة المعروفة.
أركان النكاح
الركن الأول: الزّوجان الخاليان من الموانع، المانع في المرأة كأن تكون في العدّة فهذا مانع، ولو أنّ الرجل متزوج بأربعِ نسوة فهذا مانع فلا يجوز له أن يعقِد على خامسة.
الركن الثاني: إيجاب بلفظ أنكحتُ أو زوّجتُ، الركن الثالث: قَبول بلفظ قبلتُ أو رضيتُ فقط.
ومن جهل العربية فلا يستطع أن يقول أنكحت أو قبلت، فله أن يقولها بلسان قومه ولا يلزمه تعلّمها.
شروط النكاح
الشرط الأول: تعيين الزوجيْن، فلا بد أن يتعين الزوجان في العقد، ولو عيّنها بأيّ طريقة تعيّنت.
الشرط الثاني: رضاهما، فإذا كان الزوج أو الزوجة غير راضيان فالأصل أن العقد لا يصح.
ولأب ووصيّه في نكاحٍ -أي: من أوصى إليه الأب عند الموت أن يزوّج بناته- تزويج صغيرٍ، وبالغٍ معتوه، ومجنونة مطلقا، وثيّبٍ دون تسع، وبكر مطلقا، فهؤلاء لا يُشترط رضاهم.
ولا يزوّج باقي الأولياء صغيرة بحال ولا بنت تسع إلا بإذنها وهو صمات بكر ونطق ثيب.
الشرط الثالث: الولي، فلا يصح العقد إلا بوجوده، وشروطه: 1- التكليف 2- الذكروية 3- الإسلام 4- العدالة ولو ظاهرا.
والعدالة لا تُشترط إذا كان هذا الولي سلطانا.
ويقدّم وجوبًا أب ثم وصيّه فيه ثم جد لأب وإن علا، ثم ابن وإن نزل وهكذا على ترتيب الميراث، ثم السلطان فإن عضل الأقرب أو لم يكن أهلا أو كان مسافرا فوق مسافة قصر فتنتقل للأبعد.
الشرط الرابع: الشهادة، يشترط شهادة رجلين مكلفيْن عدليْن ولو ظاهرا، سميعيْن ناطقين.
والكفاءة شرط للزوم عقد النكاح، فإن كانت غير متوفرة فللمرأة طلب الفسخ، وهي معتبرة في:
1- الدين، فلا تُزوّج التقية الصالحة بفاجر، 2- النسب، وعند الحنابلة العرب كلهم يُعتبرون أكفاء،
3- الحرية، فلا تزوج الحرة بعبد، 4- الصّناعة، فمن كانت صنعته متواضعة فلا تزوّج بابنة من صنعته عالية، وكله يرجع إلى العُرف، 5- اليسار أي: الغنى، فلا تُزوّج المرأة الموسرة بالمُعسر.
المحرّمات في النكاح
اللواتي يحرمن بالنسب: الأم -التي أنجبتكَ وأنجبتْ من أنجبتك-، ثم البنت -المباشرة أو من تحتها كبنت بنتك أو بنت ابنك-.
الأخوات -فروع الأصل الأول- وبنات الأخوات –كل أنثى لأختك عليها حق ولادة- وبنت الأخ -ما كانت من فروع أخيك مباشر أو أنزل- وخالة وعمة مطلقا، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ويحرمُ بعقد حلائل عموديْ نسبه أي: زوجات الآباء، وزوجات الأبناء، وأمهات زوجته، فيحرمن بمجرد العقد.
وبدخولٍ تحرم الربيبة –بنت الزوجة- وتحرم بنتها وبنت ولدها وإن سفلت.
ويحرم إلى أمدٍ أخت معتدّة، أو أخت زوجته، وزانية حتى تتوب وتنقضي عدّتها من هذا الزنا، ومطلقة ثلاثا حتى يطأها زوج غيره بشرطه، ومسلمة على كافر، وكافرة على مسلم إلّا أن تكون كتابيّة.
وحر مسلم ليسَ له أن يتزوّج أمةً مسلمة أو كتابيّة إلا بشرطين: حاجته للزواج، وأن يكون عاجزا عن طوْل حرّة أو ثمن أمة.
ويحرم على العبد أن يتزوّج سيدته، وعلى سيد أمته لأنه عنده عقد أقوى من الزواج وهو ملك اليمين، ولا أمةَ ولدِه لأن فيها شبهة ملك، ويحرم على حرة قنُّ ولدها.
ومن حرم وطؤها بعقد حرم بملك اليمين إلا أمة كتابية.
الشروط في النكاح
منها: الصحيح، كشرط زيادة في مهرها، فإن لم يفي بذلك فلها الفسخ.
ومنها: فاسد يُبطل العقد، وهو أربعة أشياء:
1- نكاح الشغار، وهو أن يزوّج الوليّ الأول ابنته على أن يزوّجه الآخر ابنته، بلا مهر.
2- المُحلل، إذا طلّق الرجل امرأته ثلاثا فإنّها لا تحلّ له حتى تتزوّج آخرا ثم يُطلقها.
3- نكاح المتعة، وهو النكاح المؤقت بزمن معين.
4- النكاح المعلق على شرط غير مشيئة الله تعالى.
ومنها: فاسد لا يُبطل العقد، فإن حصل فلا يُلتفت إليه، كـ شرط أن لا مهر فالعقد صحيح، ثم يُطالب بمهر مثلها، وبشرطِ أن لا نفقة فتلزمه النفقة، أو أن يُقيم عندها أكثر أو أقل من ضرّتها.
وإن شرطَ نفيَ عيبٍ لا ينفسخ به النكاح ثم وجِد فله الفسخ.
وليسَ كلّ عيبٍ يبيحُ الفسخ، بل هُناك عيوب معيّنة تبيحُ الفسخ نصّ الفقهاء على بعضها، وهيَ ليْست محصورة، وهيَ عيوب تمنع الاستمتاع أو كماله.
العيوب التي تمنع الفسخ ثلاثة أنواع
منها: عيوب خاصة بالرجل كجب وعنّة، ونوع مختص بالمرأة كسد فرج ورثق.
ونوع مشترك بينهما كجنون وجذام، فيفسخ في كل ذلك ولو حصل هذا العيب بعد الدخول فإنه يبيح الفسخ.
والعمى والطرش ليست من العيوب التي تبيحُ الفسخ إلّا إن كان اشترط الطرف الأول على الثاني عدم وجود هذا العيب، كذلك قطع اليد والرجل فلا يُبيح الفسخ إلّا بشرط.
ومن ثبتت عنّته أجِّل سنة من حينِ ترفّعه إلى الحاكم فإن لم يطأها فلها الفسخ، قالوا: لأن هذه العنة قد يكون سببها الفصْل الذي هو فيه فيُمهل إلى أن تمرّ الفصول الأربعة، وهذا العيب الخيار فيه على التراخي، وليس لمن رضي بالعيب الفسخ، وتَمكينها من نفسها مع علمها بالعيب دليل على رضاها، إلّا في العنة لأن العنة لا تظهر إلّا بعد التمكين، فإن مكنته من نفسها فلا نقول أنه اأسقطت خيار عيبها، وعند ذلك لها أن تفسخ ولها خيار العيب في حقها.
ولا فسخ إلّا بحاكم، فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر، وبعد الدخول لها المسمّى، والزوج يرجعُ بالمهر على من غرّه وخدعهُ ولو كانت الزوجة نفسها.
ويقَـرّ الكفار على نكاح فاسد إن اعتقدوا صحته ولم يرتفعوا إلينا، وإن أسلم الزوجان أُقّرَا على نكاحهما.
باب الصَداق
يُسنّ تسميتهُ في العقد، ويسن تخفيفهُ، وكل ما صح ثمنا أو أجرة صحّ أن يُدفع مهرا.
فإن لم يسمّ في العقد، أو بطلت التسمية-كأن يسمّي ما لا يصح ثمنا- فلها مهر مثلها.
وإن تزوّجها على ألف لها وألف لأبيها صح، فلو طلّق قبل الدخول فيتنصّف المهر، ولا شيء على الأب لهما فلا هو يُطالب الأب ولا هي تطالبه، وإن شُرط لغير الأب شيئا فالكل لها، وإن أُطلق في المهر الأجل فمحلُّه إذا حصلت الفرقة سواء كان الموت أو الطلاق.
ويُملك المهر بعقد، ويصح تفويض البضع-أي يزوج الأب ابنته المُجبرة أو وليّ غير المُجبرة بإذنها بلا مهر كـ على ما شاءت أو ما شاء فلان- ويجبُ لها بعقد مهر مثلها ويستقرّ بدخول.
وإن ماتَ أحدُهما قبل دخول وقبل الفرض ورثَهُ الآخر ويجبُ لها مهر نسائها.
وإن طُلقت قبل الدخول والتسمية لم يكن لها عليه إلا المتعة، وهيَ بقدر يسره وعسره، ويجب ويجبُ مهر مثلٍ وُطئت بشبهة أو زنا كرها، ولا تأخذ مع المهر أرش بكارة.
ولها منعُ نفسها حتى تقبض مهرا حالا إذا عقد عليها، وإن حصل منه دخول وأعسر ولم يدفع لها مهرها فما فات لا يُعوّض، فلها أن تمنع نفسها، وإن رضيت بتأجيل المهر فليس لها أن تمنع نفسها، وإن أعسر الزوج بمهر حال فلها الفسخ بحكم حاكم.
ويثبت المهر كاملا للزوجة في عدة أحوال:
أولا: الموت، فإن حصلت وفاة يجب المهر كاملا، ثانيا: القتل، ثالثا: وطء في الفرج ولو دبرا.
رابعا: خلوة عن مميز،إن كان الزوج ممن يطأ مثله، مع علمه بها، وأن تسلّم نفسها له ولا تمتنع منه.
خامسا: إذا حدث طلاق في مرض موت أحدهما، سادسا: لمس بشهوة، سابعا: إن نظر إلى فرجها بشهوة فيهما، ثامنا: تقبيلها.
وما ينصّف المهر: كل فرقة من قبَـلهِ قبل الدخول، وإن كانت الفرقة من قِبلها قبل الدخول يسقط مهرها كاملا كما لو ارتدّت، أو أسلمت وهو كافر.
وتسنُّ الوليمة وهي: طعام العرس، ولو بشاة فأقل، وإجابتها واجبة بشروط:
منها: أن تكون الدعوة الأولى، ومنها: أن لا يكونَ له عذر، ومنها: أن لا يوجد فيها منكر يمنع الحضور.
وتسنُّ الإجابة لكل دعوة مباحة، وتكره لمن في ماله حرام، ويباح الأكل إذا أُذن له به صراحة أو بقرينة تدل عليه، والصائم فرضا يدعو ولا يأكل، والصائم نفلا يسنّ أكله مع جبر خاطر.
وسن إعلان نكاح وضرب بدفٍ مباح فيه، وفي ختان ونحوه، والمذهب: السنية في حق النساء.
ويجبُ على كلٍ من الزوجيْن معاشرة الآخر بالمعروف وأن لا يماطل بما يلزمه، ولا يتكرّه لبذله.
ويجب بعقد تسليم حرة يوطأ مثلها في بيت زوج إن طلبها ولم تكن شرطت دارها فعند ذلك لا يجب أن تُسلّم إليه وهو من يأتيها.
ومن طلب المُهلة من الزوجين فيمْهل، وإن كانت المهلة طُلبت لعمل جهاز فلا يمْهل لأنها ليست ضرورة وهو حق للزوج وهو متنازلٌ عنه.
وللزوج أن يسافر بزوجته الحرّة، وله إجبارها على غُسل حيضٍ وجنابة ونجاسة وأخذ ما تعافه النفس كشعرٍ ونحوه.
ويلزمُ الزوج الوطء في كل أربعة أشهر مرة إن قدر، ويلزمه المبيت عندها في كل أربع ليالي.
وإن سافر فوق نصف سنة وطلبت قدومه راسلهُ حاكم فإن أبى بلا عذرٍ فَرّق الحاكم بينهما بطلبها، وإن لم يعلم خبره فلا فسخ.
ويحرم عليه أن يجمع بين زوجتيْه في غرفة واحدة، وللزوج منع زوجته من الخروج.
وعلى زوج -غير طفل- التسويةُ بيْن زوجات في القَسْم لا في وطء وكسوة ونحوهما إذا قام بالواجب، إلا في حارس ونحوه عملَهُ في الليل فالقسم يكون في النهار.
وإن أبت المبيت معهُ أو السفر أو سافرت لحاجتها هيَ سقطت قسمتها ونفقتها.
وإن تزوّج بكرا أقام عندها سبعا ثم دارَ، وإن تزوج ثيّبا أقام عندها ثلاثا ثم يقْسم.
والنشوز حرام، وهو: معصيتها إّياه فيما يجبُ عليها فإذا ظهرت أمارته، وعظَها فإن أصرّت هجرها -والهجر إما في الكلام وإمّا في الفراش- في الكلام لا يزيد عن ثلاث، وفي الفراش يهجرها متى شاء، فإن أصرّت ضربها ضربا غير شديد.
ويباح له ضربها على ترك فرائض الله تعالى.
باب الخلع
وهو: فراق الزوجة الزوج بعوض منها.
لو أنّ المرأة اتّفقت مع الزوج أن تدفع لهُ وتفسخ النكاح فإنها تعتد منه، وتكون بائنا منه بينونة صغرى، فالفِراق هنا لا يكون رجعيا في فترة العدة، والخلع لا يُحسب من عدد الطلقات.
صورة مزيج بين الطلاق والخلع: لو اتفقت امرأة مع زوجها وقالت: أعطيك ألفا وتُطلقني، فأخذ العوض وقال أنت طالق، فالعوض سبب للبينونة فهي بائن بينونة صغرى، وتقع عليها طلقة فلفظ الطلاق جعلها تُحسب طلقة، فهي بائن والطلاق يُحسب، ولو أخذ العوض وفسخ فلا يحسب طلقة وتكون بائنا.
ويباحُ الخلع لسوء العشرة والبُغض وكبَرٍ وقلة دين.
وللخلع ألفاظ صريحة فإن خالعها بلفظ خلع أو فسخ ، أو بلفظ طلاق أو نيتهِ أو كنايتهِ مع النية أو القرينة فهي طلقة بائنة.
ولا يصح الخلع إلا بعوض ، ويُكره بأكثر مما أعطاها، ويصح بذله ممن يصح تبرعه.
ويصحّ بمجهول -خالعني على ما في جيبي- ومعدوم-خالعني على ما تحمله شجرتي- لأنّ الخلع إسقاط لحقه من البضع والإسقاط تدخله المسامحة، ولو كان بلا عوض فلا يصح كذا لو كان بمحرّم أو بحيلة لإسقاط الطلاق.
وإذا قال الزوج: إذا أعطيتني ألفا فأنت طالق طلقتْ بائنا، وإن قالت: اخلعني على ألف فخالعها فهي بائن، وليس له خُلع زوجة ابنه الصغير، ولا ابنته الصغيرة بشيء من مالها.
وإن علّق طلاقها على صفة ثم أبانها فوجِدت الصِفة أو لم توجد ثم تزوجها فوِجدت الصفة فيقع الطلاق .
كتاب الطلاق
وهو: حل قيـد النكاح.
يُكره بلا حاجة، ويباح للحاجة، ويسنّ لتضررها بالوطء، وإن كانت تترك الصلاة والعفة ونحو ذلك.
ولا يصح إلا من زوج ولو مميزا يعقله فلا يشترط البلوغ .
من وقع منه الطلاق دون اختياره كما لو طلّق بحال زوال العقل بسكر أو جنون فلا يقع، فالسكر إن كان تعاطاه بغير اختياره فهذا معذور لا يقع طلاقه، أمّا من سكر مختارا فإن طلاقه واقع.
وإذا أُكره على الطلاق وهُددّ من قادر على إيذائه فطلّق لذلك لم يقع.
ومن صحّ طلاقهُ صحّ توكيلهُ فيه وتوكّله، ويصح توكيل امرأة في طلاق نفسها وغيرها.
الطلاق السني: هو واقع ولا إثم فيه، وهو أن يُطلّقها واحدة في طهرٍ لم يجامع فيه.
وإن طلّق مدخولا بها في حيض أو طُهر جامعها فيه فبدعة ويقع، وتسنُّ مراجعتها ثم ينتظرها حتى تطهر ثم يطلقها واحدة في طهر لم يجمعها فيه.
وإن طلقها اثنتين في مجلس واحد فحكم ذلك مكروه، وإن طلقها ثلاث طلقات فهذا محرّم.
ولا سنة ولا بدعة لمستبينٍ حملها، ولا في صغيرة -دون البلوغ-وآيِسة لأن عدتهما بالأشهر، كذا غير مدخول بها.
ويقع الطلاق بصريحه مطلقا، ولا يحتاج إلى نية، وأما الكناية يحتاج إلى نية.
ألفاظ الطلاق الصريحة: لفظة الطلاق وكل ما يتصرّف منه غير أمر-كما لو قال لها طَلِّقي- أو أطلقي ومضارع -تطلقين-وأنتِ مطلّقة.
وإن قال أنت عليّ حرام أو أنتِ علي كظهر أمي أو قال: ما أحل الله علي حرام، فهو ظهار ولو نوى طلاقا.
وإن قال أنت كالميتة أو كالدم وقع ما نواه من طلاق أو ظهار أو يمين.
وإن قال حلفتُ بالطلاق وكُذّب دُيّن ولزمهُ حكما، -ديّن أي: أي: فيما بينه وبين الله، وحكما أي: في مجلس القضاء،- كذلك لو قال: طلقت زوجتي البارحة ثم عرفت وقال لها: كذبتُ ولم أفعل، وكان كاذبا فإن صدّقته المرأة فلا إشكال، لكن إن لم تصدقه فإن القاضي يطلقها منه ويعتبرها مطلقة لأن هذه تتعلق بحقوق الآخرين.
ويملك الحر ثلاث تطليقات، والعبد تطليقتان، ويصح استثناء النصف فأقل من طلقات ومطلقات.
فلو قال: طلقتك ثلاث تطليقات إلا اثنتين فلا يُقبل الاستثناء وتطلق ثلاثَ طلقات.
وشُرط تلفظهُ بالاستثناء، واتصال معتادٌ، ونيّته قبل تمام مُستثنى منه.
ويصح الاستثناء في القلب من المُطلّقات لا الطلْقات.
وإن قال أنت طالقة قبل موتي فتطلُق في الحال، وإن قال بعد موتي أو عند موتي فلا تطلق.
فإن قال أنت طالقة في هذا الشهر فتطلُق، وإن قال أردت آخره قُبِل منه حُكما.
وإن قال: أنت طالق غدا أو يومَ السبت أو شهر رمضان فتطلق في أوله وإن قال أردت الآخر لم يقبل منه.
وإن قال: إن مضت سنة فأنت طالق فتطلق إذا مضى اثنى عشرَ شهرا، ومن علّق طلاقا بشرط فلا تطلق حتى يقع هذا الشرط، فلو لم يلفظ به -الشرط- وادَّعاه لم يُقبل حكما، ولا بد أن يكون الطلاق متّصلاً بالشرط فلو فصل بين الطلاق والشرط بتسبيح وسكوت وغيره لم يُقبل منه، لا بكلام منتظم في الموضوع.
وأدوات الشرط نحوَ إن، متى، إذا، فإن قال: إن كلمتك فأنت طالق فتنحِي أو فتحققِّي تطلق.
وإن قال: إن خرجتِ بغيرِ إذْني فأنتِ طالق، ثم أذِن لها فخرجت لم تطلق ثم خرجت بغير إذن تطلق، وإن أذن لها ولم تعلم فإن كان المقصود بالإذن الرضا لم تطلق، أما إن كان مقصود الإذن الإعلام فتطلق.
وإن علّق الطلاق على مشيئتها تطلُق بمشيئتها متى شاءت بلا إكراه، وإن علّقه على مشيئة اثنين فتطلق بمشيئتهما بلا إكراه.
وإن علّق الطلاق على مشيئة الله تعالى طلقت في الحال، ولا يصح تعليق الطلاق إلا من زوج بصريح أو كناية مع قصد، وإن حلف ليفعلن شيئا لا يبرّ إلا بفعله كلّه ما لم تكن له نية، وإن فعل المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا حنث في عتاق وطلاق لتعلقه بحق الآدميين.
وينفع غير ظالم تأوّل بيمينه -أي تورية- فيريد بلفظه خلاف الظاهر، فإن تأول هذا التأويل في اليمين ظالما ليعتدى ويظلم غيره فلا يُقبل منه.
ومن شكّ في طلاق فلا يقع الطلاق فالأصل أنه لم يُطلق، أو شك فيما علقه عليه أو شك في عدده فيرجع إلى اليقين وهو الأقل.
ومن قال لمن ظنّها زوجته أنتِ طالق فتطلق زوجته لا عكسه، ومن أوقع بزوجته كلمة وشك هل هي طلاق أو ظهار لم يلزمه شيء.
باب الرجعة
تكون الزوجة رجعيّة بعد الطلقة الأولى والثانية في فترة العدّة، وهذا في حق الزوجة التي دخلّ بها.
فإن طلّق حر من دخل أو خلا بها أقلّ من ثلاث لا عوض فيهما فللزوج ووليّ مجنون أن يردّها في عدتها مُطلقًا–رضيت أو كرهت-، وسن لها إشهاد، وتحصل الرجعة بوطئها مطلقا.
والرجعية زوجة في غير قسْم، ليس لها حق في الليالي.
وإذا انتهت من الحيضة الثالثة واغتسلت بانت، وإن أراد أن يردّها بعد ذلك فتعود بعقد جديد على ما بقي من طلاقها.
ومن ادّعت انقضاء عدتها وأمكن قُبِل، وإن ادّعت انقضاء عدة حيض بشهر واحد لا يُقبل إلا ببيّنة.
وإن طلقَ حرٌ ثلاثةً لم تحلْ له حتى يطأها زوجٌ غيرهُ بقُبل في نكاح صحيح مع انتشار ويكفي تغييب حشفة ولو لم يُنزل، ولو كان الزوج لم يبلغ عشرا، فإن أعقب ذلك طلاقا فهذا يُبيحها للزوج الأول، لا إن حصل هذا الجماع في حيض أو نفاس أو صوم فرض أو ردة، فلا يقبل.
باب الإيلاء
المقصود به اليَمين وهو: أن يحلف الزوج على ترك وطء زوجته مدة تزيد على أربعة أشهر.
وهو: حرام.
فمتى ما مضى أربعة أشهر ولم يجامع أُمِـر به، فإن أبى أمِر بالطلاق فإن امتنعَ طلق عليه حاكم، وتارك الوطء ضرارا بلا عذر كمولٍ.
باب الظهار
حكمه: حرام.
وهو:أن بشبّه زوجته أو بعضها بمن تحرم عليه أو بعضها، أو برجل مطلقا لا بشعر وسن وظفر وريق ونحوها من المنفصلات.
وإن قالته لزوجها فليس بظهار، فلا يكون إلّا للزوج، لكن يلزمها الكفارة بوطئها مطاوعة.
ويصحّ الظهار ممن يصح طلاقه، ويحرم عليهما وطء ودواعيه قبل أن يكفّر.
وهي: على الترتيب، عِتقُ رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
والرقبة التي تجزئ في الكفارة والنذر والعتق مطلقا: إسلام وسلامة من عيبٍ مضرّ بالعمل ضررا بينا.
ولا يجزئ في الإطعام إلا بما يجزئ في الفطرة.
باب اللعان
وهو: شهادات مؤكداتٌ بأيمانٍ من الزوجيْن مقرونة بلعن وغضب.
سببه: قذف الزوج لزوجته بالزنا.
فمن قذف زوجته بالزنا لفظا وكذّبته فله لعانها بأن يقول أربعا: أشهد بالله أني صادق فيما رميْتها به، وفي الخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين.
ثم تشهد هي بالله أنه كاذب فيما رماها به، وفي الخامسة أن غضب الله عليها إن كان صادقا.
فإذا تمّ سقط الحد وثبتتْ بينهُما الفرقة على التأبيد، وينتفي الولد بنفيهِ، ويُمكن الاعتماد على ذلك بطب اليوم.
باب العدد
وهي: مُدة معلومة تتربّص فيها المرأة لتعرف براءة رحمها.
لا عدّة في فرقة حيٍّ قبل وطء وخلوة، وتعتدّ في فرقة الميت سواء قبل الدخول وبعده.
وشرط لوجوب العدة بوطء كونُها ممن يوطأ مثلها وهي بنت تسع، وكونه يلحقه الولد وهو ابن عشر، وشُرط لخلوة مطاوعتها وعلمه بها ولو مع مانع سواء كان صائما أو مجبوبا لا نتصور منه جماعا.
والمُعتدات ست: الأولى: الحامل، وعدّتها مطلقا من موت أو طلاق إلى وضع كلِّ حمل تصير به أمةٌ أم ولد، وشرِط لُحوقه للزوج، فلا بد أن يكون هذا الحمل الذي تعتدُّ به منسوبا لهذا الزوج.
الثانية: المتوفى عنها زوجها بلا حمل، فتعتدّ حُرةٌ أربعة أشهر وعشرًا، وأمةٌ نصف هذه المدة، ومن أبانها في مرض موته فلا نمنعها من الميراث لأنه متّهم في قصدِ حرمانها، فترث منه وتعتدُّ الأطول من عدة الوفاة أو عدة الطلاق، لكن لو طلقها في هذه الحال ثم تزوجت فلا ترِث، فعند الوفاة نعتبرها مطلقة، كذلك لو طلبت هي منه الطلاق في مرضه فعليها عند ذلك عدة طلاق لأنها لا ترث منه في هذه الحالة.
الثالثة: ذات الحيض المفارقة في الحياة، تعتدّ حرة ومبعّضة ثلاث حيضات وأمة بحيضتين.
الرابعة: المفارقة في الحياة ولم تحض لصغر أو إياسٍ فتعتد حرة بثلاث أشهر وأمة بشهران.
الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تعلم ما رفعهُ، فتعتدّ سنة كاملة، تعتد للحمل تسعَ أشهر ثمّ تعتد كآيسة، وإن علمت ما رفعه فلا تزال حتى يعود-الحيض- فتعتد به أو تصير آيسة فتعتد كآيسة، وعنه: تعتدّ سنة كاملة.
السادسة: عدّة بالِغة لم تحض وهي ثلاثة أشهر، ومستحاضة مبتدأة أو ناسية فـ كآيسة.
وامرأة المفقود وهي: من زوجها خرج ولا تعلم موته من حياته إن انقطع خبرهُ بسبب ظاهرُهِ الهلاك، فتتربص ولو أمةً أربع سنين، ثم تعتد للوفاة، وتسعين منذ ولدَ-الزوج- إن كان ظاهر الغيبة السلامة ثم تعتدّ للوفاة.
وإن طلق غائب أو مات فابتداءُ العدة منذ الفُـرقة، وعدّة من وطِئت بشبهة أو زنا كمطلّقة، إلا أمة غير متزوجة فتُسْتبرأ بحيضة واحدة.
وإن وطِئت معتدة بشبهةٍ أو زنا أو نكاح فاسد أتمّت عدّة الأول، -ولم يحسب منها مقامها عند ثان- ثم تعتدّ للثاني .
ويحرم إحدادٌ على ميت غير زوج فوق ثلاث، ويجبُ الحداد على زوجة ميت مدة العدة، ويباح لبائن وهي التي بانت في الحياة فطلقها ولم يمت عنها.
والإحدادُ: ترك زينة وطيبٍ وكل ما يدعو لجماعها ويرغّب فيها.
ويحرمُ بلا حاجة تحولها من مسكن وجبت فيه العدة، ولها الخروج لحاجتها نهارا، ولا تخرج ليلا إلا للضرورة .
باب الرضاع
وهو: مص من دون الحوليْن لبنا ثاب عن حمل أو شُرْبه.
يحرمُ من الرضاع ما يحرم من النسب على الرضيع وعلى فروع الرضيع.
شروطه: 1- خمس رضعات، فلا حرمة دون ذلك، 2- أن تكون في الحولين.
وتثبتُ الحرمة بسعوط -أن يدخل اللبن عن طريق الفم- وتثبت من لبن ميتة، وموطوءة بشبهة، ومشوب أي مخلوط، بشرط أن لا يغلِب عليه.
وكلّ امرأة تحرم عليه بناتها كأمه وجدته وربيبته إذا أرضعت طفلة حرّمتها عليه، وكل رجل تحرم عليه بنته كأخيه وأبيه وربيبه إذا أرضعت امرأته بلبنه طفلة حُرْمتها عليه.
ومن قال إن زوجته أخته من الرضاع بطل النكاح، فإذا أقر أن زوجته أخته من الرضاع إذا هو أقرّ على نفسه ببطلان النكاح، ولا مهر قبل دخول إن صدّقته، وإن كذبته فيجب لها نصف المهر، ويجب كل المهر بعد الدخول مطلقا.
ومن شك في رضاع ونحوه بنا على اليقين، ويثبت تحريم الرضاع بإخبار مرضعة مرضيّة وبشهادة عدل مطلقا.
باب النفقة
وهي: كفاية من يمونه طعاما وكسوة ومسكنَا ونحو ذلك.
وعلى الزوج نفقة زوجته من مأكول ومشروب، وكسوة وسكنى بالعُرف المُتعارف عليه.
فيفرُض لموسرة مع موسر عند التنازع من أرفعِ خبز البلد وأُدمه عادة الموسرين، وما يَلبس مثلها وينام عليه.
ولفقيرة مع فقير كفايته من خبز البلد وأُدمه وما يلبس مثلها وما ينام عليه.
والمتوسطة مع متوسط نفقة متوسطة، وموسرة مع فقير نفقة متوسطة.
ويُلزم الزوج بالنفقة لا القيمة إلا برضاهما، وعليه مؤنة نظافتها لا دواء وأجرة طبيب وثمن طِيب، والصحيح أن هذا يرجع إلى العُرف.
وتجب النفقة لرجعية وبائن حامل لا لمتوفّى عنها، ومن حبست أو نشزت أو صامت نفلا أو قضاء رمضان -ووقته متسع-أو حجّت نفلًا بلا إذنٍ أو سافرت لحاجَتها هيَ بإذنه سقطت النفقة.
ولها الكسوة في كل أول سنة ومردّه للعُرف، ومتى لم يُنفق تبقَى في ذمته، وإن أنفقت من ماله في غيبته فبانَ ميّتا رجع عليها وارث.
وتجب النفقة على الزوج للزوجة مجرّد أن يتسلمها ولو مع صغره ومرضه وعنته وجبّه.
ولها منع نفسها قبل الدخول لقبض مهر حالٍّ، ولها النفقة لأنها منعت نفسها بسببه هو.
ولو أعسر الرجل بنفقة المُعسر-أقل نفقة- أو ببعضها، لا بما في الذمة، فلها طلب الفسخ عند الحاكم لإعساره بالنفقة.
وإذا ترك الزوج زوجته بلا نفقة واستدانت هي النفقة يُلزَم هو بتسديدها.
وتجب النفقة على الرجل بالمعروف، العُرف الذي تعارف الناس عليه لكلٍ من أبويه وإن علو، وولده وإن سفل، ويُشترط أن يكون أصلا أو فرعا، وأن يكون فقيرا عاجزا عن الكسب وأن يكون المنفق غنيًا.
ومن ترثه أنت إن مات تنفق عليه إن كان فقيرا، ولا يشترط الإرث من عمودي النسب.
ولا تجبُ النفقة من رأس المال، ولا ثمن ملك، ولا آلة صنعة، وتسقط بمضيّ زمن فلا يُطالبون بها إلّا إن فرضها الحاكم فلا تسقط حينها.
وإن امتنعَ من تجبُ عليه النفقة فجاء شخص آخر وأنفق على هؤلاء فيرجع إن نوى الرجوع، والنفقة بقدر الإرث.
وعليهِ علَف بهائمه وسقيها وإن عجز أُجبر على بيع أو إجارة أو ذبح مأكول.
وحرمَ تحميلها مُشقا ولعنها وحلبها ما يضر ولدها، وضرب وجه، ووسمٍ فيه، ويجوز الوسم في غيره بغرض صحيح.
باب الحضانة
وهي: حفظ صغير ونحوه عما يضرّه وتربيته بعمل مصالحه.
تجب: لحفظ صغير ومجنون ومعتوه.
يتولّى الحضانة الأحق بها وهي: أم ثم أمهاتها، ثم أب ثم أمّهاته، ثم جد ثم أمهاته، ثم أخت لأبوين، ثم لأم ثم لأب ثم خالة ثم عمة، ثم بنت أخ، ثم بنت أخت ثم بنت عم وعمة، ثم بنت عم أب وعمته ثم لباقي العصبة الأقرب فالأقرب .
وشرط بالنسبة للحضانة أن يكون الحاضن مَحْرما للأنثى إن كانت المحضونة أنثى، محْرما لأنثى ثم لذي رحم ثم لحاكم، فالحاكم بعد ذلك هو من يتولى ويُقرر عند من تكون الحضانة.
ولا تثبت الحضانة لمن فيه رق، ولا لكافر على مسلم، ولا لفاسق، ولا بمزوّجة بأجنبيٍّ من محضون، فلو كانت الأم مطلقة وتزوجت برجل أجنبي فلا يمكن أن تأخذ هذا الطفل وتبقيه عنده، فيسقط حقها بالحضانة بمجرد أن تعقد.
وإن أرادَ أحدَ أبويْه الانتقال إلى بلد آخر وطريقه مسافة قصر فأكثر ليسكنهُ فأب أحق بالحضانة من أمه، وإن انتقل إلى مسافة قريبة للسكنى فتبقى الحضانة للأم، وإن سافر أحدهما لحاجة مع بُعْد فتبقى الحضانة للمقيم منهما.
وإن بلغَ الصبيّ سبع سنين عاقلا فيخيّر بين أبويه، ولا يُقرّ محضون بيد من لا يصونه ولا يحفظه، وتكون بنت سبع عند أب أو من يقوم مقامه إلى زفاف.